عرض مشاركة واحدة
قديم Jun-26-2012, 10:49 AM   المشاركة17
المعلومات

عبدالكريم بجاجة
خبير في علم الأرشيف - أبوظبي
الإمارات العربية المتحدة

عبدالكريم بجاجة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 19513
تاريخ التسجيل: Sep 2006
الدولة: الإمارات
المشاركات: 724
بمعدل : 0.11 يومياً


افتراضي مجلة "كوما" أسترالاسيا (1)

Comma Australasia Introduction
مجلة "كوما" أسترالاسيا
تعريب: عبدالكريم بجاجة
المدخل

مجتمعات الذاكرة: دراسات في الجزر لإعادة النظر في هويتهم الأرشيفية.
الجنة، والعزلة، والأصل، والاستعمار، والبعد، والشفوية، والدول الصغيرة، والواقعية، والسذاجة - هذه ليست سوى الكلمات والعبارات التي تخطر في الذهن عندما ننظر في أراضي وشعوب استرالاسيا و أوقيانوسيا. شكلت المفاهيم الغامضة الواردة في هذه الكلمات الهويات الأرشيفية. وفي الآونة الأخيرة، بدأ بدوره الاهتمام الخاص بعلم الأرشيف الذي تطور في المنطقة في تشكيل الخطاب العام لحفظ الوثائق. يرجع هذا الوضع دون شك إلى اعتراف متزايد أن المفاهيم الضيقة والتقليدية الخاصة بالمركزية الأوروبية في مجل الأرشيف توفر بنية مرجعية غير متطابقَة مع الحقائق المعقدة في القرن الحادي والعشرين. يريد هذا العدد الخاص لمجلة "كوما" أن يعطي فكرة فورية عن هذه الهويات الأرشيفية التي أعيد تصميمها، نحو لأفضل أو الأسوأ، لكي تبرز أكثر في هذه المهنة التي كانت حتى الآن تخضع مباشرة إلى الاتجاه والمنظور الأوروبي.
كانت المواد المكتوبة نادرة والأرشيف غير معروف قبل الاستعمار الأوروبي. ظهرت البيروقراطية الأوروبية مع سلطة الاستعمار والاعتماد على الوثائق المكتوبة التي تعزز القوة الاستعمارية. واصلت الدول بعد إزالة الاستعمار ممارسات حفظ الوثائق التي تم تأسيسها خلال عهد الاستعمار، هذا بصفتها بلدان تتطور من الوضع الاستعماري إلى الدول الوطنية المستقلة - وهذه العملية لم تكتمل بعد في المنطقة. وقد أنشأت هذه الاستمرارية طبيعياً في بعض البلدان أكثر من البلدان الأخرى. كل البلدان التي كانت تشمل عدداً من المستعمرين الأوروبيين يفوق عدد السكان الأهالي (بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا) استمرت بدأب نظام حفظ الأرشيف، حتى لو كانت بطيئة بشكل ملحوظ لإنشاء مؤسسات أرشيفية معترف بها، ولا تزال أبطأ في تطوير التشريع الأرشيفي. وقد حصلت معظم الجزر الصغيرة، أين كان عدد السكان الأصليين يشكل الأغلبية، استقلالها في الستينيات. ورثت بعضها على برامج الأرشفة التي وضعتها الحكومات السابقة، بينما أنشأت أخرى مؤسسات الأرشيف الوطني في سياق عملية القضاء على الاستعمار. اعتبرت الوثائق والأرشيف بغموض في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال بالتشكيك وحتى بعداوة قصوى، هذا في معظم دول جزر المحيط الهادئ، أين تُعدُّ التقاليد والعادات الشفوية من ماض طويل أكثر بكثير من الكلمة المكتوبة.
تُعدُّ مهنة الأرشيف والوثائق مجال تجاري، حتى في أوروبا، يُفرض عليه خوض المعركة لنيل الفهم، والوضوح، والاعتراف، والوعي على نطاق أوسع. إن وضع مهنة الأرشيف والعدد القليل من الأرشيفيين، إضافة لوجود شكوك ثقافية نحو الوثائق المكتوبة يجعل اتخاذ القرار لممارسة مهنة الأرشيف على الأقل قراراً شجاعاً، إن لم يكن أحمق تماما، في أستراليا وأوقيانوسيا، حيث عدد السكان ضعيف ومتناثر على نطاق واسع. إذا أضفنا تدني الأجور، ونقص في تمويل أقسام الأرشيف، وصعوبات في الحصول على التدريب والتطوير المهنيين، خصوصا في الدول الصغيرة والفقيرة في المحيط الهادئ، سوف تحصل على وضع غير عادي أين يُعدُّ بقاء المهنة الأرشيفية بطولي، إن لم يكن معجزة.
من المحن ينشأ الاستجواب، والابتكار والتجربة عندما تكون الكتب المهنية غير معروفة، أو غير قابلة للتطبيق. ويبدو الآن واضحا في هذا الجزء من العالم أنّ الحصول على الصلة فيما يتعلق بحفظ الأرشيف والوثائق، لا يمكنه أن يتم في شكل عملية إدخال تطعيم في الجسم السياسي لضيف غير مضياف. لقد تحول الأرشيف في أستراليا وأوقيانوسيا وتكيف على نحو قد يبدو لا يمكن تصوره، إن لم تكن هرطقة بالنسبة للأرشيفيين التقليديين المتأثرين بالدليل الهولندي وكتابات السير هيلاري جينكينسون. كما قال فيرن هاريس وادريان كننغهام في عام 2003 في مقدمة مجلة كوما الخاصة بـموضوع "الأرشيف والشعوب الأهلية": "أصبح الأرشيف مساحة حدية حيث يتم اختبار المعتقدات المهنية الأوروبية، وفي بعض الحالات انعكاسها تماما". بل هو الفضاء حيث "السماح للأصوات الشفهية ... قادراً على تمكين الشعوب الأهلية من مقاومة الهيمنة الثقافية للغرب".
وكانت علامة مبكرة عن هذه الإرادة لإعادة النظر في الاعتقادات الواردة تطوير "نظام السلسلة" الذي وضعه بيتر سكوت وزملاؤه في مكتب أرشيف الكومنولث (الآن الأرشيف الوطني الأسترالي) خلال الستينيات. كان يعني هذا الرفض لنهج صارم وكلاسيكي للوصف الأرشيفي حسب الرصيد؛ اقتراح طريقة جديدة لوصف الأرشيف حيث واقع معقد من مصادر متعددة. أخيرا، ما كان يمكن أن يُصفق عليه لكونه ابتكار ذو المعنى المشتركة لحل مشكلة حقيقية للغاية إلى غاية الآن، بقي غير مفهوم، وحتى أقل تقدير خارج حدود أسترالاسيا ما يقرب من خمسين عاماً (1).
في الآونة الأخيرة، وبعد مراجعة الدراسة الرائدة للاستراليين بيتر سكوت وإيان ماكلين، رفض كل من سو ماك كيميش وفرانك ابوارد، من جامعة موناش، المنهج التقليدي لـ"دورة الحياة" التي تفصل بين عمل مسيري الوثائق والأرشيفيين، بدلا من تطوير مبدأ "تواصل الوثائق"(2). وأثارت فكرة "تواصل الوثائق" بدورها الابتكارات الاسترالية في مجال حفاظ الوثائق الرقمية ووضع المعايير - والتي قد يكون لها تأثير عام في كثير من الحالات.
يُعدُّ أغلب سكان استراليا، وغوام، وهاواي، ونيوزيلندا، من الأهالي على الرغم من أن مجتمعات هذه البلدان يُسلط عليها الطابع الاستعماري. تُمثل حماية حقوق الإنسان للسكان الأصليين، واستيعاب أفضل لوجهة نظرهم، ووعيهم الثقافي، جانباً كبيراً من الحيوية الاجتماعية والسياسية لهذه البلدان وهذه الدول في العقود الأخيرة. لعب عالم الأرشيف والوثائق دوراً ناشطاً في هذا الاعتراف بقيمة وجهات نظر السكان الأصليين، وهذا يُحسب له. كانت المصادر الأرشيفية لنيوزيلندا مرجعاً أساسياً في المسار القانوني لاسترجاع قبائل الماوري لبلادها ومواردها. ساعد الأرشيفيون الاستراليون، في بداية التسعينيات، وساندوا رسمياً إعداد "ميثاق السكان الأصليين وسكان الجزر لمضيق توريس للمكتبات والأرشيف وخدمات المعلومات"؛ وهي المبادرة التي قدمت منذ ذلك الوقت نموذج البروتوكولات من هذا النوع في كندا والولايات المتحدة الأمريكية. أنشأت جمعية الأرشيفيين الاستراليين، بعد فترة وجيزة، فريق متخصصة في قضايا الشعوب الأصلية. وأضيف الآن في المفاهيم التقليدية الأوروبية للملكية أو التأليف مفاهيم ملائمة للمصادر الموازية، حيث يعطي موضوع الأرشيف بعض الحق في الحكم على هذه الوثائق. في حين لا يزال هناك الكثير لتفعله، يجب الانصاف أن نقول أن أستراليا ونيوزيلندا، والمؤسسات الأرشيفية المعترف بها، تعتبر الآن الأصدقاء والحلفاء وليس كأعداء من جانب أغلب السكان الأصليين. كما تُعدُّ مؤسسات تساعد في التصويب، وإعادة الاتصال، والالتقاء لتلبية المطالبات، بدلا من مرتكبي سرقة الثقافية، والنهب، والخضوع (3).
وفي الآونة الأخيرة، تعاون بنجاح أرشيفيي منطقة المحيط الهادئ، إلى درجة مذهلة، من خلال تطوير "مجموعة أدوات حفظ الأرشيف من أجل الحكم الرشيد" الصادر عن فرع PARBICA للمجلس الدولي للأرشيف (4). ترجمت إلى لغات عدة للمحيط الهادئ وقد تمت الموافقة عليها من قبل مجموعة المنظمات الإقليمية المؤثرة. صممت مجموعة أدوات الحفظ إلى التكيف مع انخفاض الموارد الحقيقية لجزر المحيط الهادئ، وقد طورت بشكل ملحوظ قضية حفظ الأرشيف في بلدان الجزر. وقد أثبتت هذه المبادرة أيضا أن مسألة الحاجة إلى ضمان حفظ جيد للأرشيف بميزانية متواضعة بحساسة ثقافية، ليست محصورة على بلدان أوقيانوسيا. لقد ترجمت إلى اللغة الفرنسية، وأثبتت شعبيتها في أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي. ويعطي المقال حول هذا الموضوع المؤلف من طرف دانييل ويكمان- أحد مهندسي مجموعة الأدوات- لمحة عامة عن المحركات ونشأة هذا المنتج إلى ذو الإتجاه العالمي.
ويعيدنا هذا إلى المحتويات الموضوعية لمجلة كوما هذه. وهو يحتوي على خليط من الكتابات الهامة المنشورة سابقا حول أرشيف المنطقة، وسلسلة جديدة من المقالات. تركز المجلة على مواضيع مثل: العلاقة بين الحفظ الجيدة للأرشيف والحكم الرشيد، والتشريعات الأرشيفية، والتدريب في مجال الأرشيف، واستخدام الأرشيف للتكفل بالذاكرة والهوية والمسؤولية، وتنمية الوثائق الرقمية، والفرز الآلي وعملية التصنيف، وأهمية أرشيف المجتمعات. نشكر هيئة تحرير مجلة كوما لإتاحتنا الفرصة لنتقاسم مع زملائنا التقارير حول بعض الابتكارات المثيرة، المجهودات الشاقة التي أبدلها خبراء الأرشيف في هذا الجزء من العالم البعيد والموزع جغرافياً. يفتح نشر هذا المجلد – في القت المتوازي مع انعقاد المؤتمر الدولي الأول للأرشيف في هذه المنطقة (بريسبان، أغسطس 2012)- نافذة في الوقت المناسب على مجتمعنا المهنية للذاكرة، و هي معزولة، وتعاني نقصا في التمويل، ولكنها ودية للغاية وعملية، حيوية، وبقدرات عالية.


Adrian Cunningham, Director Digital Archives Program, Queensland State Archives, Australia, Comma Editorial Board member.

Evelyn Wareham, Director, Information Management, Statistics New Zealand.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) أدريان كننغهام (محرر)؛ " ترتيب الأرشيف ووصفه وسط تغير الإدارية والتكنولوجية: دراسات وأفكار حول بيتر سكوت، جمعية الأرشيفيين الاستراليين، بريسبان، 2010.

(2) سو ماك كميش وبيجوت مايكل (EDS): تواصل الأرشيف: إيان ماكلين والأرشيف الوطني الأسترالي الخمسين عام الأولى"، مطابع أنكورا بالتعاون مع الأرشيف الوطني الأسترالي، كلايتون فيكتوريا، 1994.

(3) يجب الرجوع إلى ديفيد هانلون لنرى كيف يمكن أن يكون الأرشيف أجنبي وغير مضياف للشعوب الأصلية في المنطقة: "البرد التاريخ: التجربة، والعاطفة، وتغيير السياسة للبحوث الأرشيفية في منطقة المحيط الهادئ"، مجلة الوثائق والمخطوطات، 27 (1)، مايو 1999، ص 8-21.


(4) http://www.parbica.org/Toolkit%20pag...tIntropage.htm












التوقيع
عبدالكريم بجاجة
خبير في علم الأرشيف
أبوظبي- الإمارات العربية المتحدة
  رد مع اقتباس