السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد
في الحقيقة أنا لا أتفق مطلقا مع هذا الطرح لأنه و إن صح أن الغرب قد سبقنا في تطوير المجال الأرشيفي و بخاصة الأرشيفة الإلكترونية لأنه يمتلك التكنولوجيا، فإن بعض العرب لا يكتفون بالترجمة و التكرار فقط (و إن كان هذا الأمر لا مفر منه حيث كيف يتوصل القارئ المبتدي و المفتقر إلى اللغة الأجنبية، كيف يمكنه أن يطلع على المستحدثات إن لم تنقل إليه من طرف المطلعين و كفى بها ميزة أنهم مطلعون و يشاركون غيرهم المعرفة ولكن طبعا بنسبتها غلى أصلها من باب الأمانة) بل يدلون بآراء و تجارب نادرة و لا تجدها في المراجع الغربية لأن الواقع العربي يختلف بعض الشيئ عن غيره بل من دولة إلى أخرى تجد الفوارق.
و بالمناسبة أحب أن أعرب عن موقف قد يفاجئ الكثير (على الرغم من أن مسماي الوظيفي السابق و الحالي جلي الارتباط بالأرشيف الإلكتروني) ألا و هو في اعتقادي أن الأرشيف الإلكتروني لا يجب أن يحضى بالأولوية و بالإهتمام الزائد عن حده على حساب الأهم و هو الجوانب التظيمية و الفنية الأرشيفية اليدوية أقصد و التي هي تؤسس للأرشفة الإلكترونية. لا يمكن البدء من الأرشفة الإلكترونية و الاستغناء بها!!
كم من مشروع أرشفة إلكترونية فشل؟ كم من مصاريف زائدة بذلت سدى؟ كم من بيانات و وثائق إلكترونية فقدت إلى الأبد؟
إن خاصية الأرشفة هي العناية بالوثائق المتقادمة و كم هي كثيرة و المؤسسات و المستودعات في الدول العربية، من غير تريتب و تنظيم و لا وصف و لا تصنيف و لا، ولا....
فهل من حل سحري لتحويل آلاف الكيلومترات الخطية و الملايين من الملفات إلى النظير الإلكتروني؟
أم لا تهم الجودة في العملية لأن الآلة تقوم بالتنظيم المطلوب؟
أم هل الحل هو التخلص منها جميعا و البدء بالجديد إلكترونيا؟
أم هل نغض الطرف عنها جميعا و ننساها في المستودعات ليأكلها من له شغف بها أكثر من بني البشر؟
إذا لم نهتم بالجوانب التنظيمية اليدوية فلن نهتم بها بعد أن تدخل الوثائق ضمن النظم الإلكترونية و حينها تكون العملية أصعب لأنك حينئذ تتعامل مع كائن افتراضي لا تلمسه ليس كالمواد الورقية.
لا أعتقد أن عاقلا يفرط في تراثه المكتوب و الفريد بهذه السهولة على فرض أن التكنولوجيا ستتولى إنقاذه.
أرجو أن يفهم قصدي و هو توجيه المهتمين إلى الاعتناء بما هو أصل و عدم ازدراء جهود الإخوة العرب المتميزين الذين يشهد له حتى الغربيون بالتفوق في حل المعضلات الأرشيفية بل و يطلب من بعضهم التدريس للمواد الأرشيفية في الجامعات الفرنسية مثلا، و لكنهم لا يشاركون كثيرا في مجالات التكنولوجيا لحسن رسمهم للأولويات.
هذا، و لا أريد تثبيط البعض و الإنقاص من جهود البعض بل الكل مرحبا به لأن التطور يكون أولا مبتدؤ من الطرح و المشاركة
شكرا لكم
|