منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات » طاهر الجزائري ودوره في تفعيل الحركة المكتبية في سوريا

المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام.

إضافة رد
قديم Mar-10-2007, 03:18 PM   المشاركة1
المعلومات

samia-yasmina
مكتبي فعّال

samia-yasmina غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 25569
تاريخ التسجيل: Feb 2007
الدولة: الجـزائر
المشاركات: 124
بمعدل : 0.02 يومياً


ورقة طاهر الجزائري ودوره في تفعيل الحركة المكتبية في سوريا



يشكل الكتاب العنصر الأساس من عناصر تكوين المكتبات في التاريخ الإسلامي، من بداية تدوين الآيات التي تنزل بها الوحي على النبي محمد [ وذلك على يد الصحابة الكرام•
ومع اتساع الدولة وتطور الحياة العلمية زاد الاهتمام بالنسخ والتدوين، وبعد اختلاط العرب بالأقوام الأخرى في الأقاليم المفتوحة، نشطت حركة الترجمة والتأليف، وراجت صناعة الوراقة، فكان الوراقون هم الأمناء على الكتب والمكتبات، العارفون بها، والملمون بذخائرها، وهم من أوكلت إليهم أكثر من غيرهم إتاحة الانتفاع للناس خاصتهم وعامتهم، وتلك إحدى مهام المكتبيين في المفهوم الحديث•
أنشئت المكتبات على امتداد جغرافية وتاريخ الدولة الإسلامية، وأوقف العلماء والأتقياء الكتب على المدارس، يقول محمد كرد علي في الحديث عن انتشار المكتبات "لم تكد تخلو مدرسة من المدارس في بلاد الشام من خزانة كتب، وكان لحلب ودمشق والقدس الحظ الأوفر من ذلك"(1)•
وبقيت تلك المكتبات منارات علم ومعرفة مالم تلم بها النكبات التي كانت تتعرض لها الدولة من حروب وفتن، فالغزاة من المغول والصليبيين والإسبان أحرقوا المكتبات في البلاد التي غلبوها، والفتن الداخلية كثيراً ما كانت تأتي على المكتبات وتدمرها• أما تجار المخطوطات فقد كانوا يسعون إلى السطو على كتب المكتبات ومخطوطاتها، وتهريبها إلى الخارج، وشجعهم على ذلك أن بعض الدول الأوربية أخذت في القرن التاسع عشر الميلادي تبتاع الكتب من الشام بوساطة وكلائها وقناصلها(2) مما أدى إلى انتقال الثروات الفكرية إلى مكتبات الدول الغربية، ومع توالي الأحداث التي أدت إلى ضعف العالم الإسلامي والعربي، ومع تناقص عدد الكتب في المكتبات أدرك المتنورون من علماء المسلمين وولاتهم ضرورة بعث الحياة إلى المكتبات وإحيائها لتساهم في حل مشكلاتهم، وإعادة بناء الإنسان المتعلم المستنير•
وكان المترجم له من هؤلاء الذين أدركوا أن لا صلاح للأمة دون نشر العلم وإحياء دور المكتبات، فسعى لجمع الكتب المبعثرة في مكتبات عامة، ولها سنن بقائها ولها الشرائع التي تضمن استمرار بقائها•
1 ـ الأوضاع السياسية في ولاية سورية
دخلت سورية الطبيعية تحت الحكم العثماني من القرن العاشر الهجري 229هـ• السادس عشر الميلادي 6151م إثر انتصار العثمانيين على المماليك في معركة مرج دابق، واستمر حكمهم أربعمئة عام تقريباً، تميزت القرون الثلاثة الأولى منها بالسطحية والجمود وعدم الاستقرار في التقسيمات الإدارية، إضافة إلى عزل المنطقة العربية عن أوربا تقريباً، بينما ظهرت محاولات واتجاهات للإصلاح في القرن الأخير من فترة حكمهم•
كانت الدولة تقوم على الإقطاع العسكري، وأمراء الحرب هم أمراء الإقطاع، وكان هؤلاء يعتمدون في الأساس على غنائم الحرب مكتفين بجمع الضرائب من الفاتحين، فلما قلت غنائم الحرب، ومع بداية انتهاء المد العسكري للدولة وعلى أثر ارتداد الجيوش العثمانية عن فيينا عام 1095هـ ـ 1683م• وخسارة الدولة مناطق نفوذها في شبه جزيرة القرم عام 0721هـ وتوقيع معاهدة كجك قانيارجه عام 4771م انقلب هؤلاء إلى أهل البلاد يعتصرونهم بالضرائب وينهبون خيرات البلاد على أيدي ولاتهم، وزاد الأمر سوءاً بعد ثورة الانكشارية(3) عام 7081م، ونتيجة لضعف الإدارة وتفشي نفوذ الانكشاريين وتجاوزاتهم في جباية الضرائب والخراج أخذت البلاد تشهد حوادث تمرد على السلطات العثمانية وولاتها، والدولة تقابل هذه الحوادث بمزيد من البطش ومن الإجراءات الإدارية الفاسدة، التي كان من نتيجتها تدهور حالة البلاد• وكانت القدس ودمشق من أهم مراكز الاضطرابات في كثير من الأحيان كما حدث عام 5281م على إثر الإصلاحات التي أعلنها السلطان محمود الثاني، وكان من نتائجها تهيئة الأوضاع لاستقبال حملة إبراهيم باشا المصري في بلاد الشام 1381ـ0481م• ولكنه اضطر للانسحاب تحت ضغط تحالف الدولة العثمانية مع الدول الأوربية التي كانت تتصارع للحصول على الامتيازات في المنطقة•
بدأت حركة الإصلاح في الدولة العثمانية من أواسط القرن الثامن عشر إلا أنها كانت محاولات بطيئة في صفوف الجيش واستمرت خلال القرن التاسع عشر فصدر مرسوم كلخانة(4) عام 9381م، وخط همايون(5) عام 6581م، الذي قبلت الدولة بموجبه في عداد الدول الأوربية، ثم صدر قانون الولايات عام 4681م في محاولة من الدولة للإصلاح، لم تنجح•
إزاء هذه الأوضاع رأى رجال الإصلاح وعلى رأسهم مدحت باشا(6) والي سورية أن الإصلاح لا يتم إلا بإصدار دستور للبلاد، فصدر القانون الأساسي عام 6781م، ولكن عبد الحميد الذي قبل بالدستور في أول حكمه عام 6781م عاد وألغاه ونفى زعماءه، وكان من بينهم مبعوث القدس ضياء الخالدي، ومبعوث بيروت خليل غانم•
كانت فكرة القومية العربية قد بدأت تظهر في هذه المرحلة على الصعيد الأدبي، ضمن جمعيات سرية مركزها سورية، وكانت هذه الجمعيات تطالب بالاستقلال وتدعو للاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في أثناء فترة ولاية مدحت باشا على سورية 8781-0881م•
وفي محاولة منه لخنق الحريات أخذ عبد الحميد بتطبيق سياسة أكثر مركزية، وابتكر أشجع أساليب القمع والإرهاب لخنق حركة معارضته، فنشطت الجمعيات السرية في أنحاء الدولة واشتدت حركة المعارضة وعقد مؤتمر المعارضة في باريس، وتبين أن هناك تيارين يتنازعان قوى المعارضة في الدولة، الأول يدعو إلى المساواة بين القوميات والأديان بزعامة الأمير صباح الدين، ومن مبادئه استوحت جمعية "التشبث الشخصي واللامركزية الإدارية" لاحقاً برنامج عملها السياسي(7) والثاني يجاهر بضرورة استمرار تفوق العنصر التركي في وزارات ودوائر الدولة بزعامة أحمد رضا زعيم القوميين الأتراك، وعنه انبثقت جمعية الاتحاد والترقي(8)•
2 ـ الأوضاع الثقافية في ولاية سورية
كان القرن الأول من عمر الدولة العثمانية عهد ازدهار علمي وعمراني، فقد استمرت المدارس المملوكية في أداء وظائفها التعليمية والتنويرية، وأقام بعض الحكام المدارس،أما القرن الثاني والثالث (الحادي عشر والثاني عشر الهجري/السابع عشر والثامن عشر الميلادي) فقد مثلا عصر الجمود والانحدار الفكري، فالمدارس بدأت تضمحل إلى أن كادت تتلاشى، كما ساهم تدهور الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري، وعزل الولايات في المشرق العربي عن أوربا والعالم الغربي ـ ساهم كل ذلك في تفشي الجهل، وجمود الفكر، وتخلف المجتمعات•
وضمن محاولات الإصلاح صدرقانون التعليم ـ وهو أول نظام للمعارف ـ وقد نص على إلزامية التعليم، وأنشئت بمقتضاه المدارس، إلا أن الدولة لم تكن تولي الاهتمام الكافي للتعليم والإنفاق على المدارس فقد حمّل الدستور الأهالي مسؤولية إنشاء المكاتب الصبيانية للذكور والإناث، فكان الإنفاق على هذه المدارس يتم عن طريق الإعانات المقدمة من الأهالي(9)• ولم يكن معلمو المدارس من ذوي الكفاءة في التعليم حتى إنه كان يطلب من موظفي الدولة أحياناً القيام بتدريس بعض المباحث إضافة إلى أعمالهم الوظيفية(10)•
أما المباحث التي كانت تدّرس فتكاد تقتصر على أبسط المعارف كما يظهر في برنامج التعليم الابتدائي الصادر عن مدير معارف سورية(11) الذي ينص على تدريس اللسان العثماني بينما يلاحظ غياب اللغة العربية من المنهاج•
ولم تكن المراحل التعليمية العليا التي تدرس في معاهد المعلمين أو في المكاتب السلطانية قادرة على تزويد الملتحقين بها بالعلوم العصرية فضلاً عن عدم إيلائها اللغة اهتماماً كافياً، فالتدريس كان باللغة التركية، ولم يسمح للمكاتب الحكومية بأن يكون التدريس فيها باللسان العربي في البلاد العربية إلا في ذي القعدة عام 1331هـ/2191م(12)•
وليس أدل على تدني الأوضاع التعليمية مما ذكره مدحت باشا واصفاً بعض ما وجده في سورية أن مسلميها قد نشأ بينهم الجهل•• ومدارس الإفرنج تتقدم كل يوم تقدماً ملموساً، وليس للحكومة سوى بعض مدارس ابتدائية يقرأ فيها الأحداث القرآن•
وكان من نتيجة هذا النظام السقيم في التعليم أن نشأ جيل لا تستقيم له جملة صحيحة ولا يتقن رسم الكلمات وإملاءها، ولا يستطيع المتعلم أن ينشئ صفحة كاملة خالية من الأخطاء(13)•
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل بلغ الأمر بعبد الحميد أن حظر على المدارس الأميرية تعليم؛ التاريخ الصحيح وعلوم السياسة والاجتماع لأنها ترقي العقول، وتلقح الأذهان، وأصدر إرادته السنية إلى مديري المعارف في بعض الولايات ومنها الشآم أن يوقفوا سير المعارف عند الحد الذي وصلت إليه لأن في انتشار المعارف انتشار المفاسد وتمزيق الأمة(14)•
3 ـ الشيخ طاهر الجزائري
3ـ1ـ نسبه ومولده
هو طاهر بن محمد صالح بن أحمد بن موهوب السمعوني الوغليسي المشهور بالجزائري ولد عام 8621هـ 2581م في مدينة دمشق• وفد والده محمد صالح على دمشق في أوائل عام 4611هـ/8481م، بعد تفوق الجيوش الفرنسية على الأمير عبد القادر الجزائري عام 3611هـ/7481م• وهو من بيت علم وشرف معروف في قبيلته، ويرجع بعض من ترجموا له نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما وأرضاهما•
أخذ العلم عن شيوخ دمشق وبلغ فيه مرتبة عالية، أتاحت له أن يتقلد منصب مفتي المالكية بدمشق، وأصبح له فيها مريدون• وهناك رزق بمولود قال لمريديه حين بشر به أنه (الطاهر) وسجل يدعو له على هامش كتاب في الفقه المالكي كان بين يديه "طهره الله من رجس دنياه وبارك له في عمره، ورزقه العلم والعمل به"(15)•
3 ـ 2 ـ تعليمه
نشأ الشيخ طاهر كما تقدم في بيت علم وفقه، فتعهده والده يعلمه مبادئ العلم الذي دعا الله أن ينفعه به، ثم ألحقه بالمدرسة الجقمقية(16) فدرس على يد الأستاذ عبد الرحمن البستاني العربية والفارسية والتركية ومبادئ العلوم، وكان متقدماً في تحصيله على أبناء جيله•
توفى والده وهو في السادسة عشرة من عمره 5821هـ/8681م، فلزم الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني(17) حتى وفاته عام 8921هـ/2881م، وتخرج عليه في علوم الشريعة متأثراً به حتى نبغ على علماء عصره من الشيوخ، ونشأ متأثراً به في البعد عن البدع والخرافات وحب الظهور، والتفصح في المجالس العامة، ومحبة العلوم على اختلاف فروعها، وفروع الطبيعة خاصة، يبحث عنها ويتتبع مصادرها المطبوعة والمخطوطة بأية لغة وفي أي مكان•
درس العلوم الطبيعية والرياضية على يد علمائها من نوابغ خريجي المدرسة الحربية وغيرهم، وعكف على دراسة اللغات الشرقية، فما إن بلغ الثلاثين من عمره حتى أجاد التركية والفارسية إجادته للبربرية، ونظم بالفارسية كما ينظم بالعربية، وعرف من العبرانية والسريانية والحبشية كل ما له علاقة باللغة العربية من المفردات والتراكيب، وتعلم الفرنسية وتكلم بها، أما تضلعه باللغة العربية، فقد كان على درجة عالية جعلته يستحق بأن يوصف بأنه "لسان العرب وخزانة الأدب"(18)•
تعـلم من الخطـوط القديمة كالكـوفي والمشجـر(19) والعبراني وغيرها ليتمكـن من دراسـة الآثـار•
سكن دمشق وتنقل في أنحاء القطر العربي السوري جميعه، وتردد إلى الاستانة، وسافر إلى مختلف البلاد العثمانية، وزار الحجاز وأدى فريضة الحج، وزار القدس وبيروت ومصر، وذهب سائحاً إلى البلاد الشرقية، والغربية، وزار باريس للاطلاع على معرض للكتب، وأخيراً استوطن مصر مهاجراً وأقام في القاهرة ثلاث عشرة سنة، وفي آخر أيامه عاد إلى سورية ووصل دمشق ماراً ببعض المدن السورية، فقد ذكر الباني أنه لقيه في مدينة حماة حين كان قادماً من مصر عن طريق طرابلس، وصل دمشق في عام 9191م• وهناك اشتد عليه مرض الربو الذي كان يعاني منه وانتقل إلى الرفيق الأعلى في الخامس من كانون الثاني عام 0291م•
3 ـ 3 ـ وظائفه ومناصبه
شهد القرن التاسع عشر قيام الجمعيات الداعية إلى الإصلاح في مختلف أرجاء الدولة العثمانية، ومن الجمعيات التي تأسست في دمشق الجمعية الخيرية التي أسسها بعض علماء دمشق ووجهائها عام 5781م، وكان الشيخ طاهر عضواً مؤسساً فيها، بل كما يصفه محمد كرد علي كان "قوتها المفكرة ويدها العاملة"(20)•
وفي سنة 1294هـ/1878م، عين الشيخ طاهر معلماً في المدرسة الطاهرية الابتدائية وبدأ نجمه يلمع في أثناء عمله في التدريس، وتعرف إلى رجال الدولة ومنهم بهاء بك أمين سر الولاية وكان من أدباء الأتراك البعيدين عن التعصب للنزعة الطورانية، وأعجب بالشيخ وأفكاره فقدمه لمدحت باشا عندما وصل سنة 1878م والياً على سورية، ومدحت باشا هذا من كبار رجال الإصلاح في الدولة العثمانية، وهو الذي أعلن الدستور سنة 1876م، فما إن وصل دمشق حتى بدأ يبحث في سبل إصلاح البلاد، وعمن يساعده في تنفيذ برامجه خاصة بعد ما رأى مقدار الجمود الذي يسيطر على مدارس الحكومة، التي لا تؤهل خريجيها سوى للوظائف الحكومية فقط، بينما المدارس التبشيرية تتقدم وتدرس اللغات الأجنبية والعلوم النافعة للطلاب في حياتهم العلمية، لذلك كان يرى أن الإصلاح لا بد أن يبدأ بنشر العلم وإصلاح مناهج التعليم، وأن هذا الأمر لن يستقيم بإشراف الدولة بل لا بد من إشراف هيئات أهلية تعتمد على أساليب أكثر تطوراً، ومناهج أكثر تمشياً مع روح العصر ومتطلباته، تجمع الأموال من الأثرياء والموسرين وتنفقه في تجهيز المدارس وتهيئتها للأغراض المقررة• فاقترح الشيخ على الوالي الاعتماد على الجمعية الخيرية لتنفيذ برنامج الإصلاح هذا، وبذلك أصبحت الجمعية دائرة رسمية واندمجت في المعارف وتولى الشيخ رئاسة الجمعية، وأنيط أمر الإشراف على المدارس إليه فكان يرجع إليه الأمر في قبول الطلاب في المدارس الأميرية(21)•
نشطت الجمعية في فتح المدارس ففتحت عشر مدارس بينها مدرستان للبنات في عام واحد(22)، وبعد ما رأى مدحت باشا جهود الجمعية في فتح المدارس أمر بتعيين الشيخ طاهر مفتشاً للمعارف في ولاية سورية• وإثر عزل مدحت باشا عن ولاية سورية سنة 1880م صدرت إرادة سنية من السلطان عبد الحميد بإلغاء وظيفة مفتش المعارف من ملاكات الحكومة العثمانية، فأعفى بذلك الشيخ طاهر من منصبه الحكومي•
في سنة 1316هـ/1898م عرضت عليه وظيفة "مفتش دور الكتب العامة في ولاية سورية ولواء القدس" فكانت فرصة يجدد فيها نشاطه ويكمل ما بدأه من توسيع المكتبات التي أنشأها في الشام، وإنشاء غيرها في ولاية سورية، فعمل في هذه الوظيفة أربع سنوات إلى أن انقلبت الأوضاع السياسية في غير صالح تيار الإصلاح الذي يدعو له الشيخ، وكان عضواً بارزاً في جمعية التشبث الشخصي واللامركزية الإدارية(23)، فصار مطلوباً للقبض عليه، وذات يوم دخل رجال الأمن إلى مسكنه يبحثون فيه عما يدينه ـ وكان يومئذ في القدس يفتش على المكتبات ـ فتوارى عن أنظار السلطة أربع سنوات• ثم استطاع أن يدخل دمشق خلسة فحمل معه ما استطاع من كتبه وهاجر إلى مصر، ووصل القاهرة سنة 1325هـ/1907م•
في مصر عرضت عليه وساطة أحمد تيمور من أجل وظيفة في دار الكتب المصرية فرفضها، ولكنه عمل في تحرير بعض الصحف، وبقي في مصر قرابة ثلاث عشرة سنة•
عندما أسس محمد كرد علي مجمع اللغة العربية عام 1919 ضم الشيخ إلى قائمة المؤسسين•
عاد إلى دمشق عام 1919م وكانت قد تأسست فيها الحكومة العربية السورية، فتمت تسميته مديراً عاماً لدار الكتب الوطنية الظاهرية وبقي في هذا المنصب أربعة أشهر انتقل بعدها إلى الرفيق الأعلى يوم الاثنين الرابع من شهر ربيع الآخر عام 1338هـ الموافق الخامس من شهر كانون الثاني عام 1920م•
لم تتح له الوظائف التي تسلمها رغداً من العيش مرفهاً، فكان يعيش عيش الكفاف بل وصلت الحال به وهو في مصر أن يعيش عيش تقشف ظاهر، وكثيراً ما كان يبيع الكتب التي يشتريها من أسواق القاهرة لطلبة العلم والعلماء ويستعين بما يحصل عليه من ربح في معاشه، فهو يبحث في الأسواق عن نوادر للكتب والمخطوطات ليشتريها إلى أن أعوزته الحال واضطر إلى أن يبيع كتاباً أو كتابين من كتبه ليسد رمقه(24)•
3 ـ 4 ـ الشيخ طاهر مكتبياً
3 ـ 4 ـ 1 ـ تعلقه بالكتب وموسوعيته
يصف محمد كرد علي شيخه بأنه مجموعة نفيسة من العلوم ومكتبة سيّارة(25) ضمت خباياها المفسّر والمحدث والأصولي والفقيه والفيلسوف والأديب واللغوي والكاتب والشاعر والمؤرخ والأثري والطبيعي والرياضي والفلكي والاجتماعي والأخلاقي• فأية موسوعة تحوي من المعارف أكثر من هذا؟ ويقول في موضع آخر نقله عن الخطيب "كان يتقن علوم العربية، ويحفظ وقائع التاريخ، أتقن علوم الدين والدنيا(26)•
أما تلميذه الآخر محمد سعيد الباني فيرى أنه في شمول معرفته وموسوعيته "قل من يدانيه من معاصريه بإحاطته وسعة اطلاعه، جمع بين المعقول والمنقول، ومزج القديم بالحديث، أخذ من كل علم لبابه ونبذ لفاظته(27)" وبعد أن يعدّد العلوم التي ألم بها أستاذه يقول "فهو دائرة المعارف، ومفتاح العلوم وكشاف مصطلحات الفنون وقاموس الأعلام"(28)•
كان كثير القراءات متنوعها تكاد قراءاته وفق شهادة معاصريه وتلامذته تغطي كل ما طبع في الشرق والغرب باللغة العربية أو ترجم إليها إضافة إلى المخطوطات التي ربما فاقت المطبوعات(29)، لا ينسى ما يقرأ مهما طال به العهد، تساعده ملكة قوية في الحفظ وسريعة حتى يكاد يحفظ معظم ما يتصفحه ويتلوه، وكان دائم البحث عن الكتب ونوادر المخطوطات في المكتبات وخزائن الكتب،يرحل في طلبها ويتقنها "إذا زاد دخله عن حاجته أسرع إلى الوراقين يشتري بما عنده من مال ما يتنفع به"(30)، فالكتب عنده أعز أصدقائه لا يمل من مجالستها والاطلاع عليها واكتشاف خباياها، يقرأها ويعيد قراءة الكتاب الجيد أكثر من مرة• يحملهامعه أينما ذهب" وكانت جيوبه وأعبابه مفعمة على الدوام من الرسائل والدفاتر والجرائد والمجلات والكناشات(31) والأوراق كأنها حانوت ورّاق•• وكان فراشه محاطاً بسور من الكتب والأوراق والمحابر والأقلام"(32)
يقرأ الكتب والمخطوطات ويختصرها ويعلق عليها، ويكتب رأيه فيها في مذكرات يقول عنها محمد كرد علي أنها غريبة في بابها(33) فبينما ينقل رأياً في التفسير إذا به ينقل جملاً طويلة في مذهب النشوء والارتقاء أو رأياً جديداً للماديين•
لقد هيأت له معرفته الواسعة بالكتب واطلاعه عليها أن يكون علماً من أعلام الببليوغرافيا يكاد ينفرد بين علماء الشرق والغرب في معرفة الكتب وما تحويه من علوم فيدل كل واحد من طلابه على ما يجب مطالعته من الكتب وفق استعداده•
يعرف الكتب ومؤلفيها وموضوعاتها وأبوابها التي تشتمل عليها وأرقامها في فهارس المكتبات• ففي رسالة إلى تلميذه محمد كرد علي ينصحه فيها بوصف بعض المخطوطات يتبين مدى معرفته بها يحفظ عنوان المخطوطة وموضعها ورقمها في الفهارس "أرجوزة ابن سيدة" وهي من قبيل الملح اللغوية في نمره1، من الأدبيات المنظومة مع ديوان أبي العتاهية• ويعرف المخطوطات الموجودة في كل مكتبة من المكتبات ويصف شكلها المادي "المجمل في اللغة في الطاهرية نسخة ناقصة من الطرفين"• ويعرف طريقة ترتيب مواد الكتب ويحفظ صورة سماع كل منها "الأربعون السلفية وهي مرتبة على البلدان، وممن سمعها على السلفي الملك الناصر صلاح الدين"(34)
كان يدرك أهمية الضبط الببيلوغرافي ويدعو إلى الاهتمام بتسجيل أسماء الرجال الذين يرجع إليهم عند الخاصة فحين "اشتد به المرض كان يردد: اذكروا من عندكم من الرجال الذين ينفعونكم في الشدائد، ودونوا أسماءهم في جريدة لئلا تنسوهم"(35)
3 ـ 4 ـ 2 ـ جهوده في مجال إنشاء المكتبات
وعى طاهر الجزائري على دولة استبد فيها السلطان وطغى الجهل وعم في أرجائها، الوظائف الدينية فيها تورث كما الأموال، فلا حاجة للناس بعد لتعليم علوم الدين، وعلوم الدنيا لا تقرب إلى السلطان ولا تحقق جاهاً ولا مكسباً فهم أكثر ميلاً عنها، والناس في الولايات العربية ومنها ولاية سورية لا يتقنون العربية ولا آدابها ولا يفقهون أساليبها، ولا يتدارسون تاريخهم وتراثهم العلمي لأن هذه العلوم لا تؤهلهم لتقلد المناصب والوظائف في الدولة، والدولة لا تدرسها في مدارسها•
أدرك الجزائري الفقيه والعالم وموسوعي المعرفة الذي تربى في بيت علم وأدب أن لا سبيل إلى إعادة الروح لهذه الأمة إلا بنشر العلم بين الناس وإحياء تراثهم العلمي وذيوعه بين الناس كافة•
ومن هنا كان اهتمامه بإحياء وإنشاء المكتبات العامة، فسعى جاهداً في سبيل ذلك• وكان له الفضل في إنشاء الكثير من المكتبات الخاصة والعامة في دمشق والقدس وطرابلس وحلب وغيرها من الديار الشامية• ففي دمشق كان له فضل في إنشاء المكتبة الظاهرية، وفي القدس كانت له مساعدة وجهود في إنشاء المكتبة الخالدية أول مكتبة عامة في القدس في القرن التاسع عشر•
3 ـ 4 ـ 3 ـ المكتبة الظاهرية
اشتهرت دمشق بمكتباتها الوقفية خاصة ما كان موقوفاً في المدارس والمساجد، وعلى مدى العصور الإسلامية كانت محتويات مكتباتها من المخصوصات والذخائر العلمية تفوق ما في مكتبات المدن الأخرى في الدولة الإسلامية، وبقيت منها بقية في القرن التاسع عشر، وضاع القسم الأكبر منها، فبعضها خطف من قبل المقيمين عليها من غير الشرفاء فضاع أكثره (ما بين نهب واختلاس، وإهداء للزلفى وكسب الحظوة لدى السلاطين) وكان لا بد من اتخاذ خطوة جادة للحفاظ على البقية الباقية من الكتب والمخطوطات قبل أن تتلاشى تلك المكتبات وتنطمس معالمها والتي لم يبق منها سوى بعضها بعد أن "كان عدد تلك الخزائن أيام عزها ينيف على الخمسين فهبط إلى العشرة"(36) ويسر الله لهذه المهمة الشيخ طاهر الجزائري الذي أدرك حجم المصيبة وقرر أن يتصدى لمقاومتها• وما كان الأمر يتسنى له القيام بهذا الأمر دون مشورة أهل العلم ومساندة ذوي السلطان، فالكتب موقوفة على أهل العلم والوقف في الإسلام له أحكام وأصول، فلا بد حيال ذلك من مشاورة العلماء ومفاوضتهم لأخذ الموافقة على ما ارتأى فعله، من جمع ما تبقى من الكتب في تلك الخزائن، فأقرته طائفة منهم، ومساندة الوالي مدحت باشا الذي أمر بنقل الكتب والمخطوطات من المدارس، وأخذت الجمعية الخيرية على عاتقها هذا الأمر، فجمعت الكتب والمخطوطات وتم نقلها إلى قاعة خصصت لهذا الغرض في شطر من مدرسة الملك الظاهر بيبرس تحت القبة•
ولم يرق الأمر للقائمين على تلك الأوقاف ومانعوا ممانعة عظيمة بلغت حد التهديد بالقتل إن لم يكف عن جمع الكتب، ولكنه استمر في علمه لإتمام ما عزم عليه ونقل ما كان موجوداً إلى مسجد الظاهر لتأسيس المكتبة الظاهرية•
وهكذا تأسست المكتبة الظاهرية كمكتبة عامة، وجعلت لها الحكومة إدارة خاصة وعينت لها قواماً وسنّت لها قانوناً يضمن صيانتها(37) على غرار المكتبات الكبرى في دول العالم" ووضعوا لها شرائط المكاتب الكبرى وذلك عام 1879 فجاءت مؤلفة من 3453 كتاباً منوعة عدا الكراريس والأوراق المتفرقة(38) وفق ما جاء في الفهرست المطبوع بعد سنة من افتتاحها للطلاب•
جُمعت لها الكتب والمخطوطات من عدد من خزائن الكتب أشهرها عشرة هي: المدرسة العمرية، مكتبة عبد الله باشا العظم، مكتبة سليمان باشا العظم، مكتبة الملا عثمان الكردي، مكتبة الخياطين، مكتبة المرادية، مكتبة اشميصانية، مكتبة الياغوشية، مكتبة الأوقاف، مكتبة بيت الخطابة، بالإضافة إلى مكتبات أخرى لا تتعدى المصنفات المأخوذة منها خمسة أو ستة مصنفات من المكتبة الواحدة مثل المكتبة الأحمدية ومكتبة الكزبري• وإضافة إلى ماجمعه لها من خزائن الكتب فقد عمد إلى تزويدها بالكتب النافعة مما نُشر في الغرب ففي >زمن رؤوف بك والي دمشق أوائل هذا القرن جمع لها بتزيين صديقيه الأستاذين الجزائري والبخاري•• نحو خمسمائة ليرة وابتاع لها كمية من الكتب<•(39)
3 ـ 4 ـ 4 ـ نهجه في إنشاء المكتبات
يكاد الشيخ طاهر يتفرد في النهج الذي سلكه لإنشاء المكتبات وأبرز سمات التفرد تنبهه للحال الذي آلت إليه خزائن الكتب الموقوفة على المدارس والمساجد• ويمكن الإشارة إلى الأساليب التي كان يتبعها لإنجاح هدفه وإجمالها في:
1ـ جمع الكـتب والمخطـوطات والكـراريس الموزعة في المكتبات المختلفة في مكتبة وطنية عامة، كما تعلم عندما عمد إلى جمع الكتب من خزائن الكتب في دمشق وأودعها شطراً من مدرسة بيبرس لتكـون فيما بعد المكتبة الظاهرية• وإعادة توزيع المقتنيات بسحب النسخ المكـررة لتقديمها إلى مكـتبات أخرى، كـما في اقتراحه بشأن مكتبات اسطنبول في إحـدى رسـائله(40)•
2ـ كف يد المسؤولين عن المكتبات وخزائن الكتب وحفظتها ممن >يرومون كتم العلم وإبقاء الناس في غمامة<(41) وكف يد غير الأمناء على تراث الأمة ممن يتسببون في ضياع الكتب والمخطوطات أو تلفها•
3ـ الإبقاء على المكتبات القريبة من التجمعات السكانية، على أن تنشأ مكتبة مركزية وسط المدينة، تنقل إليها الكتب النادرة الموجودة في المكتبات الصغرى(42)
4ـ حث الناس على إنشاء المكتبات في مدنهم وبلدانهم، والإشادة في مجالسه بتجارب المدن التي سبقت غيرها في إنشاء مكتباتها•
5ـ عدم الإقدام على تنفيذ مشروعاته في إنشاء المكتبات فبل تهيئة المجتمع لقبول الفكرة باستشارة ذوي الرأي والعلم منهم وأخذ موافقتهم•
6ـ الاستفادة من مؤازرة الحكام والولاة ممن يتفقون معه في التوجه لتنفيذ برامجه، فلولا مساعدة مدحت باشا ومؤازرته، وكذلك دعم بهاء بك لما استطاع تنفيذ برنامجه في جمع كتب خزائن المدارس والمساجد•
7ـ العمل ضمن فريق ومجموعة لإنجاز المهام المرسومة، فالجمعية الخيرية وفريقها العامل من العلماء ومعاونة صديقه سليم البخاري كان لهم الفضل في المساعدة لإخراج فكرة المكتبة الظاهرية إلى الوجود(43)•
8ـ حث الحكومات على إنشاء المكتبات، فخبرنا سعيد الباني بأنه عندما لقيه في مدينة حماة لم يكـن له حـديث سـوى اسـتنهاض همة الحكـومة وسراة حماة وأفاضلها لإنشـاء مكتبة(44) •
9ـ حث الموسرين على إنشاء المكتبات في مدنهم لإيمانه بأن هذه المسؤولية من الواجبات التي لابد من تضافر جهود الأفراد مع حكوماتهم لإنجاحها•
10ـ ضرورة إعداد نظام للمكتبة من بدء إنشائها لضمان حسن سير العمل فيها واستمرارها•
11ـ ضرورة توفير الأطر البشرية القادرة على أداء العمل والأمينة عليه•
12ـ ضرورة إعداد الفهارس المنظمة للمكتبة•
13ـ عمل الفهارس التحليلية للكتب والمخطوطات إلى جانب الفهارس الوصفية(45)•
14ـ متابعة تنمية المجموعات المكتبية بأكثر من طريقة•• الشراء والبيع، إعادة التوزيع، النشر، التأليف، الإهداء والاستهداء•
3 ـ 4 ـ 5 ـ مساهمته في إثراء المكتبة العربية
لم تقتصر جهود الشيخ طاهر على إنشاء المكتبات ورعايتها ووضع البرامج والأنظمة لها، بل تعدت ذلك إلى المساهمة في إثراء المكتبة العربية بأساليب وطرق مختلفة يمكن الإشارة إليها في المجالات التالية:
3 ـ 4 ـ 5 ـ 1 ـ التأليف: ألف الشيخ نحو أربعين كتاباً، إلا أن تلاميذه يعدونه مقلاً في التأليف نظراً لغزارة علمه وثقافته الواسعة، ويرجع الباني السبب في قلة تأليفه أنه كان مشغولاً بالتعليم، حيث أكثر مؤلفاته كانت في صباه، وهي كتب تعليمية لطلاب المدارس بسبب ما لاحظه الشيخ من نقص في هذا المجال وعدم توافر الأدوات الضرورية لتعليم الطلاب علوم الدين وتدريبهم على اللسان العربي بالأسلوب الحديث•
أما محمد كرد علي فيرجع السبب إلى عدم انتشار الطباعة لأنه كان "يستسهل التأليف متى وجد من يطبع له" وربما إلى الرقابة التي فرضها السلطان عبد الحميد على المطبوعات التي يصفها محمد كرد علي بأنها >رقابة دقيقة مضحكة ولا يسمح بنشر جريدة ولا كتاب على الأكثر إلا إذا طرز بإسمه واختلقت له فيه الأماديح"(46) لأن الشيخ كان ربما يؤلف >الكتاب الممتع في أسبوع في موضوع صعب يحتاج غيره فيه إلى سنة(47) ولكن على شرط أن يعرف أن العزيمة تصح على إخراجه للناس بالطبع غداً<، وسبب آخر يراه كرد علي وهو انشغاله بتدبير قدر الكفاف من قوته، وعدم تفرغه للعمل في أحوال من العيش مناسبة فهو يرى أنه لو قدر للشيخ أن يعيش مرفهاً كما يعيش علماء الغرب لبلغ ما ألفه من الكتب والرسائل مئات المجلدات لسعة اطلاعه على الأبحاث التي يطرقها وسرعته في التأليف وحضور ذهنه إلى آخر نسمة من حياته(48)•
كان التأليف في نظر الشيخ طاهر عملاً إبداعياً متميزاً بما يضفيه إلى سجل المعرفة الإنسانية، فلا داعي للتأليف إن لم يأت المؤلف باختراع جديد أو قدم مادته بإبداع جديد ولذا >كانت مؤلفاته من الكتب القليلة في عصره التي تستحق العناية مما أخرجته المطابع في النصف الأول من القرن التاسع عشر<(49)•
وطبعت معظم مؤلفاته في حياته وبإشرافه في مطبعة الجمعية الخيرية أيام كان مفتشاً على المدارس الأميرية، فصنف كثيراً من الرسائل لتعليم المبتدئين بأسلوب مبتكر لم يكن شائعاً حينئذ• ومؤلفاته المطبوعة هي:
1ـ مدخل الطلاب إلى فن الحساب•
2ـ قصص الأنبياء•
3ـ الفوائد الجسام في معرفة خواص الأجسام•
4ـ سد الراحة لأخذ المساحة• وهو على طريقة السؤال والجواب•
5ـ الجواهر الكلامية في العقائد الإسلامية، طبع عدة مرات مع التعديل والتصحيح وجاء على طريقة السؤال والجواب مع مقدمة، وبعدها باب في النبوة وباب فيما يتعلق بالعقيدة وخاتمته يقول الباني بأنها جاءت على نهج رسالة حي بن يقظان في بيان وجود الخالق جل شأنه بالعقل والفطرة(50)•
6ـ بديع التلخيص• في فن البديع•
7ـ تسهيل الحجاز إلى فن المعمى والألغاز•
8ـ إرشاد الألباء إلى تعليم ألف باء• ويعده معاصروه من >أهم الكتب في علم التربية والتعليم على الطريقة العلمية ويعد من مبتكراته<•
9ـ التقريب إلى أصول التعريب، وهو آخر كتاب طبعه في السنة التي توفى فيها ويدل على مدى >إحاطته باللغة العربية واشتقاقاتها واستكناه أسرارها< كما يظهر مدى تمكنه من اللغات الأخرى التي تشترك مع العربية في جذورها كالفارسية والتركية(51) •
10ـ التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن•
11ـ توجيه النظر إلى علم الأثر، وهو مجلد ضخم يدل على سعة اطلاع الشيخ وفهمه لأسرار الشريعة، ألفه في أثناء إقامته في مصر وجمع فيه خلاصة ماجاء في كتب أصول الفقه ومصطلح الحديث من القواعد، وقد ترجم إلى الألمانية(52)•
12ـ تدريب اللسان على تجويد البيان•
13ـ كتاب التمرين على البيان والتبيين•
14ـ معجم أشهر الأمثال وكان مايزال تحت الطبع حين وفاته•
15ـ مبتدأ الخبر في مبادىء علم الأثر، وهو مجلد ضخم فيه من ضروب التحقيق ما ينم عنه سعة مؤلفه(53)•
16ـ عمدة المغرب وعدة المعرب•
17 ـ مختصر أدب الكاتب لابن قتيبة•
18 ـ شرح رسائل ابن نباتة•
أما مؤلفاته المخطوطة التي لم يتيسر له طبعها ولم تطبع بعده فهي:
1ـ رسالة في العروض تزيل ما فيه من الخفاء والغموض• جاءت في مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة وذيلها برسالة سماها "إتمام الاس بعروض القرس"•
2ـ مجموعة رسائل في النحو والبيان وجداول جدارية في الخطوط القديمة والحديثة•
3ـ الكافي في اللغة•
4ـ التفسير الكبير في أربعة مجلدات مع مقدمة بعنوان "كتاب التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن" طبعت المقدمة في حياته•
5ـ الإلمام بأصول سيرة النبي محمد [، طبع جزء منه في حياته•
6ـ مقاصد الشرع•
7ـ معجم في اللغة مع مقدمة• تم طبع المقدمة في حياته، ولم يتمكن من طبع المعجم•
8ـ التذكرة الطاهرية، ويعدها الزركلي من أعظم آثاره• وهو مجموعة كبيرة في موضوعات مختلفة•
9 ـ 28 دفتراً بخطه في الخرائط الطاهرية، منها ما هو تراجم ومذكرات وفوائد تاريخية وأسماء مخطوطات مما رآه أو قرأه أو سمع عنه(54)•
وكما تقدم فقد كانت للشيخ عناية خاصة بكتب التراث، وأولاها اهتماماً متميزاً في حياته فكان يجتهد في نشرها أو يدل أصدقائه وطلابه عليها، وقد نشرت كتب التراث بتنشيطه وتصحيحه وتعليقه• ذكر الخطيب(55) منها:
1ـ إرشاد القاصد لابن مساعد الأنصاري•
2ـ روضة العقلاء لابن حيان البستني•
3 ـ الأدب والمروءة لصالح بن جناح•
4ـ الأدب الصغير لابن المقفع•
5ـ أمنية الألمعي وتفسير النشأتين للراغب الأصفهاني•
6ـ الفوز الأصغر لمسكويه•
وأضاف الباني في معرض حديثه عن أستاذه الكتب التالية56)
7ـ قواعد النصوص الجامع بين الشريعة والحقيقة وواصل الأصول والفقه بالطريقة، تأليف الإمام أبي العباس أحمد البرنسي المغربي الشهير بابن زروق•
8ـ الرسالة الموسومة بالروضة الأنيقة في بيان الشريعة والحقيقة، للإمام العزيز الدمبري الديربني•
3 ـ 4 ـ 5 ـ 2 ـ نشر المخطوطات القديمة: فقد عني الشيخ عناية فائقة بنشر المخطوطات النافعة بعد تدقيقها وتمحيصها• وكان يوجه جهوده للسعي وراء طبع(57) هذه المخطوطات ونشرها والرجوع إليها فكم من كتاب عرفه الناس وتمتعوا بفوائده وبرز إلى عالم الطباعة بدلالته(58)•
التشجيع على إصدار الصحف والمجلات: كان يحب قراءة الكتب والمجلات والصحف العلمية والسياسية، ويفضل منها ما يكثر فيه إيراد الموضوعات المترجمة،• وكان يدعو الأكفياء على إنشاء الصحف والمجلات سواء في الشام أو في مصر فكم من مجلة أو جريدة أنشئت في الشام أو في مصر بمؤازرته وتشجيعه وكان يدعو لمطالعة الصحف النافعة ويشجع على الاشتراك فيها بشتى الوسائل والأساليب، ومن ناحية أخرى كانت له مشاركات في دعم صدورها من حيث الكتابة وتزويدها بالمقالات والإملاءات ونشرها بتوقيعه الصريح تارة وبتواقيع مستعارة تارة أخرى(59) كما كان يعمل في تحرير الصحف أحياناً أخرى•
3 ـ 4 ـ 5 ـ 3 ـ الترجمة: عاش طاهر الجزائري في عصر غلب فيه الجهل على الولايات العثمانية بينما كانت أوربا تخطو خطوات واسعة وسريعة في سبيل التقدم العلمي والفكري، فكان يرى أن الاستعداد للتأليف في العلوم(60) النافعة ضعيف >وخير لنا أن ننقل عمن سبقونا أشواطاً بعيدة في المدنية< ولهذا كان يشجع على ترجمة العلوم العصرية النافعة، ويدعو إلى إنشاء دار للترجمة، فقد أشار على الخديوي عباس في أثناء إقامته في مصر بإنشاء دار للترجمة يتوافر فيها مطبعة لطبع مايترجم لضمان سرعة نشره•
وقد كان يختار كتباً معينة يذكرها لأصدقائه وطلابه ليترجموها، فقد كتب وهو في مصر إلى محمد كرد علي يذكر له كتاباً يبحث في قوانين اللغة العربية القديمة وينصحه إن وجد كتاباً حول هذا الموضوع أن يترجمه(61)•
3 ـ 4 ـ 5 ـ 4 ـ تلخيص الكتب وتدوين الملاحظات ونقل الآراء حول مايكتب
يستطيع المتتبع لتوجيهات الشيخ لتلاميذه والمتفحص لما كتب عنه ملاحظة مدى ماتنم عنه من حكمة وصواب رأي ومنها:
ـ الإقلال من القراءة أيام العطل ترويحاً عن النفس، لأن الإكثار من الانعكاف على الكتاب يحبب الانعزال عن الناس ويقلل الاعتماد على أعمال الفكر•
ـ الدعوة إلى تحقيق كتب التراث قبل طبعها وتصحيحها عند خروجها من المطابع وقبل دفعها بين أيدي الناس•
ـ لافائدة في التأليف إلا إذا جاء المؤلف باختراع جديد وعرض مادته بإبداع جديد•
ـ ضرورة قراءة مقدمات الكتب قبل البدء بالمتن•
ـ وجوب عدم تقريظ الكتب التي يعمد أصحابها إلى النقل عمن سلف دون الإثبات بشيء جديد•
ـ التأريخ بالتاريخ الهجري لأنه شعار الأمة عليها ألا تتركه•
ـ وجوب عدم تأخير الرد على الرسائل وألا تزيد الرسالة عن أسطر معينة دون إطالة زائدة•
الخلاصة
في ضوء ماتقدم وبعد الاطلاع على هذا الجانب من سيرة حياة طاهر الجزائري وجهوده في سبيل تأسيس المكتبات ونشر الوعي المكتبي وتعميمه يمكننا استخلاص النتائج التالية:
1ـ كان لطاهر الجزائري فضل الريادة في إطلاق فكرة جمع شتات خزائن الكتب في مكتبة واحدة محكومة بنظام يسمح بالحفاظ عليها واستمرار تطورها•
2ـ كان لطاهر الجزائري فضل الريادة في تعميم وتطبيق فكرة إنشاء المكتبات العامة في العصر الحديث•
3ـ كان لطاهر الجزائري الفضل في الحفاظ على جانب كبير من الكتب والمخطوطات في الحضارة الإسلامية•
4ـ كان طاهر الجزائري علماً من أعلام الببليوغرافيا في العصر الحديث•
5ـ كان طاهر الجزائري عالماً موسوعياً•
6ـ إن طاهر الجزائري رائد من رواد الحركة المكتبية في العصر الحديث•

المصدر http://www.arabcin.net/arabiaall/3-2001/20.html












التوقيع
الخير يبقى وان طالت مغيبته والشر ما عاش منه المرء مذموم

أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كشـــاف مجلــة مكتبـة الملك فهـد الـوطنيـة الاء المهلهل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 17 Apr-23-2011 02:11 PM
قياسات أداء خدمات المكتبات ومعايير تقييمه السايح المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 8 Sep-30-2010 07:53 PM
حول تفعيل دور المكتبة المدرسية_مشاركة مقتبسة منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 15 Jul-15-2010 05:28 PM
دور المكتبة في دعم ونشر البحث العلمي د.محمود قطر المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 12 Dec-03-2006 05:49 PM


الساعة الآن 06:57 PM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين