عرض مشاركة واحدة
قديم Mar-13-2007, 05:10 PM   المشاركة12
المعلومات

صابرين زياد
مكتبي نشيط

صابرين زياد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18065
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 90
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي الحديث عن نص رقمي بين الواقع والحقيقة

تواصل مع الشبكة
الحديث عن نص رقمي بين الواقع والحقيقة

الكتاب العرب يقفون عند حدود الثورة الرقمية من غير استثمار حقيقي للامكانات الكبيرة التي توفرها على مستوى الابداع والكتابة.

ميدل ايست اونلاين
بقلم: رامز رمضان النويصري

مُـقدِّمـة



تحاول هذه الورقة مقاربة الإنتاج النصي العربي ناحية تمثله التجربة الرقمية، وهي مجموعة من الأفكار والملاحظات التي راجعت فيها ما تقدمه المواقع الثـقافية العربية على الشبكة.


(1)

أول ما يعترضني في هذه الورقة، هو تأكيدُ اللجنة المشرفة ضرورة تدعيم الورقة بالمراجع، وأعترف أني في موافقتي كنت أضمر الخلاف، إذ اعتبرت ما اختزنته من رحلتي الإنترنتية المرجع الأساس الذي أنطلق منه، وطالما أن اللجنة المشرفة أجازت الاستعانة بالشبكة، رأيت في ذلك حجتي للبدء في ترتيب هذه الأفكار. أما المواقع التي تم الاعتماد عليها (وهي تمثل المراجع الحقيقية لهذه الورقة)، فيمكنني تقسيمها إلى:

1- المواقع الثقافية/الأدبية المتخصصة (مثل جهة الشعر، أفـق، فضاءات، الذبابة، كيكا، الامبراطور، موقع القصة العربية، وغيرها من المواقع).

2- المنتديات الثقافية والأدبية (مثل منتدى فضاءات، مدينة على هدب طفل، منتدى المغرب العربي، وغيرها من المنتديات).

3- المنتديات العامة، والتي تحتوي ضمن منتدياتها الفرعية، منتديات أدبية (مثل منتدى الهندسة نت، منتدى طرابلس، منتدى القرناس، وغيرها من المنتديات العامة).

4- مواقع الأدباء والكتاب الشخصية (مثل قاسم حداد، جمال جمعة، شاكر لعيبي، ريتا عودة، سوزان عليوان، محمد زيدان، وغيرها من مواقع الأدباء والكتاب).

5- المدونات، وهي تعامل عند الأدباء والكتاب كمواقع شخصية في الغالب (مثل مدونة ظبية خميسس، مدونة أحمد الفيتوري، مدونة محمد الأصفر، وغيرها من المدونات).

6- مواقع الصحف والمجلات، التي تصدر في طبعات ورقية، وتملك مواقع على النت (كـصحف: القدس العربي، الزمان، أخبار الأدب، الاتحاد، ومجلات مثل الكرمل، الصدى، ألواح، وغيرها من الصحف والمجلات).

7- المجلات الإلكترونية، المهتمة بالثقافة والأدب (مثل أفق التي تحولت من بعد إلى موقع ثقافي، أنهار، كراسي، ميدوزا، مكايد، وغيرها من المجلات الإلكترونية).


(2)

(الرقمي والرقمية) هو الترجمة العربية لمصطلح (Digital) وهو يعني قصة طويلة من بحث الإنسان عن الوسيلة الأمثل لنقل البيانات (Data). والبيانات كل ما يمكن نقله، بالتالي يمكن تحويله إلى مجموعات عددية/سلاسل عددية، يمكن إعادتها إلى شكلها الأصلي. بشكلٍ أبسط هي عملية نقل، أو لنقل حامل، ومن جملة المنقولات المعلومات، التي وجدت نفسها في هذا الوسط أكبر قدرة على الانطلاق في اللامحدود، أفق لا متناه من الانفتاح الجديد كل لحظة، لقد ركبت المعلومة سيل الأرقام وانطلقت دون توقف إلى (عصر المعلوماتية) عصر السيل المعلوماتي المنهمر واللامنقطع.

الواسطة الرقمية استطاعت أن تذيب الفوارق بين أشكال المعلومات في الشكل الواحد الشكل الرقمي (0101)، بالتالي لم يعد من مشكلة لنقل أيٍ من الصيغ المعلوماتية: نص/ صوت/ صورة، أو صيغ معلوماتية مركبة: صوت-صورة. وهي أيضاً، الواسطة الرقمية، حلت الكثير من مشاكل ترميم الصيغ المعلوماتية في صورتها الرقمية.


(3)

من السرية إلى العلن، تنفتح الشبكة لخدمة الجميع، ومن بعد هوس الجميع. شبكة الإنترنت بفضل الخدمة الرقمية وتطور الحاسوب والشبكات قلبت العالم رأسا وما زال، لا تعنينا الإحصائيات في شيء، على الأقل لا تعنيني، فهي محاولة رصد نمطية لتحويل المجهول على كمية عددية. وفي معنى أبسط فشبكة الإنترنت مجموعة من الخطوط الرابطة بين محطات عقدية، وظيفتها الأساسية هي نقل البيانات والمعلومات، أي إنها تتبع النظام البدائي للشبكات في نقل الرسائل (أو أي من أشكال البيانات) من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)، عن طريق تعريفهما كعنوانين، وكونها عقدية يعني انها لا مركزية وهذا يعطيها أفقا أكثر للاتساع والتواصل. أما أشكال العرض الفائقة التطور والتحديث الذي تبديه الشبكة فيكمن في الواقع في طبقة التطبيقات التي تعلو طبقة النقل، و كل القيمة المضافة في عمل الشبكة تكمن على أطرافها.

الشبكة تتحول إلى عالم يوازي ما نحياه، وربما بوتيرة أكثر اطراداً، وانفراطاً، وتمايزاً، حد اجتماعنا في هذا المكان.


المبْحث الأوَّل: الواقع




يتناول هذا المبحث واقع النص العربي أو النتاج النصي العربي على شبكة الإنترنت، كحالة توصيفية لما هو موجود واقعاً حال دخولنا الشبكة.


(4)

أمام هذا الاتساع الكبير، وجدنا أنفسنا نذهب حتى لم يعد منا شيء الكاتب المصري "إبراهيم أصلان" في أحد أعداد (أخبار الأدب) يتحدث عن حكاية اقتنائه للحاسوب وكيف تحول شكل الكتابة معه. أما الكاتبة "سكينة بن عامر"1 فتنعى أحاسيسها التي يقضي عليها زر واحد "Delete". فكيف تحول الأمر بدخول الإنترنت، واستخدامها تطبيقات الحاسوب. الشاعر "قاسم حداد" يقول: النص مكانه الإنترنت2.


في قفزة واحدة، كانت الإنترنت متاحة للجميع، الكثير من الأدباء والكتاب تحولوا إلى الإنترنت، وتحولت إلى عالمهم الذي يتنفسون إبداعهم من خلاله، ونستطيع أن نقسم الأدباء والكتاب الذين يستخدمون الإنترنت إلى ثلاث مجموعات:

1- أدباء وكتاب من الجيل السابق3 أو أدباء وكتاب كبار لهم تجربتهم الطويلة، من خلال النشر الورقي، وهم من كبر وعيهم بعيداً عن ثورة المعلوماتية: يمثلون مجموعة الأدباء والكتاب الذين تواصلوا مع شبكة الإنترنت من باب المعرفة وتقبل الجديد، لا الارتياب وإطلاق اللعنات على هذا الدخيل: أما كفانا قصيدة النثر، حتى يأتي النت ويكمل على البقية. هذه المجموعة تمثل جانب الاستخدام للشبكة، أما التفاعل فلا يكاد يمثل هماً ناحية التواجد، أو جزءا من تجربة الكاتب.

2- أدباء وكتاب شباب: الغالبية العظمى، وهم الذين كان الحاسوب والإنترنت جزءاً من ثقافتهم ووعيهم، وهم بالتالي لا يعانون أي ارتياب، بقدر مطالبتهم بمزيد إمكانيات التواصل. هذه المجموعة تمثل جانب الاشتغال على الشبكة، أما التفاعل فيلاحظ بشكل كبير من خلال التواجد على الشبكة من خلال: المواقع الشخصية، المدونات، المواقع والمنتديات، وتمثل التجربة جزءا من تجربتهم الإبداعية.

3- أدباء وكتاب النت: مجموعة من الأدباء والكتاب الشباب ظهرت كتاباتهم على النت، دون غيرها من مساحات النشر، وهم ينشطون بشكل كبير في المنتديات والمجلات الإلكترونية. وهم المجموعة الأكثر تعلقاً بالشبكة فهي وجودهم وصنو التجربة.


أما أشكال تواجد هؤلاء الكتاب والأدباء على الشبكة، فمن خلال:

1- المواقع الشخصية. ويمكن تقسيمها إلى:

أ‌- مواقع تدار من جانب أصحابها، وتمثلهم المجموعات: الثانية، الثالثة، والأولى بشكل أقل.

ب‌- مواقع تدار لصالح أصحابها، وتمثلهم المجموعة الأولى بشكل كبير.

2- المدوّنات (تحولت عند الكاتب العربي، إلى صورة أخرى للموقع الشخصي). وهي تدار من قبل أصحابها بشكل مباشر، وتمثلهم المجموعات: الثانية والثالثة بشكل أساسي.

3- المواقع الثقافية والأدبية. وهي تعتمد بشكل كبير على مساهمات أعضاء المجموعات: الثانية، الثالثة، والأولى بشكل أقل.

4- المنتديات الثقافية والأدبية المتخصصة (والفرعية لبعض المنتديات العامة). وهي تعتمد بشكل كبير على مساهمات أعضاء المجموعات: الثانية والثالثة، والأولى بشكل أقل.

5- المجلات الإلكترونية. وهي تعتمد بشكل كبير على مساهمات أعضاء المجموعات: الثانية والثالثة، والأولى بشكل أقل.

6- الكتاب الإلكتروني. وهي تعتمد بشكل كبير على مساهمات أعضاء المجموعات: الثانية والثالثة، والأولى بشكل أقل.


نشير لأن بعض الأدباء ممن يمثلون المجموعة الأولى، يملكون أكثر من موقع، وهذا يعود لأثرهم في الأدباء والكتاب الشباب أو ممن يمثلون المجموعة الثانية بشكل خاص، والثالثة بشكل أقل، إذ نجد إنتاج الكثير من الأدباء والكتاب الكبار يعاد نشره على الشبكة في الكثير من المواقع والمنتديات.


باختصار تحولت الإنترنت إلى وسيلة للنشر، فإرسال إيميل لا يحتمل أكثر من دقائق تقل عن الخمس، ووصوله محطته يحتاج إلى حوالي الـ20 ثانية، أما المدونة فلا تحتاج لأكثر من نصف ساعة، وعمل يوم يمكنك من موقع شخصي. أما ما يقدمه الأدباء والكتاب العرب من إبداع، فلم يكن بالجديد، فظلت ذات الأجناس الأدبية في ذات أشكالها النمطية، وذات الإشكالات والقضايا والنقاشات والحوارات.


المبْحث الثاني: الحقيقة



هذا المبحث يستعرض حقيقة النتاج النص العربي في الشبكة، وقياس تأثيره وتأثره، ودرجة تفاعله.


(5)

أهم ما يتميز به النت، سهولة التواصل بين المحطات أو النقاط الممثلة في: الخوادم (Servers)، عناوين (Address)، وغيرها، هذا التواصل أغرى الكثير بالدخول، وتحويل الوجهة عن مكاتب البريد لتحقيق اتصال سريع واقل تكلفة.

إن المراسلة عن طريق الإيميل تمثل الخدمة الأكثر استخداماً على مستوى العالم، وهي بالنسبة للكاتب والمبدع فرصة أكبر لتحقيق تواصله مع الآخر، حتى عن طريق الاتصال الصوتي. ولا ننسى أن خدمة النقل هي الطبقة الأولى في الشبكة. وأيضاً التواصل مع وسائل النشر سواء كانت هذه الوسيلة ورقية أو الكترونية.


النشر هو الخدمة الثانية، الخدمة التي تأتي في المرتبة الثانية، التي توفرها شبكة الإنترنت لمستخدميها، وهي أتاحت للمبدع فرصة لم يكن ليتصورها من إمكان سهولة عرض نصوصه. فمن خلال ثلاث حركات يكون النص أخذ مكانه في الشبكة (نسخ/ لصق/استعراض). خدمات النشر توفرت في أكثر من موقع، وباستـثناء المواقع الشخصية والمدونات، اكتظت المواقع الثقافية بالموضوعات، حد توقف بعضها عن النشر حتى نشر ما تكدس لديه، أما المنتديات الثقافية فأتاحت الفرصة بشكلٍ أكبر، كون المشاركة بها موقوفة رهن مساهمة عضو المنتدى.


