المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام. |
|
Jun-04-2006, 12:39 PM | المشاركة1 |
المعلومات
مشرف منتديات اليسير
محمد الغول البيانات
العضوية: 16419
تاريخ التسجيل: Mar 2006
الدولة: فلسطيـن
المشاركات: 1,360
بمعدل : 0.20 يومياً
|
كيف تؤلف ؟
كيف تصنف أو تؤلف ؟
أبو حامدٍ السّـفّارينيُّ الْحَمْدُ لله ، وَالصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ الله . أَمّا بَعْدُ : يَا طَالِبَ الْعِلْمِ اسْتَمِـعْ …حَتَّـى بِرسْمي تَنْتَفِـعْ إنْ كُنْتَ تَبْغِي سُلَّمَـا ... بِالْعِلْمِ جَمْعًا تَرْتَفِــعْ هَذِي حُرُوفُ الْمُرْتَجِي...نَفْعَ الصَّحَابِ وَالْجَمِـعْ فَاللـهَ نَسْأَلْ يَا أَخِـي … أَجْرَاً لِيَوْمٍ نَرْتَجِــعْ فَهَذِهِ - يَا طَالِبَ الْعِلْمِ - دُرُوسٌ عَامَّة فِي كَيْفِيَّةِ التَّصْنِيفِ وَالتَّأْلِيف ، لِمَنْ آتَاهُ اللهُ فَهْمَاً ثَاقِبَاً ، وَاطِّلاَعَا وَاسِعَاً . بينَ يديِ الرّسالة : لاَ بُدُّ قَبْلَ الْبَدْءِ بِمَوْضُوعِنَا ؛ أَنْ نَسْتَحْضِرَ بَعْضاً مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالتَّصْنِيفِ؛ إذْ يَزْعُمُ بَعْضُ النّاسِ ؛ بِأَنَّ الْكُتُبَ الْقَدِيمَةَ يُوجَدُ فِيهَا كُلُّ شَيْءٍ ؛ مِمّا يَحْتَاجُهُ الْمُسْلِمُونَ الْيَوْمَ ؛ وَلاَ حَاجَةَ إلَى التَّأْلِيفِ أَوِ التَّصْنِيفِ ! وَأَنَا أَقُولُ : هَذَا خَطَأٌ مِنَ الْقَائِل - مَعَ الاِعْتِرَافِ بِفَضْلِ الأَوَائِل -؛ وَذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ: أَوّلاً : كَلاَمُهُ لاَ يَسْتَنِدُ إلَى قَاعِدَةٍ عِلْمِيّةٍ ، أَوْ أَدِلَّةٍ شَرْعِيّة ؛ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ اجْتِهَادٍ شَخْصِيٍّ مَبْنِيٍّ عَلَى شَفَا جُرْفٍ هَارٍ ! وَهَذَا -وَحْدَهُ -كَافٍ لِرَدِّهِ مِنْ مِئَاتِ الْوُجُوهِ !! ثَانِيَاً : نَسْأَلُ الزَّاعِمَ : وَأَيُّ ضَرَرٍ يُحْدِثُهُ التَّصْنِيفُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَى الأُمَّةِ ؟!! ثَالِثَاً : وَأَيُّ نَفْعٍ سَتَنَالُهُ الأُمَّةُ مِنْ مَنْعِ التَّصْنِيفِ وَالتَّأْلِيفِ ؟! رَابِعاً : وَمَنْ ذَا الَّذِي يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله ؟! خَامِساً : لَوْلاَ الْكُتُبُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَانِيفُ الْعَدِيدَةُ ؛ مَا حُفِظَتِ الْكُتُبُ الْقَدِيمَة ؛ فَهِيَ - تَمَامَاً - كَالْقِشْرَةِ وَلُبِّهَا ؛ لاَ يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ ؛ إلاَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَسْبَقُ وُجُوداً ، وَأَنْفَعُ حَاجَةً ! سَادِسًاً : أَمّا مَسأَلَةُ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ ؛ فَلاَ ضَابِطَ لَهَا ، وَلاَ مَاسِكَ لِخِطَامِ زِمَامِهَا ؛ فَعِلْمُ مَا فِي السُّطُور سَبَقَهُ عِلْمُ مَا فِي الصُّدُور ، وَهَكَذَا تَجْرِي الأُمُور : يُصْبِحُ الْقَدِيمُ حَدِيثَاً نِسْبَةً لِمَا قَبْلَهُ ، وَيُصْبِحُ الْحَدِيثُ قَدِيمًا نِسْبَةً لِمَا بَعْدَهُ ، وَهَكَذَا دَوَالَيْكَ ؛ فَحَنَانَيْكَ !! وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ، قَالَ : قَالَ : رَسُولُ اللهُ - صَلَّى الله علَيهِ وسلَّم - : «قيِّدُو العلمَ بالكتَاب» . قَالَ الْعلماءُ : «ينبغِي أَن لا يخلُوَ التَّصنيفُ من أَحد المعاني الثّمانية ؛ الّتي تُصنِّف لها العلماءُ ؛ وهي : أوّلاً : « اختراعُ معـدوم» ؛ أَي : لم تُسبَق إليه - فيما تعلم وتعتقد -. ثانياً : « جَمِـعُ مُفتَـرقٍ » ؛ أي : مسأَلة مُشتّتة وَأَدلَّتُها في بطون الكُتب ؛ تَجمعها في كتاب واحد . ثالثاً : «تكميـلُ ناقـصٍ » ؛ أَي : أنَّ الموضوع لم يكتمل فيه جانب من الجوانب ؛ فتُكمِلُه أَنتَ . رابعاً : «تفصيـلُ مجمـلٍ» ؛ أي : أَنَّك تفصِّل المسأَلةَ شيئاً فشيئاً حتّى يذهبَ تراكم المعاني ، ويتضّح المراد . خامساً: «تهـذيبُ مطـوَّلٍ» ؛ أي : أَنّك تلجأُ إلى الاختصار دون الإخلاَل . سادساً: «ترتيـبُ مُخلَّـطٍ» ؛ أَي : أَنّك تقدِّمُ وتؤَخّر في ترتيب المادّة أوِ الموضوع. سابعاً : «تعيـينُ مبهـمٍ » ؛ أَي : أنّك تعيّن وجود موضع خفيّ في مسأَلة أو نقطة أو نكتة لتظهرها ، وتجلّي أمرها . ثامناً : «تبيـينُ خطـإٍ» ؛ أَي : أَنّك تصحّح خطأَ الغَير إذا أَيقنت صواب ما أَنت عليه. وَأخيراً أرجو الله أن ينفع بها طلبة العلم ؛ المنتظرين من يفجِّر لديهمُ الطّاقات ، وَأن لا يحرم الأمّة من الإبداعات . وهذا أَوان الشّروع في المشروع ؛ فأَقول - وبالله التّوفيق - : المرحلـةُ الأُولـى (التخصّص) أُوصِي - والوصيّة غيـرُ مُلزِمـة ؛ بل مُعلِمة: أَنْ تَسْتَجْمِعَ قُوَاكَ الْعَقْلِيَّةِ وَالذِّهْنِيَّة ؛ إذا عزمتَ أَمرك ، ووفَّرت مِدَادك ، وَشَحذْت قلمك . وَأَنْ لاَ تَخْرُجَ عَنِ اخْتِصَاصِكَ فِي أَيٍّ مِنَ الْفُنُونِ الْعِلْمِيّة ؛ الَّتِي دَرَجْتَ عَلَيْهَا ؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ ؛ لأنّ العلوم تعود إلى أَصلين لا ثالِثَ لهما - فيما أعلم - : الأَصل الأَوّل : علوم تُدرك بالعقل ؛ خاصّة فيما يتعلّق بالحواسّ عند أنواع المخلوقات. والأَصل الثّاني : علوم تدرك بالنّقل - أَو فيما يسمّيه البعض بالسّمعيّات أَوِ الخبريّات -؛ وهي الّتي لا تُدركُ إلاّ عن طريق الشّارع والشّرع ، وَأَمّا العقل ؛ فلا مجال له فيها سوى التّلقّي والتّسليم . فالتّخصُّص والتّنوّع مطلب طبيعيٌّ لدَى الإنسان لا مفرّ له منه . ومن المعلوم - أَيضاً - : أَنّ الاختصاص له أَهمّيةٌ من حيث الإتقانُ ، والقوّةُ ، والإبداعُ ، والإحاطةُ ، وقلّةُ الوقوع في الأخطاء ، وعدَمُ الاختصاص قد يوقعك في مزالقَ ؛ أَنت عنها في غَـناء ، وقد ذُكِر عن العلماء : ( مَنْ تَكَلَّمَ فِي غَيْرِ فَنِّهِ ؛ فَقَدْ أَتَى بِالْعَجَائب) . وقالوا - أَيضاً - : فَاعْنَ بِهِ وَلا تَخضْ بالظّنِّ ... وَلا تُؤيّدْ غيرَ أَهل الفنِّ وقالوا - أَيضاً - : «منْ تكلَّفَ ما جهل ، ولم تـثبِّتْه المعرفةُ كانت موافقـتُه للصّواب غيـرَ محمودة ، وكان خطؤُه غيـرَ مغفور ؛ إذا ما نطق فيما لم يحط به علماً» . وقالوا - أَيضاً - : «لوْ تأَمّل المتأمّل بالنّظر العميق ، والفكر الدّقيق ؛ لَعلِم أنّ لكلّ علمٍ خاصِّيةً». وقالو - أَيضاً - : «لولا أهلُ المحابر ؛ لخطبة الزّنادقة على المنابر» - وليس اليوم إلاّ هم يخطبون - !! وقالوا - أَيضاً - : «أَهلُ الحديث أَعظم درجةً من الفقهاء » . ولذَا ؛ فقد درج العلماء قديماً وحديثاً على الاختصاص ؛ فجعلوا - مثلاً - : المحدِّثُ : منوط به دراسةُ علم الحديث روايةً ودرايةً ؛ جرحاً وتعديلاً ؛ فهو كلّ شيْء صدر ؛ من حديث ، أَو خبر ، أَو أَثر ، وما يتعلّق بها من أَحوال الرّواة . الأُصولِيُّ : مَنُوطٌ به علم دراسة الأحكام الشّرعية من أَدلَّتها الأُصوليّة ؛ مثلِ : القرآن ، والسّنّة ، والإجماع ، والقياس ... إلخ ، وكيفيّة دلالالتها اللّفظية والحُكميّة ؛ من أَمرٍ ، وَنهي ، وعامّ ، وخاصّ ... إلخ. الفقيه : منوط به قسمُ العبادات ، وَقسمُ المعاملات ، أَوِ السّياسة المدنية ؛ فهو المطلوب منه أَن يقعّد القواعد الفقهيّة ؛ الّتي تُبنى من خلال علم الأُصوليّ . المفسِّر : منوطٌ به علوم القرآن ؛ من التفسير ، ومعرفة أسباب النّزول ، وآيات الأحكام ، والجمع ، والترتيب ، ومعرفة المكّيّ والمدنيّ ، وغير ذلك . المتكلِّم : منوط به علم المخاصمة ، والرّدّ على الفرق الضّالّة الأَربع ؛ من اليهود ، والنّصارى ، والمشركين ، والمنافقين ، وأزيد : الشّيعة ؛ فهم بحاجة إلى أمثال شيخ الإسلام ابن تيميّة ؛ لذا لا أَنصح المبتدي بمحاولة مقارعتهم . (ملحوظة ) : غالب علماء الأصول ؛ من أَهل الكلام ؛ بلا ملام ! الواعظ : منوط به علمُ التَّذكير بآلاء الله : كخلق السّموات والأَرَضِين ، وإلهام العباد ما ينبغي لهم ، وبيان صفات الله القولية ، والفعلية ، والذّاتية ، والتّذكير بأيّام الله القادمات، والجنّة والنّار وغير ذلك . أَخي الطّالبُ ! ذكرنا بعضَ الأمثلة على أَهميّة الاختصاص ؛ وهي أَهمّ مراحل التّأْليف ؛ بل هي جُمّاعُ التّصنيف . المرحلة الثّانية أَوّلاً : عليه أن لا يتعجّل في إخبار النّاس لأَيٍّ كان ، ويستعينَ على إنجاح حاجته