منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير الاجتماعية » استراحة المكتبيين والمعلوماتيين » رحلات مع الكتاب

استراحة المكتبيين والمعلوماتيين فضاء رحب من المتعة والفائدة معاً ضمن ضوابط المنتدى.

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Jan-18-2010, 05:06 PM   المشاركة1
المعلومات

عاشقة البحث
مكتبي فعّال

عاشقة البحث غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 72230
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 164
بمعدل : 0.03 يومياً


افتراضي رحلات مع الكتاب

رحلات مع الكتاب
موضوعات منقولة من الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة .

عبده مرتضى الحسيني.. صاحب أكبر مكتبة شخصية في العالم : نقلت إلى المشفى حين بعت مجموعات نادرة من كتبي





شؤون ثقا فية
الجمعة 20/1/2006م
هاني الخير
السيد عبده مرتضى الحسيني,حالة فريدة لا مثيل لها في عالم جمع الكتب,

فهو صاحب اكبر مكتبة شخصية في العالم, بشهادة العديد من الوراقين والمهتمين والباحثين العرب والاجانب, ولا غرابة في ذلك لأن مكتبته تضم ما يزيد على نصف مليون كتاب ومجلة ودورية, وبمختلف اللغات القديمة والجديدة, السائدة منها والبائدة.‏

ويبدو ان عشقه الخالد للكتب, لم يرق لزوجته الاولى , فتذمرت بل استنكرت علانية اعدادها الهائلة, ضاربة عرض الحائط بمشاعر زوجها, حيث اعتبرت مكتبته بمثابة اذى الضرة, فوضعت زوجها المسكين امام الخيار الصعب, اما ان ينظف البيت من الكتب, او ترحل الى بيت اهلها بعد ان يدفع لها المقدم والمؤخر, فكان الطلاق الابدي بالرغم من وساطات اهل الخير لاصلاح ذات البين بينهما .‏
تتألف مكتبة السيد عبده من ثلاثين مكتبة كاملة, في مختلف انواع المعرفة والعلوم الانسانية: تراث- ادب-شعر- فلسفة-اسلاميات-لاهوت-سينما-فن-موسيقا-سياسة. بالاضافة الى مطبوعات مجامع اللغة العربية في دمشق وبغداد والقاهرة. فضلاً عن اكوام من الصحف العربية اليومية كادت تلامس سقوف الغرف. وفي المكتبة كذلك خمس نسخ خطية من القرآن الكريم يعود تاريخ نسخها الى اكثر من خمسمائة سنة. وثمة قسم خاص بالوثائق التاريخية, والرسائل الشخصية, وبصورة عامة فهو لا يهتم كثيراً بالمخطوطات لغلاء ثمنها.‏

منذ مدة غير بعيدة, زارنا السيد عبده مرتضى الحسيني في مبنى صحيفة (الثورة) مصطحبا معه نسخة نادرة من كتاب رباعيات عمر الخيام, قام بترجمتها الى العربية وبالشعر المحكي الاديب ارثر ضو, وقدمها اليّ كهدية رمزية, وقد صدر هذا الكتاب ضمن منشورات مجلة (شعر) المحتجبة ويجد القارىء الكريم صورة عن هذا الاهداء اللطيف.‏
وحين استفسرت منه عن بدايات قصته الطريفة مع الكتاب اجاب:‏