شكل آخر للنشر، يتمثل في نشر المجموعات والكتب، وتبنت هذا الأسلوب بعضٌ من المواقع الثقافية والشخصية، إذ يقوم البعض بإعادة نشر مجموعاتهم الشعرية، وغيرهم استعاض بالشبكة عن النشر الورقي.


التـنوع، ميزة تـتيحها الطبقة الظاهرة من الإنترنت، أو طبقة التعامل وهي تظهر في الغنى والتنوع الذي يتوفر في المواقع الثقافية والمنتديات، إذ يجد المتصفح (الكاتب والمبدع) ما يريد من أجناسٍ أدبية في متناوله، ولا يكلفه الأمر أكثر من ضغطة على وصلة العنوان، وحتى في الجنس الأدبي الواحد ثمة مستويات مختلفة ومتـنوعة، ومن أكثر من مكان، أنت في الموقع الواحد تحيط بأكثر من تجربة. والجميل أن بعض المواقع أوجدت مكاناً للوحة التشكيلية مشارك للنص، وأيضاً إفراد مواقع خاصة لعرض هذا الشكل الإبداعي الفني. والأجمل هو عدم اعتراف الشبكة بالحدود الإقليمية وأي من أشكال الحدود، ويثري هذه الخاصية غنى المواقع الكبير حتى في ذات الموضوع/التخصص.


ميزة الشبكة قبولها لأشكال البشر وتوجهاتهم، وهذه الميزة تعكس حيوية وحركية الشبكة، وأن النت حياة، فنحن استطعنا نقل أفكارنا ونقاشاتنا، وحتى تحزباتنا وشليلتنا إلى النت، فتجد الكثير من الأسماء تجتمع لموقع ما ولا تجدها في غيره، أو أن يتعصب مشرف ما لمجموعة من الأسماء التي تخدم قضيته، أو أن ينشأ كاتب ما موقعا لخدمة أفكاره. الشبكة تفرد لك المكان الذي تريد، عندما يضيق الواقع بك/ أو تضيق بالواقع.


ميزة إضافية الصور، وأعني صور الكتاب والأدباء، بما تعنيه من فرصة للتعرف (التواصل) أكثر من خلال الصورة، التي تعني في بعدها الموازي، علاقة وانطباع وحالة من ألفة وتواصل.


(6)

أتاحت التطبيقات الحاسوبية، الحديثة بشكلٍ خاص، إمكانية التعامل بشكل أسهل مع النص، لمرحلة ما بعد التنضيد (الجمع)، خاصة فيما يتعلق بالتصحيح الإملائي والتصفيف، إضافة العناوين، الألوان، بشكل أكثر شطحاً.

العمل على أحد برامج تحرير الصور يمكنك من الحصول على الصورة التي تريدها لنصك، أو مجموعة الصور، وبقليل من العمل على أحد برامج الحركة يمكنك إضافة تأثير حركي للنص، وقليل من الوقت بعد. محرر للصوتيات يمكِّنك من تسجيل صوتك وتحويل تمثيلك الحركي إلى تمثيل وسائطي: نص، صورة، صوت. وهو تحول على صعيد الشكل لا يمس النص، عمل على الظاهر أكثر منه على داخل النص، بمعنى أن النص داخل شبكة الإنترنت تغير شكلاً، بحيث صارت النصوص لا تنحاز للجانب الصفحة اليمنى، هندسة بناء النص المعتادة، إنما إلى وسط الصفحة وجانبها الأيسر في حالات قليلة.

ولقد ظهر هذا التميز في خدمة النص من خلال التطبيقات الحاسوبية، في مجموعة من الأعمال التي تنتشر في أكثر من موقع:

- ففي الشعر، ظهرت بشكل كبير مجموعة من القصائد الشعرية العامية/ النبطية/ الدارجة والإسلامية بشكل خاص، والتي تم إخراجها باستخدام برنامج (ميكروميديا فلاش Macromedia Flash) أو (سويش ماكس Swish Max). النص ظل كما هو أما التطبيقات الحاسوبية فهي تحول العمل إلى سيلٍ رقمي، مكنت من سهولة تحويل هذا العمل في أكثر من شكل، وأيضاً تقديم النص في صورة أخرى، أكثر جاذبية للمتلقي.

