حتى لا يتبخر حلم «مجتمع المعرفة
 

الأخوة الأعزاء طالعنا الأخ الزميل خالد الحسينان بمقال رائع كان لي شرف الحضورمع الزميل والسماع لما تفضل به معالي مدير جامعة الملك سعود د. عبدالله العثمان حول مجتمع المعرفة وتطلعات الجامعة خططها المستقبلية ..
أترككم مع المقال مع دعائي للجميع بالتوفيق .

خالد راشد الحسينان
كثيراً ما نسمع هذه الأيام عن «مجتمع المعرفة»، ولو تذكرنا لوجدنا أننا سمعنا خلال السنوات الماضية، عن عدد كبير من الكلمات غير المألوفة بيننا، مثل كلمة «الآخر، الخصوصية، الشفافية»، وأخيراً «مجتمع المعرفة»!!
كلمات رددها كثيرون ربما لم يعرفوا معناها، ومع ذلك فإننا لا يمكن أن ننكر أن ذيوعها، الذي ربما جاء أثناء العمل على تأصيل تلك المفاهيم، ضمن ثقافة مهنية ما في بلادنا.
لن أتحدث عن متابعي موضة الكلمات، الذين يتعمدون ترديد أي كلمة جديدة، ليصبغوا أنفسهم وألسنتهم بآخر أصباغ الموضة الكلامية، ولكنني سأحاول أن أقترب من مفهوم «مجتمع المعرفة» من خلال موقف جمعني في الأيام الأخيرة بمعالي الدكتور أحمد العثمان مدير جامعة الملك سعود.
لم أكن حينها أحمل أي تصور شخصي عن الرجل.
وللحق كان هو صاحب المبادرة فقد قام بزيارتي وزملائي في العمل أثناء حلقة نقاش تدريبية تتحدث عن إدارة التغيير ومقاومته، وقد شاء الله أن يكون لقاؤنا بمثابة درس عملي عن موضوع تلك الحلقة التدريبية التي جمعتنا.
سألناه عن التغيير؟ فتحدث عن منهجين أحدهما يرى ضرورة هدم المؤسسة القديمة وبنائها من جديد، والآخر يقوم على استحداث برامج جديدة تستفيد من جوانب القوة في المؤسسة القديمة، مستشهداً بتجربة جامعة الملك سعود في برامج كراسي البحث العلمي وأسلوبها الجديد، كون ٥٠٪ من فريق البحث من جامعات خارجية ومن ثم تأمين تلك الكراسي بأوقاف وتمويل آمن ودائم بإذن الله.
كان الأجمل من ذلك كله هو تقاطع مشاريع جامعة الملك سعود الجديدة فيما بينها، بطريقة ذكية، يستفيد بعضها من بعض وتولد برامج جديدة تكفل استمرارية «التغيير» والنمو وتخلق مجتمعا علميا يستورد العلم والمعرفة ويصدرهما، وهو ما يمكن أن نطلق عليه ببساطة «مجتمع المعرفة».
كان الحديث يشير إلى خلق حالة علمية تعالج مشكلة انكفاء الأقسام العلمية على نفسها، وبالتأسيس لمراكز بحث مستقلة عن تلك الأقسام، وتوفر لعضو هيئة التدريس الجاد مضاعفة حصيلته العلمية ودخله الشهري أيضاً.
حالة توجد صيغ علمية تنموية تتمثل بالدخول إلى فكرة المجتمع المعرفي الذي يمكن أن يضم بشرا ومرافق كالحدائق التي يطلق عليها حدائق المعرفة وهكذا ذهب د.العثمان ليشرح لنا ماهية الأجيال الثلاثة الماضية من حدائق المعرفة، مشيراً إلى أن عين السعودية قد وقعت على جيل جديد منها يطلق عليها الجيل الرابع من حدائق المعرفة يتمثله اليوم وادي التقنية بالرياض في الجامعة واستثماراته المستقبلية المتوقعة، مستشرفاً تجربة كوريا الجنوبية التي كان يعمل أبناؤها في السعودية قبل ٣٠ عاماً في مهن متواضعة لا تتجاوز مهنة عامل بناء أو حفار، وصاروا يعملون اليوم في مهن وأعمال على أرضهم ويصدرون للعالم شاشات البلازما والهواتف المتحركة والشبكات اللاسلكية والسيارات في وظائف تعلي من كرامتهم على أرضهم براحة ورفاهية وطمأنينة من دون أن تنتج دولتهم يوماً ما قطرة نفط واحدة.
حينها ساد الجلسة شعور عال بالمواطنة، وآمال واعدة، وصرت ألحظ في عيون زملائي بريق «التغيير» (وهو عنوان حلقة النقاش) حتى شعر الجميع بنكهة الحراك الذي تشهده البلاد، وسط ما سمعوه من أفكار وبرامج ومشاريع أشعرتهم بالفخر والثقة والمقدرة على صناعة نموذج سعودي جديد للعالم يقدم نفسه على أساس البديل «المعرفي» بعيداً عن النموذج السعودي الذي يعرفه العالم على أساس النفط ومنتجاته.
ومحصلة القول هو أن ما يتحقق اليوم من منجزات للوطن ومن ألمعها وادي التقنية ونضم «النانو» وكافة المشاريع باتت تؤكد الحاجة للإعلان عن نظم سياسية وقانونية تحميها وآليات واضحة لنقل مهمة متابعتها والإشراف عليها من المسؤول الذي رعى انطلاقتها إلى الذي يليه ثم الذي يليه، وهكذا، ضمان لاستقرارها ونموها وحتى لا نستيقظ يوماً ما وقد تبخرت أحلام «مجتمع المعرفة» أوضحت في مهب الريح لأن ذلك المسؤول قد ترجل عن منصبه، إلى موقع آخر أو دار أخرى.
بقي أن أهمس «أن تلك الحلقة النقاشية أعادت إلى أذهان «التربويين» والحاضرين فكرة توسيع فرص الشراكة بين وزارة التربية والتعليم وجامعة الملك سعود وبحثها من جديد تعزيز البرامج والمشاريع التطويرية في قطاعي التعليم العام والعالي فهل سيتحقق هذا؟ أرجو أن يتم ذلك وألا تكون المسألة موضات كلامية وحسب!!!

المصدر:
http://www.alriyadh.com/2009/06/12/article437035.html

شكرا على الاحاطة
بارك الله فيك