منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات » المكتبة الملكية البلجيكية

المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام.

إضافة رد
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم Aug-11-2006, 05:52 PM   المشاركة1
المعلومات

رهف أحمد
مكتبي نشيط

رهف أحمد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18058
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 96
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي المكتبة الملكية البلجيكية

[COLOR="DarkRed"]25 مليون مادة ووثيقة في جهاز صغير ـ المكتبة الملكية البلجيكية: أثر لكل أمة –
ياسين النصير
لا تدري أحيانا أن قدمك قد تقودك إلي مواقع لم تحلم بها، عندئذ تعيد ترتيب الأيام والساعات. الصدفة، في أول مرة أزور فيها بروكسل قبل خمسة أعوام بصحبة الفنان إسماعيل زاير، وحدها التي قادتني إلي هذه المكتبة، ولكني يومها كنت محملا بأثقال المرض، فصرفت النظر عن الكتب والمكتبات عن الصعود إليها من أسفل البلد أو النزول منها إلي مقاهي المغاربة والشاي النعناع ومحطات القطار والمترو، إلا أن المكتبة تبقي ملتصقة بك كما لو كانت قدرك المسافر معك، كتب وذكريات ومطالعة وبحث وتدقيق وشك في السؤال الأزلي: هل ما زلت تبحث عن مكونات المعرفة خارج بيتك؟ فقد هجرتنا مكتبات بغداد يوم كانت مدججة بسلاح غير السلاح الثقافي، فكانوا يحصون أنفاسك وأنت تقرأ، يراقبونك وأنت تقرأ، يسألون الحاجب والوزير عنك وأنت تقرأ، ثم يدونون ما بحثت عنه وأنت تقرأ. وإذا استطاب مقامك طويلا في المكتبة اقترحوا عليك ما تقرأ، ثم هذه الممنوعات التي تزداد يوميا لصبح عائقا أمام أي بحث علمي أو فكري. أقول ان حاسة المنع والترهيب جئنا بها معنا إلي هنا، ترتحل حيث نرتحل وتنمو حيث تبدأ الأشياء بالنمو، لكني هنا وجدت أن الأمر لا يستحق كل هذه الاستحضارات القديمة فهل أجد ما لم أجده في بغداد؟ ولما كنت مؤجلا هذه القضية إلي ما بعد الشفاء بقيت غصة في داخلي وهي أن أطلب في أول فرصة لي في بروكسل أن أزور مناقبها الخفية ومنها مكتبتها الملكية وأن أُصورها وهذا ما حدث لنا عندما أتاح المشرفون أمام عدسة زميلي كريم إبراهيم الدخول إلي الطوابق الستة السفلية حيث المخطوطات محفوظة ومقروءة ومشاهدة هناك.
ــ 1 ــ

