[AHMED ADEL]

من براءات الاختراع الى العلامات التجارية الى التأليف الأدبي والموسيقي ... حماية حقوق الملكية الفكرية باتت أولوية عربية

محمد نبيل نصار الحياة - 18/12/05//


باتت حماية حقوق الملكية الفكرية واقعاً حتمياً لدفع عملية التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والإبداع العلمي والتكنولوجي والازدهار الثقافي البشري، وكذلك للحد من أعمال التزييف والقرصنة الفكرية.
وقد أدرك البشر عبر التاريخ الحاجة لمثل هذا الإجراء من خلال معاناة المخترعين من عدم تقدير أعمالهم وأفكارهم، بل وصل الأمر إلى محاربتهم. ويعزو الكثير من المفكرين التقدم الهائل في الصناعة إلى نظم حماية الملكية الفكرية التي بدأت في أوائل القرن الثامن عشر. وأصبحت المحك الأول الذي أوجد نوعاً من التنافس الشريف بين المبتكرين، نظراً لما حصلوا عليه من مردود مادي لاختراعاتهم، وللصُنّاع الذين ساعدوا على تطوير سلع جديدة وتسويقها لحسابهم لفترة معينة مما زاد من أرباحهم لتستثمر في تطوير سلع جديدة وهكذا. لماذا فشل موقع ''نابستر'' للتبادل المفتوح للملفات الموسيقية؟
ومن الناحية العلمية، ساهم نظام حماية الملكية في إثراء البحوث النظرية. ونقلها من عالم الخيال إلى عالم الواقع، حيث زاد الاهتمام بالنواحي الأكاديمية والتجريبية من منطلق تنافسي يساهم في ارتقاء الدول ومؤسساتها. وأُنشئت المكتبات الكبيرة والمعامل ومراكز البحث والتطوير، بأثر من تطوّر مفهوم الحماية الفكرية. ولعل السباق المحموم بين أميركا وروسيا في ستينات القرن الماضي، على غزو الفضاء والوصول إلى القمر هو قمة هذه المنافسة التي (وبطريقة غير مباشرة) ساعدت على تطوير كثير من العلوم لتخدم الحضارة والمدنية الإنسانية.
وبفضل التوسع في ممارسات حماية الملكية الفكرية، تحوّلت البحوث المهملة في المعاهد والجامعات إلى دراسات واقعية. وترجمت إلى ابتكارات، وتمت حمايتها، مما أدى إلى وجود جوٍ تنافسي شريف بين الباحثين. وبدأ الجميع النظر إلى البحوث التي تهتم بالابتكار، وتبتعد عن التقليد والإفراط في البحوث النظرية. وتحوّلت المشاريع الخاصة بالتخرج والدراسات العلمية، إلى مبتكرات يجني أصحابها التميز المعنوي والربح المادي.

أنواع الملكية والحماية الفكريين


يمكن القول أن حماية الملكية الفكرية تتضمن أنواعاً متعددة من الاجراءات، تتمثل في براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق التأليف وحقوق الملكية الفكرية للمنتجات الصوتية والمرئية. وقد ظهرت أنماط عدة من الحمايات لهذه الملكيات، مثل الحماية الجمركية والحماية القضائية وغيرهما. ولتطبيق حماية حقوق الملكية الفكرية، يجدر إتباع القواعد الدولية المعروفة في ذلك الإطار، وذلك بحسب الظروف الخاصة والمستوى المناسب لكل دولة مع تحقيق التوازن في المصالح بين أصحاب حقوق الملكية الفكرية ومستخدميها، ضمن خطة تشمل النقاط الآتية:
- إيجاد القوانين والأنظمة المناسبة وإصدار اللوائح القانونية والقضائية المناسبة وجعلها تتكامل باستمرار مع القوانين الدولية.
- تشكيل هيئة وطنية تشرف عليها الدولة مسؤولة عن التخطيط الموحد والتنسيق لأعمال حماية الملكية الفكرية في البلاد.
- تنظيم حملات سنوية ميدانية شاملة واستقصاء ومعالجة القضايا الخطيرة لانتهاك الحقوق تشمل حقوق العلامات التجارية وحقوق التأليف وحقوق براءات الاختراع.
- زيادة الوعي الاجتماعي بإجراء نشاطات وحملات تثقيفية حول حماية حقوق الملكية الفكرية.
- الانضمام إلى المواثيق والمعاهدات الدولية الرئيسة لحماية حقوق الملكية الفكرية والمشاركة في تقويم النتائج والمستجدات العلمية والفنية.
- العمل على تعديل وإكمال القواعد الدولية لحماية هذه الحقوق لكي تكون في صالح مختلف دول العالم.

الملكية الفكرية عربياً


من الواضح إن إنشاء نظام حماية حقوق الملكية الفكرية في الدول العربية ليس أمراً سهلاً، ولا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها، خصوصاً أن معظم الاقتصادات العربية متخلفة. ويميل مستوى أغلب الدول العربية في العلوم والتكنولوجيا الى الضعف الشديد. والارجح ان العولمة الاقتصادية وتسارع ايقاع التقدم في العلوم والتكنولوجيا، وضعا حماية حقوق الملكية الفكرية في مواجهة تحد جديد.
وتفرض تلك الامور على الدول العربية إدراك ضرورة تطبيق حماية الملكية الفكرية لديها، باعتبارها ضرورة ملحة. والارجح ان تعطي مثل هذه الخطوة نتائج إيجابية تصب في مصلحتها بإيجاد وسائل ومخترعات جديدة وبديلة تنافس الوسائل المستوردة. وكذلك فانها تملك القدرة على حفز الإبداع وإظهار الإمكانات الخلاقة التي تسهم في التطور والتنمية. ولابد من رفع وعي المجتمع كله في شأن حقوق الملكية الفكرية، وكذلك تعزيز التعاون مع مختلف الدول والمنظمات الدولية لخلق بيئة جيدة لحماية حقوق الملكية الفكرية.


* خبير في نظم المعلوماتية والاتصالات.