-منذ كنت في السابعة من عمري, بدأت بجمع قصص الاطفال والمجلات والكتب, بصورة عشوائية اتذكر انني عثرت في الشارع على كتاب ممزق الغلاف, تفوح من صفحاته المزينة بالرسوم رائحة الزيت, اخذت الكتاب الى المنزل, ووضعته على سريري وانا اتأمله بزهو واعجاب, فما كان من والدتي الا ان انبتني بعنف لأنني لوثت ملاءة السرير الناصعة البياض, لكن هذا التوبيخ لم يأت بنتيجة, فأخفيت الكتاب بين كتبي المدرسية, وهكذا شيئا فشيئا استهوتني عادة قراءة الكتب وجمعها.‏
ويضيف السيد عبده:‏
-ولدت عام 1918م في بعلبك وتوفي والدي وانا مازلت في الاشهر الاولى من عمري, فذقت من الحرمان ومرارة اليتم الشيء الكثير, فاضطرت والدتي ان تتحمل اعباء العائلة بشجاعة نادرة..‏
وفي عام 1930م بدأت رحلتي الحرة الواعية في رحاب الفكر والثقافة ,اذ وجدت ان المعرفة وخلاصة تجارب البشرية عبر عصور التاريخ, تتضمنها الكتب, لذلك فأنا اشعر بالحزن لأنني لم استطع ان اقرأ الكثير من الكتب التي تقع تحت يدي, ولديّ احاسيس تقول بأن الحياة قصيرة.. بل ان الحياة بالنسبة للانسان ماهي الاّ دقائق وثوان... وسرعان ما يسدل الستار.‏
وكما ذكرت سابقا. .منذ طفولتي وانا اعشق اقتناء الكتب, كنت اجمع بذور المشمش, ,المسامير , واسلاك النحاس, والمقذوفات النارية الفارغة, من الشوارع والساحات والبساتين, ثم اعرضهم للبيع, وبثمن هذه الاشياء, كنت اشتري الكتب والمجلات . بعد ذلك كنت انفق معظم راتبي الشهري,الذي اتقاضاه من وظيفتي كمعلم, على شراء الكتب.واخيراً بعت الاراضي النادرة, انذاك اتهمني الكثير من ابناء بلدتي بالطيش والحماقة.‏
كما انني اقوم بعملية الاهداءات والمبادلة, مع جامعات ومكتبات وطنية ,عربية واوروبية, في اكثر من خمسين دولة, ويتم ذلك بأن ارسل اليهم اصدارات عربية جديدة, وهم بدورهم يسارعون بارسال ثمرات مطابعهم, الى عنواني البريدي في بعلبك.‏
ان مكتبتي موزعة على سبع غرف, ونظرا لضيق المكان ,وضيق ذات اليد, لأن حرفة الادب قد أدركتني, اضطر ان احشر الكتب هنا وهناك دون تنظيم او فهرسة.‏
وينهي كلامه قائلا:‏
انا اشتري الكتب بالجملة وطالما اشتريت مكتبات ضخمة بأكملها, عائدة لشخصيات مرموقة وشهيرة. اشتريت هذه المكتبات الرائعة عن طريق ورثتهم, الذين طمعوا بالحصول على المال, دون الاكتراث بالجهود المضنية التي بذلها اصحابها حتى اسسوا مكتباتهم. وبصراحة انا لا أثق بأولادي, بعد رحيلي, اخشى ان يكون مصير مكتبتي مثل مصير المكتبات التي اشتريتها ايام زمان.‏
وللأسف فقد بعت كميات كبيرة من كتبي النادرة لاحدى الجهات الثقافية, وحين شاهدت صناديق الكتب وهي في ايدي الحمالين الذين كانوا ينقلونها الى الشاحنة, سقطت على الارض من هول الكارثة التي لحقت بي ونقلت الى المشفى, وانا بين الحياة والموت, وقد فعلت ذلك من جراء ازمة مالية خانقة داهمتني, كما ان خشيتي على مكتبتي من التدمير او التلف, دفعتني الى بيع هذا الجزء الهام, لكن مما خفف المصيبة ان الجهة التي اقتنتها ستضعها بين ايدي الباحثين والادباء, وطلاب الدراسات العليا, من اجل تعميم الفائدة.‏
اخيرا اتمنى ان تتحول مكتبتي الشخصية الى مكتبة عامة, توضع تحت تصرف الادباء والمؤرخين الذين يتواجدون او يزورون بعلبك, وان اظل مشرفا عليها حتى يسقط القلم من يدي.‏
بقي ان نذكر بأن الزوجة الثانية التي ارتبط بها السيد عبده كانت من محبي جمع الكتب, فعاملتها بحنان واعجاب ومباهاة.‏


**************************************************
رحلتي مع الكتاب
«محمد قجه»: مكتبتي تحتل أربع غرف في المنزل





دمشق: فيصل خرتش
تعود رحلتي مع الكتاب الى مرحلة مبكرة نسبيا. فقد كنت في الصف الثالث الابتدائي حينما شرعت اقرأ سيرة «الملك الظاهر» وهذا الكتاب مخطوط مكتوب بخط كبير كان من مقتنيات مكتبة اسرتنا بأجزائه الستة والثلاثين. والمقصود هنا سيرة الملك الظاهر بيبرس السلطان المملوكي.
ولعل صلتي بهذه السيرة تعود الى ما قبل الشروع بقراءتها، فقد كان أحد مقاهي حارتنا تتم فيه قراءة السيرة في ليالي الشتاء، ويتجمع رواد المقهى للاستماع والاهتمام. وتعرفت الى شخصيات السيرة وانا طفل لا اعرف القراءة والكتابة.. لذلك كان طبيعيا ان تكون هذه السيرة اول ما لمسته يداي للقراءة بعد تمكني من القراءة في سن مبكرة.
وأعقب ذلك قراءتي لسيرة «عنترة بن شداد» وكانت اصعب وبالفصحى، بينما كانت سيرة الملك الظاهر بالدارجة الحلبية. وقد افادتني سيرة عنترة بالتعرف على قراءة الشعر وحفظه مبكرا.
ومن اوائل الكتب المترجمة التي قرأتها «الفرسان الثلاثة» من تأليف الكسندر دوماس. وغني عن القول ان القرآن الكريم كان مرحلة انتهيت منها قبل المدرسة الابتدائية، تعلمت تلاوة القرآن مجودا على اصوله، وحفظت اكثر من نصف سوره قبل المرحلة الابتدائية. وكان والدي رحمه الله، يجري معي المسابقات في حفظ الشعر ومعرفة اسماء الشعراء. وقبل ان انهي المرحلة الابتدائية كنت قد تعرفت الى كتابات نجيب محفوظ والسحار والحكيم والزيات وبنت الشاطئ، واقتنيت سلسلة الكتاب الذهبي والكتاب الفضي.
تطورت القراءة واصبحت مطالعة منهجية خلال المرحلة الاعدادية والثانوية. وكانت دار الكتب الوطنية الملاذ الاول الذي وسع علاقتي بالكتاب على نطاق افقي وعمودي. فلقد شرعت اقرأ الدراسات الادبية واللغوية والتاريخية، واقتني بعض ما يهمني منها. وهكذا بدأت باقتناء المعاجم وكتاب الاغاني وتاريخ الطبري ويتيمة الدهر وديوان المتنبي.. الى جانب النهم الكبير في اقتناء الروايات والمسرحيات العربية والمترجمة، وقد غدا وجود اسماء عالمية في مكتبتي امرا مألوفا: همنغواي، تولستوي، طاغور، غوته، هيغو، كافكا، غوركي، شتاينبك، ايلوار، الى جانب الشعر الحديث: ابو ريشة، نزار، درويش، القاسم، البياتي، نازك، السياب، مالك ديب.
وفي المرحلة الجامعية كانت مكتبتي المنزلية قد نمت وفق اسس مبرمجة لتكون مكتبة شاملة.. واستمر ذلك خلال الحياة العملية، حيث اتاحت لي طبيعة عملي ودراساتي ان اكون مضطرا لاقتناء الكتب والدوريات بشكل دائم.
واليوم تحتل مكتبتي اربع غرف في المنزل حتى السقف، وهي تضم اكثر من عشرة آلاف عنوان، الى جانب الدوريات المتخصصة. ولعل الكتب التاريخية والدراسات التاريخية تحتل الجزء الاكبر من هذه المكتبة، تليها الدراسات الادبية والنقدية، فالروايات والمسرح. وهناك قسم كبير للدراسات الفلسفية والفكرية والسياسية والدراسات الدينية والكتب العلمية العامة.
وتركز مطالعتي اليوم على موضوعات مختارة تخدم توجه الكتابات التي اقوم بها ونجاحه في مجال الدراسات والبحوث التاريخية والشخصيات الاعلام في التراث العالمي.
وقد اتاح لي ذلك التركيز على محورين في كتاباتي: محور الاندلس، ومحور مدينة حلب الذي تفرغت له في السنوات الاخيرة، وقد قادني هذا المحور الى دراسة موقع بيت المتنبي وتحديد اين يقوم والتطورات التي طرأت عليه حتى غدا موقعه اليوم تقوم فيه مدرسة الاوقاف الاسلامية ودخل جزء منه في خان خاير بك وجزء في مستودع مجاور. وقد خضع الموضوع لندوتين في جامعة حلب وجمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب.
ما زلت ـ بعون الله ـ اطالع واكتب بحدود ثماني ساعات يوميا. وما زلت انقب في المكتبات، بل حتى على الارصفة بحثا عن كتاب.. وافادني هذا التنقيب في اقتناء عدد من المخطوطات النادرة.


* رئيس جمعية العاديات بحلب، باحث سوري
***********************************************
رحلتي مع الكتاب
الكتاب ظل وارفا وسيبقى


إدريس علوش *
في طفولتي كنت أشعر بالزهو والفخر والانتشاء وأنا اتأبط كتابا لاقرأه.
لازلت أذكر أني قرأت رواية «الغريب» لالبير كامي، مشيا على الاقدام في شاطئ البحر، ولم أتوقف إلا بعد أن التهمت صفحات الرواية بكاملها.
لقد فعلت ذلك لمرات، كنت أجد ملاذا في اكتشاف هذه المتعة اللذيذة التي تحيل كراسات الدروس الروتينية على النوم هادئة في جيوب محفظتي المدرسية، والانفتاح على عالم القراءة اللامتناهي، الذي يفسح لك المجال لمعانقة تعدد التجارب والآفاق والخيال.
مصطفى لطفي المنفلوطي، كان أول من فتح لي أفق التعاطي مع الكتاب، رواية «على سبيل التاج» أو «الشاعر» لست أدري..؟ لكن من هنا كانت البداية، بداية الرحلة نحو سبر أغوار مجهول يسمى «الكتاب»..! جبران خليل جبران برومانسيته العالية وقدرته الفائقة على الاستماع لآلام الانسان وأسلوبه الذي يخفق له القلب وتهتز له المشاعر، شدني بشكل خاص وجعلني ألتهم كل كتبه خاصة «الأرواح المتمردة» و«دمعة وابتسامة»، «الأجنحة المتكسرة» و«النبي» ومنها ما قرأته أكثر من مرة.
لكن سعادتي بالقراءة ستكتمل حين سأكتشف الأدب المغربي الحديث، ادريس الخوري، محمد زفزاف، ومحمد شكري... يالها من دهشة ومتعة في آن..! في المغرب كتاب وهم على قيد الحياة وابداعهم مليء بالحياة أيضا ومستمد من تمظهرات الواقع المغربي المعاش. أنا الذي اعتقدت لسنوات أن الكتب كتبها أناس في عصور غابرة وماتوا منذ آلاف السنين، ها قد أصبحت أدرك بفعل الأدب المغربي الحديث، أن هناك كتابا على قيد الحياة والكتابة.
الراحل محمد زفزاف كان يسكن بحي المعارف بالبيضاء.
الرائع ادريس الخوري لا يزال يقطن في حي حسان بالرباط.
أما الكاتب الكوني محمد شكري فكان يكفي أن أقطع مسافة 45 كلم من أصيلة الى طنجة لأجده في مكانه المعتاد بمطعم فندق «ريتز»، حيث نواصل سمرنا الى أن يأذن بالعودة الى بيته بساحة «الروكسي»، «زنقة البحتري». هناك أيضا الكاتب المنفرد والمتفرد في ابداعه ومتخيله ونصوصه الرائعة والاستثنائية وهو الوديع دوما أحمد بوزفور كاتب القصة النادر في زمننا، والذي حبب الى نفسي وروحي جنس القصة القصيرة.
ومن الكتب التي ساهمت في تشكيل وعيي النقدي، أقصد تلك الكتب الحمراء التي لم تكتف بشرح العالم لكن عملت على تغييره وانجاز دور للعمال والفلاحين والمستضعفين في الأرض وهي كتب ماركس ولينين وانجلز وماوتسيي تونغ وغيفارا.. وصولا إلى أدبيات المجددين في الفكر الماركسي الى آخر صيحة رددها لويس ألتوسير قبل انتحاره الواقعي وليس التطبيقي! لكن المفكر المغربي عبد الله العروي علمني عبر أدبياته التعاطي مع المفاهيم بجدية وموضوعية خصوصا في كتبه «مفهوم الحرية» و«الآيديولوجية» و«الدولة».. أيضا تعلمت من المفكر اللبناني مهدي عامل أهمية توليد المفاهيم من داخل أزمة الفكر والممارسة العربيين.
كان يوازي هذه القراءات المتعددة ذاك الشغف بالشعر الحديث: السياب، نازك الملائكة، يوسف الخال، أدونيس، أنسي الحاج، سميح القاسم ، عز الدين المناصرة، محمود درويش، أمل دنقل، محمد الماغوط، توفيق زياد، ومن المغرب عبد اللطيف اللعبي وعبد الله زريقة.
الرواية هي الأخرى كانت ملاذي، رواية «الأم» لماكسيم جوركي تركت أثارا رومانسية وثورية في آن بداخلي، حتى أني تمنيت لو أن كل الروايات كتبت على هذا المنوال. كثيرة هي الروايات التي قرأتها أذكر فقط آخرها «آخر الملائكة» لفاضل العزاوي، «الآخرون» لحسونة المصباحي، «ورقة في الرياح القارسة» لكاتبة صينية و«عابر سرير» لأحلام مستغانمي. * ادريس علوش شاعر من المغرب صدر له ديوانان شعريان هما: «الطفل البحري» 1990 و«دفتر الموتى» 1998، وأصدر مجلة «مرافىء» الشعرية المغربية.

*********************************
رحلتي مع الكتاب
سعدية مفرح* : من المتنبي انطلقت إلى الآخرين



من بين ركام الكتب الكثيرة التي تحتل المساحة الأكبر في مكتبي الآن، تنفتح كوة صغيرة على ماض بعيد يبدأ بالشعر ولعله ينتهي إليه بدلا من أن ينتهي به. هل كان كتابي الأول كتابا شعريا؟ لا أتذكر على وجه الدقة، ولكنني أتوقعه كذلك، بعد أن أختزل من رحلتي مع الكتاب تلك البدايات الصغيرة التي يقترحها عادة المدرسون والمدرسات عونا لتلاميذهم على تحسين قدراتهم القرائية، وتجميع ما يستطيعون تجميعه من مفردات وأساليب تساعدهم في حصص التعبير الإنشائي. تبدأ وظيفة القراءة هكذا، وينتهي القراء بها بعد ذلك نهاياتهم الخاصة، وكانت نهايتي الخاصة التي اخترتها باكرا تحتفي بالشعر مادة للقراءة، وتحتفي بالقراءة وسيلة لبلوغ سدة الشعر تلقيا في البداية البعيدة قبل أن يصير التلقي بدوره محرضا على الإنتاج. لماذا الشعر؟ ربما لأنه كان حلا بسيطا وجميلا وغير مكلف لكثير من التعقيدات التي وجدتني أخوض خضمها منذ وقت مبكر دون أن أعي أسبابها، دون أن أعي نتائجها، دون أن أهتم بالبحث عن علاج ممكن لها، لكن الشعر الذي تسرب إلى حياتي عبر كل الأشياء الصغيرة والحميمة المحيطة بتفاصيل يومياتي كان قد صار الحل لتجدد وظيفته القديمة تداويا للروح من أسقام المعنى المنداح في فيض الكلام حيث النثر هو الكلام الحقيقي... كل الكلام الحقيقي!! كان الشعر يتــسرب إلي فصيحا عبر دروس اللغة العربية في المدرسة، وعاميا (نبطيا) عبر الذاكرة الجمعية المحيطة بي عائليا وبيئيا، وكان البحث عنه في مظانه هو بداية البحث عن كتاب، وبداية الرغبة في تملك كتاب على هامش عائلي لا تسمح ظروف العوز والحاجة واليتم فيه بتحقق مثل هذه الرغبة. وكلما نظرت حاليا إلى مكتبتي الضخمة، والحلول الدورية التي ألجأ إليها لتخفيف ازدحام رفوفها عبر توزيع كثير من كتبها التي أعرف أنني لن أقرأها، ولا أدري كيف تسللت إليها، على الأصدقاء والزملاء. أتذكر تلك الرغبة المقموعة القديمة في تملك واحد من الكتب التي كنت أستعيرها من مكتبة المدرسة بشكل يومي دون جدوى، لكن الذكرى، لحسن الحظ، لا تفتح عناوين فرعية للحزن أو الألم، بقدر ما تعينني على تذكر البدايات، التي كانت تراثية أساسا، فأتذكر مثلا أنني كنت أقضي ساعات طوالاً مع كتب التراث التقليدية، بخلاء الجاحظ، ومروج الذهب للمسعودي، وأجزاء كثيرة من ألف ليلة وليلة، وأغاني الأصفهاني، ومقدمة ابن خلدون، وغيرها من الكتب التي لا اعتقد أنني كنت أفهمها بشكل جيد حيث كنت دون الثالثة عشرة من عمري ، ولكنها كانت تسحرني وتسلب روحي من جغرافيتها المظلمة نحو اتجاهات مشعة.. عبر الكلام وحده، وتخلق لي مجدا جديدا وجميلا.. عبر الكلام وحده. . دائما عبر الكلام وحده. لم أكن استسيغ قراءة الكتب التي كانت تفضلها رفيقات الدراسة كروايات وقصص إحسان عبد القدوس أو يوسف السباعي العاطفية، ولا حتى أشعار نزار قباني الذي لم أقرأه بشكل حقيقي إلا في فترة متأخرة جدا من حياتي. كان المتنبي هو الأول وهو الأخير شعرا بالنسبة لي في المرحلة المتوسطة والثانوية، وفي كل قصيدة أقرأها له يستوي أمامي بشرا سويا، أنساق وراء طموحاته القاتلة في السلطة والشعر وما بينهما من تفاصيل كونت مجده الشعري المستحيل... وأحلم مثله. ومن ديوان المتنبي رحت أفتش عن دواوين الآخرين من زملائه القدماء قبل أن أتسلل لدواوين السياب وأمل دنقل ومحمود درويش وسعدي يوسف وغيرهم. لكن يبدو أن بدايتي التراثية مع القراءة هي التي هيئت روحي للانطلاق بعد ذلك بسنوات قليلة لكي تحلق بجناحات الحداثة في أقصى اشتراطاتها وأقساها أيضا. لم أعد أطيق أية قيود يمكن أن تحبس قصيدتي في إطارها، وصار همي أن أخلص قصيدتي من زوائد الافتـعال وشوائب الأمس. أريد أن أكون ذاتي دون أن أبدأ من الصفر، وهذا ما لم يتحقق لي، بشكل كامل، عبر الكتب الشعرية الأربعة التي صدرت لي حتى الآن، في رحلة أخرى مع الكتاب. . رحلة رسمت معظم تفاصيلها بنفسي هذه المرة منذ أن قررت أن أصدر كتابي الأول عام 1990 بعـــنوان «آخر الحالمين كان»، ولكن هذه رحلة أخرى.


************************************************** *******












  رد مع اقتباس
قديم Jan-25-2010, 09:34 AM   المشاركة2
المعلومات

pencil
مكتبي نشيط

pencil غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 70052
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: الكـــويت
المشاركات: 55
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا على هذه الرحلة أخت عاشقة البحث

موضوع رائع يستحق الشكر












التوقيع
  رد مع اقتباس
قديم Jan-25-2010, 04:49 PM   المشاركة3
المعلومات

عاشقة البحث
مكتبي فعّال

عاشقة البحث غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 72230
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 164
بمعدل : 0.03 يومياً


افتراضي

أشكرك أخويPencil على الرد والتفاعل سلمت يمناك












التوقيع
طبعي كذا لاشفت درب الثقة أمشيه ماهو غرور ولكن أثبت وجودي " عاشقة البحث "
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكتاب, رحلات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتب المداخل في مجال المكتبات والمعلومات هدى العراقية عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 24 Aug-13-2017 06:37 PM
نشأة الكتب المدرسية المساعدة وأاهميتها samia-yasmina منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 1 Apr-02-2010 01:25 PM
الكتاب الإلكتروني والمكتبة الإلكترونية - للدكتور محمد جاسم فلحي د. صالح المسند منتدى تقنية المعلومات 4 Sep-21-2008 07:41 PM
هوية الكتاب في ظل هجمة المعلومات علي عنتر المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 0 Jun-16-2008 04:47 PM
نشر الكتب Sara Qeshta المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 1 Feb-09-2008 07:39 PM


الساعة الآن 12:44 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين