السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باعتبار ان مجتمع المعلومات هو المجتمع الذى تكون فيه الاتصالات كونية فالمعلومات تنتج على مدى وتوزع وتصبح المعلومات هي القوة المحركة للاقتصاد وخالقة للثروة
ويتضح للمتتبع لمسيرة التطور المجتمعي ذلك الاتساق المنطقي للتحولات المجتمعية التي كانت بداياتها بالزراعية وتليها الحقبة الصناعية التى مهدت للحقبة الثالثة ما بعد التصنيع، إذ أنها اتسمت بتسارع نمو المعلومات وازدهارها وظهور اقتصاد المعرفة الذي أدى إلى إعادة تشكيل التاريخ الإنساني من جديد وجعل من المعلومات والتقنيات الاتصالية جزءاً لا يتجزأ من معظم الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولعل الجدير بالملاحظة في هذا الصدد اختلاف طبيعـة التراكيب المجتمعية لكل حقبة منها من ناحية الأنساق المجتمعية والعلاقات والروابط الاجتماعية وكذلك القيم والمعايير الأخلاقية والفكرية وإضافة الى ناحيـة التراكيب الإنتاجية الخالقة للقوة المجتمعية.
فقد أشـار إليها العالـم الاجتماعي (ألفن توفلـر Alvin Toffler)، حين أصدر كتابه صدمة المستقبل في السبعينيات The Shock of the Future وكتابه الموجه الثالثة في الثمانينيات The Third Wave ، وحين إصداره لكتاب تحـول القـوة في التسعينيات The Power Shift الذي يعنى تحـول القـوة إلى معلومات وهي تلاحـم الحواسيب مـع الاتصالات بعيـدة المـدى وكيفية توظيفها في الانشطة المجتمعية المختلفة وتحولها نحو المعرفة والذكـاء الانساني وزيادة في معادلات القوة والسيطـرة52، التي تؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة هائلة في الإنتاجية، القائمة على أنظمة محوسبة ومبرمجة ومعدة من قبل قدرات فكرية إبداعية.
ولهذا فقد اتسمت هذه الحقبة الأخيرة بسيادة قطاع الخدمات على باقي القطاعات المجتمعية السابقة الزراعية والصناعية، ومن ثم بزوغ قطاع رابع يتجاوز ذاك القطاع الأخير فهو ليس ربحياًّ ولا يهتم بالإنتاج المادي بل يتمحور حول الأنشطة العلمية الفكرية الترفيهية53والإبداعية في قوالب وأطر جديدة تتمشى، وفقاً للحقبة الجديدة المتخلقة أو المتكونة حيث تختفي الصورة التقليدية القديمة للسوق وتبرز صورة حديثة للأسواق "سوق القرية المعلوماتي" " Information Marketplace The " حيث تنتشر أسواق القرية هذه في مجتمع المعلومات التي تُعد فيها المعلومات هي السلعة وحيث البشر والحواسيب هما العنصران الرئيسيان للسوق
إذ إنه بفضل تطورات المعلوماتية المختلفة صار بمقدور الدول رفع معدلات اقتصادياتها تبعاً لكمية المعلومات التى تمتصها في كياناتها المؤسسية التعليميـة والصناعية والزراعية أي مختلف القطاعـات الاقتصادية، وهذه المقدرة بطبيعة الحال يتوقف عليها تقدم الدول أو تأخرها بمعنى آخر هذه القدرة من خلالها تسد الفجوة بين الدول الأكثر تقدماً والأقل تقدماً أو تزيد في اتساعها، وتبعاً لذلك أضحت صناعة المعلومات صناعة قائمة بذاتها في الدول المتقدمة فقطاع المعلومات في الولايات المتحدة كان يوظف عام 1900 نسبة 10 % فقط من مجموع القوى العاملة وأصبح يوظف عام 1960 نسبة 27% بينما عام 1970 بنسبة 48% ووصلت هذه النسبة عام 1980 الى 51% كما أتضح أن هذه الصناعة تسهم في إنتاج ما يعادل 40% من الإنتاج الوطني في الولايات المتحدة، وعلى المستوى العالمي بلغت قيمة إنتاج صناعة المعلومات لسنة 1982 بأكثر من 75 بليون دولار أي انها تتزايد سنويا بمعدل 12%، ولعل بهذا المعدل ستكون صناعة المعلومات مستقبلاً مصدراً رئيسياً لنمو الاقتصاد العالمي
وأن الاهتمام بقطاع الصناعة وتطويره يعتبر امتداداً طبيعيا لنمو قطاع المعلومات بالدولة الذي يُعد القاطرة الرئيسة للنهضة التنموية والجسر الأول الذي تعبر أي دولـة من خلاله تجاه مستقبل آمـن، إذ إن أنشطة المعلوماتية ستسبق الإنتاج الصناعي وستصبح عنصراً أساسيا في الاقتصاد، فقد تبين من أحدى الدراسات أن القوى العاملة تصل في مهن المعلومات لأكثر من 50% بينما يصل عدد العاملين في القطاع الصناعي إلى حوالي 20% في حين تصل النسبة في قطاع الخدمات أقل من 30% وتتناقص النسبة في مجال الزراعة تدريجيا في معظم الدول والأكثر تقدماً على وجه الخصوص
|