منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات

السلام عليكم ورحمة الله
منذ فترة من الزمن وأنا أتحيّن الفرص القليلة في الأوقات المتباعدة لرؤية الجديد في هذا المنتدى الذي كان ينضح جمالًا ويشعّ ضياءً.
لكنّني في كلّ مرّة أرى بثور الفتور التي أصابته تزداد التهابًا، وكأنّه انتقل إلى غرفة الإنعاش ينتظر الزائرين قبل الفراق لا الأطباء الذين يعالجون مرضه ليعود إلى سابق عهده من الحيوية والنشاط
لا أنكر أنّني أحد الذين تركوه منذ برهة بسبب ترك العمل في مجال المكتبات والانشغال في ضغط التدريس الجامعي، لكنني دائم الحنين إليه، أرجع إليه لأستذكر ما نسيته بواقع العمل الجديد وأواكب جديد علم المكتبات والمعلومات، وأشفي صدري برؤية ما يبعث الأمَل بمستقبل الطلبة، فأرجع بكفي حنين حزينًا، ويزيد ألم قلبي أنينًا.
ومهما نأت بي الدّار عن هذا المنتدى الجميل، يبقى حالي وحال الكثيرين أمثالي كما عبّر عنه الشاعر بقوله:
نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى .. ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل
كم منزل في الأرض يألفه الفتى .. وحنينه أبدًا لأوّل منزل.

في عصر الحرب على الكِتاب، وفي ظلّ التراجع الكبير والمتسارع في الإقبال على المكتبات أمام التقدّم التكنولوجي الذي يغزو كلّ شارع من شوارع مدننا وقرانا، مما ينذر بخطَر داهِم على مُستقبل الكتاب عند الأجيال القادمة لا بدّ من الثبات في وجه قوة التكنولوجيا، والتصدّي لغزوها الشرس، وتحويلها نعمة على الكتاب لا نِقمة عليه.
وخير من يرجى منهم ذلك أخصائيو المكتبات والعاملون فيها بشتى درجاتهم العلميّة ومستويات المؤسسات التي يعملون فيها.
وإذا انهزم هؤلاء انهزم الكِتاب الذين يحملون لواءه، فهم الذين يقفون على هذه الثغرة الثقافية التي بثباتها تثبت الحضارات.
وحبذا لو يقوم هذا المنتدى بإعادة ضخ الدم من جديد في شرايين المكتبيين الكرام الذين يسوءهم بلا شكّ ما يعانونه في شتى القطاعات، وهم بشر يتأثرون ويضعفون، لكنّ اليد باليد ترفع الضعيف، وتساعد السقيم على القيام، ولا يجوز الرّكون إلى الأسى، والبكاء عند الأطلال، وتقاذف المسؤوليّات.
التواصل مهمّ مع المنقطعين، وتلمّس أحوال الغائبين واجب، وتعريف الجدد بالمنتدى ضروري، وابتداع الطرق الكفيلة ببقاء الرابطة بين أبناء المنتدى قويّة لا تخفى منافعه، ولا تُعدم وسائله في ظلّ التسارع القويّ في وسائل التواصل.
لينطلق هذا الجسد المكتبيّ بعد التئام أعضائه إلى التخطيط للمجابهة، ثم التنفيذ في المراحل، عسى أنْ يبارك الله بجهدهم، ويعيد الأمَل قبل ذهاب الروح إلى بارئها.
فصوتنا سيسكت يومًا مهما كبرنا، وجسدنا سيضلّ في التراب مهما كنا اليوم أقوياء، ولن يبقى لنا في هذه الحياة سوى إرث نافع تركناه يمدّنا بالحسنات يوم تتوقّف الأعمال، ويرفدنا بأسباب المغفرة يوم نكون بأمس الحاجة إليها.

فالبدار البدار قبل فوات الأوان.