في المرة الثانية التي زرت بها بروكسل ذهبت حيث يجب أن يذهب السائح والمهاجر إلي المتحف الوطني الكبير، وهناك كان رفيق رحلتي الفنان سعد علي الذي كان يدلني بحاسته الفنية علي مواقع الفن عبر القرون، وعبر نماذجه المتميزة التي احتواها متحف بروكسل كما لو كان يحتضنها بحق. فهي بحكم الضرورة تنتمي لحاميها هوية وتاريخا، هكذا قال أحد الفنانين الذي التقينا به في المتحف : صحيح أن بعض هذه الرسوم يعود إلي بلدان وفنانين آخرين، لكنها بحكم الضرورة والمحافظة فهي لبروكسل العاصمة الثقافية لأوربا عام 2001 حيث يمكنها أن تكون في مكان أكثر ثقة بالحضور في ذاكرة الثقافة مما لو أعيدت إلي أصحابها المتفرقين في شتي ربوع العالم. والحق مع مشرفي المكتبة عندما وقفنا علي الكثير مما تحتويه هذه المكتبة ومما تصرف له من جهد وعمل ومال كي تحافظ، ليس علي الكتاب والمخطوطة والعمل الفني، بل علي كل ما يتصل بالثقافة والفكر عبر قرون. المتحف والمكتبة يتجاوران علي تلة مرتفعة حيث بروكسل أكثر ارتفاعا من هولندا، مما أتاح الفرصة لفن العمارة أن يمتد إلي باطن الأرض مثلما يمتد فوقها ويرتفع. فالمكتبة تتألف من ستة عشر طابقا ستة منها تحت الأرض حيث خزائن المخطوطات والأثريات الفرعونية والبابلية والسومرية والإسلامية والحضارات الأخري. الطوابق الستة مثل التعويذة والأحراز لا بد لها من أن تكون محتوية علي أسرار، وهذا بالفعل ما جوف هذه الأحراز الستة التي تنزل إليها وأنت تجهل أن للمعرفة في عرف المثقفين ديناً تاريخياً كبيراً وأن المعرفة الحق ليست أداء بل قول مجسد بواقع وها نحن في صرح ثقافي قل نظيره في بلداننا العربية ــ عرض تلفزيون الشرق الأوسط ونقله تلفزيون هولندا القناة الثالثة حال الكتاب العراقي التراثي المحفوظ في خزائن المكتبة الوطنية وهو ممزق فبدا تصليحه بطريقة بدائية ملقين اللوم علي أمريكا وتاركين النظام بلا لوم أو عتب في حين أن قصورا هائلة تطلي بالفضة وتزين بأحدث البلاطات وتترك ثروة البلاد الثقافية عرضة للتمزق ــ وعشرة طوابق فوق الأرض حيث تتسع قاعاتها للقراء وللباحثين وللمطالعين وللمصورين ولمن يأتي ولا يقرأ أو يأتي لقضاء وقت أو يأتي ليكتشف أنه في صرح ثقافي ربما واتته الفرصة يوما كي يكون ضمن ركب القراء. وللكل مما يوجد نصيب. فقد يكون مثلي أن يجد في الثقافة جديداً يحاور القديم وفي القديم ما يمد أسباب فكره للجديد. المكتبة مكان لتلاقح وإنضاج ونمو وفاعلية فكرية كبري، وهي في أوروبا غيرها في شرقنا العربي، هنا تؤلف حاسة للثقافة، وهناك تستهلك حاستك الثقافية، هنا تجد نموا فيها وهناك تجد تآكلا في أجزائها. عشرات المخطوطات جري تهريبها إلي الأردن من مكتبات بغداد والنجف وسامراء والبصرة والموصل وبيعت بأثمان بخس، وكان مع الأسف الشديد وراء التهريب بعض من يدعي الأدب في مكتبة بروكسل تجد المحاورة علي أشدها بين اللغات وبين القراء، و بين أن تكون المكتبة محتوية للقديم والجديد معا، و بين أن تصبح صرحا لا يمكن تجاوزه عندما تري الحياة العصرية كلها وقد مدت خيوطها المعرفية إلي رفوفها ومخازنها وعقول المشرفين عليها. ففي خطط هذه المكتبة الكبيرة التي تضم في رفوفها أكثر من خمسة ملايين كتاب، نجد أن المعرفة المعاصرة للثقافة في العالم تأتيها كما لو أنها تنساب كجريان المياه إلي القراء. ويتحدث مسؤول المكتبة الشاب الذي تحدثت معه علي مدي جلستين، أن ما سوف نعمله في المستقبل كفيل بأن يجعل هذه المكتبة واحدة من صروح الثقافة العالمية. فنحن نستعد لأن نحتوي كل الفايلات الثقافية في شرائح كومبيوترية تحافظ عليها وتهيئها للقراء. ونسعي كذلك لأن تكون المعلومات منسابة للقارئ الذي يأتي المكتبة أو الذي يتصل بها عبر شبكة الانترنت. كما نعمل علي توفير نشرات ثقافية مستمرة توفر للقارئ وبمختلف اللغات المعلومات التي يتطلبها البحث الدقيق والجاد. بالطبع أن الهاجس المالي يقض مضاجع الكثير من المؤسسات الثقافية الأوربية رغم التخصيصات الكبيرة لها. وهذا ما يجعل بعض الأفكار مؤجلة. هذا ما يصرح به المسؤول الثقافي للمكتبة، ولكن العمل بالممكن يجعل من معني أن تكون بروكسل العاصمة الثقافية لأوربا عام 2001 يكتسب دلالة أن تنهض كل المؤسسات الثقافية فيها بالمهمة. والدليل يقول المشرف علي فعاليات مهرجان ثقافي سيقام بين شهري، شباط ــ آذار من العام المقبل وتحت اسم 2001 ليلة وليلة، وهو اسم مستعار من ليالي الشرق وحكاياته، مهرجانا للفنون الشعبية الشرقية وسيشهد الجمهور احتفالية كبيرة للفنون الشرقية والعربية من غناء ورقص وكتب وأنشطة فنية وأشعار وحكايات وأزياء ومسرح وكافتيريا شرقية طوال يومي 17 ــ 19 من هذين الشهرين، وفي الأيام الأخري ستكون هناك فعاليات ثقافية لشعوب أخري ولثقافات أخري. مما يعني أن العاصمة الثقافية تراعي في تكوين معارفها للأوربي هذا التنوع الثقافي الذي هو عليه سكان المدينة.

