عرض مشاركة واحدة
قديم Dec-23-2006, 12:19 PM   المشاركة6
المعلومات

د.محمود قطر
مستشار المنتدى للمكتبات والمعلومات
أستاذ مساعد بجامعة الطائف
 
الصورة الرمزية د.محمود قطر

د.محمود قطر غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 13450
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: مصـــر
المشاركات: 4,379
بمعدل : 0.65 يومياً


افتراضي لمحة تاريخية عن تطور مصادر المعلومات

الفصل الثاني
مصادر المعلومات
أولا:لمحة تاريخية عن تطور مصادر المعلومات :

تعددت مصادر المعلومات و الاتصال التي عرفها البشر عبر التاريخ تجلت في الشائعات و الحفر على الأشجار و الأعمدة المنصوبة في المعابد أو الميادين العامة . وكان التجار الذين ينتقلون من مكان إلى مكان يحملون معهم الأخبار ، كما كان المنادون يتجولون في عرض البلاد و طولها لنشر الأخبار وأعلان أوامر الحاكم (1).
ومنذ أن خلق الإنسان وهو لا يستغني عن المعلومات لاستخدامها في شتى مجالات حياته و نشاطاته . وقد اكتسب الإنسان المعلومات عن طريق المشاهدة و الاستماع و التخيل والتفكير و الأحلام و الوسائل الأخرى المساعدة على ذلك . وكانت هذه المعلومات عنصرا فاعلا في تطوير الحضارة الإنسانية و في جميع الإنجازات في فروع المعرفة المختلفة كالعلوم النظرية و التطبيقية و العلوم الإنسانية و الفنون على مختلف أنواعها و مجالات تخصصها حيث تتميز المعرفة البشرية يكونها حالة نماء مستمرة و أن مسيرة تطورها لا تقتصر على أمة دون الأمم الأخرى .
وأن الإنجازات المعرفية في هذا العصر أنما هي حصيلة لإنجازات الإنسان على مر العصور والقرون . فقد حرص الإنسان على أن يدون إنجازاته ليرجع أليها عند الحاجة ، ولغرض تزويد الأجيال القادمة بالمعلومات الوافية عن هذه الإنجازات .
وهكذا عرف الإنسان الكتابة والتدوين بدافع الحاجة إلى التوثيق و التسجيل التي دعت أليها ظروف التطور الاجتماعي منذ قيام الحضارات الإنسانية القديمة في وادي الرافدين و وادي النيل .
فقد حاول الإنسان منذ البدايات الأولى البحث والتوصل إلى الوسيط الأكثر ملائمة لهذا الغرض حيث استخدم العديد من المواد المختلفة الشكل و الطبيعة والتركيب . فمثلا استخدم الرقم الطينية في وادي الرافدين و لفائف البردي في مصر والرق و الجلود في أواسط آسيا و اليونان وبعض الأشجار في الهند والمعدن والخشب والنسيج في مراكز و أماكن أخرى من العالم . إلى أن توصل الصينيون (في مطلع القرن الأول الميلادي) إلى صناعة الورق كوسيط للكتابة والتوثيق ، واستخدم الصينيون الفرشاة للكتابة و التسجيل على الورق و ظلت هذه الصناعة مقتصرة على الصين قرابة خمسة قرون ثم انتشرت إلى كوريا و اليابان ووصلت بغداد في نهاية القرن الثامن الميلادي لتنتقل إلى المدن العربية الأخرى ، ولتصل أسبانيا على يد العرب في حوالي (1150 م ) ، ولم تعرف أمريكا صناعة الورق آلا نهاية القرن السابع عشر الميلادي .
و نظرا لكون الورق أقل كلفة و أكثر ملائمة للكتابة و لكونه يتمتع بمزايا المواد الأخرى (لفائف البردي و الرق) بل يفوقها ، فقد شاع استعماله بشكل أدى إلى انحسار استخدام تلك المواد وأخذ الورق موضع الصدارة في هذا الاستخدام .
وقد ازدهرت صناعة الكتابة في العصر العربي الإسلامي حيث تعمقت هذه الصناعة في القرن الهجري الأول و أصبحت بعض المدن العربية و الإسلامية دور علم و معرفة ، وتطورت أدوات الكتابة وأوعيتها إلى أن وصلت نضوجها في صناعة الورق في بغداد كما أشرنا سابقا . فكان ذلك سببا في نشر صناعة الكتاب وازدياد عدد النسخ للكتاب الواحد .
