[Sara Qeshta]

تحديات مهنة المكتبات:

تقف مهنة المكتبات والمعلومات اليوم على مفترق طرق: فمن قائل بأنها لم تعد كافية، وآخر يتهمها بالمحدودية، وثالث- ربما بذهب للنهاية المتطرفة، فيقول بأنها منتهية، وأن هذا لم يعد بزمنها. مدراس المكتبات العالمية- أو بعضها على وجه الدقة- تتجه للإغلاق، والبعض الآخر يتحول لمسميات أخرى علم المعلومات أو دراسة المعلومات أو خلافهما). الوضع يمتد لوطننا العربي، فنجد عدداً من أقسام المكتبات والمعلومات تتحول مسمياتها (ومناهجها) لأقسام لدراسات المعلومات أو لعلم المعلومات. بل إن أحدها يتم تحويله بالكامل لكلية علوم الحاسب، وآخر إلى كلية العلوم.

لا شك أن خطوات من هذا النوع لا يمكن لها أن تتم اعتباطاً، بل بناءً على دراسات وخبراء. لكنه في الأخير شأن يهم كل المنتمين لمهنة المكتبات والمعلومات، ولهذا فإن هذا المؤتمر يتيح المجال لمناقشة أبعاد هذه الإشكالية، وبخاصة أن مثل هذه التجارب السابقة بدأت تظهر لها مشكلات لم تكن تعاني منها في السابق، فبعد أن كانت أقسام المكتبات في كليات الآداب أو العلوم الاجتماعية تضع معدلات مطلوبة لاستقطاب المستويات المرتفعة من طلاب القسم الأدبي، هاهي تُـجبر على قبول النسب المتدنية جداً أو الذين لا يجدون مكاناً في الأقسام العلمية- فقط لأنهم خريجي العلمي!. وأعضاء هيئة التدريس في قسم آخر، بعد أن كانوا يعاملون سواسية مثل زملائهم في كلية الآداب أو العلوم الاجتماعية، صار يُـنظر إليهم أنهم "الحلقة الأضعف" في كلية الحاسب أو العلوم.
القضية تتعدى ما سبق، حيث المجال مفتوح لمناقشة المخرجات، والوظائف ومعايير القوى العاملة في المجال، قبل أن تتلقفها وزارات الخدمة المدنية في الوطن العربي وتضعها في قوائم وظائفها؟
الجوانب الإنسانية في المهنة معرضة "للخطر" جراء "هيمنة وطغيان" التكنولوجيا التي تبدو أنها استلمت "قيادة دفة" عجلة التقدم في كل ما من شأنه "المعلومات"؟!

من جانب آخر-
يعتبر مفهوم الوصول الحر للمعلومات العلمية والتقنية "Open access" من بين مفاهيم بدايات الألفية الثالثة الأكثر ذيوعا والأكثر إثارة للجدل، لارتباطه الوثيق بالتطورات الحادثة عن غزو تكنولوجيا الإعلام والاتصال لمجالات جمع ومعالجة ونشر هذه المعلومات، ولأهميته القصوى في تحقيق النفاذ إلى مصادر المعلومات والمعرفة والتمكن من استغلالها ومن تحقيق التواصل بين العلماء والمفكرين، ومن ثم الرفع من مستوى البحث العلمي والتقني، وتوسيع دائرة التفكير في القضايا الإنسانية الكبرى وإشاعة الحوار بين الحضارات، إلخ.
ويحيل المفهوم، في ارتباطه بالعالم الأكاديمي و بالنشر العلمي إلى هدفين أساسيين: الوصول "Accessibility" و الديمومة "Durability"، وهو ما يعني تيسير وصول أكبر عدد ممكن من المعلومات والوثائق العلمية والتقنية لأكبر عدد ممكن من المستفيدين. ويعتمد ذلك أساسا على التكنولوجيات الحديثة، كما يندرج ضمن مفهوم حديث يدعو إلى مجانية هذا الوصول"Free of charge"، وهو الهدف الثالث المنشود للباحثين وللمكتبات ولمهنيي المعلومات ولجمعياتهم على امتداد دول العالم، وبالخصوص منها دول الشمال.