عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-13-2010, 09:54 PM   المشاركة49
المعلومات

هاني عباس جمال
مكتبي مثابر

هاني عباس جمال غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 84286
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: مصـــر
المشاركات: 23
بمعدل : 0.00 يومياً


افتراضي المكتبة الإلكترونية الذكية .. مشروعنا الكبير


مع تنامي حوادث ووقائع العنف المدرسي الأخيرة في مصر تزايد الاهتمام برصد أسباب ذلك النمط السلوكي العنيف ، و رغم أن هذه الوقائع لا تعبر بالضرورة عن أحداث عارضة حديثة ، بل أن هذا النمط يُعبر عنه في وقائع سابقة ، تؤكد أن العنف المدرسي الحالي ليس بأمر طارئ وليد الساعة أو جديد بل هو ظاهرة موجود بالفعل ومنذ وقت ممتد ، و حُرم من حقه في البحث والدراسة التفصيلية والتحليلية ، و ارتفعت درجته والتخوف منه و أصبحت بادية للعيان ، و باتت الأوضاع بالمؤسسات التعليمية مقلقة.
وتأتي أهمية دراسة العنف إلي كون العنف مؤشر علي وجود نوعاً من الخلل في بنية المجتمع وطبيعة العلاقات القائمة بين عناصره ، ومنبهاً لاحتمالية وجود اضطرابات اجتماعية لاحقة ، قد يمكن تجنبها إذا انتبهنا لها أو بادرنا بالحد منها والتهيؤ لإنهائها.
وبعيداً عن كون العنف في أحد أسبابه نوعاً من تكيف الشخص كوسيلة للتعبير عن مطالب محددة أو وسيلة للدفاع عن النفس والممتلكات أو تفريغ لتوترات مختزلة ، أو لحل صراعات أو إزاحة عقبات تحول دون تحقيق أهداف ما ، يمكن استخدام دراستنا للعنف كوسيلة أو مقياس لتقييم أداء المؤسسة كالمؤسسة التعليمية لتقييم فعاليتها في التنشئة الاجتماعية ومدي قصورها ، فالمفترض أن يكون أحد أهدافها تحقيق السلام المجتمعي ، بين الطلاب وبعضهم البعض من جهة وبينهم وبين الأساتذة و المعلمين من جهة آخري ، وبين الأساتذة وبعضهم البعض من جهة ثالثة.
كما تمكنا تلك الدراسة من وضع إطار علاجي ما لما نراه من سوء في الأوضاع التعليمية ، أو وضع إطار وقائي بتوفير مناخ يتمتع بتوافر عوامل معينة حائلة ضد نشوب العنف داخل المؤسسة التعليمية .
وبناء عليه ، يستهدف هذا التقرير الوقوف علي عدد من النقاط الأساسية فيما يخص ظاهرة العنف المدرسي ، حيث نبين هنا مفاهيم علم الاجتماع حول العنف عامة والعنف المدرسي علي وجه الخصوص ، كذلك العلاقة بين العنف والقوة ، وأشكال العنف المدرسي ومظاهره وأسباب العنف المدرسي المختلفة، مع الإحاطة بملخص حول المداخل النظرية المفسرة لأسباب العنف ،المنظور السوسيولوجي في علاج ظاهرة العنف المدرسي ، وأهم البرامج والسياسات المتعلقة بالعنف المدرسي ، حجم واتجاه العنف المدرسي على المستوى الإقليمي والدولي.
التعريف بالعنف المدرسي
تتنوع مسميات العنف المدرسي فقد يسمي العنف التربوي بحكم كونه نمطاً من أنماط العنف لكنه يمارس داخل الصرح التعليمي ، وبعض الدول مثل مصر تسمي الوزارة المختصة بشئون التعليم الأساسي بوزارة التربية والتعليم [1].
ويعرف العنف حسب النظريات المعرفية والعلمية المختلفة سواء الاجتماعية أو النفسية أو غيرهما بأنه سلوك سلبي يتميز بطبيعة انفعالية شديدة غالبا ما يلجأ إليها الشخص لتأكيد ذاته بعد فشله في تأكيد ذاته بطرق و وسائل أخرى ، وعادة ما يؤدي العنف إلى التدمير أو إلحاق الأذى أو الضرر المادي وغير المادي بالنفس أو الغير.
وهي ظاهرة ليست خاصة بمجتمع أو بآخر حيث أن الإنسان ليس عنيفاً بالفطرة أو أن العنف غريزة بشرية عدوانية ، حيث أكثر الاجتهادات العلمية اتفقت حول كون العنف سلوك مكتسب وليس فطري ، فالعنف لا هو من طبيعة البشر، ولا هو محرك التاريخ ، كما أن العنف ليس ناتجاً عن صفات وراثية نتيجة عوامل بيولوجية ، وهذا ما تراه " نظرية التعلم الاجتماعي "[2] وأحياناً تسمي بـ " التعلم بالنموذج " التي وضع أسسها " ألبرت باندورا و والترز " وآخرون غيرهما ، فلم تستطع البحوث التجريبية إقامة الدليل الكافي علي صحة القول بأن هناك علاقة مباشرة بين العوامل الفسيولوجية والعنف المتمثل في الانتقال الوراثي للعنف عبر الأجيال ، كما لم تستطع تحديد مسئولية أجزاء معينة من المخ عن السلوك العنيف.
أما أصحاب الرأي المضاد فيرون : أن العنف من طبيعة الإنسان ، وإنه هو الخطيئة الأولى التي لوثت التاريخ كله بالدماء وهي حادث قتل قابيل لأخيه هابيل، وهذه هي " نظرية العنف الغريزي أو ما تعرف بنظرية التحليل النفسي " ومقولتها الشهيرة : " أصل كل الشرور " [3]، وفي تفسيراتها للتاريخ الإنساني تقدم إدانات أخلاقية مجردة لكل وأي شكل من أشكال العنف مهما كانت دوافعه ، فلدى هؤلاء شعار واحد هو: كل التاريخ عنف ، وكل عنف مدان [4]، فقد منحت تلك النظرية إلي الإنسان أولوية على المجتمع ، ونظرت إليه على أنه مخلوق ضعيف مقهور ، و قد تتعرض طبيعته البدائية للانفجار فتتخذ شكل السلوك المضطرب ، وتتحين الفرصة للظهور، وأحد أنصار هذه النظرية " فرويد "[5] حيث يري أن الطبيعة البشرية تتألف من نوعين من الغرائز هي :

