الرقابة على الكتب .... هل هي الحل؟

احتضنت الرياض وعلى مدى أسبوعين معرض الرياض الدولي الثاني للكتاب. وقد تسابقت دور النشر العربية على عرض كتبها خصوصًا ما يتعرض للتابو (المحرمات) مثل الكتب التي تتناول الجنس، أو تنتقد الثوابت الدينية أو تخرج على المألوف، أو التي تنتقد الأوضاع السياسية العربية. وهذا النوع من الكتب محظور جلبها أو بيعها في المكتبات في المملكة مما يجعل الإقبال عليها كبيرًا من رواد المعرض.

ومن الطبيعي أن يكون هناك رقابة على الكتب التي تحمل فكرًا هدامًا أو مفسدًا للأخلاق والقيم. وتمارس كل الدول بما فيها الدول المتقدمة مثل أمريكا الرقابة؛ فتقوم الجهات المعنية بحظر بعض الكتب خصوصًا في المكتبات العامة والمدرسية.

ولكن في ظل الانفتاح الإعلامي والمعلوماتي في عصر الإنترنت، أصبحت الرقابة ذات أثر محدود. ولابد من التفكير بالتحصين الذاتي من خلال تقوية منظومة القيم لدى الفرد؛ حيث يمكن أن تحميه قيمه من أي أية أفكار تتصادم مع الدين وتقاليد المجتمع ونظامه السياسي. وهنا يأتي أهمية نظام التعليم وفاعليته في غرس القيم وتعزيزها. أيضًا لابد من مراجعة الخطاب الديني -الذي يبدو أنه فشل في تحقيق أهدافه- ليكون متماهيًا مع متطلبات العصر وتطوراته. كما أن الخطاب الإعلامي يجب أن يكون متكاملاً مع المدرسة والمسجد ليؤدي وظيفته ويحقق أهدافه المرسومة وفق خطط التنمية الاستراتيجية. نحن بحاجة إلى جيل قادر على الاطلاع على الأفكار والمعلومات مهما كانت درجة خطورتها أو مساسها بالثوابت دون أن يتأثر بها أو يعمل بها؛ محافظًا على قيمه وعاداته وتقاليده.

إذن، نحن في عصر مختلف لم يعد للحدود الجغرافية ولا الأنظمة والقوانين القدرة على منع انسياب المعلومات والأفكار.

أمامنا مهمة لسيت مستحيلة، ولكنها صعبة وتتطلب جهودًا مضاعفة.

أخي الفاضل الأستاذ / د. المسند
المستشار العام للمنتديات ..

تحضرني في هذه القضية الشائكة ، ثلاث قصص:
الأولى :
حضرت مشاهدها وأنا طالب بالمرحلة الجامعية الأولى (أعتقد في العام 1977/1978) ، على يد أستاذ مادة النشر (الأستاذ / صلاح الدين البستاني) ، وهو في الأساس "نشر" ، فكنت أستمتع بهذه المادة ، لأنه -أي البستاني- جعلها تطبيقية في كل تفاصيل نشر الكتاب : فكرة الكتاب، كيفية اختيار كتابة الموضوع ، نوع الورق، حجم خط الكتابة، تصميم الغلاف، سعر البيع ، طريقة التوزيع ..إلخ . من تفاصيل ، وكان يدفعنا دفعاً لكسر أضلاع مثلث "التابوهات" (وهي الموضوعات ذات الصلة : بالدين والسياسة والجنس) ، ولكن بطريقة غير تصادمية مع ثوابت المجتمع والنظم والتقاليد ، من خلال الاسقاطات التاريخية للموضوع، أو تناول هذه الموضوعات بعبارات غير فجة أو خادشة للحياء أو تنل من شخصيات عامة ، مع الوضع في الاعتبار الخسارة الاقتصادية التي يمكن أن نتحملها في حال مصادرة الكتاب .

