عرض مشاركة واحدة
قديم Apr-19-2009, 07:30 PM   المشاركة4
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

09/11/2008 04:00:40 م

تدنى الاوضاع التعليمية فى العالم العربي


العرب يقرأون ربع صفحة في السنة!



العرب أونلاين- صالح البيضاني-حذام خريف: أفادت معطيات نشرتها الأمم المتحدة حول عادات المطالعة والقراءة لدى مختلف شعوب العالم ودولها أن معدل ما يقرأه الفرد في طول العالم العربي وعرضه سنويا هو ربع صفحة فقط"!" وأن معدّل ما يقرأه الأمريكي "11" كتابا والبريطاني 8 كتب.

وفي ذات السياق، كشف أول تقرير عربي سنوي عن التنمية الثقافية تعلنه مؤسسة الفكر العربي قريباً عن تدني معدل الالتحاق بالتعليم عربيا، مقارنة بدول العالم، وانخفاض معدل الكتب المنشورة عربياً، وكذا انخفاض معدل القراءة بصورة مؤسفة. ووفقا للتقرير الذي يعلنه رئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل من القاهرة لا يتجاوز معدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية 21.8% بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91%، وفي أستراليا 72%، وفي إسرائيل 58%.

وأوضح أمين عام المؤسسة الدكتور سليمان عبدالمنعم أن هناك كتاب يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 500 إنجليزي ولكل 900 ألماني، أي إن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراء في إنجلترا.

في ظل الأوضاع التعليمية المتردية في العالم العربي حيث تتصاعد نسبة الأمية في عديد بلدانه بشكل رهيب، وفي ظل الطفرة الرقمية بغثها وسمينها، ليس من الغريب أن يهبط معدّل ما يقرأه الانسان العربي سنويا الى سطر واحد فقط او بعد ذلك حتى الى كلمة واحدة! وهذا الأمر ينعكس على سوق اصدار الكتب والنشر في العالم العربي الذي يسوده الركود.

تهميش الثقافة في واقعنا العربي
الروائي المصري محمد العشري: ربما تكون تلك الاحصاءات غير دقيقة، لكنها بالتأكيد تشير إلى عدم أهمية الكتاب في حياة المواطن العربي، وعدم الإقبال عليه، خاصة في الوقت الراهن، وهذا التراجع يعود بالدرجة الأولى، إلى تهميش الثقافة في واقعنا العربي.

وما يفعله الإعلام الاستهلاكي الدافع إلى الترفية والتسطيح والعشوائية في كل شيء، وتخلي المؤسسات والهيئات الثقافية عن دورها الفعلي في توفير وخلق مناخ صحي ملائم، وهو ما انعكس بالسالب على الأجيال الجديدة، وجعلها لا ترى أهمية في فعل التثقيف من خلال الكتاب والقراءة، وعدم الترويج للكتاب باعتباره أمر ضروري وحيوي في حياة الإنسان بشكل خاص، والإنسانية بشكل عام.

محاولة التوصل إلى الأسباب الجوهرية التي آدت إلى ذلك الإضمحلال لا يعود إلى العائلة، أو المدرسة، أو المجتمع، أو الفضائيات، أو الظروف، إنما يعود إلى كل تلك العوامل متضافرة ومتداخلة، لأنها منظومة واحدة، تصب في بعضها البعض، وتؤثر في بعضها.

في رأيي أن العلاقة بالكتاب تقوم على أساس الإيمان بدوره في تشكيل العقل والوجدان، وهو ما يخلق صداقة حميمة نادرة، لأن المكتبة هي "صيدلية الروح"، كما كان يسميها الفراعنة القدماء.

بعض الكتب يمكنها أن تشفي من أمراض العصر، وبعضها مُسكّن لِمَ نجابهه في واقعنا الهادر، ولا نقدر على تغييره. منتهى الحلم أن يجرب الإنسان أن يعيش حيوات كثيرة، لا شيء بمقدروه أن يمنح ذلك السحر غير المكتبة والكتاب والقراءة..

فالحياة بين الكتب، هو ما يمنح الجَلَدّ، والقدرة على الاستمرار في الحياة. والوقوف على تراجع القراءة في العالم العربي يمكن رصده بسهولة، لكن الصعب هو وضع حلول يمكنها أن تعيد للكتاب رونقه وحضوره وفاعليته في حياة الإنسان.


د.السيد نجم: أمين سر اتحاد كتاب الانترنت العرب
"بداية لست ممن يتشاءم كثيرا من تلك الاحصاءات .. ربما لاعتقادى بأنها غير دقيقة تماما..

حيث أننا بمصر توجد العديد من المطابع ودور النشر لا علم بأحد بها، حيث أنها غير مسجلة باتحاد الناشرين المصريين أو العرب، كما أن هناك كتب علمية أو تعليمية تدخل فى باب النشر الثقافى، بينما هى كتابات محدود لأغراض محددة بعيدا عن الثقافة. ومع ذلك هذا لا يعنى عندى عدم الاكتراث بتلك الاحصاءات أو تجاهلها، لكن أرى أن يثار السؤال أولا حول ما هو الكتاب المعنى سواء فى المؤسسات الدولية، أو ما نتناقش حوله؟

لعله من المناسب الاشارة الى ذاك المؤتمر الذى حضرته منذ شهور قليلة، بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، لمناقشة الموضوع نفسه.. تحت عنوان "أزمة القراءة".

وقد تحدثت فى ورقتى حول علاقة الانترنت بالقراءة، وكانت المفاجأة، أنه تم عرض احصاء وتقرير حول أزمة القراءة، أفاد أن الأزمة متزايدة فى المرحلة العمرية من 15 حتى 35سنة.. والطريف أننى أكدت أن تلك المرحلة هى نفسها الفئة العمرية الأكثر تعاملا وقراءة على شبكة الانترنت..

وهو ما يعنى أن الشبكة سحب عدد كبير من الكتاب اليها. بل ويتميز هذا الجيل المتعامل مع النت بمهارات ايجابية، تفوق كثيرا القراءة السلبية للكتاب. ومع ذلك يبقى الكتاب الورقى له رونقه وخصوصيته التى يجب الحفاظ عليها.. خصوصا أن شبكة الانترنت أثرت فى العديد من آليات الثقافة والاتصال مثل الصحافة والتليفزيون وحتى السينما، الى حد تهديد بعض الصحف فى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بعدم الاصدار والتوقف.

والظاهرة الثقافية فى أوروبا تشير الى أن الكتاب الورقى مازال له مكانته، على الرغم من شيوع التعامل مع الانترنت.. وهو ما يرجع الى النشأة والاعتياد وهو دور الاسرة، ثم مكتبة المدرسة والفصل والعملية التعليمية ذاتها وهو دور المدرسة.. ثم الوعى المجتمعى بعامة .وهى العوامل التى نفتقدها فى مجتمعنا العربى!!

وهنا قد يلزم الاشارة الى عامل هام فى موضوع القراءة، ولا يلتفت اليه البعض، ألا وهو تسويق الكتاب، سواء بين الدول أو داخل الدولة الواحدة.. هنا بمصر أعرف تماما تعطش بعض الأماكن الى الكتب الثقافية أو الدوريات الثقافية، الا أنها لا تصلهم، ربما لأنهم يقيمون فى قرى أو لقصور فى التوزيع داخل المدينة.. ولا يوجد موزع مركزى سواء بالقرية أو المدينة يتاح للمتابع التعامل معه.. وهنا اعتبارات اقتصادية تسويقة ومع ذلك أرى أن الكتاب الالكترونى، والمواد الثقافية المحفوظة على اسطوانات الكمبيوتر يمكن أن تلعب دورا جوهريا وهاما فى حل مشكلة القراءة، خصوصا بالنسبة لمن لا تصلهم المطبوعات الورقية."..

جفاء بين المواطن العربي والقراءة
د. علي محمد زيد – باحث وروائي يمني - عضو فريق الخبراء في منظة اليونسكو"باريس":
ليس ما أطلقتم عليه "الجفاء" بين المواطن العربي والكِتاب سوى مظهر من مظاهر الجفاء العام بين المنطقة العربية والعصر الذي تعيش فيه.

والمظهر الأبرز لهذا الجفاء أن المنطقة العربية تكاد تكون المنطقة الوحيدة التي تتصرف وكأن ما يشهد العالم من تطورات في مجالات مختلفة لا يعنيها. فقد عصفت الديمقراطية بعالم اليوم في حين ماتزال الأنظمة الاستبدادية غالبة على المنطقة العربية.

وحتى بعض الأنظمة التي اضطرت إلى أن تستجيب لبعض الضغوذ الخارجية من خلال السماح بهامش ديمقراطي محدود، تقضي وقتها في العمل للالتفاف على هذا الهامش ومحاصرته لجعله يستجيب لما تحرص عليه من تكريس لتوريث السلطة والوظائف العليا.

وفي مجالات التنمية البشرية على الرغم من أن المنطقة العربية أصبحت أغنى من أي وقت مضى في تاريخها، ما يزال الفقر شائعا، والتعليم متدنيا، والأمية منتشرة. فلم يبق أي بلد في أمريكا اللاتينية في قائمة أقل البلدان نموا، وآسيا تنهض وتسحب معها ما تبقى من بلدان ذات دخل منخفض لتلحق بنهضتها، في حين يصر أقل البلدان نموا في المنطقة العربية على السير في قاع هذه القائمة ولا يضع أي مشروع جدي للخروج من هذا المستوى المتدني.

وعلى الرغم من اتساع دائرة التعليم بفعل التراكم وبحكم مرور الزمن، يكاد التعليم في المنطقة العربية أن يكون الوحيد في العالم الذي لا يستجيب للمعايير الدولية من حيث جودة التعليم، ومن ثم فإنه في الغالب يُخرِّج عاطلين عن العمل، لا يمتلكون المعارف والمهارات المناسبة التي تجعلهم قادرين على منافسة الخبرات القادمة من آسيا ومن غيرها لتستفيد من الثروة العربية الكبيرة.

فما يزال هذا التعليم سطحيا ونظريا وقائما على الحفظ والتلقين، ولا يُفتِّح المدارك، ولا يحفز على التفكير والبحث، ومن ثم لا يرسخ عادة القراءة منذ الصغر.

وما يزال أغلب الجامعات العربية غريبا عن القفزات التي يحققها إنتاج المعارف في العالم المعاصر، لأن هذه الجامعات تُغلِّب الولاء على الكفاءة في اختيار هيئة التدريس ويتحكم في بعضها أجهزة أمن لا علم لها بما يشهده التعليم العالي في العالم من تطور. وتتعامى بشكل مخيف عن غياب البحث العلمي. والنتيجة أنه لا توجد جامعة عربية واحدة تصنف في مستوى متقدم بين جامعات عالم اليوم.

وتغيب المكتبات المدرسية في أغلب المدارس العربية، وإذا وجدت فإن ما فيها من كتب إما غير ملائم لمستوى التلاميذ، وإما لا يُعلِّم التفكير والتحليل والاستنتاج، ولا يُفتِّح المدارك. وبالمثل، يشعر المرء حين يزور مكتبات الجامعات العربية بمدى الفصام بين العرب وتطور المعرفة في عالمهم.

أما عن غياب المكتبات العامة في أغلب المدن والتجمعات السكانية العربية فحدث ولا حرج. وفي حين أن العرب، في الغالب الأعم، لا يشاركون في إنتاج المعرفة بل يستهلكونها كما يستهلكون غيرها من الخيرات المادية، فإن حركة الترجمة ضعيفة إلى درجة لا تصدق، مع أن الترجمة في جميع المجالات خطوة أولى على طريق النهضة في الواقع العربي الراهن، لأنها تسمح بانتقال المعارف والأفكار والحوار معها، وتحفز ملكة الإبداع والإنتاج.

والنتيجة أنك إذا دخلت أي معرض من معارض الكتاب التي تتكرر وتتشابه من بلد عربي إلى آخر صدمتك حقيقة غُربة العرب عن تطور المعرفة في هذا العصر. فالكتاب العلمي شبه غائب بسبب غياب البحث العلمي في الجامعات وفي ما يطلق عليه "مراكز البحوث".

والكتاب المترجم نادر ويكاد يقتصر على ما يكتبه الآخرون عنا ولا يقدم لنا سوى بعض ملامح صورتنا في عيون الآخر. والإبداع الأدبي الذي يستحق هذه التسمية قليل ولا يوجد إقبال عليه بما يشجع تطوير تجارب الكُتَّاب ويعمِّق خبراتهم.

والدراسات النظرية محدودة والكثير منها لا يتفق ومعايير البحث العلمي. وأغلب الكتب المعروضة تسترجع ماضيا غرقنا فيه بحيث لم نعد قادرين على أن نستلهمه لنضيف إليه بصماتنا وإبداعنا وتفاعلاتنا مع واقعنا ومع عصرنا.

والواقع أن هذا كله ليس سوى انعكاس لغياب المشروع العربي المشترك. فمنذ أن أطلقت حركة التحرر العربية بقيادة عبدالناصر خلال النصف النصف الثاني من الخمسينات والنصف الأول من الستينات الحلم بتجاوز الانحطاط وعبور العرب إلى العصر، مايزال هذا المشروع غائبا.

فقد أدى غياب الديمقراطية والتكالب الغربي على المشروع العربي إلى هزيمة 1967 وبداية تراجع هذا المشروع حتى وصلت المنطقة العربية إلى درجة الصفر في كل شيء، إذا استعرنا عبارة رولان بارت عن "الكتابة في درجة الصفر".

فقد انتهى حلم الوحدة العربية ليس إلى استغراق كل قطر عربي في ذاته وابتعاده عن أشقائه فحسب، بل تشظى الكثير من البلدان العربية إلى مكوناتها العرقية والطائفية.

ومن عبث السياسة العربية أن السودان الذي جزء من سكانه غير مسلمين قرر أن يدعو إلى مشروع "إسلامي" وأن يفرضه في حرب مع جزء مهم من مواطنيه انتهت بمواجهة خطر تمزق السودان إلى شظايا.

والعراق الذي جزء مهم وقوي من سكانه غير عرب، لم يكتف بمحاولة تعريب الأكراد بالحرب، بل تعدى ذلك إلى محاولة "توحيد" العراق ببلد مجاور بالقوة، في حرب فجرت المنطقة العربية وكانت بداية الطريق نحو الاحتلال الأجنبي.

واليمن الذي تفاوض شماله وجنوبه على تحقيق الوحدة من خلال التوافق، انزلق بعد أربع سنوات من تلك التجربة، التي كان يمكن أن تقدم أنموذجا لتوحيد عربي يراعي الجميع ويحفظ مصالح الجميع، إلى حرب طاحنة جعلت المواطن الذي طحنته الحرب يجد نفسه في تناقض بين حلمه بالوحدة ومعاناته منها.

وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الغياب للمشروع العربي وللحلم العربي المشترك إلى غياب التنمية المشتركة، وغياب العلم، وتخلف الثقافة، وتراجع الإبداع والإنتاج. ولو لم توحد بين العرب لغة تستعصي على الاندثار لارتباطها بالدين الإسلامي، ومن ثم توفر أرضية مشتركة لازدهار الثقافة العربية، لسار قطار التشظي العربي دون أمل في العودة.

فالمواطن العربي مطحون بهذا الغياب عن واقع القرن الواحد والعشرين، وبالبحث عن فرص العيش، ومهموم بالخوف من الحاضر ومن المستقبل. ولا يكاد يوجد كاتب عربي متفرغ للكتابة والإبداع، لأن من النادر أن يوجد كاتب عربي يعيش على إنتاجه من الكتب.

فأغلب الكتاب على قلتهم لا يطبع أكثر من 1000 إلى 2000 نسخة من أي كتاب يصدره على الرغم من تطور تقنية الطباعة. ومع أن العالم قد أصبح يعيش في مرحلة ما بعد التلفزيون وانتقل إلى الانترنت والنص الرقمي، وجد كثير من المواطنين العرب المهمومين بمشاغل الحياة وبإحباطات الواقع العربي الراهن، أنفسهم يتهالكون على التلقي السلبي ويسترخون أمام شاشة تلفزيون لا يفعل أغلبها سوى تمجيد الحاكمين وتغطية العيوب والقصور في واقع عربي يعيش على هامش عالمه.

وعلى الرغم من أن الانترنت بوابة إلى بحر المعرفة العالمي، فإنها ماتزال محدودة الاستخدام في أغلب البلدان العربية، بسبب الأمية والفقر وانعدام الكهربا وغياب التلفون أو الحاسوب. كما أن الكثير من مستخدميها يميلون بحكم التربية وضعف الثقافة إلى الجوانب السلبية التي لا يخلو منها كل اختراع جديد وكل علم. والأدهى أن دور اللغة العربية في الشبكة مايزال محدودا.

فترقيم الكلمات العربية محدود للغاية، في حين أن غالبية ساحقة من المواطنين العرب لا تجيد اللغات الأجنبية. وهكذا فإن "الجفاء" بين المواطن العربي والكتاب انعكاس لأزمة أعمق تمس مواجهة هذا المواطن لتحديات عصره.

محمد الناصر مصر – روائي وعضو الهيئة الإدارية لنادي القصة المصري:
لأن الكتاب منتج معرفي، فان أي حالة تسبق انتاجه أو تتلوه، هي عنصر من عناصر عملية انتاجية، ومن ثم فان القراءة والتفكير والابداع،هما عناصر أساسية في عملية انتاج الكتاب.

في رأي ان هذه النسبة المتدنية المتفاعلة مع الكتاب في مجتمعاتنا العربية لا بأس بها، بل أسأل، لماذا نحن العرب نفزع عندما نكتشف ان جانب انتاجي في مجتمعاتنا متدن النسبة، وهو الجانب المعرفي، ونتجاهل جوانب انتاجية أخري اقتصادية وسياسية وغيرها، نسبها أكثر تدنيا من المنتج المعرفي في مجتمعاتنا نحن نعاني من نسبة تدن المنتج المعرفي في وطننا العربي، لأننا مجتمعات متدنية الانتاج بشكل عام، ولأن الانسان العربي لظروف تاريخية يمر بها انسان متدن الانتاجية.

والأخطر أن نوعية المنتج المعرفي الذي يتعرض له يوميا، والذي من مهامه الاساسية خلق شخصية منتجة، يأتي بنتيجة عكسية، ثم نقارن أنفسنا في مجال انتاج المعرفة بمجتمعات نسب الانتاج معرفيا و اقتصاديا وسياسيا فيها مرتفعة للغاية، بل يساهم المنتج المعرفي لديهم في تطوير الشخصية انتاجيا، ومن ثم يصبح ارتفاع نسبة المنتج المعرفي في هذه المجتمعات، المتمثل في جانب منه في الكتاب أمر طبيعي.

اذا نظرنا الى الموضوع من هذه الزاوية، أجد نفسي أحمد الله الذي لايحمد علي مكروه سواه، علي هذه النسبة شديدة التدن، التي لا ترضيني ولاترضي أي مهموم عربي بقضايا الانتاج المعرفي.

عندما كانت الشخصية العربية في عصور الازدهار، شخصية منتجة، كان المنتج المعرفي لدينا عال النسبة، الي أن تلبست الشخصية العربية عفاريت التخلف، التي استطاعت بقدرة قادر أن تجري عملية احلال داخل الشخصية العربية، فاختفت العناصر المحفزة علي الانتاجية، وحلت محلها عناصر حتي العفاريت التي صنعتها تخجل منها.

عبير عاطف - مسئولة القسم العربي بإدارة علاقات الناشرين في بنك المعلومات العربي "اسك زاد ":
في رائيي الشخصي أن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي أدت إلى العجز الثقافي عند القارئ العربي بشكل عام والشباب بشكل خاص ولعل من اهم هذه الأسباب أو العوامل العامل الاقتصادي وماترتب علية من ضغوط نفسية فأصبح البحث عن لقمة العيش وتامين المعيشة هو الهم الأكبر.

كذلك تعدد مصادر المعرفة المرئية والمسموعة وعدم التوعية بأهمية ودور القراءة في حياتنا وتغذيتها لعقولنا فأصبح هناك العديد من الوسائل الأسهل والأكثر جاذبية للحصول على المعلومة ولا نستطيع أن نغفل هنا دور الانترنت وتأثيره الكبير علينا جميعا وعلى حياتنا اليومية هذا بالإضافة إلى الظروف السياسية والاضطرابات والحروب التي تشعل الكثير من بلدان المنطقة العربية في الفترة الحالية والتي زاد معها عدم الإحساس بالأمن والأمان.

في الحقيقة إذا بحثنا في هذا الموضوع سنجد أسباب وعوامل ليس لها حصر قد يكون تأثير احدها علينا اكبر من الآخر ولكن في النهاية النتيجة واحدة وفي اعتقادي أن إحساسنا بوجود عجز ثقافي وأدركنا لما قد يصل إلية الأمر إذا ازداد هذا العجز هو أول خطوة لنا على الطريق الصحيح وليبدأ كل منا بنفسه وليدعوا الآخرين.

جميل السلحوت – ناقد وكاتب فلسطيني من القدس:
تشير إحصائيات منظمة التربية والتعليم الدولية " اليونسكو " ومنظمة " اليسكو " العربية إلى أن معدل قراءة الفرد في عالمنا العربي هو ست دقائق في السنة ! في حين أن معدل القراءة في دول أوروبا يعادل عشرات بل مئات أو آلاف إضعاف ما عندنا.

ومع ذلك فإننا نفاخر بأننا أمّة " أقرأ " لأنها أول آية نزلت في القرآن الكريم وكانت خطابا للنبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، فلماذا أمّة " أقرأ" لا تقرأ ؟

وعندما يدور في خلدي هذا السؤال أتذكر مقولة للأديب المصري الراحل عبد الرحمن الخميسي عندما أجاب على تساؤل في مقابلة صحفية، لماذا كل كتاباتك عن المسحوقين والمعدمين ؟

ألم تعشق امرأة في حياتك ؟؟ ولماذا لم تكتب عن الحب والجمال ؟ فأجاب : " كيف تطلبون من إنسان جائع أن يصف لكم روعة السماء ؟

"فحوالي ربع مواطني العالم العربي أُمَيين، -حوالي سبعين مليون أُمّي- وان كانت الأُمّية تتفاوت بين قطر وآخر، وغالبية مواطني العالم العربي يعيشون ظروفا اقتصادية غاية في الصعوبة، وعشرات الملايين يعيشون تحت خط الفقر، ومع كل الخيرات الموجودة في العالم العربي إلا أن دخل هذا العالم البالغ عدد سكانه حوالي الثلاثمائة مليون يعادل دخل اسبانيا، وهي من أفقر الدول الأوروبية وعدد سكانها ستون مليونا، والكتب التي تترجم سنويا إلى اللغة الاسبانية من لغات أخرى تعادل الترجمات إلى اللغة العربية في ثلاثمائة سنة .

مما يعني أننا نعيش انغلاقا ثقافيا .وأن الكتب التي تصدر سنويا في دولة مثل اليونان تزيد أعدادها عن الكتب التي تصدر في العالم العربي جميعه.
والتخلف الاقتصادي يقود إلى تخلف صحي، والى تخلف في التحصيل العلمي والبحث العلمي . وبالتالي فإن الذي يجد قوت يومه، ويمضي يومه راكضا خلف رغيف الخبز، فإنه بالتأكيد غير قادر على شراء كتاب .

ولا يغيب عن البال قضايا الرقابة على المطبوعات التي قد توصل كاتبا إلى المحكمة والى السجن،كما أن اقتناء بعض الكتب قد يشكل تهمة يحاسب عليها القانون في بعض الدول العربية.

والمشكلة لا تتوقف هنا، فبالتأكيد فإن تربيتنا وثقافتنا لا تدعو إلى ترسيخ المطالعة وقراءة الكتب، والحفاظ عليها بحيث تعمل كل أسرة مكتبة صغيرة في بيتها، نستثني من ذلك مطالعة " القرآن الكريم " وبعض الكتب الدينية، وهي على أهميتها وضرورة تعليمها وتعلمها غير كافية.

ومن المستحيل أن تجد خطيبا في مسجد مثلا يدعو إلى مطالعة كتاب – مهما كانت أهميته – إن لم تكن له علاقة بالشريعة وبالفهم الديني، مع أن الدين الإسلامي - وهو دين الغالبية العظمى في العالم العربي- يدعو إلى تعلم مختلف أنواع العلوم، حتى أن الفقهاء اجمعوا أن جميع المسلمين آثمون إذا وجد علم ما.

ولا يوجد من بينهم من يعلمه، والقرآن الكريم يحثنا على التفكر والتعلم، يقول تعالى " وتفكروا في خلق السماوات والأرض " ويقول صلى الله عليه وسلم : اطلبوا العلم ولو في الصين " ونجد من يعتلي المنابر ويخطب بعدم تعليم البنات، أو الاقتصار غي تعليمهن على مرحلة التعليم الإلزامي على الأكثر، مع أن الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه يقول " من كانت له ابنة فأدبها وأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها كانت له سترا من النار".

وعاداتنا وتقاليدنا الموروثة لا تحث أيضا على القراءة والمطالعة، فنادرا ما نجد على سبيل المثال من يعود مريضا في مستشفى ويهديه كتابا أو أكثر. ونادرا ما نجد واحدا من الأبوين يشتري قصة أطفال لابنه الطفل مثلا.

وهناك قضية مهمة جدا وهي عدم تخصيص نسبة معينة من الميزانية العامة في دولنا العربية للثقافة، فبعض الدول المتقدمة تخصص ما بين 4-7% من ميزانيتها التي قد تكون بالمليارات للثقافة.

ومعروف أن وزارة الثقافة لا تنتج ثقافة وليس من اختصاصها ذلك، لكن عليها واجب رعاية الثقافة، ومن هذه الرعاية دعم دور النشر ليصل الكتاب بسعر زهيد إلى القارئ العادي، وليصل إلى الطلبة وذوي الدخل المحدد قبل غيرهم.

ومن الأمور المحزنة أن نجد كبريات دور النشر العربية - والتي توزع مطبوعاتها في الدول العربية جميعها - لا تطبع أكثر من عشرة آلاف نسخة، ولا تباع جميعها.

مع أن الكتب الجيدة في بعض الدول المتقدمة والتي لا يزيد عدد سكانها على الخمسة ملايين، توزع دور النشر فيها الطبعة الأولى أكثر من مائة ألف نسخة من كل كتاب، ومن المفارقات العجيبة أن ترجمات ودواوين الشاعر الكبير الراحل محمود درويش إلى الفرنسية وزعت عشرات أضعاف، ما وزعته بالعربية، مع أن ترجمة الشعر إلى لغات أخرى تفسد أو تقلل من جماليته.

ما العمل؟
يجب إعادة النظر في طرقنا التربوية ومناهجنا التعليمية، ويجب تخصيص حصة مطالعة على الأقل أسبوعيا لطلبة المدارس، مع تزويد المدارس بكتب تلائم أعمار طلابها، واحتساب علامات للطبلة على ما يقرءون من كتب، كطلب تلخيص كتاب من كل واحد منهم، كما يجب أيضا اعتماد ساعات معتمدة جامعيا ترتكز على الثقافة،وعلى البحث لإجبار الطلبة على القراءة وزيادة معلوماتهم بدلا من أسئلة : " ضع دائرة حول الجواب الصحيح " ويجب تخصيص إعلام موجه ثقافيا للمشاهدين بدلا من أغاني الرقص شبه العاري، ويجب إنشاء مكتبات عامة لتغطي التجمعات السكانية في كل منطقة، وعمل ندوات ومحاضرات حول أهمية المطالعة، ولمناقشة بعض النتاجات الثقافية والعلمية، كما يجب على وزارات الثقافة، والمؤسسات الثقافية أن ترعى الترجمات عن لغات أخرى للاطلاع على الثقافات الأخرى والاستفادة منها بدلا من التقوقع حول الذات .

كما يجب رعاية التعليم الإلزامي لجميع أبناء من هم في سن التعليم، وتوفير العيش الكريم لمن يضطرون لعدم تعليم أبنائهم لأسباب اقتصادية، ويجب القضاء على الأُمّية من خلال البرامج الواعية والهادفة .

ويجب إخراج الثقافة والنتاج الثقافي من " الكولسات " الفردية والحزبية حيث ان البعض يشكلون ما يشبه عصابات " المافيا " في المؤسسات الثقافية، فينشرون لأنفسهم ولمحسوبين، ويحاصرون من لا يوافقهم الرأي .

د. عبد الحميد الحسامي ناقد وأكاديمي يمني:
إن العجز الثقافي الراهن يعود في المقام الأول لغياب المشروع الثقافي لدى الحكومات العربية مما يؤدي إلى ان تصاب كل مفاصل المجتمع اسرة ومدرسة ومؤسسات ثقافية تصاب بالكساح الذي يقعدها عن الحركة ويدعها مشلولة في صحراء البؤس الثقافي المدمر وما يبرز من طفرات او حالات توهج ثقافي فيعود إلى جهود فردية تحاول أن تشق طريقها بصعوبة وتحطيم الطوق المفروض عليها مجسداً في انساق متصلبة تحول دون أي انطلاق حينما نكتشف أنفسنا ونخوض الحياة مسلحين بثقافة المشروع ومشروع الثقافة حينها سنجد أن لدينا القدرة على الانطلاق مثل أي شعوب أخرى.

مصطفى نصر –روائي وناقد مصري:
مشكلتنا مع الكتاب مشكلة قديمة جدا، والغريب أنها تزداد تعقيدا من وقت لآخر، فلاشك أن نسبة القراء تنقص من عام إلى آخر، ومن أهم أسباب ركود الكتاب ؛ الأمية المتفشية في كل البلاد العربية، فمن النادر أن يلجأ طفل إلى الكتاب في بيت لا يعرف القراءة والكتابة، لكن المشكلة في مصر أكثر تعقيدا.

فقد قضت فترة السبعينيات على الطبقة المتوسطة التي كانت تذهب إلى السينما المحترمة وتشاهد المسرحيات الجيدة وتشتري المجلات الثقافية والكتب، كنت أعرف عائلات اعتادت على دخول سينما محترمة مساء كل يوم خميس، وأن تشتري مجلة الهلال ومجلة المختار والعربي كل شهر، وتشتري المجلات الأسبوعية والجرائد – خاصة الأهرام – كل يوم , الآن ذابت هذه الأسر وتاهت مع البحث عن ثمن الغذاء ومتابعة نشرة ارتفاع الأسعار .

هذا غير المستجدات، الأفلام التافهة التي تصنع من أجل الطبقات الجديدة التي تمتلك النقود ولا تحمل فكرا . والوصلة المسروقة من الفضائيات والتي تباع علنا لمعظم البيوت في سائر المحافظات، فتبث أفلاما طوال اليوم، فمن الذي سيفكر في مشاهدة مسرحية جادة، أو قراءة كتاب.

كنا في المدرسة نحرص على الاستعارة من مكتبة المدرسة، وكانت هناك حصصا للمكتبة، والمدرسون يحكون لنا عن العقاد والمازني والفرق بينهما، وعن حسين السيد الذي تفرغ للكتابة لعبد الوهاب.، وعن أشياء كثيرة مازلت أحفظها رغم مرور السنوات الطوال على قولها في الحصص الدراسية .

أين هذا الآن، والمدرسون مشغولون بالدروس الخصوصية، إنهم يتناولون طعامهم في الطريق، حتى لا تفوتهم حصص الدروس المرتفعة الثمن. أسيفكر هؤلاء في قراءة كتاب، أو الحديث عن قراءاته للتلاميذ ؟!

المدرس لا يشرح في الفصل ليضطر التلاميذ لأخذ الدرس عنده، منذ السبعينيات ومعظم المصريين يبحثون عن الثراء من أي طريق، سباق للاغتناء واستغلال الفرص المتاحة، وضياع للقيم والمثل العليا، "وإللي ما يغناش في هذا العهد لا يمكن أن يغتني بعد ذلك".

قبل هذا الوقت كان من النادر أن تجد مدرسا لا يشرح في الفصل، الآن الكل أختار الطريق الأسهل وهو الدروس الخصوصية، واقتنعت الأسر بهذا واستعدت له.

الرابط
http://www.alarabonline.org/index.asp?fname=\2008\11\11-09\440.htm&dismode=x&ts=09/11/2008%2004:00:40%20م



http://www.alarabonline.org/index.as...2004:00:40%20م












التوقيع
إن الكل يموت ويذهب صداه
الا الكاتب يموت وصوته حي
  رد مع اقتباس