1- غريزة الاتحاد والاندماج.
2- غريزة الموت أو العدوانية وهي الغريزة المضادة للأولي تماماً وتحض علي الكراهية والتدمير.
وهناك نظرية ثالثة زاوجت بين نظريتي الغريزة والتعلم تسمي بنظرية الدافع (DRIVE ) أو كما يسميها البعض بنظرية الإحباط - العدوانية حيث فسرت العنف بأنه استجابة فطرية ، يحركها شعور بالإحباط مكتسب من البيئة ( الإحباط أو العدوان) ، وكأن هذه النظرية الأخيرة تري أن العنف ما هو إلا رد فعل طبيعي يمارسه الفرد لما يتعرض له من ضغوط بيئية مختلفة[6].
وتري أن العدوانية تظهر دوماً إذا سبقها إحباط وحدة العدوانية هي دالة لقوة الإحباط، وقد ارتكزت النظرية على مبدأين:
- حدوث الإحباط يزيد ميل الإنسان إلى الرد بصورة عدوانية.
- الرد العدواني يدل على أحداث سابقة من الإحباط.
و تعرف الإحباط على أنه حالة تمنع أو تؤجل السلوك الهادف إلى تحقيق رغبة ما ، وحالة الإحباط تكون أشد كلما كان الشخص قريباً من تحقيق هدفه .
ومع تطور هذه النظرية اعتمدت على أن الإحباط هو السبب في ظهور العنف ويشار إلى أن العدوانية ظاهرة طبيعية وعالمية لكنها تعتمد على ردود الفعل كاستجابة لمواقف الإحباط وتقليل من مواقف الإحباط ، تقلل المواقف العنيفة والعدوانية ، ومن خلال العنف يستطيع الشخص المحبط الشاعر بالعجز من إثبات قوته وقدراته ، فالمنافسة السلبية بين الطلاب تخلق نوع من الإحباط المعبر عنه بسلوكيات عنيفة وبعض الآراء لدي أصحاب هذه النظرية يرفض أن يكون الإحباط جالباً دوماً للعدوانية ، ويوافق على أن وراء التصرف العدواني يوجد دوماً إحباط ، بمعنى آخر ليس كل محبط عدواني ولكن كل عدواني محبط.
ومن تعريفات العنف عامة :
هناك تعريفات كثيرة في العديد من الأدبيات المعاصرة حاولت أن تكشف عن مفهوم العنف من جوانب مختلفة .
* تعريف جميل صليبا في معجمه الشهير:" المعجم الفلسفي" أنه فعل مضاد للرفق ، ومرادف للشدة والقسوة. والشخص العنيف (Violent) هو المتصف بالعنف . و العنيف من الميول: الهوى الشديد الذي تتقهقر أمامه الإرادة ، وتزداد صورته حتى تجعله مسيطراً على جميع جوانب النفي ، والعنيف من الرجال هو الذي لا يعامل غيره بلا رفق، ولا تعرف الرحمة سبيلاً إلى قلبه[7].
* تعريف عبد المالك أشهبون: العنف هو استخدام القوة استخداماً غير مشروع ، أو غير مطابق للقانون[8].
* هو تجاوز الحد والغلظة والتعسف والخرق ، وهو ضد الرفق.
* وفي قاموس علم الاجتماع : يظهر العنف عندما يكون ثمة فقدان للوعي لدى أفراد معينين أو في جماعات ناقصة المجتمعية وبهذه الصفة يمكن وصفه بالسلوك اللاعقلاني.
* يرى بول فولكي في قاموسه التربوي : أن العنف هو اللجوء غير المشروع إلى القوة، سواء للدفاع عن حقوق الفرد ، أو عن حقوق الغير، كما أن العنف لا يظهر بحدة إلا في وجود الفرد/المراهق في مجموعة ما.
* وعند أندري لاند :يري إن العنف هو فعل، أو عن كلمة عنيفة. وهذا ما يدخل في نطاق العنف الرمزي ، فأول سلوك عنيف هو الذي يبتدئ بالكلام ثم ينتهي بالفعل. وهكذا فتحديدات العنف تعددت واختلفت ، إلا أن الجميع يقر على أنه سلوك لا عقلاني ، مؤذي ، غير متسامح.
* وعند فرويد : العنف هو نزوع فطري غريزي متجذر في الطبيعة البشرية.
* وعند د. سعدي شاكر حمودي الأستاذ المساعد في قسم الخدمة الاجتماعية بجامعة بغداد : العنف سلوك أو فعل إنساني يتسم بالقوة والإكراه والعدوانية ، صادر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعةً أو دولة ، وموجه ضد الآخر بهدف إخضاعه واستغلاله في إطار علاقة قوة غير متكافئة ، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى ، ولذا يوضح لنا أن العنف له معني وأحد لا يختلف " إيذاء شخص" وإلحاق الضرر به ، و يغرس العنف في نفس الطفل منذ صغره بما يؤكد علي اتجاهنا في هذا التقرير بأن العنف سلوك يكتسب وينشأ مع الطفل خطوة بخطوة ليصل إلي ذروته في فترة الشباب والمراهقة، وهذا سلوك من السلوك التي يتعلمها الشخص بمرور الوقت لكن من السهل تغييرها[9].
* ولدي منظمة الصحة العالمية في تقريرها العالمي حول لعنف والصحة عرفت العنف علي أنه " الاستخدام المتعمد للقوة و الطاقة البدنية المهدد بها أو الفعلية ضد أي طفل من قبل أي فرد أو جماعه تؤدى إلى أو من المرجح للغاية أن تؤدى إلى ضرر فعلى أو محتمل لصحة الطفل أو بقاؤه على قيد الحياة أو نموه أو كرامته ".
* العنف : نشاط تخريبي يقوم به الفرد لإلحاق الضرر والأذى المادي أو الجسدي أو المعنوي كالسخرية أو الاستخفاف[10] .
ومن تعريفات العنف المدرسي :
* هو سلسة من العقوبات الجسدية و المعنوية داخل إطار المؤسسة التعليمية أو التربوية و الذي يؤدي إلى نوع من " العطل النفسي و القصور العقلي " الذي ينعكس سلبا على مستوى التكيف الذاتي أو الاجتماعي لدى الطلبة.
* ‏هو مجموع السلوك غير المقبول اجتماعياً بحيث يؤثر على النظام العام لمدرسة، ‏ويؤدي إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي ، وينقسم إلى عنف مادي ‏كالضرب ، والمشاجرة ، والتخريب داخل المدرسة ، والكتابة على الجدران وعنف ‏معنوي كالسخرية والاستهزاء ، والشتم والعصيان وإثارة الفوضى .
* وفي دراسة منظمة اليونيسيف حول العنف ضد الأطفال( أكتوبر 2006 ) :عرفت العنف علي على أنه الاستخدام المتعمد للقوة الجسدية – فعلياً أو بالتهديد – مما يتسبب أو قد يتسبب بالإصابة أو الوفاة أو الأذى النفسي أو سوء النماء أو الحرمان ، هذا و تستند الدراسة في فهمها للعنف على اتفاقية حقوق الطفل.
العلاقة بين العنف والقوة :
مع تنوع وتعدد التعريفات المقدمة حول تعريف العنف إلا أنها عامة ً تتضمن وجود معنى واحداً هو استخدام القوة المادية أو المعنوية ضد الآخر، بغرض الإضرار به ، إنه سلوك أو فعل أو قول يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر لا يملك نفس المقومات الجسدية أو المعنوية أو الاجتماعية التي تسمح له بدفع الأذى أو العدوان عن نفسه. وبما أن الفئات الاجتماعية وحتى الأسرية ليست متكافئة ، فإن الأقوى كثيرا ما يستبيح العدوان ضد الأضعف ، ويوجد لاعتدائه سندا اجتماعيا، عرفيا أو دينيا أو قانونيا.
و القوة ترادف للقدرة والمقدرة والأهلية والاستطاعة والطاقة ، و العنف لا شرعية له لأنه مرفوض جملة وبإجماع النظم والقوانين ، سماوية كانت أم وضعية. ومن ثم نحسم مسبقا بأنه لا يوجد شيء اسمه العنف المشروع، وأن شرعية استخدام القوة هي غيرها في استخدام العنف.


العلاقة بين العنف والعدوان:
يمكننا المقارنة بين العنف والعدوان ، حيث العنف نوع أو شكل من أشكال العدوان ويقتصر علي الجانب المادي المباشر المتعمد من العدوان فقط ، فالعنف يعرف بأنه سلوك يستهدف إلحاق الأذى بالنفس و بالآخرين أو ممتلكاتهم [11].
ولذا يعتبر العدوان أشمل وأعم من مجرد العنف فكل عنف هو عدوان وليس العكس صحيحاً ، فالعدوان تعريفاً هو : كل سلوك يصدره ردا أو جماعة صوب أخر أو آخرين أو ذاته سواء كان لفظياً أو مادياً أو ايجابياً أو سلبياً ، مباشراً وغير مباشراً أملته مواقف مختلفة يترتب عليه إلحاق الأذى البدني أو مادي أو نفسي بور متعددة بالطرف الأخر [12].
أشكال وصور ممارسة العنف المختلفة :
* العنف الجسدي :
وهو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد اتجاه الآخرين من أجل إيذائهم وإلحاق أضرار جسمية لهم وذلك كوسيلة عقاب غير شرعية مما يؤدي إلى الآلام وأوجاع ومعاناة نفسية جراء تلك الأضرار كما يعرض صحة الطفل للأخطار و من الأمثلة عليها الدفع و الخنق و الحرق بالنار و الضرب باليد أو بالأدوات.
* العنف الجنسي :
و يعرف أيضا بالاستغلال الجنسي وهو اتصال جنسي بين طفل بالغ من أجل إرضاء رغبات جنسية عند الأخير مستخدماً القوة والسيطرة.
* العنف اللفظي:
و يعرف أيضا بظاهرة عنف اللسان و من صوره السلبية أن يتخذ شكل العدوان و قد أشير إلى أن ممارسة العنف على المستوى اللفظي أكثر منه على المستوى الجسدي.
* العنف النفسي :
و هو فعل موجه من شخص أو مجموعة أشخاص ممن يمتلكون القوة والسيطرة لجعل الفرد متضرراً مما يؤثر على وظائفه الوجدانية و السلوكية و الذهنية و الجسدية من الأمثلة عليه التخويف و التهديد و الاستغلال و الصراخ و تذنيب الطفل كمتهم و غيرها.
كما يري المتهمون بالصحة النفسية أن معظم الاضطرابات الانفعالية التي تنتاب الفرد تعود إلى الخبرات المؤلمة في الطفولة مثل سوء المعاملة أو التعرض للعقاب بشدة من قبل المربين أياً كانوا [13].
عناصر العنف المدرسي
لم تعد ظاهرة العنف في المدارس مقتصرة على الشكل النمطي لها حيث عنف المعلم تجاه طلابه ، ولكنها توسعت وتبدلت وأصبحت عنف متبادل بين المدرسين والطلاب في شكل يمثل ظاهرة داخل المجتمع المصري بشواهد وأدلة ووقائع كثير ، فظهرت صور عنف مختلفة مثل عنف الطالب تجاه زميله وعنفه تجاه المعلم وعنفه تجاه ممتلكات المدرسة بجانب عنف المعلم تجاه المعلم الأخر.
* العنف بين الطلاب أنفسهم.
* العنف بين المعلمين أنفسهم.
* العنف بين المعلمين والطلاب.
* التخريب المتعمد " بوعي أو لا وعي " للممتلكات الخاصة بالمدرسة ( تكسير أو حرق المقاعد الخشبية أو كراسات الإجابة والكتب مثلا).
*












  رد مع اقتباس