الثانية :
حضرت مشاهدها أثناء عملي كأمين مكتبة ثانوية للبنين بإحدى الدول العربية (في العام 1983) ، وكانت تأتي إلينا الكتب -المطلوب إضافتها للرصيد - بشكل مركزي من إدارة المكتبات ، وكنت أجد الكتب العلمية التي تتناول تشريح جسم الإنسان وقد طمست بالحبر الأسود ، لا سيما التي تشرح الأجهزة التناسلية، مما كان يلفت النظر أكثر لهذه الصور ، وتزيد التعليقات "الصبيانية" ، والأهم أن المادة العلمية لم تصل للطالب ، وتم إتلاف الكتاب ، والأخطر أنه زُرع في وجدانه ، أن العلم قد يكون في بعض الأحيان ضد التدين ..!!
حاولت النقاش مع القائمين على إدارة المكتبات حول هذا الموضوع ، لتبيان عدم صحة هذه "الطمسات" السوداء في كتب علمية ، إلا أن الأمر كان دائماً يصطدم بالعرف ..!!

الثالثة :
لم أحضرها .. ولكني طالعتها منذ أيام قلائل .. تعليقاً على نجاح معرض الرياض 2007، ونجاحه في اجتذاب العديد من الزوار ورواج حركة البيع ، وحضور الكثيرين لندواته الثقافية .
ولكن التعليق لم يكن على النجاح ، بل على ما أُعتبر تجاوزاً في عرض الكتب ..

عالم دين سعودي يطالب بمحاكمة منظمي معرض الرياض للكتاب بحجة دعمهم الإرهاب

2007/03/10 http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif الرياض ـ يو بي آي: قال الشيخ ناصر بن سليمان العمر المشرف العام علي موقع المسلم ان منظمي معرض الرياض الدولي للكتاب 2007 يدعمون الإرهاب من حيث ارادوا او لم يريدوا. وطالب العمر في بيان له نشره موقع المسلم امس الاربعاء بمحاكمة المشرفين علي المعرض مؤكدا انهم يمنحون الشباب المبرر والتربة الخصبة لنمو الفكر المغالي في الوقت الذي نجهد كثيراً لاقناع الشباب وحملهم علي الحكمة . وقال ان منظمي المعرض يهدمون كل ما نقوم به، يدعمون الغلو ويدعمون الارهاب ويفسدون البلد . وطالب بمحاكمة المنظمين لما يحويه المعرض من كتب فيها محادة لله ورسوله هي اقوي مسوغات الإرهاب . وقال العمر في محاضرة عامة ان هذا المعرض اضحي بؤرة فساد فكري، والخطورة في الفساد الفكري اعظم من فساد الشهوات، فكيف يسمح فيه بكتب لا يمكن ان يسمح بها في كثير من الدول حتي التي تدعي الحرية؟ .

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود قطر الخلاصة .. أن الرقابة مطلوبة ، وكما ذكرتم .. فهي موجودة بكل الدول بدرجات متفاوتة ، ولكن ما ندعو إليه أن تكون هذه الرقابة متوازنة مع معطيات العصر الذي نحياه ، فلم يعد من المنطقي ولا من العملانية وضع لافتة " ممنوع الاقتراب والتصوير" .. فالسماوات أصبحت مفتوحة ، والخطورة تكمن في الرقابة اللصيقة بداخل دولنا .. والتي تجعل مناعتنا المعلوماتية والثقافية ضعيفة ، مما يعرضنا لمشاكل لا حصر لها عند الابتعاث لدولة ما (عربية كانت أم غربية) ، هنا تحدث المشاكل والتناقضات ، والبلبلة الفكرية .. أهلاً بالرقابة الواعية .. والتي تعتمد على المبدأ الرسولي " ما حاك في صدرك " ..وهذا منبعه التنشئة السليمة في المدرسة وفي دور العبادة ، وبالطبع أجهزة الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية . تحياتي ومحبتي للجميع