ــ 2 ــ
يقودنا الهاجس الثقافي لمعرفة مكونات هذه المكتبة العريقة، فقد كانت شأنها شأن كل المكتبات صغيرة أول الأمر ومنزوية، فبداية الستينات التي شهدت ميلاد هذه المكتبة بشكلها الحالي، بالطبع هي ليست بداية تكوينها الفعلي.فقد قامت المكتبة علي تبرعات من قبل المؤلفين والجمعيات لتضم في آخر المطاف خمسة ملايين كتاب، وهذا يعني أن فكرة نموها لم تكن رغبة حكومية أو مؤسساتية فقط، بل رغبة جماهيرية وثقافية متسعة. والدليل أن هذه المكتبة سوف تشهد نموا في خططنا القادمة بما يؤهلها لأن تكون صرحا ثقافيا عالميا. وأنت تري، يقول المشرف، إنها في حركة مستمرة لأن، تكون أهم مكتبة في بلجيكا وأوروبا مشروعها السابق قام علي تبرعات كما قلنا، وعلي هبات الكنائس والجمعيات من كتب وآلات طباعة وأدوات تصوير ولدينا منها ما هو محفوظ في بنية معمارية تصان من قبل مشرفين. لدينا مخطوطات كثيرة من الصين واليابان ومن مصر والعراق وإيران ودول أمريكا اللاتينية ومن المغرب العربي ومن أفريقيا ومن أوربا وغيرها من دول العالم. وفي إحدي الممرات المهمة تجد القرآن الكريم مخطوطا وإلي جواره مخطوطة من الأدب الفارسي، هذا يعني أن التجاور هنا يكتسب دلالة معرفية مع الحضارات الأخري فنحن نملك كتبا ومخطوطات من القرن الرابع عشر إلي القرن التاسع عشر وهذا يعني أننا نوفر للقارئ مساحة كبيرة من المصادر المعرفية وبمختلف اللغات الحية. وركز جهدنا في السنوات الماضية لأن تحتوي المكتبة علي كل ثقافة القرن العشرين الأساسية أي إننا نضع ضمن مسؤولياتنا أن، تكون المكتبة حية في مصادرها المعاصرة إلي جوار مصادرها القديمة. والمتتبع لتطور هذه المكتبة الحديثة، أنه سيجد فيها كل الخصائص لمكونات الثقافة الأوربية القديمة منها والحديثة. ولم يقف مصدرنا هذا علي ما نملكه من كتب وآثار ومدونات ومخطوطات، فقط، إنما لدينا اتصال دائم بأهم مراكز البحوث والجامعات في العالم لسد نواقص هذا التاريخ ومكوناته المعرفية، وهذا ما يجعلنا نساهم في معظم المؤتمرات التي تعقدها الجامعات الأوروبية والبلجيكية والعالمية من أجل أن تصبح مكتبة بلجيكا الملكية صرحا وشاهدا علي عاصمة ثقافية لا تري بعين أهلها مهمة فقط، بل في عيون كل الباحثين والمفكرين. ويدفعنا هاجس الشمولية هذا إلي أننا أناس متسامحون همنا أن نكون صورة عن أوروبا المعاصرة تلك الحال التي يلغي فيها التمايز بين الثقافات، فنحن نسعي لأن تكون المكتبة ليس شاهدا فقط علي حضارتنا المعاصرة بل صوتنا الذي يصل إلي أنحاء العالم. وهذا الذي نقوله نؤكده عمليا وماديا من خلال ما نلمسه من حضور فاعل لكل الثقافات علي هذه الأرضية العالمية المشتركة. نريد من المكتبة أن تكون ذات هوية إنسانية، وليست هوية لمدينة أو لبلد معين فقط، رغم وجودها في بروكسل. ومما يؤسف له أننا لا نستطيع احتواء معظم منشورات الأدب العربي الحديث أو القديم مثلا، ولكن لدينا ما يكفي للدلالة علي اهتمامنا المتزايد في هذه الجوانب . الهبات التي قامت عليها المكتبة ما زالت تتسع فقد وجد الكثيرون فيها مكانا لأن تكون شاهدا علي حضورهم. هذا الشاعر البلجيكي الذي تبرع بمكتبته لنا، عملنا له ما يشبه مكتبته في بيته. فأوينا فيها كل الموجودات التي كانت تشكل نسيج حياته اليومي فتجد أشياءه إلي جوار كتبه وصوره وأرشيفه وكأنها شاهد حي يمتلك فاعلية الحضور أمام القراء والزوار. لدينا كتب من فولتير ومن بيكاسو ومن مشاهير الكتاب والفنانين والمسرحيين في شتي أنحاء العالم. ولدينا أدوات إكسسوار وتمثيل لعدد من المسرحيات التي عملت في بلجيكا ومدن أوروبية أخري. هذه النغمة الحضارية في تجاور أشياء الثقافة من مختلف صنوفها ومصادرها لا تجعل المكتبة خاصة بالكتب فقط، بل بمكونات الثقافة كلها. ونسعي في خططنا المستقبلية أن نوفر للقراء أرشيفا الكترونيا كاملا عن كل محتويات المكتبة وأن نجعل المعلومات عن الخمسة ملايين كتاب متوفرة للقراء، وفي كل سنة ننظم ما يقارب 1500 كتاب ونقدم عنها في كاتلوج متكامل المعلومات المضبوطة. إضافة إلي خزين كبير من الصور عن مختلف بلدان العالم، نعمل من أجل أن تكون جاهزة للمشاهدة والعمل. فالمكتبة كما تري ليست بناية وكتب ومخطوطات، بل هي هوية لبلد يريد أن يكون في الصدارة من بلدان العالم المتقدمة. فقد بدا عمل الأرشفة الكومبيوترية للكتب وللمخطوطات من عام 1930 واستطعنا أن نحفظ أكثر من 25 مليون وثيقة و مادة وصورة، وهذا يعني بالنسبة لنا عملاً منظماً ومستمراً ودؤوباً. الأمر الذي يجعل تصورنا عن المستقبل يمتلك شيئا من الوضوح. وهمنا كما أسلفت أن نعمل كاتلوجات لكل المصادر كي نوفر للمتتبع وفي مختلف بلدان العالم المعلومات التي يريدها. وهذه الخطة ستتحقق ما دام هناك فريق عمل متخصص يعمل بدقة متناهية من أجل أن تنهض هذه المكتبة بمهماتها الكبري. وربما نحن نختلف عن المكتبات الأوربية الأخري وهو أن لدينا فريق عمل متكامل يقدم المساعدة الميدانية لكل طالب معرفة وباحث، ومن مختلف اللغات، وتحت أي باب يبحث أو يسعي، فنحن إذ نوفر هذا الجهد نسعي لأن نكون متميزين بين المكتبات باهتمامنا الكبير بمكونات الثقافة الشعبية .

