[Inzagui]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعالى،

دعوني أيها الاخوة والأخوات أن أسجل للحق وللتاريخ هذه المشاركة، لقد أصبحنا هذه الأيام نرى أن بعض الموازين والقيم انقلبت، بحيث جعلت من الأستاذية لقب يطلق على الكل من دون معايير ولا مقاييس. وقد كان بالأحرى ان لا نطلق لقب إلا على من هو أهل له، لا لشيئ إلا لتكريس سلم قيم حقيقي بالمجتمع. لقب الأستاذ في المجتمعات العربية أصبح يطلق على اللاعب والمغني وحتى لمن يحمل شهادة او رتبة هو ليس اهل لها.

"ليس الاستاذ كل من تحصل على شهادة تعليم ، أو من لديه أقصى درجات التفوق في التعليم، حتى وإن كانت شهادة الدكتوراه، لكن الأستاذ من يعلم ويعرف أنه يعلم بالطريقة الممتازة، الأستاذ من يلقن المحاضرات والدروس بحيث يفهمها كل طلبته بنفس الطريقة ... الأستاذ الذي لا هو قاس ولا مضيع للطلبة يضحك معهم كإخوته أو أبنائه، يجد معهم كجد أبائهم وإخوانهم يرشدهم، طبعا هكذا يجب أن يكون الأستاذ: لأنه شبه بالرسول ... الأستاذ من يراقب نفسه ويحاسبه ضميره، الأستاذ عندما يطرح الإختبار، يتأكد أن طلبته قد تلقو كل حرف قدمه وألقاه ... الأستاذ لا يبرز شطارته أمام طلبته ويتحداهم، إن الأستاذ عند تصحيح الأوراق لا يعرف أي تلميذ حينها وكأنه يصحح أوراق لطلبة لا يعرفهم، لا يعتبرهم أعداء ولا أشقاء، يصحح بحيادية وكأنه فلسطين تقع جغرافيا بين مصر والأردن ... الأستاذ يؤنبه ضميره لدى الأخطاء مع أي من طلبته فيعترف ويتعتذر ولا يتكبر.
الاستاذ من يأخذ أجرته متأكدا أنه أدى واجبه فأكثر، الأستاذ من يحبه جميع الطلبة لرقته وتدريسه الجيد حتى وان كان قاسيا ... الأستاذ من يرتاح له الجميع ويبكيه طلبته على هذا النحو"

قرأت قديما ان الأستاذ قيمة علمية، معرفية وأخلاقية ... كما تعلمت أن المحك الرئيسي للأستاذ هو طلاب العلم الذين يتلقون منه وعنه، وليس تلك الاعترافات والشهادات الشفوية التي يتلقاها داخل محيط عمله، ولا حتى الاعترافات المكتوبة داخل مجموعة النقاش ومنتدياته ... لذلك لم يعد الفضاء الجامعي يحمل المقاييس الجامعية العلمية، وأصبحت جامعاتنا الآن لا تحمل قيم التغيير، بل نقلت ثقافة المجتمع إلى داخل الجامعة، وغاب الأستاذ الحقيقي وهاجرت العقول الممتازة، وهذه هي الأزمة الحقيقية التي اصبحنا نعاني منها، بل ونتخبط بها ... لذا فنصيحتي لإخوتي الأساتذة أن يجعلوا من المعارف زاد كبير لا يستزف، وأن يضعوا التواضع تاج ثمين يحلون به على رؤوسهم، وأن يتفادوا التباهي بتلك الألقاب سيما وان الشاعر يقول:

ملؤ السنابل تنحني رؤسها تواضعا *** والفارغات رؤسهن في السماء شوامخ