[AHMED ADEL]

إعداد د. / د. فهد أحمد عرب

من جريدة الاقتصادية http://aleqt.com/article.php?do=show&id=6882

ارتبط مجال علم المكتبات والمعلومات بمجالات متعددة من أهمها تقنية المعلومات والاتصالات وتقنيات الحاسب الآلي فكان التطور مبهرا اقتصاديا مما حفز الكثير من المستثمرين المثقفين, أن يتعايشوا مع التحول من المجتمع التقليدي إلى مجتمع معلوماتي بأسلوب عصري فنالهم من ذلك حظا وفيرا, واليوم أصبحت الأسواق العالمية شاهدة على ذلك. المكتبة في حد ذاتها تدرجت في وظائفها إلى أن دخلت اليوم -بما تزخر به من أشكال مختلفة لمصادر المعلومات المعتمدة على وسائط مختلفة للعرض والتداول- صناعة جديدة تنامت مع ازدياد احتياج المجتمع للمصادر المعلوماتية بجميع أنواعها, كما حركت وحققت بها استثمارات في مجالات مختلفة بتوفير المعلومات في كل وقت وحين وعلى المستويين المحلي والدولي. من الناحية الإدارية فقد وجد المشغلون والمسؤولون عن المكتبات في الدول الصناعية أن إدارتها تعقدت وتطورت وبارتفاع تكلفة التشغيل أصبحت هناك حاجة لتغطية هذه التكاليف ومواجهة المتطلبات المستقبلية. المثير للاستغراب أن الأبحاث والتقارير والأخبار تتناقل هذه القضية إلا أن ساكنا لم يحرك لعلاج المشكلة لدينا ومازلنا بعيدين عن تحقيق الاستفادة من اقتصاديات المعلومات وبالذات فيما يتعلق بخدمات المكتبات وتسويق المعلومات. في الواقع مازالت مقاعدنا بعيدة عن صفوف المقدمة بمسافة زمنية طويلة ولو أننا بدانا في الالتفات إلى هذا القطاع قبل عشر سنوات لكنا اليوم أصحاب كلمة فيه.
إن افتتاح خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، عندما كان وليا للعهد مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض في عام 1987م, ومن ثم ترؤس مجلس إدارتها ليعد من أفضل الأمثلة ذكرا وتأكيدا على عدم اهتمامنا في حين كرست القيادة حفظها الله اهتماماتها بالمكتبة والثقافة. وأذكر عندما ترأس حفظه الله في يوم الثلاثاء 8/3/1425 هـ مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض وجه بـ: (1) وجوب متابعة تنفيذ مشروع "الفهرس العربي الموحد" وتسخير جميع إمكانات المكتبة ليكون مشروعا رائدا يخدم المكتبات العربية في كل مكان. (2) تنفيذ كامل مشروع "موسوعة المملكة العربية السعودية" وإنجاز ما يخص منطقة مكة المكرمة ليتم إصداره بمناسبة اختيار مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية. (3) إعداد خطة وطنية شاملة لتنفيذ "المشروع الوطني الثقافي الحيوي لتجديد الصلة بالكتاب". (4) ضرورة الاهتمام بالمكتبات والارتقاء بها لتصل إلى المستوى الذي يمكنها من الاستفادة من جميع التقنيات الحديثة في مجال المكتبات والمعلومات. لنا أن نتساءل هنا: لقد دلت هذه القرارات على أن الحركة الثقافية الحيوية الواعدة الهادفة لنشر ثقافة القراءة والكتابة ورفع مستوى الاهتمام بالمكتبات يحتاج إلى سنوات لقطف الثمار وبالتالي اتخذت القرارات منذ ذلك التاريخ, فالآن ونحن نقيم المنجزات، ماذا تم في هذه المشاريع الثقافية التنموية الرائدة؟, وهل هناك مشاريع أخرى وجّه بها حفظه الله ومازلنا نحاول تنفيذها لوجود مشكلة تكاليف أو ظهور أسباب فنية أو لوجستية أو قصور معلومات ...إلخ؟.
من ناحية أخرى، قمت بمسح بسيط محاولا فيه إيجاد معلومات حصرية في هذا المجال فوجدت أن آخر حصر للمكتبات في المملكة حسب علمي ماورد في دراسة قام بها أحد الأساتذة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وعرضها في ندوة المكتبات العامة التي أقيمت عام 2000م في الرياض فكانت عبارة عن: 63 مكتبة عامة متعددة المرجعيات, تسع مكتبات جامعية, و 62 مكتبة متخصصة و50 مكتبة تابعة لمختلف الكليات التقنية والعسكرية وكليات البنات، أي إجمالا ما يقل عن الـ 200 مكتبة. وفي ظل عدم معرفة عدد المكتبات المدرسية, فإن الحصر بدا بعيدا تماما عن الدقة. وبعد الاطلاع على مواقع وزارات: التخطيط, التربية والتعليم, الثقافة والإعلام, التعليم العالي وموقع الجمعية السعودية للمكتبات والمعلومات على الإنترنت لم أجد رقما لعدد المكتبات المدرسية أو إشارة لدراسة حديثة عنها أو عن غيرها من المكتبات مما جعلني أضع هذا السؤال: كيف يمكن أن نرفع الحس والاهتمام بالكتاب والمكتبة لدى العامة إذا كان هذا هو وضع الجهات المختصة والمعنية بها؟. أليس من المهم ربط المكتبة المدرسية بتطوير اقتصاديات المعلومات؟, أليس من المهم تطوير مفهوم المكتبة إلى الاهتمام بالتقنيات الحديثة ومن ثم القيام بخدمات المكتبات إلكترونيا ونشر الكتاب الإلكتروني ليكون رديفا للكتاب المطبوع, فنشجع الناشئين على تبني مجالسة الكتاب أينما كانوا؟. "إن المكتبات - كما قال فرانسيس سيجرستيد في المؤتمر العالمي للمكتبات والمعلومات عام 2005م - لديها طاقة كامنة للمستقبل ويمكن ترجمة ذلك في أن لديها قدماً في التراث الثقافي الذي هو كنز الأمم, وقدماً أخرى في التقنية الرقمية وما حققته في هذا العصر وهذا يضفي عليها صفة "البنك" الذي يحتوي على ذاكرة المجتمع الحديث والقديم. لذلك ففتح المجال لنهل العلم والحصول على المعلومات يحتاج إلى تنظيمات ووضع برامج تسهم في حد ذاتها في تناول القضايا بزوايا مختلفة تثري الرأي العام وتساعد صانع القرار على الاختيار". فهل يمكن توحيد الجهود والبحث في هذا المجال بما يحقق مكاسبنا على جميع الأصعدة؟.
لاشك أن الباحث يعي أن هناك أبحاثا وتقارير ترصد دائما وتغطي الجانب الاستثماري ولكن ماذا عن القارئ اوالمستثمر غير الملم بها؟. إن التقرير الذي أصدرته الـ OCLC, Inc عام 2003م, عن المكتبات ودورها في الاقتصاد على مستوى العالم ومستوى الولايات المتحدة الذي أكدت نتائجه أن تعتبر المكتبات محركات اقتصادية, والآخر الذي عرضته IFLA في أوسلو عام 2005م يوضحان الصدى الإيجابي لحركة صناعة المعلومات على مستوى العالم, وقد وجدت الكثير مما يمكن أن يفيدنا في مملكتنا الحبيبة, سأحاول في الاسبوع المقبل بإذن الله ـ إلقاء الضوء على أهم نتائجها. والله الموفق.