- أما القصة والرواية فما كان من مكان لهما، إلا ما قدمه الروائي "محمد سناجلة" من خلال روايتيه: شات، وصقيع، وهما عملٌ وسائطي مميز.

- أما على الصعيد الثقافي، فثمة أكثر من تجربة لإصدار كتب رقمية في شكل قرص مضغوط (Compact Disc)، ومن أول الكتب (القرآن الكريم) ومجموعة كبرى من كتب التراث العربي، يضاف لهذه الأقراص، ما يختص بالموسوعات (كالموسوعة الشعرية، المعاجم، الموسوعات العالمية)، والمجلات (كمجلة المسبار، للشاعر "طلعت سقيرق") وهذه التجارب تستفيد من خاصية الخزن الرقمي.


صورة أخرى نلتقطها للنص، أراها في المنتديات بشكل خاص، وهي النصوص القصيرة، أو العمل على مبدأ: المقطوعات، الومضة، الفقرات. في الشعر وقصيدة النثر بشكلٍ خاص، وفي القصة: القصص البرقية أو القصيرة جداً. وهي أشكال تلبي حاجة المتصفح في:

1- سرعة تكوين النص، وبالتالي تلقيه.

2- سرعة التعاطي معه (ما بعد التـلقي).

3- وكنتيجة، سرعة تصفح تتيح للمتصفح قدرا أكبر من النصوص، وهي هدف وغاية متقصدة.

4- هذه الوضعية، تعني حياة أقصر للنص، تنتهي في الضغط على الوصلة التالية.


هذا الشكل أوجد شبهة استسهال، حولت الكثير من رواد المنتديات الشعرية4 إلى شعراء. وبصفة عامة، نلاحظ أن هذه النصوص5، لم تكتب بشكل خاص للنت أو بأي مرجعية تعي أن النص هو غاية لتجربة رقمية أو لتجربة كتابة شبكية (إنترنتية)، إذ مازال النص يكتب بذات الأسلوب التقليدي، والاستـفادة الوحيدة هي حضور التقنية في عمليتي الجمع والعرض، أو التطبيق (النشر)، أي أن الكاتب أو المبدع يكتب النص بشكل منفصل (على ورق/مباشرة على الحاسوب) ومن بعد يعمد إلى نشره على النت. بالتالي ظلت النصوص حبيسة أشكالها القديمة إلا من بعض الخروج البسيط على مستوى الشكل ،كما أشرنا، ونحن لا نجد تعاملاً مباشرا مع النت في إنتاج نص إلا من خلال الارتجال أو الكتابة المشتركة، وهي تمارس بشكل أكبر من خلال المرسال (Messenger)، والمنتديات (بعضها)، كما أُقترحت ونُفذت بعض اللقاءات الشعرية من خلال البالتوك، وفي هذه الأشكال ظل التعامل مع النص (كَنيّة) بذات الأسلوب القديم.


هذا النمط السريع من التصفح، أوجد نمطه الخاص من النقد، وهو أقرب للتعليق منه للنقد الموضوعي، ونعني النقد المتتبع للنص، وهنا نعني التعليقات المباشرة على النص، لأن النقد كما النص لازال يمارس بطريقة اعتيادية، بمعنى أن تـتم كـتابة النقد أو ممارسته بعيداً عن واقع وجود النص، ومن بعد نشره على النت. لقد عملت النصوص خارج دائرة النت، أو فلسفة الشبكة، والتي يمكن تلخيصها، من وجهة نظري، في ثلاث مستويات:

مستوىً أول: الانفتاح، فالشبكة المفتوحة على اللاحدود، لم تستطع نقل هذا الانفتاح للنص، فظل حبيس إقليميته ونعني هنا الأرض أو الواقع الذي يحياه (حبيس الكاتب).


مستوىً ثان: التشعب، مما يميز الشبكة قدرتها على التشعب، فالوصلة تقودك إلى أخرى وغيرها، سلسلة بعيدة الوصل. إنّا نرى النص حالة ساكنة لا تتـفاعل أو تتأثر حتى على صعيد دلالتها الخاصة، والذهاب فيما تمكنه.


مستوى ثالث: التجاوز، وربما إلى حدٍ ما أصاب النص هذا المستوى في جانب النشر والخروج عن الدائرة المحيط، إنما من ناحية لم يستطع النص القفز خارج حدوده، أي لم يتجاوز حدوده الخاصة، فظل بذات الخصائص لم يغادرها.


وفي ملاحظة عامة، يمكننا بمتابعة بسيطة اكتشاف، أن الغالبية العظمى مما ينشر من إبداع في الشبكة (تصل نسبته إلى 75%)6 هي في الواقع إعادة لما تم نشره في الصحف والمجلات، أو إعادة لما تم نشره ورقياً. ففي المقالة والنقد مثلاً تصل إلى 80%، أما في الشعر والقصة فنسبة كبيرة من المنشور على الشبكة هو نتيجة ضيق المساحات الورقية بالأسماء والنصوص. وفي العموم يمكننا ترتيب الكتابات الإبداعية في الشبكة، نسبة إلى حضورها (تواجدها)7:

1- الـشـعـر.

2- القـصـة.

3- المـقـالة.

4- الـنـقـد.

5- الـروايـة.


الـخَاتمـة


(7)

لا تحاول هذه الورقة تقديم أفكار جديدة بقدر محاولتها مناقشة بعض الأفكار، وعرض بعض ما رأيناه جديراً بالملاحظة، فيما يتعلق بقصور النص عن التواصل بشكلٍ طبيعي مع الشبكة، أو لنقل قصورنا عن الوعي بالشبكة، والرّقمية كحقيقة يمكنها استيعاب الأشكال في شكل الصفر والواحد، والمنطقية المطلقة لها. علينا الإقرار بأنا نقف عند حدود الشبكة، مكتفين بها ناقلا وناشرا عن أهم حقائقها الانفتاح والتشعب، وقياسا لحركات التجديد في الأدب العربي، فالوقت مازال بعيدا للوقوف على تجديد حقيقي فاعل, ومحاولة البعض تقليد التجارب الغربية عاد سلباً على اللغة العربية وجمالياتها. وهنا لا ننكر مجموعة من الأعمال الروائية بشكل خاص، استفادت من تقنية الشبكة، ناحية عكس أحد صور الاستخدام، خاصة الدردشة كما في تجربة "بثينة العيسى" في روايتها (سعار)، أو خاصية توزيع البريد الإلكتروني في تجربة "رجاء الصائغ" في روايتها (بنات الرياض). وأعتقد ان السرد بقدرته احتواء الأشكال وتذويب المعارف في المتن، أقدر على الاستفادة مما أضافته الشبكة في الحياة، أو عكس مقدار فعلها في الواقع. أما الشعر فمازالت صورته أبعد عن تحويل هذا الحاضر إلى صورة أو رمز. العمل مستمر والانتظار حقيقة لها نتائجها في القريب.



الهوامش:


1- سكينة بن عامر (رز يمسح كل مشاعري) صحيفة الجماهيرية.

2- عن حوار للشاعر "قاسم حداد" ضمن برنامج (روافـد) من إعداد وتقديم "أحمد الزين". قناة العربية. الجمعة: 26/01/2007

3- وأعني الجيل الذي عرف النشر الورقي واعتمد عليه بشكل أساسي وكبير، سواء عن طريق: الصحف، المجلات، الكتب.

4- نقصد هنا المنتديات الشعرية التي تكون أحد المنتديات الفرعية، لمنتديات متعددة الاختصاصات.

5- النصوص، النص في العام: شعر، قصة، مقالة،...

6- تم حساب هذه النسبة بالعودة لمجموعة من الصحف التي تصدر في نسخ على الشبكة، ومجموعة كبيرة من المواقع الثقافية.

7- هذا الترتيب تم اعتماداً على مجموعة من المواقع الثقافية.





رامز رمضان النويصري

باحث من ليبيا

الورقة تم تقديمها في المؤتمر العربي الأول للثقافة الرقمية بطرابلس
المصدر / ميدل ايست اون لاين
http://www.middle-east-online.com/culture/?id=46076












التوقيع
وقل ربي زدني علماً
  رد مع اقتباس