[السايح]

أفكار تتعلق بمكتبة المستقبل

يرى مدير مكتبة مدينة كولونيا د. هورست نايسر أن المكتبات العامة تقع علي مفترق الطرق، وانه سوف يتحدد في السنوات القادمة، إن كان بإمكانها أن تكون نواة مجتمع المعلومات- وهو دور أساسي- أو أن تضيع الفرصة وتفقد أهميتها.


حوار
ماهي الوظيفة الرئيسية للمكتبة العامة العصرية؟

الأستاذ نايسر: تُعد المكتبات بمثابة الجهة التي يلجأ إليها المواطنون، عندما يكون لديهم استفسارات. وهي تضمن إتاحة جميع المعلومات بمقتضى الدستور. إن أخصائيي المكتبات هم بمثابة المرشدون في أدغال المعلومات اليوم. إنهم لا يوفرون المعلومات من جميع أنحاء العالم وحسب، وإنما يقومون بتقييمها أيضاً! هناك مهمة إضافية، وهي إتاحة الكفاءة المعلوماتية، عن طريق القدرة على استخدام أدوات مجتمع المعلومات. يضاف إلى ذلك تشجيع الطفل والنشء على إجادة القراءة. لكن تظل المكتبة بطبيعة الحال ملتقى، ومركز للثقافة، ومكان للجدل الفكري. هناك يلتقي البشر أنفسهم في عالم تتزايد فيه سمة الافتراضية وبالتالي العزلة.

ألن تحل المكتبة الافتراضية محل المكتبة الفعلية في المستقبل؟


الأستاذ نايسر: لا أعتقد ذلك.، سيكون هناك نوعان من المكتبات تكمل الواحدة منها مهمة الأخرى: المكتبة الافتراضية بالشبكة (الإنترنت) والمكتبة بوصفها مكان حقيقي. تتداخل المهام بالنسبة لهما بشكل كبير والاثنتان تقدمان خدمات متشابهة، وعلى الرغم من ذلك لا تستطيع الواحدة أن تحل محل الأخرى.


ما تقديركم للدور الذي يلعبه التعاون الوطني الدولي بين المكتبات؟



الأستاذ نايسر: يمكن للمكتبات العامة أن تنجز المهام المتزايدة الموكلة لها في المستقبل بشرط أن تكون على استعداد ولديها القدرة على التعاون. فقط من خلال العمل المشترك يمكن مواكبة التحديث الضروري على المستوى التقني، والتنظيمي، ومن ناحية المضمون أيضاً. يتعلق المأزق هنا بمِنح التمويل العام الآخذة في الانكماش من ناحية، والحاجة إلى الاستثمار المتزايد من الناحية الأخرى. يمكن التغلب على هذه المشكلة إلى حد ما عن طريق العمل المشترك على المستوى الوطني والدولي، في حين لم تعد المسافات تشكل أي عوائق مع وجود وسائل اتصال حديثة.



ما الذي تنتظره من أخصائيو المكتبات في المستقبل؟


الأستاذ نايسر: إن أخصائيو المكتبات هم المركز بالنسبة لمكتبة المستقبل. سيطَالبون بالمزيد، أكثر مما قاموا بانجازه حتى الآن، ولا أعني بذلك التعلم مدى الحياة، وإنما المطلوب هم أناس معنيون بالتواصل على المستوى العالمي، ومتمكنون على المستوى التقني. إذ لابد أن تتوافر لديهم القدرة على التعاون والعمل داخل الفريق، وهذا ليس فقط في ما يتعلق بالمكتبة الخاصة بهم، وإنما داخل اتحاد عالمي. نحن بحاجة إلى أخصائيي معلومات و ليس لمن"يعير الكتب". ليس هذا وحسب، وإنما القدرة على التفكير الاقتصادي، و عرض إمكانيات الأداء الفعلية للمكتبة، هي التي تؤثر تأثيراً حاسماً على المكتبات في المستقبل.



إنكم تثيرون قضية الفكر الاقتصادي. كيف يتم تمويل المكتبات في المستقبل؟


الأستاذ نايسر: إن حل هذه المشكلة يتطلب بطبيعة الحال كل ما سبق الإشارة إليه. إن قاعدة التمويل آخذة في الانكماش في السنوات الأخيرة الماضية، في حين تصبح زيادة التمويل ضرورية كذلك مع تزايد المهام،. إن تقلص الميزانية يواجه عن طريق إغلاق الأفرع، والاستغناء عن المكتبات المتنقلة حتى يومنا هذا. لكن هذا ليس حلاً على المدى البعيد، كما أن تحسين وضع التمويل العام مستبعد. لا يحتاج الأمر إلى موهبة الرُسل، لكي نشخص عزوف المستفيدين عن الذهاب للمكتبة، ذلك أن المكتبات لا تعرض ما يناسبهم من مواد.
لكن الولولة لن تجدي شيءً. لم تثمر شكاوى المكتبات في الماضي. لذا يجب وضع نماذج جديدة للتمويل، على سبيل المثال هناك العروض التجارية، التي يمكن من خلالها تغطية بعض النفقات.إن المكتبات لن تقوى على التمويل الذاتي بأي حال، ولكن عليها على الرغم من ذلك أن تعظم من هذا التمويل شاءت أم أبت.
هذا لن يتثنى إلا من خلال إتاحة الإمكانات الاقتصادية، مما يعني التعديل في الشكل المؤسسي. لقد كانت حرية التصرف في النواحي الاقتصادية حتى وقتنا هذا محدودة للغاية. وإذا أُخذت كل القيود التي تفرضها اليوم ال و الخزانة في الاعتبار، يكون الدافع للتصرف في النواحي الاقتصادية غير قوي. أضف إلى ذلك احتياج المكتبات لضمان الخطط التي تضعها، وذلك لفترة زمنية محدودة.
ومن ناحية أخرى لابد أن يمحى التصور الذاهب إلى أن استخدام المكتبة لا يكلف شيءً. لماذا تستثني المكتبات بالذات من تحصيل الرسوم، في الوقت الذي تُحصل فيه المسارح، وحدائق الحيوان، والمتاحف المدعومة من الدولة رسوماً؟ فمن يطالب بدور خاص، يفقد المصداقية السياسية.
إن المكتبات العامة بألمانيا تواجه جبالاً من المشاكل، التي يمكن حلها على الرغم من ذلك. واليوم لديهم أعضاً وزوار أكثر من المؤسسات الثقافية مجتمعة. يعتبر هذا قاعدة ممتازة للمستقبل.