وقد أهتم العرب عبر تاريخهم القديم بحصر و تنسيق و فهرسة إنتاجهم الفكري في
مجالات التأليف كافة . و لعل أول عمل ببليوغرافي واسع هو ما قام به أبن النديم المتوفى سنة 385هجرية (965م) في كتابه (الفهرست) الذي جمع فيه أسماء الكتب العربية المعروفة .ثم تلاه عدد من المفهرسين منهم طاش كبرى زادة المتوفى سنة 1561م وألف كتابه الفخم (مفتاح السعادة و مصباح السيادة في موضوعات العلوم ) ثم مصطفى بن عبد الله المتوفى سنة 1756م مؤلف كتاب (كشف الظنون عن أسماء الكتب و الفنون) وغيرهم كثيرون .
و يقدر المتخصصون عدد المخطوطات العربية القديمة ب(3) ثلاثة ملايين مخطوطة منتشرة في مكتبات العالم في الشرق و الغرب . حيث تناولتها دراسات كثيرة أعدت لها فهارس مختلفة لعل أهمها ( كتاب تاريخ الأدب العربي ) لكارل بروكلمان ، و (كتاب تاريخ التراث العربي ) لفؤاد سركيس و ( فهارس المخطوطات العربية في العالم ) لكوركيس عواد .
وبعد اختراع ( غوتنبرغ ) للطباعة بحروف متحركة في القرن الخامس عشر الميلادي تعزز دور الورق حيث أصبح الوسيط غير المنافس للكتابة و التدوين و تصميم المخطوطات و نشر الكتب و تيسير التعليم داخل المدرسة و خارجها ، كما أدى ذلك إلى تخفيض سلطان محتكري المعرفة من رجال الكنيسة و الإقطاعيين و زيادة الإقبال على المعرفة من قبل عامة الناس . و قد رافق ذلك ازدهار صناعة الطباعة و تطورها و ظهور دور النشر في العالم حيث انتشر الكتاب بشكله الحديث و أصبح في متناول الكثير من طلاب المعرفة والباحثين .
وفي عصرنا الحاضر وفي ظل التقدم العلمي و التكنولوجي و تطبيقاتها على مجالات الاتصال و المعلومات ظهرت وسائط جديدة في حفظ المعرفة و استرجاعها مثل المصغرات الفلمية و الاسطوانات و الأفلام والإلكترونيات .
وعلى الرغم من استخدام الإنسان للعديد من المواد المختلفة الشكل و الطبيعة و التركيب ، ظل الكتاب من أبرز وسائل الاتصال والأعلام والتوثيق (2) .
ويلخص الدكتور سعد الهجرسي في كتابه (الإطار العام للمكتبات و المعلومات- أو نظرية الذاكرة الخارجية )(3) المراحل التي مرت بها عملية تطور أوعية المعلومات في ثلاثة مراحل هي :
1- المرحلة قبل التقليدية :
و التي تمثلت في الحجارة و الطين والعظام و الجلود و البردي ، وما أليها من المواد الطبيعية والحيوانية ، التي استخدمت كما هي دون تغيير كبير في تكوينها.
2- المرحلة التقليدية و شبه التقليدية :
و التي تمثلت في الورق الصيني و تطوراته الصناعية ، قبل الصناعة و بعدها حتى ألان ، و التي تمثلت في المخطوطات والكتب و الدوريات المطبوعة و براءات الاختراع و المعايير و المواصفات و ما أليها .
3- المرحلة غير التقليدية :
و التي تمثلت في المصغرات الضوئية على اختلافها ، وفي المسجلات الصوتية بالأشرطة أو بالأقراص أو بغيرهما ، وفي المخترعات الإلكترونية على شتى الوسائط .
و إلى جانب هذا التطور الفكري يمكن إبراز أربع ثورات في وسائط المعرفة تركت آثارا خطيرة على سير الحضارة الإنسانية في مجال الأعلام و الاتصال . و أولى هذه الثورات حدثت عندما اخترعت الكتابة فصار الناس يتعلمون لا عن طريق النقل الشفهي فحسب ، بل عن طريق المخطوط الذي يقرأ . وأدى هذا الاختراع لدى شعوب السومريين و الفينيقيين و الكنعانيين إلى تعليم ثقافة عصرهم مما جعلهم يتفوقون على جيرانهم . و حدثت الثورة المعرفية الثانية بعد اختراع غوتنبرغ لآلة الطابعة التي عممت المخطوطات و نشرت الكتب و يسرت التعليم .