ــ 3 ــ
في أقبية طوابق المكتبة السفلية كانت لنا جولة بالكاميرا، ولكنها جولة ناقصة حيث لا يسمح لنا بتصوير المخطوطات الثمينة خوفا عليها من ضوء الفلاش، وعندما اقتربنا من مخطوطة للقرآن الكريم منع المصور من ذلك واكتفي بأخذ صورة عادية وسط ظلمة محببة بمناخ يوفر نوعا من قدسية زمنية متقادمة تعايش أثرا تاريخيا معاصرا في وجدان شعوب العالم. حقيقة أنك ما أن تقف أمام مخطوطة للقرآن الكريم أو الكتب المقدسة السماوية الأخري حتي ينتابك شعور أنك ما زلت تعيش في اتصال زماني- مكاني مع مكونات إنسانية حضارية قديمة ــ حديثة. هذا الشعور الذي نقله المصور لنا وهو يخطو باتجاه أن تتضمن كاميرته صورة لمخطوطة القرآن، أشعرنا جميعا أن الكتاب ليس خاصاً بشعوب دون أخري ولا بمكتبة دون أخري. بل هو أثر إنساني عالمي الوجود والحضور. ويكفي مكتبات العالم الكبيرة أن تفرد له مكانة تليق بموجوده الفكري والفني. وإلي جوار هذا الأثر كان هنا بقايا من حضارة شرقية قديمة هي الحضارة الفرعونية ــ المصرية تلك التي ثبتت شواهدها الصخرية والكتابية والإنسانية علي مر العصور كواحدة من نتاج البشرية الثر المعطاء، وقد احتضنتها المكتبة كما لو كانت هذه البقايا جزءاً من موروث أوربي يحافظون علي قيمته المستمرة الحضور.