بالكتمان؛ لأنّ القاعدة تقول : (من تعجّل الشّيء قبل أَوانه ؛ عوقب بحرمانه ) ؛ لكن نستثني من هذه القاعدةِ شيخَك ؛ لأنّه دائم الاطّلاع ، خرّيت الباع ، ثمّ الأستاذ أعلم منك بدون نزاع. وزد على ذلك : - أنّ شيخك يوفّر عليك الوقت والْمَقْت . - وأنّ شيخك لا يمنع الخير عنك . - وأَنّ شيخك أَعرف منك بقدراتك . - وأنّ شيخك يستر عليك عيوبك . - وأنّ شيخك يحبّ لك الخير ، ولا يتمنّى زوال النّعمة عنك . ثانِياً : أَنْ تُحَاوِلَ اخْتِيَارَ مَوْضُوعٍ لَمْ تُسْبَقْ إلَيْهِ ، أَوْ بِمَعْنًى آخَرَ : أَنْ تُحَاوِلَ إضَافَةَ شَيْءٍ جِدِيدٍ إلَى الْمَكْتَبَةِ الإسْلاَمِيَّةِ ؛ وَهَذَا مِنْ مَقَاصِدِ التَّأْلِيفِ ؛ الّتي ذكَرناها في السّابق ؛ لأَنّ تحصيل الحاصل في المنطق باطل . ومعرفةُ اختيار موضوع ؛لم يُسبق إليه المصنّف من الجموع ؛ متعذِّرٌ إلاّ من إحدى هذه الطّرق : - أَنْ يَعْتَمِدَ المؤلّف عَلَى سَعَةِ اطِّلاَعِه ، وَتَنْقِيبِهِ بِذِرَاعِه . - أَنْ يَلْجَأَ إلَى شُيُوخِهِ لِمَعْرِفَةِ ضُلُوعِه ، وَتَحْدِيدِ مَوْضُوعِه . - أَنْ يَلْجَأَ إلى الأَسَاتِذِة لِيَسْتَغْنِي عَنِ التّلاَمِذَة . - أَنْ يُرْكِزَ جُلَّ اهْتِمَامِه عَلَى الْقَدِيمِ بِرُمَّتِه . - أَنْ ينظر في فِهرس المخطوط والمطبوع ؛ من المكتبات ، والكلّيات ، والجامعات. ثانِياً : أَنْ يجمع الْمَصَادِرَ وَالْمَرَاجِعَ . ثَالِثاً : عليه أَن يبدأ برسالة صغيرة ، يضمِّـنُها مسألة واحدة ، ولا يحاول المزيد ؛ حتّى يتفرّس في التّعريـف ، ويتمرّس في التّأليـف . المرحلة الثّالثة 1- يُكتبُ العُنوانُ على ورقة مستقلّة . 2- يحبَّذ أن يكون العُنوان على القافية ؛ مثل : (كَفُّ الدّموع عن الموجوع ) . 3- تُكتبُ أَرقام الصّفحات أعلى الصّفحة ناحيةَ الشِّمال ؛ فهو أسرع في النّظر . 4- تُكتبُ البسملة في وسط الصّفحة وأعلاها. 5- تُكتبُ تحتَ البسملة ؛ هكذا : - مقدّمة المؤلّف - . 6- تكتب خطبة الحاجة ، ولا ضير في التّنوّع ؛ هكذا : إنّ الحمد لله ؛ نحمده - إلى - : من يهده الله ؛ فلا مضلّ له - إلى - : وَأشهد أن لا إله إلا الله - وحده لا شريك له - . وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله . أمّا بعد … إلى نهاية خطبة الحاجة . 7- ثمّ تُكتبُ الأسبابُ الّتي دفعت لكتابة مثلِ هذا الموضوع . 8- ثم تدخل في الموضوع فتقول - مثلاً - : أخي القارئ ! إليك الرّسالة : … أو تقول : وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين . ثمّ تبدأ الموضوع مباشرة - مثلاً - : - البابُ الأَوّلُ - وفيه مسائلُ : المسألة الأولى : مفهوم الصّلاة قال - تعالى - { كذا ، وكذا } . قال العلماء في تفسير هذه الآية : «كذا وكذ » . وجاء في الحديث عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - كذا وكذا . المسألة الثانية : حكم تارك الصّلاة : قال الجمهور : كذا ، وكذا … إلخ . قال شيخ الإسلام : كذا ، وكذا … إلخ . المسألة الثّالثة : التّارك لها كسلاً … إلخ . 8- لا تميّع الرّسالة العلمية بتطويل الكلام وتمطيطه . 9- ثمّ تكتب خاتمة للكتاب . 10- ثم عَمل فِهرس للآيات ، والأحاديث ، والمواضيع . الهوامش والحواشي بعضُ النّاس يخلِط بين ما يسمّى بالحواشي وبين ما يسمّى بالهوامش ! ويظنّ أنّهما شيءٌ واحد . وهذا خطأٌ ، والصّواب : أنّ الهامش : ما كان على جانب الصفحة . وَالحاشية : ما كانتْ أَسفلَ الصفحة وتحتَ الكلام ؛ يفصل بينَهما خـطٌّ مُعـتَرض . أمّا الهوامش ؛ فقد ظهر وَعْـرُها ، وانتهى دَوْرُها ، وانقرض عصرُها ؛ فلا أَنصح أحداً - لا من أهل العلم ولا من طلاّبه ؛ بحكم خبرتي - أَن يلجأَ إلى أُسلوب وضع الهامش على جانب الصّفحة ؛ لِـمَا فيه من صعوبة بالغة ؛ من حيثُ تصغيرُ الكلام ، وتكبيرُه ، والإضافةُ عليه ، وحذفُ بعضه ، وبالتّالي سيُـؤَثِّـر على الكتاب بشكل عامّ. وَأمّا الحاشية ؛ فهذا أَمرٌ طيِّب ؛ بل لا بد منه في كلّ كتاب ، وإثبات الحواشي له فوائـدُ عديـدٌ ؛ منها : أولاً : يميّزُ المتـنَ من الحاشية . ثانياً : يميّز كلام المؤلِّف - أَو المصنِّـف - : من كلام المحقِّـق ، أَو المدقِّـق ، أَو الشّارح ، أَو الضّابط ، أَو المهذِّب ، أَو المخرِّج ، أَو المعلِّق ، أَو المراجع ... إلخ . ثالثاً : الحاشية أَفضل موقع لعَزو المصادر ، والمراجِع ؛ المتعلِّقة بالآيات ، والأحاديث ، والكتب ، وأَقوال العلماء ؛ خاصّة فيمن عملُه قائمٌ على التّخريج ؛ فهو المسرح - الّذي من خلاله - يظهر فيه المخرِّج مهارته وبراعته . رابعاً : وجود الحاشية للكتاب تجعل المتن مستقلاًّ ؛ لِـمَا له من أهمّيّة ؛ لأنّ المتن هو أهم ما يبحث عنه القارئ . خامساً : من خلال الحاشية يستطيع المؤَلِّف أثناء كتابة المتن أن يشرح شيئاً - ما - ليس له علاقة بالموضوع ؛ لكنّ المؤلّف يرى أنّ القارئ لا بدّ له من الاطّلاع عليها ؛ فيضعها في الحاشية ؛ حتّى لا تُعكِّر صفْو الموضوع . سادساً : يستطيع المؤلّف أنْ يضيف أَيّ شيء حتّى لو كان الكتاب في مرحلة ما قبل الأخيرة الّتي يذهب بعدها إلى دار النّشر للطّباعة . سابعاً - وباختصار - : تُعـدُّ الحاشية مسرحاً كبيراً واسعاً من حقّ المؤلّف أن يصنع فيه ما يراه مناسباً ، دون غضاضة أَو فضاضة . كلمة أخيرة : لكن ليس من اللاّئق أن تصبح الحاشية أكبر حجماً من المتن ؛ وذلك لعدَّة أسباب ؛ منها : 1- : أنّ الأَصل والأهمَّ في الكتاب هو المتنُ وليس الحاشيةَ . 2- : تضخيم الحاشية من شأْنِه أن يصيب القارئ بالملل والكلل ! ولأنّ خطّ الحاشية - عادة - يكون أصغـرَ من خطّ المتن . المؤَلَّـف ينقسم حجمه إلى أقسام ثلاثة : الحجم الكبير : وهو الّذي ينبغي أن يكون مجلّداً ، أَو سِـفْراً ؛ فيسمّى : مجلّداً والحجم الوسط : وهو الّذي يكون غلافاً ، ويسمّى : كتاباً . والحجم الصّغير : وهو الّذي لا يزيد حجم ورقته عن (15سم) ، ويسمّى : رسالةً. وليعلم الأخُ أنّ هذه المصطلحات ما أنزل الله بها من آيات ؛ لكنّها من الأمور الدّارجات في عالم دور النّشر للمطبوعات . عمل الفهارس للكتاب : أنا أقول : كلُّ كتاب - حتى لو كان كُـتَـيِّـبَاً - لا يوجَدُ فيه فِهرسٌ ؛ فهو كتاب ناقصٌ ،ولا يخْـدُم القارئ بالشّكل المطلوب . فالقارئ - حسْب الأصول - ينظرُ أوّلَ ما ينظر إلى المقـدِّمة ، وإلى الفِـهرسِ ، وَأَنا شخصيّاً أفعل هذا ؛ لأَنّني أتعرّف على الكتَاب من خلالِـهِمَا . أمّا طريقة عمل الفهارس ؛ فهي كالتّالي : - إحضار (بطاقات) بيضاءَ . - تكتب الأحرف الأبجديّة على البطاقات بخطّ كبير ؛ هكذا : البطاقة الأولى حرف الهمزة (أ) ثمّ تضع تحته كلّ طرف حديثِيّ يبدأ بالهمزة البطاقة الثّانية : حرف الباء (ب) ، ثمّ تضع تحته كلّ طرف حديثي يبدأ بالباء . البطاقة الثّالثة : حرف التّاء (ت) ، ثمّ تضع تحته كلَّ طرف حديثي يبدأ بالتّاء . وهكذا إلى آخر حرف من الحروف الأبجدية . وفِـهرس التّراجم ، والرّواة على أُصول البطاقات . وَأمّا فِهرسُ الموضوعات ؛ فليس على حسب البطاقات ؛ لأنّها شبه مستحيلة ! لكن عملها يكون حسب محتويات الكتاب : فالكتاب إن كان حديثيّاً فيمكن أن تستخدم فيه أسلوب أهل الحديث . وَأمّا إن كان الكتاب فقهيّاً ؛ فتستخدم فيه أُسلوب أهل الفقه . وأخيراً إن كان الكتَاب عقائديّاً ؛ فتنظر إلى أسلوب كتب العقائد . وهذا أمر يسير ؛ لا حاجة بنا إلى ضرب الأمثلة ، فيمكنك أن تنظر في أيّ مرجع من المراجع الحديثيّة ، أو الفقهيّة ، أو العقديّة ؛ ثمّ تعمل الكتاب على نسقه . (علامات التّرقيم) أخي الطّالبُ ! علامات التّرقيم - من وجهة نظري - هي من أهم المراحل الّتي يمرّ بها الكتاب ؛ خاصّة بعد جمع مادّته ؛ ومرجِعه ومصدرِه . ومن منطلق الخبرة في هذا الفنّ أقول : إنّ الكتَاب الّذي يكون خِـلْواً من هذه (العلامات) - عند المقارنة والمقابلة - ؛ لا يمكِن أن يكون صالحاً - تماماً - للقراءة والقرّاء ، أو الفهم والاطّلاع! وقبل التّعرّف إلى (علاَمات التّرقيم) ومواضعِها ؛ يجب أنْ نقرّر ما يلي : أوّلاً : تعدّ (علاماتُ التّرقيم) فنّاً قائماً بذاته ؛ أو : هي علم قائم بذاته ؛ وإن كان علماً مُستحدثاً من غير المسلمين - فسبحان ربّ العالمين - !! ثانياً : إنّ (علاماتِ التّرقيم) رموزٌ اجتهاديّة ؛ ليس لها قواعدُ تضبِطها ، أو منهجيّة تحكمها . ثالثاً : لهَا أهمّـيّة كبرى في عالم التّأليف ، خاصّة في عالَم التّحقيق والتّعليق . رابعاً - وأخيراً - : من أهمّ الأغراض الّتي وضعت لأجلها (علامات التّرقيم ) : أنّها تُعين القارئَ على فَهم المعنى المراد من النّصّ ؛ وزد على ذلك : أنّها تزيـينـيّة . أخي الطّالبُ ! إليك الآنَ علاماتِ التّرقيم : (الْـفَاصِلَة ، الفَـصْـلَة ، الشَّـوْلَـةُ) (،) تُكتب في المواضع التّالية : أوّلاً : بين الجمل المتلاحقة والمتعاطفة المختصَرة ؛ مثل : «الحمد لله ، والصلاة والسّلامُ على رسول الله ، وعلى وآله ، وصحبه ، ومنِ اهتدَى بهديه ، واقتفى بخَطْوه ونهجِه» . ثانياً : تكتب عند تَعداد أقسام الشّيء ؛ مثل : الصّفات تنقسم إلى : قولـّيةٍ ، وفعليّة ، وذاتـيّة . (الفاصِلَة المنقوطة ، والفَصلَة المنْـقوطة ، والشَّـولَةُ المنقوطة ) (؛) وتكتب في المواضع التّالية : أولاً : بين الجملة الطّويلة ، حتّى لو كان المعنى متّصلاً ؛مثل : إنّ النّاس لا ينظرون إلى الزّمنِ الّذي عُمل فيه العملُ ؛ وإنّما ينظرون إلى مقدار جودته وإتقانه . ثانياً : نكتبها قبل فاء السّـبَـبِـيّة - أو التّعليلية - ؛ أي : حين يكون ما قبلها سبباً فيما بعدها ؛ مثل : (درَس محمّد ؛ فنجح) ؛ فالنّجاح نتيجةُ الدّراسة ! ثالثاً : وقد تُكتب - غالباً - قبل كلّ (فاء) زائدةٍ على الكلمة ؛ مثلُ : (ابن تيميّة متعدّد الفنون والعلوم ؛ فلا غرابة أن يكون شيخَ الإسلام !!) . ( النّقطة ، النّقطة المربّعة ، الـوِقْـفة ) (.) تكتب في المواضع التّالية : أولاً : بعد نهاية كلّ سطر . ثانياً : بعد نهاية جملّة تامّة لا تتعلّق فيما بعدها . ثالثاً : تكتب - أيضاً- لفَصل نقل النّصّ الحرفيّ عن غيره ؛ فإنّ وضع الفاصلة - مثلاً - بين كلام المحقّق وكلام المؤلّف ؛ قد يحدِث إشكالاً وخلطاً ، أمّا (النّقطة ) - على الغالب - ؛ فلا . النّقطتــان ( وتكتب في المواضع التالية - مثلاً- : أوّلاً : بـيْن فعل القول ومقُـوله ؛ كمِـثل قولِـنَا : قال أهل السّنّة : الإيمان : قول ، وعمل ، واعتقاد . وقالوا - أيضاً - : وكذلك الكفر : قول ، وعمل ، واعتقاد . وقال أهل السّنّة والجماعة : مَن قال : الإيمان يزيد وينْقُص ؛ فلا يجوز أن يتّهم بالإرجاء. ثانياً : أذا أردْتَ أن تشرح جملة ، أو تفصّل مسألة ؛ مثل : كلمة التّوحيد : لا إله إلاّ الله ؛ وهي تتألّف من جملتين : الأولى : جملة نفي ، والثّانية : جملة إثبات ؛ وهذا يعني : أنّ الجملة الأولى : هي إعلان البراء من كل طاغوت يُعبد . وأنّ الجملة الثّانية : هي إعلان الولاء لله المعبود بحقّ. علاَمـة الاستفهـام الصِّرف (؟) (?) تكتب في المواضع التالية : أولاً : بعد نهاية السّؤال الصّريح ؛ مثل : أين الله ؟ أين اليهود والنصارى ؟ أين المنافقون ؟ ثانياً : ما يفهم منه أنّه سؤال بالصّورة أو القرينة : سألتُه عن المنهج السّلفي ؟ وعن العلاقة بين المنهج النّظري والمنهج التّطبيقي ؟ علامة الاستفهام الاستنكاري (؟!) وتكتب في المواضع التالية : توضع بعد استفهام بصورة الإنكار على شيء ؛ مثل : أين عمر ؟! أين صلاح الدّين ؟! أين نخوة المعتصم ؟! أين جيوش محمّد - عليه السّلام - ؟! وهذا الصّورة دلالة على أنّك لا تسأل ؛ لكنّها خرجت مخرج التّقريع والتّوبيخ !! النِّقـاط المتـتابعة (. . .) وهي توضع - عادة - للدّلالة على أنّ هناك حذفاً ، أوِ اختصاراً ، أو...إلخ . علامـة التّـعجّـب (!) وقد تسمّى : علامةَ التّعجّب ، والانفعال ، والاندهاش ، والاستغراب ، والمفاجأة ، والتأسّف ، والتّهكّم ، والتأثّر ، والإغراء ، والتّحذير . تكتب - غالباً - حين تنظر إلى واقع المسلمين !!!! القوسان المزهَّران - أو الهلالان - : { } تكتب بينها الآياتُ القرآنيّة - فقط - . (قوسا التّنصيص ، أو : القوسان المزدوِجان ، أو : التّضبيب) « » يكتب قوسا التّنصيص في المواضع التالية : أولاً : توضع الأحاديث النّبويّة القوليّة بينَهما . ثانياً : من أجل نقل أيّ نصٍّ حرفيّ . ثالثاً : يوضع داخلَها أسماء الكتب . القوسان المعتادان - لا العاديان - ( ) بعض العلماء سمّاهما الهلالين . وأنا أقول : هذا يحدث إشكالاً ؛ لأنّ الهلالين للآيات القرآنية {} ،وأمّا القوسان ؛ فلغير الآيات ؛ مثل : أولاً : يوضع بينَهما كلام عامِّـيٌّ أثناءَ كلام فصيح . ثانياً : يوضع بينهما كلمة غريبة ، أو شاذّة . ثالثاً : يوضع بينَهما كلمة تفسّر ما قبلها . القوسان المعكوفان - أو المعـقوفان - [ ] يكتبان - غالباً- في المواضع التالية : أولاً : إدخال كلام على النّصّ ؛ مثل : و «صلّى - عليه السّلام - مرّةً - على المنبر فـ [ قامَ عليه ، فكبّر ، وكبّر النّاس وراءه ...]» . ثانياً : يوضعان عند تصحيح خطإ في النّصّ المنقول حرفيّاً . الجمل المعترضة توضع بين هاتين الشّرطتين : ( - - ) الشّرطة توضع بدل (قال ، وقلت ، والاسم ) - مثلاً - في الحوار ، أو المناقشة ، أو المناظرة ؛ مثل : بدأت ملامح الاستغراب على وجه الطّالب حين قرأ كتاباتي ؛ فسألته : - هل : قرأتَ كتاباتي ؟ - نعم . - فهل استفدت منها ؟ - نعم . - هل دعوت لي ؟ - نعم . - فعلام - إذن - الاستغراب ؟ - لأنّنا لم نرَ بعضنا ، وكلّ ما بيننا الحديث عبر الإنترنت ؛ فيكف رأيت ملامح وجهي؟!! - فضحك وضحكت ! أخي الطّالب : أعود لأذكِّر بأنّ هذه العلامات ؛ هي اجتهاديّة ، وقد يزيد المرء عليها ، أو يغيّر فيها ، أو ينقص منها ، أو يبدّل مواضع بعض الرّموز فيها . وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وكتب أبو حامدٍ السّـفّارينيُّ - غفر الله له - |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|