و حدثت الثورة المعرفية الثالثة عندما اخترعت الوسائل البصرية في عصر الثورة
الصناعية الأولى إذ استخدمت الصورة كوسيلة أعلام و معرفة بالإضافة إلى الكلمة المكتوبة وذلك باستخدام أجهزة التصوير و التسجيل و أصبحت الصورة و الرموز البصرية أداة اتصال هامة و ظهر ما يسمى بوسائل الاتصال الجماهيري كالصحف و المجلات و الإذاعة و التلفزيون لنقل الصورة و الرموز إلى مساحات شاسعة .
و ظهرت الثورة المعرفية الرابعة عند اختراع الحاسب الإلكتروني الذي تميز بالسرعة و الدقة و التنوع و السعة الكبيرة للمعلومات المختزنة لخزن أشكال عديدة من المعلومات المصاغة على شكل كلمة مكتوبة أو منطوقة أو على شكل رموز و صور بصرية (4) .
و من خلال التطور التاريخي لمصادر المعلومات على النحو المذكور تجدر بنا الإشارة إلى أن مؤسسات الاختزان التي ضمنت تلك المصادر و الأوعية قد عرفت بعدد من التسميات المتوالية أو المتعاصرة في بعض الأحيان منها على سبيل المثال بيوت الحكمة و خزائن الكتب و دور الكتب و دور المحفوظات و دور الوثائق و مراكز التوثيق و مراكز المعلومات ) .
أن الغرض الأساسي من مؤسسات الاختزان هذه هو حفظ أوعية المعلومات و نشر المعرفة . وأن ظهورها كمؤسسات عامة خدم هدفا مشتركا و غاية واحدة . و كانت أوعية المعلومات تخزن في مكان واحد حيث لم يشعر القائمون عليها عندئذ بضرورة فصل تلك المواد عن بعضها . و بدأت عملية التمييز بين ما يعرف حاليا بدور الوثائق و المكتبات بعد القرن الخامس عشر الميلادي نتيجة اختراع الطباعة نظرا للزيادة الهائلة في أعداد المواد المكتبية و الوثائقية (الأرشيفية)(5) .
وأدى هذا إلى تميز كل من المكتبات و دور الوثائق بحيث أصبحت لكل منهما وظائفه ذات الشخصية المتميزة و العمليات الفنية الخاصة به ، على الرغم من
التشابه العام بين هذين القطاعين في جوهر تلك المؤسسات و في طبيعة هذه الوظائف .
وتبرز عدة مؤشرات عند المقارنة بين دور الوثائق و المكتبات من أهمها (6) :
1- أن أوعية دور الوثائق غير خاضعة للتداول العام بل يكون من الضروري أن تبقى سرية لسنوات عديدة خلافا لما هو قائم في المكتبات .
2- اهتمام السلطة الرسمية بصورة رسمية بالمفردات المتوفرة في دور الوثائق و تراه عنصرا حيويا في ممارستها لاعمالها بل تعتبره جزءا لا يتجزأ من وجودها ذاته . بينما لا تحظى المكتبات في الغالب بهذه المكانة .
3- بالنسبة لأوعية المعلومات التي تحتويها دور الوثائق هناك قيمة خاصة لوجودها المادي ذاته كما هو الحال بالنسبة للمراسلات مثلا حيث لا تفي في أحيان كثيرة النسخة المصورة عن الأصل نفسه في حين أنه تختلف الحالة في الأوعية التي تحتويها المكتبات حيث بالإمكان الإفادة من النسخ المصورة عن الأصل .
4- تتميز أوعية المعلومات في دور الوثائق عند إنتاجها باكتفائها بالأصل مع عدد قليل من النسخ في غالب الآمر بينما نجد أن الحالة تختلف بالنسبة للمكتبات حيث يتم إنتاج آلاف النسخ من كل وعاء للمعلومات يوجد فيها .
5- أن عملية الأعداد الفني لأوعية المعلومات في دور الوثائق تختلف عن المكتبات حيث يتبع في ترتيب أوعية المعلومات في دور الوثائق الطرق المتبعة في ترتيبها في الدوائر و المؤسسات التي أنتجتها . بينما نجد الحالة في المكتبات أن لكل وعاء للمعلومات رقم تصنيف خاص به و أنها تفهرس حسب قواعد منطقية متفق عليها دوليا .
















التوقيع
تكون .. أو لا تكون .. هذا هو السؤال