منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » منتدى قسم مهارات البحث ومصادر المعلومات تعليم منطقة الرياض » المكتبات الخاصة

منتدى قسم مهارات البحث ومصادر المعلومات تعليم منطقة الرياض هذا المنتدى مُخصص لمادة المكتبة والبحث في المرحلة الثانوية.

إضافة رد
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
 
قديم Sep-25-2007, 06:10 PM   المشاركة1
المعلومات

مكتبية سابقة
مشرفة سابقة
معلمة مادة المكتبة

مكتبية سابقة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 1830
تاريخ التسجيل: Nov 2002
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 962
بمعدل : 0.12 يومياً


قلم المكتبات الخاصة

أشهر المكتبات الخاصة
كانت بعض المكتبات الخاصة تفتح أبوابها للجمهور مثل مكتبة يحي ابن علي المنجم ببغداد : ذكرت بعض المصادر أن صاحب المكتبة يدعى علي بن يحي المنجم ، وأنه من محبي الكتب وعشاقها الأصائل وكان مهتماً بكتب الحكمة ( الفلسفة اليونانية خاصة ) ثم اتصل بالفتح بن خاقان نديم المتوكل وعمل له خزانة حكمة ونقل إليها من كتبه ومما استكتبه للفتح بن خاقان أكثر مما اشتملت عليه خزانة حكمة قط . وقد أسس له مكتبة بكركر من نواحي قفص قرب بغداد ، حيث كان يمتلك ضيعة نفيسة وقصراً جليلاً ، خزانة كتب عظيمة يسميها خزانة الحكمة ويقصدها الناس من كل بلد فيقيمون فيها ويتعلمون فيها صنوف العلم ، والكتب مبذولة في ذلك لهم والضيافة مشتملة عليهم ، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحي .
المصدر : د . عبد الحافظ سلامة . أساسيات علم المكتبات والمعلومات ، ص 46 .
ومكتبة ابن حمدان بالموصل : أسس جعفر بن محمد الموصلي الشافعي المعروف بابن حمدان في بلده الموصل مكتبة يسميها ياقوت دار علم وقد جعل فيها خزانة كتب من جميع العلوم وقفاً على كل طالب علم لا يمنع أحد من دخولها ، إذا جاءها غريب يطلب الأدب وان كان معسراً أعطاه ورقاً وَوَرِقاً ، تفتح في كل يوم ويجلس فيها إذا عاد من ركوبه ويجتمع إليه الناس فيملي عليهم من شعره وشعر غيره ومصنفاته مثل الباهر وغيره من مصنفاته الحسان ، ثم يملي من حفظه الحكايات المستطابة وشيئاً من النوادر المؤلفة وطرفاً من الفقه وما يتعلق به .
فأي احد عنده ملاحظة على مكتبة يحي بن علي المنجد يزودنا بها .
تحياتي
اختكم ابتسام












  رد مع اقتباس
قديم Sep-25-2007, 08:08 PM   المشاركة2
المعلومات

w_kopycki
مكتبي فعّال

w_kopycki غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18123
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: مصـــر
المشاركات: 158
بمعدل : 0.02 يومياً


افتراضي مكتبة علي بن يحيى المنجم

الأخت ابتسام،

السلام عليكم..

وكانت مكتبة علي بن يحيى المنجم (وابن حمدان) من العصر العباسي. فتجد معلومات قليلة في كتاب د. شعبان خليفة في كتابه (ص 279-280) :
الكتب والمكمتبات في العصور الوسطى (القاهرة : الدار المصرية اللبنانية، 1998). مع الآسف لا يذكر د. شعبان مصادر اخرى عنهما الا كتاب "معجم الأدباء" لياقوت.

وفي طبعة معجم الأدباء لدار الكتاب العلمية (مج 4 ص 364) تجدي ترجمة كاملة لعلي بن يحيى.

واكيد تكون مصادر أو مقالات اخرى عن المكتبات في هذه الفترة تذكر مكتبة علي بن يحيى فيها.

والسلام،

وليم كوبكي
مكتبة جامعة بينسيلفانيا












  رد مع اقتباس
قديم Sep-25-2007, 09:39 PM   المشاركة3
المعلومات

abomai
مكتبي فعّال

abomai غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 20955
تاريخ التسجيل: Oct 2006
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 151
بمعدل : 0.02 يومياً


افتراضي

الف شكر على المعلومات القيمة اختي ابتسام












  رد مع اقتباس
قديم Sep-25-2007, 10:39 PM   المشاركة4
المعلومات

مكتبية سابقة
مشرفة سابقة
معلمة مادة المكتبة

مكتبية سابقة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 1830
تاريخ التسجيل: Nov 2002
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 962
بمعدل : 0.12 يومياً


افتراضي

مشكور اخوي وليم على المعلومات
اسعدني جدا مرورك اخوي ابو مي












  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 01:01 AM   المشاركة5
المعلومات

tiaf
مكتبي متميز

tiaf غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 7522
تاريخ التسجيل: Jun 2004
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 256
بمعدل : 0.04 يومياً


افتراضي

جزاك الله ألف خير على المعلومات القيمة












  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 10:44 AM   المشاركة6
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

الاخت ابتسام
معلومات مشكورة عليها وسوف يتم اضافة ما يمكننا البحث عنه لاحقا انشاء الله












  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 11:12 AM   المشاركة7
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

السلام عليكم



الكتـب والمكتبـات فـي الحضـارة الإســلامية


إبراهيم غرايبة
تعد المكتبات في الحضارة الإسلامية من أهم المؤسسات الثقافية التي عني بها المسلمون، وكان لها دور كبير في الحياة الثقافية والعلمية بين المسلمين وفي العالم. لقد استوعب المسلمون الإنتاج المعرفي الذي قدمته الحضارات التي سادت قبلهم كاليونان، والفرس، والهند، والصين، ومصر، والعراق، وترجموا إلى اللغة العربية جـــزءاً كبيراً من تراث الأمم من يونان وأقباط وهنــــود وسريان وكلـــــــــــدان، وفرس، وقد يصح القول إن الحضــــــــــــــارة الإسلامية حضارة كتب ومكتبات.
إن الإسلام يحض على العلم ويعتبره فريضة على كل مسلم، وقد ابتدأ القرآن الكريم نزوله بالآيات اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم وكانت الآية التالية ن والقلم وما يسطرون وقوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء وقوله أيضاً : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات. وقد أحب المسلمون الكتب حباً ملك عليهم مشاعرهم وذكر ول ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) لم يبلغ حب الكتب في بلد آخر من العالم إلا في بلاد الصين في عهد منـــج هوانج ما بلغه في بلاد الإسلام فــــــي القرون الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر.
بدأت الحركة العلمية في القرن الأول الهجري، بجمع القرآن الكريم ونسخه، وجمع الحديث الشريف وتدوينه، والترجمة إلى العربية عن اليونانية والفارسية والهندية وغيرها من اللغات، والدراسات الفقهية، والأشعار والأنساب، وتسجيل السيرة النبوية والمغازي، وظهرت المكتبات الخاصة، وتأسست أول مكتبة أكاديمية على يد خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. وتطورت المكتبات ونضجت وازدهرت في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) وبلغت ذروتها في القرن الرابع. وشهد القرن الثاني الهجري تطوير أو اختراع الورق الذي نقل الحركة العلمية نقلة مهمة وبعيدة فازدهرت صناعة النشر (الوراقة). وبنيت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد مكتبة بيت الحكمة التي كانت مركزاً مهماً لترجمة الكتب التي جمعها المسلمون من خزائن الكتب في مختلف أرجاء العالم - وكانت مكتبة بيت الحكمة مقسمة ومنظمة حسب الموضوعات واللغات، ويشرف على كل قسم فيها علماء مختصون في مجالهم ذكر منهم يوحنا بن ماسوية السرياني الذي كان يترجم عن اليونانية والفضل بن بوبخت الذي كان يترجم عن الفارسية، وكان المأمون يرسل العلماء المتخصصين للبحث عن الكتب وجمعها من مصادرها حيث كانت مكدسة في خزائن الكتب في الأديرة والمباني المختلفة في مدن كانت مهمة مثل عمورية وقبرص، واجتمع في بيت الحكمة عدد كبير من العلماء والباحثين ذكر منهم حنين بن اسحق، وأبناء شاكر، والخوارزمي، وسهل بن هارون، وسعيد بن هارون. وكان يعمل في المكتبة أيضاً فريق من الفنيين كالناسخين والمجلدين والنقلة والملازمين والبوابين. وعرفت أيضاً مكتبات المساجد والمكتبات الخاصة والمكتبات العلمية والبحثية ومكتبات الخلافة ومكتبات المشافي. وكان المسجد مركزاً للعلم والدراسة إضافة إلى العبادة وذلك حتى زمن قريب ومازال بعضها كذلك حتى الآن في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي وأماكن تجمع المسلمين، واشتهرت مساجد كثيرة باعتبارها مراكز للعلم والفقه والبحث كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس، والمسجد الأموي في دمشق، وجامع الأزهر في القاهرة، ومسجد الزيتونة في تونس، ومسجد قرطبة، وجامع المنصور في بغداد، وكانت مكتبات هذه المساجد عامرة بالكتب التي تشمل معظم أنواع المعرفة. ويعد جامع الأزهر أقدم جامعة في العالم مازالت قائمة منذ أكثر من ألف سنة وتعمل على نحو متواصل. وذكر ياقوت الحموي أنه كان يوجد في أيامه في مدينة مرو خزانتان للكتب في جامع المدينة، إحداهما يقال لها العزيزية وكان فيها اثنا عشر ألف مجلد، والأخرى يقال لها الكمالية. وكان من عادة العلماء والمحسنين وكثير من الناس أن يوقفوا الكتب في حياتهم، أو بعد مماتهم في المساجد لتوضع تحت تصرف طلبة العلم. عندما بنى الخليفة المستنصر بالله العباسي مسجد القمرية بالجانب الغربي من بغداد حمل إليه كتباً كثيرة وجعل لها مشرفين وقيمين من العلماء المشهود لهم بالفضل والصلاح. والمستنصر هو مؤسس المدرسة المستنصرية التي مازال بناؤها قائماً حتى اليوم في بغداد وكان خازن الكتب فيها هو عبد العزيز بن دلف وكان قبل ذلك خازناً لكتب مسجد الشريف الزيدي. وأورد ابن النديم في كتابه الأنصاف والتحري أن خزانة الكتب بجامع حلب قد نهبت في فتنة حدثت في المدينة فأمر الوزير أبو النجم هبة الله بن يديع بتجديدها ووقف غيرة كتباً أخرى. وعرفت مكتبات خاصة كثيرة مثل مكتبة خالد بن يزيد بن معاوية، والكندي الفيلسوف العربي المشهور، وكانت هذه المكتبات شبه عامة، وأبناء موسى بن شاكر الذين كانوا علماء في الفلك والفيزياء، وابن العميد وزير البويهيين، وقد حوت مكتبته كل أنواع المعارف والآداب، وقدر عددها بحمل مائة جمل، وحين أغار السامانيون على الري مدينة ابن العميد، وكان يوصف كما في كتاب تجارب الأمم لابن مسكويه نهبوا كل محتويات قصره ولكنهم تركوا الكتب فلما عاد إلى داره ووجد الكتب ساعة فرح كثيراً كل الخزائن تعوض إلا الكتب لا عوض عنها. وكان تلميذ ابن العميد إسماعيل بن عباد أكثر حباً بالكتب، وقدرت مكتبته بحمل أربعمائة جمل، وكان يعمل معه عدد كبير من العلماء والباحثين، مثل جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع الذي ألف بناءً على طلبه كتاب الكافي في الطب، وأحمد بن فارس اللغوي الذي ألف كتاب الصاحبي، وذكر ياقوت قولا لابن عباد أن في مكتبته مائتين وستة آلاف مجلد، ثم وقف هذه المكتبة بعد وفاته لمدينة الري، وزارها بعد ذلك البيهقي وقال إن فهرسها يقع في عشر مجلدات. وقال ول ديورانت في قصة الحضارة إن كتب ابن عباد وكانت تفوق ما في دور الكتب الأوروبية مجتمعة. وقال ياقوت إن الواقدي عندما تحول من الجانب الغربي من بغداد نقل كتبه على مائة وعشرين جملاً، والواقدي مؤلف كتاب المغازي ( ت سنة 207هـ) قال: ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه، وأنا حفظي اكثر من كتبي. أسس جعفر الموصلي المعروف بابن حمدان مكتبة في مدينة الموصل كانت مفتوحة الأبواب لجميع الناس، وكانت توزع الورق وأدوات النسخ والتعلم على رواد المكتبة. وبلغت الأندلس منزلة متقدمة في العلم والحضارة، وقد كان في قرطبة 1600 مسجد، 600 حمام،ومائتا ألف دار، وثمانون ألف قصر، وفي ضواحيها ثلاثة آلاف قرية في كل واحدة منبر وفقيه، وقدر سكان المدينة بمليوني نسمة، وكان بالربض الشرقي منها مائة وسبعون امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي، وكان أغلب الناس كما ذكر المؤرخ الأوروبي دوزي يعرفون القراءة والكتابة. وكان في الأندلس مكتبات خاصة كثيرة عامرة، مثل مكتبة القاضي أبو مطرف عبد الرحمن بن عيسى، ومكتبات الخلفاء، والوزراء والأعيان مثل ابن حزم، وابن رشد، واشتهرت قرطبة بحب الكتب كما اشتهرت اشبيلية بالغناء، وكان يقال إذا مات عالم بإشبيلية حملت كتبه إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة حملت آلاته إلى إشبيلية حتى تباع فيها. ومن طُرَف جمع الكتب في الأندلس ما يذكره التلمساني في نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب أن الناس كانوا يجتهدون في شراء الكتب وجمعها وهم لا يعرفون عنها شيئاً سوى أنها من وسائل التباهي والتفاخر، فيذكر الحضرمي أنه لازم سوق الكتب يترقب كتاباً فوجده بخط فصيح وتفسير مليح، ففرح به وجعل يزيد في ثمنه ويزيد غيره، فطلب من يزيد عليه فرآه شخصاً عليه لباس رئاسة، فقال له: أعز الله سيدنا الفقيه إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت الزيادة بيننا فوق حده، فقال له: لست بفقيه ولا أدري ما فيه، ولكن أقمت خزانة كتب واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب، فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم من الرزق فهو كثير. ومن المكتبات العجيبة في التاريخ الإسلامي مكتبة شيراز التي أقامها عضد الدولة البويهي، كتب عنها المقدسي في أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم أن عضد الدولة خرق فيها الأنهر ونصب عليها القباب وأحاطها بالبساتين والأشجار وحفر فيها الفياض وجمع فيها المرافق والعدد، وكان فيها ثلاثمائة وستون حجرة وداراً، ولكل حجرة وكيل وخازن ومشرف من عدول البلد، ولم يبق كتاب صنف إلى وقته من أنواع العلوم كلها إلا حصله منها - وكان يلصق على أبواب الخزائن أسماء الكتب التي فيها، ومقسمة حسب موضوعاتها. وأنشأ سيف الدولة الحمداني مكتبة كبرى جعلها في عهدة شاعرين أخوين، هما أبو بكر محمد بن هاشم، وأبو عثمان سعيد بن هاشم. ويذكر أبو شامة في كتاب الروضتين أن صلاح الدين عندما دخل مدينة آمد من أعمال الجزيرة العليا سنة 579هـ وجد فيها خزانة كتب تحوي ألف ألف وأربعين ألف كتاب، وهو رقم خيالي لكنه يدل على التراث الهائل وحب المطالعة والكتب. ووصف المقريزي مكتبات الفاطميين وبخاصة دار الحكمة، فقال إنها من عجائب الدنيا لم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم منها، وكان فيها 1200 نسخة من تاريخ الطبري، وكانت تشتمل على ألف ألف وستمائة ألف كتاب، وكانت مكتبات الفاطميين مفروشة بأثاث وفرش جميلة، وشوهد في مكتبة الفواطم قطع من الحرير الأزرق غريب الصنعة، فيها صورة أقاليم الأرض وجبالها وبحارها ومدنها وأنهارها ومساكنها، وأسماء طرائقها ومدنها، وجبالها، وبلادها، وأنهارها وبحارها. وأنشئت في الأندلس مكتبات مهمة نقل إليها جزء كبير من كتب اليونان في أوروبا، وروى ابن خلدون أن خزانة العلوم والكتب بدار بني مروان كانت فهارسها في أربعة وأربعين مجلداً في كل مجلد عشرون ورقة ليس فيها إلا أسماء الكتب لا غير. وعرفت المكتبات العامة التي كانت مفتوحة للجمهور وتقدم لهم إضافة إلى الكتب الإرشاد والورق والحبر وأدوات الكتابة. وذكر ياقوت أن عدد المكتبات في مرو في زمانه (أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع الهجري) كانت عشر مكتبات في الجوامع والمدارس والخوانق أو في أبنية خاصة بها، وكان في ساوه مكتبة عامة جليلة وصفها ياقوت بأنها لم تكن في الدنيا أعظم منها. وألحقت بالمدارس والمستشفيات مكتبات خاصة بها كان لها شأن عظيم في العلم والثقافة، ومن المدارس التي تحدث المؤرخون عن مكتباتها مدرسة نظام الملك السلجوقي في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وهي التي سميت المدرسة النظامية في بغداد، ومن شيوخ هذه المدرسة الإمام الغزالي وقد زارها ابن جبير وابن بطوطة في رحلاتهما المشهورة، وقد وصف ماكنيسن مكتبة المدرسة النظامية بأنها إحدى أربع مكتبات كبرى في بغداد في العصور الوسطى، وتولى أمانة هذه المكتبة علماء كبار مثل الأسفرايني والأبيوردي، وهو صاحب مصنفات كثيرة،وقد وقف كثير من الخلفاء والعلماء لهذه المكتبة الأموال والكتب، مثل الخليفة الناصر لدين الله العباسي، ومحيي الدين بن النجار، مؤلف كتاب ذيل تاريخ بغداد، ويذكر ابن الأثير أن حريقاً شب في المدرسة سنة 510هـ فهب الفقهاء والتلاميذ جميعاً لنقل الكتب من المدرسة وسلمت جميعها، وفي هذا إشارة واضحة لمدى الحرص على سلامة المكتبة والكتب، وذكر ابن الجوزي (ت سنة 597هـ) في كتابه صيد الخاطر أنه نظر في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد. وربما كانت المدرسة المستنصرية أشهر مدرسة في التاريخ الإسلامي، وقد أنشأها الخليفة في بغداد الخليفة العباسي المستنصر بالله، وكانت تدرس الفقه والطب والنحو والفلك والكيمياء وهي أقرب إلى الجامعة بالمفهوم الحديث، وكانت مكتبتها جميلة البناء، فقال ابن الفوطي أنها حوت كتباً نفيسة تضم من العلوم الدينية والأدبية، وقد وُضع فيها يوم افتتاحها ثمانون ألف مجلد وقد عمل ابن الفوطي المؤرخ المشهور مؤلف كتاب الحوادث الجامعة والتجارب النافعة عمل أمنياً لهذه المكتبة، وكان ابن الفوطي يعمل قبل ذلك خازنا لمكتبة مرصد مراغة التي كانت تضم أربعمائة ألف مجلد، لكن ابن الفوطي قال عن مكتبة المستنصرية أنها لم يكن أعظم منها في زمانها، وما زال بناء المستنصرية قائماً حتى اليوم في بغداد. ولا ترقى المعلومات عن مكتبات المشافي إلى سعة وكثرة مكتبات المدارس ولكن المؤرخين تحدثوا عن مكتبات تابعة للمستشفى النوري في دمشق في أواخر القرن السادس الهجري، وذكر المقريزي عن مكتبة ملحقة بالبيمارستان المنصوري في القاهرة، وذكرت دائرة المعارف الإسلامية أن الكتب التي وجدت في مستشفى قلاوون في القاهرة بلغت حوالي مائة ألف مجلد. وتعرض المصادر التاريخية وصفاً شاملاً لتنظيم المكتبات والعاملين فيها من المشرفين والخازنين والمناولين عدا العلماء والباحثين والمترجمين، وتدل الكتب الببلوجرافية التي ألفت على مستوى وطبيعة تنظيم المكتبات الإسلامية، مثل كتاب الفهرست لابن النديم الذي ألف في عام 377هـ، وإحصاء العلوم للفارابي، وكشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لـ حاجي خليفة في القرن العاشر الهجري، ومفتاح السعادة ومصباح السيادة لـ طاش كبري زادة في القرن العاشر الهجري.


المصدر :















  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 11:35 AM   المشاركة8
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

يرد في السطور اللاحقة ذكر لمكتبة علي بن يحيى المنجم :
المكتبات في الشرق الإسلامي خلال القرون الوسطى




ترجمة: محمد الدنيا
يرتبط تاريخ المكتبات، الغنية بالموسوعات، وغيرها من المؤسسات العلمية، كالبيمارستانات والمراصد.. في الشرق الاسلامي، خلال القرون الوسطى، ارتباطا وثيقا بتاريخ النخب الفكرية التي أنشأتها، ودعمتها، ونشطتها.


ففي عهد الخليفة المأمون 198 هـ، وجدت في بغداد مكتبة يعمل ويجتمع فيها علماء فلك ورياضيات وأدباء ومترجمون. وقد عرفت باسم بيت الحكمة. إلا أن بعض الباحثين اليوم يرون أن بيت الحكمة لم تكن إلا نوعا من الاكاديمية، التي كانت تمارس فيها النشاطات الفكرية المتعلقة بالعلوم الدنيوية. أما عبارة بيت الحكمة، أو اسمها الاخر خزانة الحكمة، فقد ظهرت في عهد هارون الرشيد. وإذا لم يكن الخليفة المأمون هو من أنشأ هذه المؤسسة، فإنه أعطى دفعا قويا جدا للنشاط العلمي الذي ارتبط بها.
تجمع المصادر كلها على إظهار «بيت الحكمة» كمكتبة ضمت بشكل خاص أعمالا في الفلسفة والعلوم. وكلمة «حكمة» تعني في الواقع، في الثقافة العربية ­ الاسلامية، ليس فقط الحكمة والفكر التأملي والفلسفة بحصر المعنى، بل ايضا كل الاشكال المعرفية الموروثة من العصور الكلاسيكية. ‏
كانت بيت الحكمة غنية بمخطوطات جيىء بها من الامبراطورية البيزنطية وروى القاضي والمؤلف التاريخي صاعد بن أحمد الاندلسي (القرن 5 هـ) ان الخليفة المأمون أقام علاقات مع أباطرة القسطنطينية، الذين أرسلوا له مؤلفات أفلاطون وأرسطو وأبقراط وجالينوس واقليدس وبطليموس وغيرهم. لكن الكتب والمخطوطات التي جاءت من الخارج لم تكن بمستوى أهمية تلك التي كانت موجودة في الامبراطورية العباسية.. بقيت مدن انطاكية وحران والرها (أورفا) ونصيبين ضاجة بالحياة الفكرية، واحتفظت بالاعمال الفلسفية والعلمية اليونانية المترجمة الى السريانية، مع ما رافقها من اضافات وشروح. وعندما كان أحد علماء بغداد يرغب في ترجمة عمل اغريقي، لم يكن يذهب للبحث عن مخطوطات في الاقاليم البيزنطية البعيدة، بل في هذه المراكز الثقافية القديمة، فتأتي ترجمته العربية لتغني مجموعات الاعمال العلمية في «بيت الحكمة» أو غيرها من المكتبات. ‏
هل كانت «بيت الحكمة» مركزا للترجمة؟ ‏
ترجم الكثيرون من العلماء انفسهم، في عهد المأمون، اعمالا في علم الفلك والهندسة والطب والفلسفة. وكان للمأمون دور بارز في رفع شأن هذا المركز الفكري، «بيت الحكمة» الذي كان يتلقى ايضا مساعدات مالية كبيرة من مهتمين آخرين. وتمثل أحد الادوار الرئيس لبيت الحكمة في تزويد العلماء بالمخطوطات ووضع الكتب المترجمة تحت تصرفهم. ‏
وككل مكتبة، كان الوراقون يؤمون «بيت الحكمة» مكانا لنسخ الاعمال، وبيعها في متاجرهم للعامة أو لأصحاب النفوذ. وكانت «بيت الحكمة» ايضا مكانا لنشاطات اخرى: كانت مقرا لاجتماعات العلماء. ومن الممكن ان تكون «بيت الحكمة» قد لعبت دورا لا يستهان به، ولكن يصعب تقديره، في التقريب بين العلوم الدينية والفلسفة، فساهمت بذلك في نشأة عدد من التيارات الفكرية. ‏
وتبقى اسئلة كثيرة بلا إجابة: أين كانت تقع مكتبة «بيت الحكمة»؟ كيف كانت تعمل؟ متى وكيف اختفت؟ ربما تكون قد قسمت الى عدة مجموعات إبان نقل العاصمة الى سامراء (في العام 221 هـ)، أو أهملت في عهد الخليفة المتوكل (232 ­ 247 هـ) في الواقع، فقدت هذه المكتبة كل دور مهم بعد حكم المأمون. مع ذلك، لم يتوقف نشاطها العلمي. على العكس، شهدت بغداد آنذاك ظهور رجال علم بفضل دعم الخلفاء والوزراء والامراء. وقد ذكر الاديب والمؤرخ «القفطي» سير 415 رجل علم، عاش اكثر من نصفهم بين القرن الثاني والثالث الهجريين، 113 منهم في العراق. كانت بغداد آنذاك مركز الاستقطاب الذي اجتذب معظم القوى الفكرية في العالم الاسلامي. كانت هذه الحياة الفكرية اللامعة تنتظم حول عدة مراكز: بلاط الحاكم، وحوانيت الوراقين، والمساجد، والمدارس، وبيوت الاعيان، والمكتبات، والمشافي (البيمارستانات). ‏

المكتبات الخاصة والعامة ‏
كثيرون هم الشعراء والادباء العرب الذين تغنوا بصحبة الكتاب الوفية وافتخروا باقتناء الكتب. ‏
وترك لنا الطبيب ابن أبي أصيبعة، من بين آخرين، وصفا لمكتبة الطبيب «ابن المطران» ذكر فيه انها كانت غنية بأكثر من ثلاثة آلاف مجلد، وانه كان في خدمته باستمرار ثلاثة ناسخين، وانه نسخ بنفسه عددا من الكتب. وقد اعطى استيراد الاسلوب الصيني في صنع الورق وانتشاره التدريجي في حواضر الشرق الكبرى دفعا قويا لعمل الناسخين، الذين اصبحت لديهم مادة خفيفة ومتينة واقل كلفة من البردى والرق. وتطورت تجارة حقيقية في ميدان المخطوطة، يدعمها سعي الطبقات المثقفة الى اقتناء كتب جميلة. ‏
اشتهرت بعض المكتبات الخاصة، التي كان يملكها أمراء أو علماء أو أعيان، لغناها بالمؤلفات. ‏
وكثيرا ما كانت مفتوحة أمام المسافرين، ومحبي الاطلاع واصدقاء العلم، والمؤرخين. وكان علي بن يحيى المنجم، نديم المتوكل (توفي 275 هـ)، قد كون مجموعة رائعة من منتخبات الكتب في قصره في نواحي بغداد. ويروي ياقوت الحموي ان أبا معشر البلخي، الفلكي الشهير، مر بالمكتبة وهو في طريقه الى مكة المكرمة، ففتن بها وأمضى في قراءة كنوزها وقتا طويلا. ‏
لقد حرص كل الخلفاء والامراء على تزويد قصورهم بالمكتبات الغنية وتأكيد حبهم للعلم والمعرفة، هذه الميزة الحتمية لكل حاكم صالح، وكانت محتويات بعضها متاحة للعلماء الذين كانوا ينجزون فيها اعمالهم، بحثا وترجمة وشرحا وتأليفا وتقميشا، وكان يمكن اعتبارها مؤسسات علمية حقيقية. ‏
عدا ذلك، كان يجب ان تضم المكتبات بشكل خاص مؤلفات في العلوم الدينية والآداب. ‏
وفي القاهرة، كانت مكتبات قصور الخلفاء غنية جدا بالمؤلفات. وفي العام 395هـ، أنشأ الحاكم بأمر الله دار الحكمة، التي سميت احيانا دار العلم: اتخذ منها العلماء مقرا لاجتماعاتهم، والمدرسون منبرا للتعليم، والاطباء والعلماء ومرتلو القرآن الكريم والفلكيون والمعجميون والنحويون مكانا للبحث والاقامة. وفي الموصل، والبصرة، وحلب وطرابلس، لعبت المكتبات المماثلة الدور نفسه: كانت تؤمن حفظ المخطوطات ونسخها، وعرفت مراكز للتعليم ونشر العلوم والافكار، ومكانا للقاءات والنقاشات، وسكنا ومقرا لإقامة وعيش العلماء والمتعلمين احيانا. هكذا كانت دار العلم التي أسسها الوزير سابور بن أزدشير عام 381هـ، في حي الكرخ في بغداد. وتشير مقدمة فهرسها الى ان المكتبة كانت تضم فضلا عن القرآن الكريم، وكتب التفاسير والفقه والقواعد والشعر، «كتب آل البيت» و «مخطوطات في الطب والفلك والفلسفة وعلوم أخرى». وقد ازدهرت هذه المكتبة خلال النصف الاول من القرن 5هـ، لكنها احترقت نحو عام 447هـ إبان حريق أتى على الحي كله. ‏

المصدر: HISTOIRE DES SCIENCES ARABES «تاريخ العلوم العربية»ج3 (بالفرنسية) تأليف مجموعة من الكتاب بإشراف رشدي راشد. الناشر: دار SEUIL ­ باريس 1997 ‏
http://hasaka.net/edu/modules.php?na...rticle&sid=118












  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 12:22 PM   المشاركة9
المعلومات

ابراهيم محمد الفيومي
مشرف منتديات اليسير
أخصائي مكتبات ومعلومات
 
الصورة الرمزية ابراهيم محمد الفيومي

ابراهيم محمد الفيومي غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 31463
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: الأردن
المشاركات: 2,507
بمعدل : 0.41 يومياً


افتراضي

ومن المواضيع ذات العلاقة حرق الكتب
حرق الكتب وتدمير المكتبات وراء تخلف الأمة العربية!!
ضياع 8 ملايين كتاب عربي بسبب الجهل والتعصب والغزو الأجنبي..

ذكر د. منصور سرحان مدير إدارة المكتبات العامة أن حرق الكتب وتدمير المكتبات يعد من بين أهم الكوارث التي واجهت الحضارة العربية الإسلامية منذ تاريخها الطويل وحتى يومنا هذا. وأنها سبب رئيسي لتخلف الأمة العربية عن النهضة العلمية وسر ضعفها، وجعلها نهباً للمستعمر الأجنبي.
وأضاف في محاضرة ألقاها يوم أمس ببيت القرآن وقامت بتقديمها الصحفية هالة كمال الدين رئيسة قسم التحقيقات بـ جريدة ((أخبار الخليج)): إن المتبحر في تتبع بناء الحضارات في العالم قديماً وحديثا، يجد أن تأسيس المكتبات واحترام الكتب والمحافظة عليها وتبجيل العلماء والكتاب هو سر بزوغ الحضارات في العالم وسبب شهرتها.

وقال: لقد بنى العرب حضارات شامخة في البلدان التي فتحوها شرقاً وغرباً كالحضارة العباسية والفاطمية والأندلسية، إلا أن تلك الحضارات أخذت في الأفول بمجرد القضاء على المكتبات وحرق الكتب ومضايقة الأدباء والعلماء والمفكرين والكتاب مشيرا إلى أن الكتاب في الوطن العربي واجه عبر العصور المختلفة تحدياً كبيراً يتمثل في حرقه وتدمير مراكز وجوده وملاحقة مؤلفيه ومضايقتهم بل قتلهم.
وأوضح انه قد تعددت أسباب تدمير المكتبات وحرق الكتب أو دفنها في الأرض أو رميها في مياه النهر، حيث هناك أسباب شخصية بحتة،و أخرى تمثلت في الخوف من اقتناء الكتب باعتبارها محرمة وممنوعة بخاصة كتب الفلسفة والكتب العلمية. ونوه إلى أن هناك أسبابا أخرى مصدرها الحقد والتعصب الأعمى والجهل القاتل، فضلا عن غزو البلدان العربية واحتلالها من قبل الأجنبي وتدمير مكتباتها وحرق ما فيها من كتب، الأمر الذي أدى إلى ضياع زهاء ثمانية ملايين كتاب على أقل تقدير، هي ثمرة جهود العلماء والفلاسفة ورجال الطب والفكر والأدب والفقه عبر عصور إسلامية مختلفة، ما أدى إلى ضياع الكثير من تراث الأمة العربية الإسلامية الفكري والثقافي بصورة خاصة، وضياع التراث الفكري والثقافي الإنساني بصورة عامة.
ومن بين الأسباب الشخصية التي أدت إلى حرق الكتب ذكر مثال أقدام أبو حيان التوحيدي بإحراق كتبه بنفسه، لأنه لم ينل من التقدير والاحترام في حياته ما كان يرجوه، فصب جام غضبه على كتبه فأحرقها وقال: يروى أنه كانت لعمرو بن العلاء المتوفى سنة 154هـ، كتب ملأت له بيتاً حتى السقف، ثم إنه تنسك فأحرقها. ومن بين الذين أتلفوا كتبهم من تلقاء أنفسهم من أئمة المسلمين لأسباب شخصية كذلك كما ذكر سرحان أحمد بن أبي الحواري، موضحا أنه لما فرغ من التعلم جلس للناس فخطر بقلبه يوماً خاطر من قبل الحق، فحمل كتبه إلى شط الفرات فجلس يبكي ساعة ثم قال: ((نعم الدليل كنت لي على ربي، فلما ظفرت بالمدلول فالاشتغال بالدليل محال)) فغسل كتبه أي تخلص منها.
وأضاف د. منصور سرحان في محاضرته أن داود بن نصير الطائي المتوفى سنة 160 هـ/776م جمع مجموعة كبيرة من الكتب مكوناً بذلك مكتبة خاصة به وقدم بغداد أيام المهدي العباسي ثم قفل راجعاً إلى الكوفة. وسمع الحديث والفقه وعرف النحو وعلم أيام الناس وأمورهم، ثم تعبد وتحولت حياته إلى العزل والانفراد، فعمد إلى مكتبته التي كانت تضم كتبا في الفقه واللغة والأدب، وأخذ يفرقها في مياه نهر الفرات، وقيل إنه دفنها في الأرض، وفي ذلك ضياع لثروة فكرية كبيرة.
ومن النماذج الأخرى التي أوردها المحاضر في نفس السياق ما حدث لأبي عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله الثوري عندما خشي سطوة المهدي العباسي وبطشه فاختفى عن الأنظار وظل متستراً عن المهدي في البصرة حتى وافاه الأجل المحتوم سنة 161هـ/777م. وقد امتلك سفيان الثوري مكتبة كبيرة فيها كتب مختلفة من الفقه والعلوم الأخرى، وخاف على كتبه فقام بدفنها. ويؤكد صحة هذه الرواية ابن الجوزي بقوله: (إن من دفن كتبه لسبب مشروع كأن يكون فيها أشياء مدخولة لم يستطع تمييزها ولم يشأ نشرها فلا بأس به، ومثل ذلك فعل سفيان الثوري وبعض الأكابر). وقال: يبدو أن التنسك والتعبد على طريقة الرهبان كان العامل الشخصي الأكبر في تخلص أصحاب الكتب منها بدفنها. حيث استمرت عادة دفن الكتب من دون انقطاع جراء التنسك، وهي عادة يمكن أن يطلق عليها عادة وأد الكتب، نظراً لتكرار حدوثها.
ففي القرن الثاني للهجرة النبوية الشريفة قام أبو مخلد عطاء بن مسلم الكوفي بدفن كتبه قبل وفاته وهو ممن اتسم بالصلاح والتقى وروى الحديث وروي عنه. أما أغرب حوادث دفن الكتب التي مرت على التاريخ العربي الإسلامي فقد جسدها أبو كريب الهمداني المتوفى سنة 243 هـ/857 م وقد علق على ذلك سرحان قائلا إنه كان من محدثي الكوفة الإجلاء، وهو من مشايخ النسائي، وقد أكثر من رواية الحديث. وقد ورد عنه انه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث، وأوصى قبل وفاته بأن تدفن كتبه معه، فدفنت. وذكر انه من الفواجع التي لحقت بالمكتبات الخاصة في العصور الإسلامية مكتبة بني عمار في القرن العاشر الميلادي حيث أسس بنو عمار مكتبة ضخمة لهم في طرابلس بسورية تحمل اسمهم، غير أنهم جعلوها عامة فيما بعد وفتحت أبوابها لكل قارئ ومتحدث ودارس دون استثناء.
وتكاملت مقتنياتها بنهاية القرن العاشر الميلادي. فقد جمعوا لها الكتب الكثيرة والمخطوطات النادرة، وكانت الكتب في معظمها مجلدة تجليداً فاخرا، ومزخرفة بالذهب والفضة وقد قدر شو شتري في كتابه ((مختصر الثقافة الإسلامية)) مقتنيات مكتبة بني عمار بثلاثة ملايين كتاب، وكان لها أكثر من مائة وثمانين ناسخاً يتناوبون العمل بالمكتبة ليلاً ونهارا. وقد ارجع سرحان سبب حرق مكتبة بني عمار إلى توهم الصليبين أن جميع محتويات المكتبة هي نسخ القرآن الكريم. فعند احتلال طرابلس دخل أحد القساوسة ويدعى الكونت برترام سنت جيل مبنى المكتبة، وكان يرافق الحملة الصليبية، وتجول في القاعة المخصصة للقرآن الكريم، فاعتقد أن المكتبة بجميع قاعاتها مخصصة للقرآن الكريم فقط، فأعطى أوامره بحرقها. وأدى حرقها إلى القضاء على الكثير من الكتب والمراجع القيمة وضياعها، ما أوجد فراغاً في المكتبة العربية الإسلامية آنذاك.
واستمر مسلسل حرق الكتب وتدمير المكتبات دون انقطاع. فقد شهدت مكتبة سابور التي أسست في عام 381هـ في مدينة بغداد مصيراً مأساوياً لا يقل فداحة عما جرى لمكتبة بني عمار. وقال: إن (مكتبة سابور) تنسب إلى مؤسسها أبو نصير سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي. وقد ذكرها المؤرخون تحت أسماء مختلفة. فذكرها ابن الأثير تحت اسم (خزانة الكتب) وذكرها ابن تغري بردي، وأبو العلاء المعري، وياقوت الحموي تحت اسم (دار العلم). وأضاف أن المصادر التاريخية تشير إلى أن عدد الكتب التي احتوتها بلغ زهاء 10400 كتاب، من بينها مائة مصحف بخط ابن مقلة. ومن بين المترددين عليها أبو العلاء المعري، وجاء ذكر المكتبة تحت اسم «دار العلم« على لسانه في "سقط الزند": أخازن دار العلم كم من تنوفة أتت دوننا فيها العوازف واللغط".
وقد استمرت المكتبة تقدم خدماتها للجميع طوال سبعين سنة، ثم أحرقت عند مجيء الملك طغرل بك في سنة 450هـ، وكانت محلتها بين السورين كما جاء ذلك في كتاب البداية والنهاية لابن كثير. وقال سرحان في محاضرته إن بعض حكام العرب ساهموا في حرق الكتب دون وازع من ضمير. ومن بين أهم المكتبات التي أحرقت على أيدي الحكام العرب (مكتبة ابن حزم الأندلسي) المتوفى سنة 456هـ/1063م. ويعد ابن حزم أشهر ممثلي الثقافة العربية في الأندلس، وكان شاعراً ومحدثاً وخطيبا، وعرف بصاحب المذهب الظاهري وقد أحب ابن حزم الكتب كثيراً وجمع منها أعداداً جمة، كما ألف العديد من الكتب، وأضحت مكتبته من بين أضخم المكتبات الخاصة في الأندلس. وكان أبوه من علماء قرطبة، نظم الشعر واهتم بالكتابة، وعين وزيراً في الدولة المروانية. وبعد وفاة والده بسنتين أكره على مغادرة قرطبة إلى المرية. غير أن الأمور لم تبق على حالها، فقد رضي عنه وعين وزيراً أكثر من مرة، وتقلد آخر وزارة له في عهد هشام الثالث الملقب بالمعتمد. كما اهتم ابن حزم بأمور التأليف وجمع الكتب وقراءتها وفضلها على أمور السياسة. ونظر إليه البعض بعين الحقد والحسد وأثاروا حوله الجدل مما حدا بالمعتمد بن عباد صاحب أشبيلية أن يأمر بحرق كتبه علنا. وهنا أنشد أبياته المعروفة يبدي فيها حسرته ولوعته بفقدانه كتبه، موجهاً تلك الأبيات إلى صاحب أشبيلية بنبرة التحدي.
وواصل سرحان قائلا: تعد مكتبة عبد السلام بن عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست الجبلي البغدادي المدعو بالركن، المكتبة الثانية التي تحرق بأمر حاكم عربي هو الخليفة العباسي الناصر لدين الله المتوفى سنة 622هـ/1225م واهتم عبد السلام بجمع الكتب الخاصة بعلوم الأوائل، ومن بينها كتب الفلسفة واقتنى في هذا المجال وغيره كتباً كثيرة. ونالت مكتبته شهرة واسعة بخاصة أنه جمع من كتب الفلسفة والكتب العلمية ما لم يجمعه غيره، مما أدى إلى التشهير به وإحراق كتبه. وكما هو معلوم أن كتب الفلسفة خاصة كانت ممنوعة في تلك الأيام باعتبارها في نظر الجهلة والمتشددين تفسد العقل.
وتطرق كذلك إلى ما ذكره القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء) حول قصة إحراق مكتبة عبد السلام عندما برزت الأوامر الناصرية بإخراجها إلى موضع في بغداد يعرف بالرحبة لحرقها بحضور الجمع الغفير. وقد كلف بتنفيذ هذه المهمة عبيد الله التميمي البكري المعروف بابن المارستانية، وجعل له منبراً صعد عليه وخطب خطبة لعن فيها الفلاسفة ومن يقول بقولهم.
وذكر الركن عبد السلام صاحب المكتبة بشر وكان يخرج الكتب كتاباً كتاباً فيتكلم عليه، ويبالغ في ذمه وذم مصنفه ثم يلقيه من يده لمن يلقيه في النار. ومن بين الكتب التي القيت في النار كما جاء بالمحاضرة كتاب (الهيئة) لابن الهيثم حيث أشار ابن المارستانية إلى الدائرة التي مثل بها ابن الهيثم الفلك وهو يقول: وهذه هي الداهية الدهماء والنازلة الصماء والمصيبة العمياء، ثم خرقها وألقى الكتاب في النار. وأكد المحاضر أن إحراق الكتب كان شائعاً في تلك العصور تشفياً من عدو أو نكاية فيه، فكان أهل كل ملة يحرقون كتب غيرها، كما فعل عبد الله بن طاهر بكتب فارسية كانت لا تزال باقية إلى أيامه (سنة 213 هـ) من مؤلفات المجوس، وقد عرضت عليه فأمر بإلقائها في الماء، وبعث إلى الأطراف أن من وجد شيئاً من كتب المجوس فليعدمه.
وأوضح أن الحكام أو الخلفاء كانوا إذا أرادوا اضطهاد المعتزلة والفلاسفة أحرقوا كتبهم. ومن أشهر الحوادث من هذا القبيل ما جاء على لسان ابن خلدون ما فعله السلطان محمود الغزنوي لما فتح الري وغيرها سنة 420 هـ، قام بقتل الباطنية ونفى المعتزلة وأحرق كتب الفلاسفة والاعتزال. واستخرج كتب علوم الأوائل وعلم الكلام من مكتبة الصاحب بن عباد التي وقفها على مدينة الري وأمر بإحراقها.
كما حوربت كتب الغزالي في المغرب العربي من قبل أمراء المرابطين الذين تلقبوا باسم أمراء المسلمين، وأمروا بإحراقها، وتقدموا بالوعيد الشديد من سفك الدم واستئصال المال إلى من وجد عنده شيء منها. وقال إنه في زمن الموحدين وبخاصة في أيام مؤسس السلالة الموحدية محمد بن تومرت، جرى اضطهاد المؤلفين ممن كتبوا في علم المذهب والفقه وأحرقت كتبهم.
ويذكر أحمد أمين في كتابه (ظهر الإسلام) حوادث حرق كتب الفقهاء في عصر مؤسس دولة الموحدين من خلال ما رواه (صاحب المعجب) باعتباره شاهد عيان على حرق الكتب بقوله: «وفي أيامه - أي أيام محمد بن تومرت - انقطع علم الفروع وخافه الفقهاء، وأمر بإحراق كتب المذهب، فأحرق منها جملة في سائر البلاد. وقد شهدت ذلك وأنا بمدينة فاس يؤتى منها بالأحمال فتوضع ويطلق فيها النار« وقد تعهد المنصور الموحدى (في القرن السادس الهجري) ألا يترك شيئاً من كتب المنطق والحكمة باقياً في بلاده، وأباد كثيراً منها بإحراقها بالنار، وشدد ألا يبقى أحد يشتغل بشيء منها، وأنه متى وجد أحد ينظر في هذا العلم أو وجد عنده شيء من الكتب المصنفة فيه فانه يلحقه ضرر عظيم.
وقال لم تتوقف هذه المأساة التراجيدية عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى تدمير المكتبات الضخمة التي أسست من قبل الخلفاء أنفسهم، ورعتها الدولة من بيت مال المسلمين، وكانت بمثابة مكتبات وطنية أو مركزية عامة وفق مفاهيم العصر الحديث،فالمكتبات الرئيسية التي تأسست في العصور العباسية والفاطمية والأندلسية انتهت بشكل مفجع تماماً وضاعت الجهود التي بذلت في جمع الكتب والمخطوطات.
وكانت عوامل الحقد والجهل والتعصب الأعمى السبب الرئيسي في تدمير ونهب وحرق وضياع المكتبات الإسلامية الرئيسية. وذكر أن مكتبة بيت الحكمة في بغداد ظلت ردحاً من الزمن تمثل الإشعاع الفكري العربي الإسلامي منذ أن أسسها هارون الرشيد ورعاها ابنه المأمون إلى حين تدميرها.
وقد ضمت المكتبة مجموعات ضخمة من الكتب على اختلاف أنواعها، منها كتب التراث الإسلامي، والسير والتراجم، والكتب العلمية والفلكية، وكتب الكيمياء والطب والرياضيات، وكتب الفلسفة والأدب واحتوت المكتبة على مرصد فلكي ومخطوطات ومصورات بلدانية. وأضاف أن ول ديورانت وصف في كتابه «قصة الحضارة« مكتبة بيت الحكمة أنها مجمع علمي، ومرصد فلكي ومكتبة عامة. أنفق في إنشائها مائتي ألف دينار (نحو 950000 دولار أمريكي) وأقام فيها طائفة من المترجمين وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال.
وأشار إلى أن دور بيت الحكمة لم يتوقف على اقتناء الكتب وحركة الترجمة والمناظرات والندوات، وإنما تعدى ذلك إلى رصد الأجرام السماوية وتسجيل نتائج تلك الأرصاد. كما حقق العلماء العرب من خلال مرصد المكتبة الفلكي في كشوف بطليموس ودرسوا كلف الشمس ورصدوا مواضعها وان المكتبة دمرت على أيدي المغول عند اجتياحهم بغداد، وألقوا بجميع محتوياتها في نهر دجلة وتحول ماء دجلة إلى اللون الأسود وهو لون المداد المستخدم آنذاك.
كما دمر المغول بالإضافة إلى مكتبة بيت الحكمة ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى في بغداد. وقال إنه لم يكن مصير دار العلم بالقاهرة أفضل من مصير بيت الحكمة في بغداد، وكانت تعد أضخم مكتبة عرفها التاريخ الإسلامي. وقد أسس المكتبة الخليفة العزيز بالله الفاطمي في قصره، ثم بنى ابنه الحاكم بأمر الله مبنىً خاصاً للمكتبة في عام 395 هـ بجوار القصر.
ويوضح المقريزي (المتوفى سنة 845 هـ/1442م)، في كتابه (الخطط المقريزية) كما جاء بالمحاضرة أن أقسام المكتبة التي تتألف من قسم للفقهاء، وقسم لقراء القرآن الكريم، وثالثاً للمنجمين، وقسم رابع لأصحاب النحو واللغة، وقسم آخر للأطباء. وأباح الخليفة الحاكم بأمر الله المطالعة فيها لجميع الناس وقد بلغ عدد قاعات المكتبة ثماني عشرة قاعة كما تذكر ذلك المستشرقة الألمانية (يغرد هونكة) في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) التي أشارت إلى مقتنيات المكتبة بقولها: (وفي القاهرة رتب مئات العمال والفنيين في مكتبتي الخليفة مليونين ومئتين من المجلدات، وهو ما يعادل عشرين ضعفاً مما حوته مكتبة الإسكندرية في عصرها). وقد بهرت المكتبة جربرت فون أورياك الذي ارتقى كرسي البابوية في روما سنة 999م باسم البابا سلفستروس الثاني وقال متحسراً: (انه لمن المعلوم تماماً أنه ليس ثمة أحد في روما له من المعرفة ما يؤهله لأن يعمل بواباً لتلك المكتبة. وأنى لنا أن نـعلم الناس ونحن فـي حاجة لمـن يعلمنا، إن فاقـد الشيء لا يعطيه).
وقدر شوشتري في كتابه (مختصر الثقافة الإسلامية) عدد مقتنيات المكتبة بثلاثة ملايين مجـلد، وإنـها كانـت أضـخم مكتـبة عرفهـا التـاريخ فـي ذلك العـصر. وقال سرحان أن المكتبة تعرضت هي الأخرى للخراب والدمار، وضاعت مئات الآلاف من الكتب حين وقع الخلاف بين الجنود السودانيين والأتراك في عام 1068م وهو العام الذي شهدت فيه مصر مجاعة كبيرة ولم يستطع الخليفة آنذاك من دفع رواتب الجند، مما دعاهم للهجوم على المكتبة والعبث بمحتوياتها، فأتلفوا كتبها.
وعمد العبيد إلى الكتب المجلدة تجليداً فاخراً فنزعوا أوراقها واتخذوا من جلودها نعالاً وأحذية لهم. وعندما تولى صلاح الدين الأيوبي حكم مصر قضى على البقية الباقية من المكتبة وذلك إما بتوزيعها على رجاله وإما بعرضها للبيع بأي ثمن كان. وأشار القلقشندي إلى نهاية هذه المكتبة بقوله: (وكانت من أعظم الخزائن، وأكثرها جمعاً للكتب النفيسة من جميع العلوم... ولم تزل على ذلك إلى أن انقرضت دولتهم (أي دولة الخلفاء الفاطميين) بموت العاضد آخر خلفائهم، واستيلاء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على المملكة بعدهم، فاشترى القاضي الفاضل أكثر كتب هذه الخزانة، ووقفها بمدرسته الفاضلية بدرب ملوخيا بالقاهرة، فبقيت فيها إلى أن أستولت عليها الأيدي فلم يبق منها إلا القليل).
وأضاف سرحان في محاضرته أن العديد من المصادر التاريخية تؤكد أن صلاح الدين الأيوبي كان سبباً في القضاء على هذه المكتبة، حيث يذكر المقريزي أنه في عهد صلاح الدين قضي على خزائن مكتبات الفاطميين وتشتت ما تبقى من كتبها بيعاً على تجار الكتب وعطاء لبعض العلماء والقضاة فضلاً عما أهداه صلاح الدين للمقربين إليه. وحدد لبيع الكتب يومين كل أسبوع واستمر عشر سنوات تولى تجار الكتب والدلالون مهمة البيع تحت امرة قراقوش.
وقد نال القاضي الفاضل مائة ألف مجلد من المكتبة، كما نال عماد الدين الأصفهاني نصيباً من الكتب بلغ ثمانية جمال، وبهذا أطفئت الشعلة التي كانت محط رجال العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين فترة من الزمن.
أما المكتبة الرئيسية الثالثة التي دمرت فهي مكتبة قرطبة التي اهتم بها الحكم الثاني وبذل الأموال الطائلة في جمع الكتب والمخطوطات وزودها بأنفس الكتب والإصدارات التي كانت تؤلف حينذاك وكان الحكم شغوفاً بقراءة الكتب، كما كان مهتماً بتنظيم المكتبة وتصنيفها وتزيينها بالزخارف الفنية، فعين عدداً من المجلدين المهرة لتجليد الكتب التي كتبت بحروف من الذهب، وزينت بالتصاوير الجميلة. وبلغ عدد الكتب التي ضمتها المكتبة قرابة أربعمائة ألف كتاب إضافة إلى دواوين الشعر التي غطت ثمانمائة صفحة من فهرست المكتبة.
وأكد منصور سرحان أن العرب خسروا خسارة فادحة جراء حرق الكتب وتدمير المكتبات الرئيسية التي كانت مصدر إشعاع حضاري لجميع أبناء الإنسانية آنذاك. وجاءت الحروب الصليبية التي استمرت زهاء قرنين كاملين أي من عام 1096م إلى عام 1291م لتقضي على ما تبقى في العالم العربي من كتب ومكتبات. ففي شرق الوطن العربي حرق الصليبيون مكتبة بني عمار في سوريا كما مربنا. وقال : في غرب الوطن العربي وبصورة خاصة في شبه جزيرة إيبريا، شن الأسبان حرباً شعواء على العرب المسلمين هناك، مستهدفين بحقد أعمى الكتب والمكتبات، فعملوا فيها حرقاً وتدميراً من أجل القضاء على التراث العربي والثقافة الإسلامية، ضاربين عرض الحائط جميع المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بينهم وبين المسلمين.
وذكر أن مسلسل حرق الكتب وتدمير المكتبات في الوطن العربي لم يتوقف عند هذا الحد، بل استمر وبطريقة أخرى تمثلت في نهب الكتب والمخطوطات النادرة ونقلها إلى بعض البلدان الأجنبية الغازية، فقد قام العثمانيون أثناء احتلالهم مصر وانتزاعها من يد المماليك في القرن السادس عشر الميلادي بسلب ونهب وتدمير وحرق الكثير من المكتبات.
وقد وثق المؤرخ ابن أياس المتوفى سنة 930 هـ/1523م الذي عاصر الفتح العثماني، الكثير من أحداث التخريب والتدمير وحرق المكتبات، وذكر بعضاً منها إبان حوادث عام 923 هـ/1517م وذلك قبل هزيمة طومان باي، حيث كان القتال بين مماليكه والجنود العثمانين. وقد نهبت مكتبة السلطان حسن، وأحرقت مكتبة جامع الأمير شيخو عن بكرة أبيها وغيرها من المكتبات. ونقلت الآلاف من المخطوطات العربية إلى أستانبول. ويقول د. منصور سرحان انه يبقى أن نبين للحقيقة والتاريخ أن هناك تهماً لفقت زوراً وبهتاناً للنيل من المسلمين الأوائل وللصق تهمة حرق الكتب وتدمير المكتبات على أيديهم في السنوات الأولى للفتوح الإسلامية، ومن المدهش حقاً أن اتهام المسلمين الأوائل بحرق الكتب جاء على لسان بعض الكتاب والمؤرخين العرب. فقد ذكر جورجي زيدان في كتابه (تاريخ التمدن الإسلامي) أن إحراق المكتبات على أيدي المسلمين من الأمور المؤكدة وأن كان ذلك بحسن نية حيث لا كتاب إلا كتاب الله. ويبدو أن جورجي زيدان اقتبس من كتاب (كشف الظنون) حادثة حرق مكتبات فارس على أيدي المسلمين بعد فتحها. والمؤكد أن المسلمين براء من هذه الحادثة، ومن حادثة حرق مكتبة الإسكندرية التي اعتمد جورجي زيدان في ذكر حرقها على كتاب تاريخ (مختصر الدول) لأبي فرج المالطي وهو يهودي تنصر، إلا أنه نقل روايته عن مؤرخ مسلم يدعى جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم القفطي. والغريب في الأمر أن بعض المؤرخين العرب ذكروا في كتبهم حادثة حرق العرب لمكتبة الإسكندرية كما جاء في كتاب (الموعظة والاعتبار) لعبد اللطيف البغدادي، وأتى من بعده عدد من المؤرخين من أمثال جمال الدين القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء) وأبي الفرج بن العبري في كتابه (مختصر تاريخ الدول)، وأبي الفداء في كتابه (المختصر في تاريخ البشر)، وتقي الدين أحمد بن علي المقريزي في كتابه (الخطط المقريزية).
وقد انبرت مجموعة من الباحثين في مجالي التاريخ والمكتبات من العرب والأجانب مفندين مزاعم حرق المسلمين لمكتبة الإسكندرية داعمين بحوثهم وكتاباتهم ببراهين جلية لا يرقى إليها الشك. وفي مقدمة الباحثين العرب الذين توصلوا من خلال البحث في العديد من المصادر التاريخية العربية والأجنبية، وقدموا البراهين التي تؤكد براءة العرب المسلمين من حرق مكتبة الإسكندرية.. محدثكم الذي ضمن كتابه (المكتبات في العصور الإسلامية) براهين وحججاً منطقية تدحض التهم التي حاول البعض إلصاقها بالمسلمين. كما توصل إلى أن قصة حرق المسلمين مكتبة الإسكندرية قصة مختلقة لا وجود لها من الصحة. لقد أراد المحاضر أن يبين حقيقة الفرق بين تهم ملفقة لا تمت بصلة إلى الواقع، وبين أحداث مأساوية قام بها البعض من حكام ومحكومين كان نتيجتها حرق عشرات الآلاف من الكتب وتدمير بعض المكتبات، وبخاصة أن التاريخ الحديث يؤكد أن المكتبات حتى في أوروبا وأمريكا لم تسلم هي الأخرى من الحرق والتدمير. ففي عام 1814م تم حرق مكتبة الكونجرس بالولايات المتحدة الأمريكية بصورة متعمدة.
وأضاف في تاريخ البحرين الحديث تعرضت مكتبة آل عصفور إلى النهب بعد استيلاء العمانيين على البحرين. والمعروف أن هذه المكتبة تأسست في القرن الثامن عشر الميلادي وجمع كتبها الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور. وفي مجال آخر أمر عبد الله الزايد بحرق ملفه السياسي، وهو الملف الذي جمع فيه على ما يبدو بعض الوثائق وقصاصات صحفية ومذكراته الخاصة بشأن الأمور السياسية. ويذكر المؤرخ البحريني مبارك الخاطر في كتابه (نابغة البحرين عبد الله الزائد) أنه أي الزائد - كان له ملف سياسي احتفظ به عند صديقه راشد الجلاهمة خوفاً عليه وعندما تدهورت صحته في آخر حياته طلب من صديقه الجلاهمة حرق الملف، فنفذ الجلاهمة رغبة صديقه وحرق الملف وغادر في الحال إلى القطيف ليمارس عمله هناك. ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه.. فبعد دخول قوات التحالف بغداد في عام 2003م نهبت المكتبات الكبيرة، ومنها المكتبة الوطنية، فضاعت الكثير من المخطوطات والوثائق والكتب النادرة والمراجع القيمة، والكثير من النتاج الفكري العربي والإسلامي، معيدين إلى الأذهان دخول المغول بغداد وتدمير مكتبة بيت الحكمة.
وعندما احتل العراق دولة الكويت في عام 1990م تم الاستيلاء على العديد من الكتب ومصادر المعرفة المختلفة، ونهبت المكتبة الوطنية في الكويت.
أما أحدث ما شهده الوطن العربي من حرق الكتب وتدمير المكتبات فكان على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية. ففي 12 يوليو 2006م قام العدو الإسرائيلي بالاعتداء على لبنان على مدى 33 يوماً أي حتى 14 أغسطس 2006م، مدمراً الحجر والشجر، ولم تسلم منه مراكز طبع الكتب ونشرها. فقام بتدمير المطابع المنتشرة في جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، كما عمد عن قصد وسبق إصرار بتدمير المكتبات على اختلاف أنواعها في الضاحية والجنوب، مما أدى إلى حرق عشرات الآلاف من الكتب الورقية والكتب الإلكترونية. وقد دمر ما نسبته 70% من المطابع ودور النشر اللبنانية المتوافرة في الضاحية الجنوبية.
وفي الختام أكد المحاضر على أن تلك الأحداث حقائق تاريخية موثقة لكنها لا تعني المساس بقيمنا وتاريخنا العظيم، وتراثنا العربي الإسلامي، بقدر ما تعني التبصير بحوادث تاريخية مؤلمة، كنا نتوقعها نهاية المطاف للكوارث التي حلت بالأمة العربية الإسلامية في مجال حرق الكتب وتدمير المكتبات، وأن تكون فعلاً من التاريخ وحدثاً من الماضي. وإذا بنا نشهد مأساة نهب الكتب وحرقها وتخريب المكتبات في الوطن العربي مرة أخرى في بداية العقد الأخير من الألفية الثانية، وفي بداية العقد الأول من الألفية الثالثة.
http://www.al-almya.com/modules.php?name=News&file=article&sid=379












  رد مع اقتباس
قديم Sep-26-2007, 07:03 PM   المشاركة10
المعلومات

مكتبية سابقة
مشرفة سابقة
معلمة مادة المكتبة

مكتبية سابقة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 1830
تاريخ التسجيل: Nov 2002
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 962
بمعدل : 0.12 يومياً


ابتسامة

مشكورة اختي تيفا على مرورك
مشكور اخوي ابراهيم على المعلومات القيمة التي زودتنا بها والله يجعلها في ميزان حسناتك












  رد مع اقتباس
قديم Sep-27-2007, 12:33 PM   المشاركة11
المعلومات

لؤلؤة البحار
مكتبي مثابر

لؤلؤة البحار غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 34216
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: مصـــر
المشاركات: 32
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

جزاكم الله الجنة












التوقيع
عام يمضي واخر آت ... وهكذا الدنيا حتى الممات
  رد مع اقتباس
قديم Sep-27-2007, 01:06 PM   المشاركة12
المعلومات

مكتبية سابقة
مشرفة سابقة
معلمة مادة المكتبة

مكتبية سابقة غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 1830
تاريخ التسجيل: Nov 2002
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 962
بمعدل : 0.12 يومياً


افتراضي

مشكورة حبيبتي النملة على مرورك












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القيادة في المكتبات ومراكز المعلومات ابراهيم محمد الفيومي عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 15 Aug-06-2016 06:47 AM
الفهرس الموحد لكتب المكتبات د. صلاح حجازي المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 22 Oct-19-2011 06:24 PM
كشـــاف مجلــة مكتبـة الملك فهـد الـوطنيـة الاء المهلهل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 17 Apr-23-2011 02:11 PM


الساعة الآن 03:48 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين