[ابراهيم محمد الفيومي]

كنوز مسجد السيدة زينب في مصر
كنوز مسجد السيدة زينب

خلال اجتماع وزراء الأوقاف فى الدول الإسلامية تم الاتفاق على إنشاء مركز يضم جميع المخطوطات الموجودة بدول العالم الإسلامى، واستحال تنفيذ الاتفاق، لأن كل دولة لديها من مخطوطات هو تراثها الذى تعتز به، وملكاً لها لا يمكن التفريط فيه.. وتم الاتفاق مرة أخرى على قيام كل دولة على حدة بتجميع ما لديها من مخطوطات فى مركز واحد للحفاظ عليها وترميمها وصيانتها وفهرستها ليسهل الاستفادة منها، إلى جانب توقيع بروتوكولات تعاون بين هذه المراكز وكانت وزارة الأوقاف سباقة حيث قامت بعمل المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية داخل المبنى الملحق بمسجد السيدة زينب، ونقلت إليه حتى الآن 12 ألف مخطوط كانت موجودة فى عدد كبير من المساجد.
قامت أكتوبر بجولة فى المكتبة لتتعرف على عمليات الصيانة والترميم والفهرسة والتقت بخبراء المخطوطات فى العالم وهم أعضاء فى لجنة فحص هذه المخطوطات ليتحدثوا حول هذه المهمة والتى تشكل جزءاً أساسياً من تاريخنا وتراثنا.
فى البداية تجولنا فى المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بصحبة مديرها الكيميائى خلوصى محمود خلوصى، تعرفنا خلالها على مراحل الصيانة والترميم والتعقيم، ورأينا المخطوطات النادرة التى تحتويها المكتبة بدءاً من المصحف الإمام، الذى يعد أقدم مصحف فى العالم، ومروراً بالمخطوطات التى كتبها الأئمة الكبار وأيضا ما كتبه المفسرون مثل الإمام الطبرى، وانتهاءً بالمخطوطات العلمية فى كل فروع العلم والمعرفة.. ثم التقينا بالدكتور عبدالستار الحلوجى أستاذ المكتبات بجامعة القاهرة وسألناه عن رأيه فى المشروع؟!
قال: إنشاء المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بملحق مسجد السيدة زينب رضى الله عنها كان له مبرر مهم جداً ذلك أن هذه المكتبة عندما صدر قرار إنشائها كان الهدف منه تجميع كافة المخطوطات الموجودة فى المساجد وحفظها فى مكان واحد كما أن هذا المكان يتيح لها أمرين فى غاية الأهمية الأول أن تفهرس، وينشر هذا الفهرس سواء مطبوعاً أو على سيديهات، لأن هذه المخطوطات لم تكن مفهرسة، من قبل وهذا إعلان مهم وضرورى لما نمتلكه من مخطوطات، يضاف إلى ذلك شئ آخر، وهو التيسير على الباحث أن يجد المخطوط الذى يريده وكان فى السابق إذا أراد الباحث أو المحقق أن يصل إلى مخطوط معين عليه أن يذهب لكل مساجد مصر ليبحث عنه، وهذا شئ صعب، لذلك فعملية جمع هذه المخطوطات وفهرستها والإعلان عنها يسهل الوصول إليها، بالإضافة إلى أن تجميعها فى مكان مجهزة يتيح لها الحفظ والصيانة والترميم.
*كم عدد المخطوطات التى وصلت حتى الآن إلى هذه المكتبة المركزية؟.
**قال: بلغ عددها حوالى 12 ألف عنوان
*كيف كانت المساجد تتعامل مع ما لديها من مخطوطات؟.. وهل كان يستفاد منها؟.
**من حيث الاستفادة، لم يكن يستفاد منها، وكانت حالتها سيئة فالورق المكتوب عليها لم يكن على درجة عالية من الجودة والحرارة والبرودة تؤثران عليه، وطبعاً لا يوجد فى المساجد تعتيم ولا ترميم ولا صيانة، ولذلك يكون المخطوط عرضة للتلف بمرور الزمن. وأنا أتصور أننا سنكتشف فى هذه المخطوطات نوادر لم نكن نعرف عنها شيئاً.
*هل هذه المكتبة هى المكان الوحيد الذى يحتوى على المخطوطات الإسلامية؟
**قال: بالطبع لا، فهناك دار الكتب فيها مخطوطات، والجامع الأزهر فيه مخطوطات.
*لكن لماذا يرتبط وجود المخطوطات بالمساجد؟
**المخطوطات ارتبطت بالمساجد منذ بداية الإسلام، وليست هذه بدعة، فقد ارتبطت المخطوطات فى السابق بالكنائس وأيضاً المعابد، لسبب كلنا نعرفه، أماكن العبادة أماكن عامة لا يمنع أحد من دخولها، وكانت دور العبادة هى أماكن التعليم والتدريس.
*ترى ما رأيكم فى كل ما تم جمعه من مخطوطات ؟.. هل لها القيمة التى تستحق كل هذا العناء؟ وهل يمكن أن تضيف هذه المخطوطات شيئًا جديدًا خصوصًا فى ظل ثورة المعلومات؟
**هناك مخطوطات تستحق النشر، وهناك مخطوطات لا تستحق، وهناك مخطوط ليس مطلوبًا أن ينشر.
*هل كل المخطوطات تحتوى على موضوعات فى الدين والرياضة والكيمياء؟..
**لا.. هناك مخطوطات فى الدين وأخرى فى الطب والهندسة والنبات وغير ذلك.
*وهل لهذه المخطوطات العلمية أهمية الآن؟
**نعم.. هذه المخطوطات العلمية تمثل جزءاً من تاريخ العلوم، وتصحح الأفكار التى تدعى أن هذه العلوم صناعة أجنبية، والحقيقة أن هناك مخطوطات علمية مازالت لها صلاحيتها حتى الآن فى مجال العلوم المتطورة جداً، ففى علم النبات نجد مخطوطات فيها معلومات صالحة حتى الآن، وتعجب إذا قرأت مخطوطاً فى التربية، تجد أن علوم التربية الحديثة لم تضف إليه جديدُا، وهناك مخطوط فى الطب تجد فيه معلومة أكثر دقة فى التناول من علوم الطب الحديثة، وأيضاً فى علوم التمريض، وأؤكد أن المخطوطات العلمية لا نطلق عليها مخطوطات إسلامية، لأن العلم لا وطن له ولا دين، وأنا ضد ما يتردد عن ضرورة أسلمة العلوم.
*وماذ عن مهنة تحقيق المخطوطات؟
**مهنة آخذة فى الانقراض، وعن قريب ستصبح مثل صناعة الطرابيش.
*منذ عدة أسابيع صدر قانون يلزم كل من يملك مخطوطاً يقوم بالإبلاغ عنه، لتقوم الجهة المختصة بترميمه وصيانته ونتركه فى حوزته، وإذا رأت الدولة الاستيلاء عليه فمن حق الدولة الاستيلاء عليه.. ترى ما رأيكم فى هذا القانون؟.
**القانون فعلاً طلب من كل من يملك مخطوطًا أن يقوم بابلاغ دار الكتب عنه، لصيانته وترميمه وفهرسته، ويصبح معروفاً أن المخطوط «الفلانى» فى حوزة «فلان» وإذا أراد بيعه فدار الكتب تشتريه، أما المادة التى تقول إن دار الكتب من حقها الاستيلاء على المخطوط إذا رأت أن ذلك فى الصالح العام، هذه المادة ستثير الخوف وتجعل البعض يرفض الإبلاغ عن أى مخطوط بحوزته.. وأنا سمعت جزءًا من المناقشة التى جرت فى مجلس الشعب حول هذا القانون، ولم يعجبنى ما قيل، فكل الذين تحدثوا فى هذا الموضوع ليس لديهم أى فكرة عن المخطوطات، ونتج عن هذا القانون أنه صدر قرار من وزير الثقافة بتشكيل لجنة فى دار الكتب للمخطوطات، واللجنة ممثل فيها وزارة الأوقاف ومكتبة الإسكندرية، وممثلا فيها دار الكتب، وأنا عضو فيها وهذه اللجنة فى تقديرى وأرجوا أن أكون مخطئاً لن تفعل شيئاً.
*نسمع عن سرقة المخطوطات، وهناك مافيا تعمل فى هذا المجال وبيعها لبعض الدول؟..
**نعم، سبق أن سرق مخطوط للإمام الشافعى وأحيل الموضوع للمحكمة، وطلبت المحكمة تشكيل لجنة كنت عضوًا فيها لتسعير المخطوط، حتى يمكن للمحكمة تقدير العقوبة أو الغرامة، وطبعاً على اللجنة أن تبحث عن أسعار المخطوطات المماثلة التى تباع فى مزادات العالم، وتم تقدير ثمن المخطوط بـ 600 ألف جنيه، ولكن فى رأيى المخطوط يفوق أى سعر، لذلك يجب الحفاظ على تراثنا المخطوط، وتأمينه من اللصوص.
*بعد الانتهاء من الحديث مع الدكتور عبدالستار الحلوجى، التقينا بالدكتور كمال الدين البتانونى أستاذ علم البيئة بكلية العلوم جامعة القاهرة وخبير المخطوطات العلمية، وسألناه عن رأيه المتخصص فى المخطوطات العلمية؟
**قال: على الرغم من النهضة العلمية الحديثة التى أضافت الكثير من المعارف والمكتشفات، إلا أنا ما حوته مخطوطات العلماء عن النباتات الطبية والعقاقير والأدوية المفردة والمركبة وعلوم الصيدلة ظل أساساً علمياً للمعرفة فى هذه الموضوعات ويكون حجر الزاوية فى علوم الصيدلة، ودارسو علم العقاقير فى عصرنا الحديث مازالوا يدرسون عن النباتات الطبية والعقاقير ما تمتد جذوره إلى ما فى بطون معتقدات العلماء، وقد اتبع العلماء القدامى فى دراستهم للنباتات الطبية والعقاقير منهجاً علمياً لم يسبقهم إليه غيرهم، وهذا يؤكد أن ما يشاع أن العلم صناعة غربية باطل.
ثم التقينا مرة أخرى بمدير المكتبة ليعرض علينا بعض عناوين المخطوطات الموجودة بالمكتبة، فقدم لنا مخطوطة عنوانها «اختلاف علماء» لمحمد بن جرير الطبرى، وهى نسخة مؤلفة سنة 294هـ وهو كتاب فى الفقه الإسلامى، وقدم «ترشيح التوشيح وترجيح التصحيح» وهو مخطوط فى الفقه الشافعى ألفه تاج الدين عبد الوهاب السبكى المتوفى سنة 771هـ.. كما قدم لنا شرح «ألفية العراقى فى أصول الحديث» لمؤلفه عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن المتوفى سنة 806هـ، كتب بخط يده سنة 771هـ بالخانقاة القشتمرية خارج القاهرة، وأيضاً قدم لنا «مجموع فى الفوائد» يبدأ بالقصيدة الرابعة فى العقائد الإسلامية التى يقال لها: متن الرحمن فى عقائد الأيمان، وهى من تأليف محمد القريبى بن إسماعيل، كما قدم لنا «نزهة المشتاق فيما يتعلق بأحوال العشاق»، و»مرقى الوصول إلى معنى الأصولى والأصول».


الرابط

http://www.iraq4allnews.dk/new/ShowNews.php?cat=19&id=23070

[عبد المالك بن ستيتي]

السلام عليكم
احتراماتنا أخونا إبراهيم
كل يوم نكتشف معك او مع زملاء اخرين كنزا جديدا من كنوزنا، فالشكر لك على توفير مثل هذه المقالات للأعضاء........................................... ....دمت لنا

[ابراهيم محمد الفيومي]

شكرا لمرورك اخي عبد المالك
تقبل تحياتي