[هبة فوزي علي]

في ذكرى مولد خير الأنام
*******************
في مثل هذا اليوم منذ أربعة عشر قرنا من الزمان أنعم الله على البشرية بأسر بمولد خاتم الأنبياء والمرسلين النبي الكريم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين شاهدا بينهم بالحق ومبشرا لأهل الخير والعدل ونذيرا لأهل الشر والظلم والعدوان وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا 0
وفي مثل هذا اليوم من كل عام نلتقي في رحاب نبينا الكريم نتزود من سيرته العطرة ونتأسى بخلقه الرباني العظيم ونجدد إيماننا بالرسالة الإنسانية الخالدة التي ختم الله بها كلماته لأهل الأرض وتوج بها مسيرة الخير التي حمل لواءها عبر القرون رجال يوحى إليهم ،أدبهم ربهم واصطفاهم على خلقه وجعل في قصصهم عبرة لأولي الألباب وفي مسيرتهم المباركة أسوة حسنة0
ولا يستطيع مؤمن أن يبلغ المدى في استجلاء عظمة نبينا والثناء على شمائله بعد أن تحدث هو قائلا أدبني ربي فأحسن تأديبي وبعد أن شهد له ربه بقوله سبحانه وإنك لعلى خلق عظيم ، ونحن نحتاج إلى أن نتوقف مع سيرته العطرة عند حقيقتين هامتين
الأولى
أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد جمع في حياته كلها بين عنصرين أساسيين أولهما هو النبوة التي جعلته يستقبل الوحي ويتلقى كلمات الله في ليله ونهاره أما العنصر الثاني فهو إنسانيته التي كانت حاضرة دائما في كل ما حفلت به سيرته من مواقف وأحداث وجعلته قريبا من صحابته وأهل زمانه كما جعلته قريبا من قلب كل عاقل ومنصف يطلع على سيرته من بعده وإذا كانت النبوة قد أكسبته في قلوب المؤمنين مقاما رفيعا محمودا وجعلت طاعته من طاعة الله فإن إنسانيته قد يسرت لنا وللدنيا كلها أن تتحلى بخلقه وتتأسى به بصرف النظر من مرور الزمن وتغير الأحوال 0
والحقيقة الثانية
أنه صلى الله عليه وسلم كلن بسيرته تجسيدا حيا لرسالة الإسلام ومبادئه وفي مقدمة ما يجب أن نستخلصه من سيرته أن نسترشد بموقفه من الحياة ومن الناس من حوله فقد كان يقبل على الحياة بعزيمة ودأب وعمل موصول لا يعرف الكلل أو الوهن وقد علمنا ذلك بقوله استعن بالله ولا تعجز وعلمنا أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
فإذا أردنا أن نتأسى بهذا الخلق من أخلاق النبي كان علينا و على أجيالنا الشابة أن تصحح فهمها لرسالة الإسلام وأن تدرك أنها مسئولة أمام الله عن تعمير هذه الدنيا وعن تحقيق الريادة والنهوض للأمة التي تحمل رسالة نبيها الكريم وهي ريادة لا تتحقق بالأماني والكلمات وإنما تتحقق بالسعي الدائب والعمل الجاد والإنتاج الوفير والإبداع الخلاق الذي تصنعه العقول الذكية والإرادات الحرة والهمم العالية فبهذا وحده تستحق أمتنا أن تكون كما أرادها الله خير أمة أخرجت للناس
وسيبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مرشد يلهم المسلمين ومنارة تضيء لهم الطريق مهما حاول المرجفون أن ينالوه بتفاهاتهم ووضاعتهم وصدق الله العظيم " إنا كفيناك المستهزئين "