ــ 4 ــ
ترسم المكتبة صورة كبيرة لطبيعة الثقافة في بلجيكا، فهي أولا مصدر كل المعارف المنتجة في البلاد، لا يصدر أي كتاب إلا وتوضع نسخة منه فيها. هذا ما معمول به حتي في مكتباتنا في الدول العربية. إلا ان المفاجأة لي أن تعريف الكتاب عندهم من المرونة ما يجعلني أعتقد أن الكتاب عندهم هو ما يسميه العرب الأوائل الرسائل فقد كان للحسن بن الهيثم أكثر من 400 كتاب وللفيلسوف الكندي 480 كتاباً، ولما تساءلت وأنا صغير عن هذا العدد، قيل لي انها رسائل في مختلف العلوم لا تتجاوز صفحات بعضها خمساً أو ست صفحات، وتسمي كتابا. هنا في بلجيكا كل مصنف ثقافي يسمي كتابا متي كان عدد صفحاته خمس صفحات عدا الغلاف. وعندئذ يتسع مدي الكتاب فيشمل في تصنيفه ما كان يطلق عليه عربيا بالرسائل.
والملاحظة التي كونتها من مشاهدات ومقابلات أن هذه المكتبة هي خلاصة لتاريخ الكتاب في أوربا، خلاصة تعني أن علي القارئ إن يبحث في مصدرها فيجد فيها شمولا لتنوع الكتاب شكلا ومادة وطباعة وإخراجا وورقا. وتاريخ الكتاب الذي أشار إليه المسؤول يعني أن المادة التي فيه ليست إلا جزءاً من الكتاب فهناك كما أسلفنا في القول ثمة بقايا لمطابع وأدوات طباعة وورق وأرشيفات وأفلام وإكسسوار وأزياء ولغات ومدونات كلها تؤلف نسيجا من ثقافة تاريخية للكتاب. فالكتاب كما يشير المسؤول ليس صفحات تقرأ بل تاريخ يؤسس وتاريخ ينفتح علي أزمنة وتاريخ ينمو من خلال تنوع واستمرار القراء في الحضور وفي الاستفادة والممارسة.

ــ 5 ــ
المكتبة التي أوتنا بضع ساعات للحديث وللمشاهدة، كانت معلوماتها مدونة الحروف في كتيبات كثيرة من الصعب الوقوف عليها أو احتواءها بنظرة عابرة. أحد الكتب المهمة التي أعطيت لنا، يتحدث مؤلفه عن تاريخ الصور المحفوظة في المكتبة، وفيه نماذج من قرون مختلفة لهذه الصورة بعضها رسوم علي الجدران وبعضها صور لمخطوطات أوربية وعالمية، وبعضها صور دينية وأخري دنيوية، وفي الكتاب عشرات الصور الصغيرة الدالة علي تقنية فنية وخطوط وتشكيلات ورسوم الأطفال، وأزياء القرون الماضية وثمة صوت للدراما ينهض من بين كل هذه المدونات التراثية التي سجلت أن بروكسل كانت وما تزال المدينة التي يلجأ إليها كل عظماء التاريخ يدونون فيها مذكراتهم ويقولون ما لا يسمح لهم القول في بلدانهم. ثمة مكان كان هوغو يأوي إليه وقد دون علي يافطة في وسط المدينة. وآخر كتب ماركس فيه جزء من البيان الشيوعي ويفتخر صاحب المقهي بهذا الإرث. وثالث ثمة مكان لأثر ديني يأتي إليه السواح ليمسدوا أيديهم فيه تيمنا للعودة إلي المدينة. وفي المكتبة وكتبها المئات من حالات التعبد دون دين بالتراث والإرث والموجود القديم.
النقطة الجوهرية في العلاقة بين الثقافة والمكتبة هي أن الثقافة الفرنسية تمد أسباب وجودها في المكتبة وفي الكتب وفي العلاقات والحديث وفي كل ما من شأنه أن يستعير من الثقافة الفرنسية خصوصيتها وعالميتها مضافا إليها تقاليد بلجيكية عريقة. بمعني أن تجد في المكتبة هوية عالمية ــ محلية. ليس من خلال الموجودات فيها، إنما من خلال اللغة التي يتكلم بها سكان بروكسل، وهي اللغة الفرنسية، في حين يتكلم سكان جنوب بلجيكا اللغة الهولندية. وهذه ليست ازدواجية معرفية فالمكتبة تضم في رفوفها وطوابقها الستة عشر ملايين الكتب من كل اللغات وخاصة بلغتيها الرسميتين، الأمر الذي يجعل الكتب القديمة في تداخل حضاري ثقافي مرن يدل علي تصاهر ثقافات عدة في مدينة تعد بحق نموذجا للمعاصرة. توجد في بروكسل ست مناطق أغلبيتها عرب مغاربة، وهذا يعني أن علي المكتبة المركزية مد هذه المكتبات الفرعية بما تتطلبه من احتياجات ثقافية تتطلبها حركة الجالية. وعبثا يتصور أحدنا أن المكتبة شيء منفصل عن مجمل التكوينات الفكرية والسياسية في بلجيكا، فهي رافد مهم وفي الوقت نفسه مستقبل لكل التيارات، فما تراه فيها من تنوع وتنام للثقافات ما هو في حقيقة أمره إلا التنوع والتنامي في المجتمع. لذا فالمكتبة الموقع النابض برؤي المستقبل الثقافي لبلد متعدد القوميات. ثمة نشرة شهرية تصدرها المكتبة توضح فيها نشاطاتها وفعالياتها، وأخري تتحدث فيها من أهم إصداراتها وما وصل إليها من كتب ومخطوطات. المكتبة الحية تتحرك دائما إلي أمام.

جريدة (الزمان) العدد 1242 التاريخ 2002 - 6 - 24

AZP09
YANS[/COLOR]












  رد مع اقتباس
قديم Aug-12-2006, 12:40 AM   المشاركة2
المعلومات

الاء المهلهل
رئيسة قسم المكتبة
والطباعة والنشر
بمعهد التخطيط
طرابلس

الاء المهلهل غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 12923
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: ليبيــا
المشاركات: 880
بمعدل : 0.13 يومياً


ممتاز

الى الامام
انشاء الله
ربي يوفقك












  رد مع اقتباس
قديم Aug-13-2006, 11:29 AM   المشاركة3
المعلومات

هدى العراقية
مشرفة منتديات اليسير

هدى العراقية غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 15536
تاريخ التسجيل: Feb 2006
الدولة: العــراق
المشاركات: 1,418
بمعدل : 0.21 يومياً


افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكورة اخت رهف على هذه المشاركات المميزة جزاك الله خير جزاء ونحن نتظر منك المزيد والمفيد


تقبلي فائق احترامي وتقديري


اختك
هدى












التوقيع
اعمل بصمت ودع عملك يتكلم

  رد مع اقتباس
قديم Aug-13-2006, 06:54 PM   المشاركة4
المعلومات

رهف أحمد
مكتبي نشيط

رهف أحمد غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18058
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 96
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي

اختي الاء

واختي هدى

مروركم زاد مشاركتي تألقا

لا حرمني الله من تواجدكم

دمتما للمنتدى


مع تمنياتي لكن بالتوفيق












التوقيع

عظَمة عقلك تخلق لك الحساد ..


وعظَمة قلبك تخلق لك الأصدقاء
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماهي المصادر البشرية التي يمكن أن تساعد المستفيدين في تحديد الوصول إلى مصادر الداخلية جآء الأمل منتدى الإجراءات الفنية والخدمات المكتبية 18 Oct-13-2011 12:29 PM
كشـــاف مجلــة مكتبـة الملك فهـد الـوطنيـة الاء المهلهل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 17 Apr-23-2011 02:11 PM
حول تفعيل دور المكتبة المدرسية_مشاركة مقتبسة منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 15 Jul-15-2010 05:28 PM
المؤتمر القومي السابع لأخصائيي المكتبات والمعلومات أبـوفـيـصـل المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 6 Jul-07-2007 05:17 PM
طلب مساعدة : مسابقة أفضل مركز مصادر دانة الامارات منتدى مراكز مصادر التعلم والمكتبات المدرسية 3 Mar-02-2006 11:13 PM


الساعة الآن 11:36 AM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين