[عبدالكريم بجاجة]

تحية طيبة و بعد؛
أخي العزيز، يجب علينا أن ندرك أن قواعد علم الأرشيف تختلف تمامًا عن قواعد علم المكتبات، و هذا لعدة أسباب و أهمها:
1- تنتج الكتب و غيرها من المطبوعات (دوريات إعلامية، و مجلات علمية، و دراسات) لغاية عرضها للقراءة العامة؛ و من هذا المنطلق، تتعرض المطبوعات إلى مواضيع معينة و مختارة، و ترتب و تصنف حسب المواضيع لتسهيل مهام الباحثين.

2- أما الأرشيف، يُنتج تلقائيًا لغاية ممارسة نشاط ما دون أخذ بعين الاعتبار انشغالات الباحثين في المستقبل. لذا، يرتب الأرشيف و يصنف حسب نظام الإدارة المنتجة و انشغالاتها، و يجب احترام هذا الترتيب و التصنيف الوظيفي لكي تحفظ الوثائق فائدتها، و فهمها كمجموعة متكاملة كما ذكرناه من قبل.

3- عند فهرسة الوثائق لغاية البحث العلمي، يلخص الأرشيفي محتوى الوثائق حسب المعاير الدولية التي ذكرناها. وكل الفهارس الأرشيفية تتيح في آخرها قائمة من المفردات الأساسية، مرتبة أبجديًا، لتسهيل عمل الباحث. كما يمكن للأرشيفي أن يطور عمل الفهرسة بإنجاز دليل موضوعي يجمع فيه المعلومات عن كل الملفات التي تتعلق بموضوع ما، و المحفوظة عبر الأرصدة الأرشيفية. و لكن، لا يقوم الأرشيفي في أي حال من الأحوال بتكسير الأرصدة و تشتيتها حسب "المواضيع".

4- أما الأرشيف الإلكتروني، لا يمكن تقسيمه و توزيعه حسب المواضع أيضًا، و لكن يمكن الاستفادة منه عبر المفردات المختارة من الباحث أو المقترحة من مركز الأرشيف. لما يتحصل الباحث على ملف ما عبر البحث الإلكتروني، يلاحظ أن هذا الملف عرض له ضمن السلسلة الحقيقية التي ينتمي إليها (أي المجموعة الأرشيفية المتكاملة)، و ليس من ضمن سلسلة "موضوعية" مفبركة. و ظهور هذا النوع الجديد من الوثائق، أي "الأرشيف الإلكتروني" سهل عمل الأرشيفيين في تقديم خدمات سريعة و مفيدة للباحثين دون التخلي على المبدأ الأساسي في علم الأرشيف: "احترام مصدر و وحدة المجموعة الأرشيفية".

للمزيد حول الموضوع، أقترح على الجميع الرجوع إلى "دليل الأرشيف الإلكتروني" الصادر عن المجلس الدولي للأرشيف، و الذي قمت بتعريبه؛ تجدونه في موقع المجلس الدولي للأرشيف: http://www.ica.org/sites/default/fil...6%20ARAB_2.pdf

و للفهم الجيد لطريقة الحصول عن الأرشيف عبر الانترنيت، دون أن تكسر المجموعات الأرشيفية الأصلية، أوجهك نحو موقع الأرشيف الوطني البريطاني تحت العنوان التالي: http://www.nationalarchives.gov.uk/

و بصفة عامة، يمكنك البحث في الأرشيف الدولي عبر أي محرك بحث (Google-Yahoo) باستخدام أي مصطلح أو كلمة تهمك، و النتيجة تكون ثرية دون شك، و لكن سوف تلاحظ أن كل الملفات التي تعرض لك، عن طريق محرك البحث، تنتمي إلى مجموعات أرشيفية متكاملة دون تشتيتها.
في الختام، يجب علينا أن نفرق بين ضرورة حفظ الأرشيف حسب نظامه الأصلي دون تشتيته، و ضرورة فهرسته حسب متطلبات البحث العلمي، خاصة بالطريق الإلكترونية.
و شكرًا. عبد الكريم بجاجة.