[سلمان الفارسي]

بدءا ،،،كلما كان الداء عضالا كان الحديث عن حقيقته أقسى، وكلما كانت القضية مصيرية كان تناولها مرهقا ، وللمكاشفة والشفافية ومواجهة الحقيقة مهما كانت قاسية نتائج قد لا ُيدرك مداها . قد لا أكون صديقا حميما لعلم المكتبات ولكن علاقتي بالكتاب علاقة قديمة وحميمة جدا ، كصديق قديم للكتاب أصرخ في هذه الأمة بيني وبين ذاتي وبأعلى درجات المكاشفة والشفافية أمتي أصبحت أمة ( لا تقرأ ) ، أمة كانت أولى كلمات دستورها ( اقرأ ) .لنخرج قليلا خارج حدود مكتباتنا ...- من منكم شاهد إنسانا أثناء انتظاره في عيادة أو صالة سفر أو دائرة حكومية أو في حافلة أو سيارة أجرة يقرأ كتابا ؟؟؟- لماذا تغلق بعض مكتبات حي الجامعة ليفتح مكانها مطعما ؟؟؟- لماذا أصبح شراء الكتب موقوفا غالبا لأغراض البحوث ولطلبة الجامعات للحصول على الشهادة أوشراءها لتزيين جدران المكاتب والبيوت ؟؟؟- هل الفضائيات والبلوتوث وكاميرا الجوال ومقاهي الشات وليس الأنترنت وصالات التداول قريبا دور في اغتيال طوق الحمامة والأغاني وشذرات الذهب والشوقيات ؟؟؟لقد تقزم هذا العالم وأصبح قرية صغيرة وأصبحت الثقافة كوجبة الهمبرجر سريعة التحضير وسريعة الأكل . ذات يوم شاهدت بعض الروايات العالمية مثل ( قصة مدينتين – اوليفر تويست – كوخ العم توم – ذهب مع الريح – مرتفعات وذرنغ – الإخوة كرامزوف ... الخ وقد طبعت في كتيبات صغيرة لا تتعدى الستون أو المائة صفحة وكنت قد قرأتها وقد كانت صفحاتها بين 200 – 600 صفحة لبعضها ، وبغض النظر عن القيمة الأدبية لهذه الروايات بعد الضغط إلا أن هذه لمحة لما أصبح عليه العالم من تسارع وتسابق مع الوقت .لم نعد نتساءل مع تقزم العالم و احتضار الثقافة ماذا تقرأ بل أصبح التساؤل هل تقرأ ؟إخوتي أقولها بصوت عالٍ نحن لا نقرأ ..ذات يوم جاء مندوب يسوق لإحدى الموسوعات بالتقسيط وبثمن لا يستهان به فتدافع المعلمون يساومونه عليها فقلت لهم هذه الموسوعة موجودة في مكتبتنا منذ سنتين (طبعا موجودات المكتبة من كتب لا توضع في لوحة الإحاطة الجارية ) ، وتابعت قائلا الكثير منكم يقضي حصص الفراغ في حجرة المعلمين يتحدثون ويضحكون ومنهم من يذهب لقضاء مصلحة ما فلماذا لايستغل بعض هذا الوقت والاطلاع على هذه الموسوعة التي فتحت شهيتكم للقراءة وبعد هذا الحوار مر عام كامل ولم يحاول أحدهم الاطلاع على الموسوعة بالمكتبة ؟هذا مثال لشريحة مكونة من خمسة وأربعين معلما ذات علاقة بالكتاب وبالعلم والتعليم . إدارة المدرسة لم تقصر في تجهيز المركز بالديكورات الجيدة والإضاءة والتكييف والمقاعد المريحة والمركز مفتوح طوال اليوم ومنذ أكثر من سنتين لم يأت معلم واحد للقراءة الذاتية الحرة ( دون طلابه ) أو لم يقم أحد منهم باستعارة كتاب واحد .وأكاد أجزم من خلال نقاشات وملاحظات وتساؤلات أن هذه مشكلة عامة بين أكثر المعلمين فما بالنا بالشرائح الأخرى من المجتمع !إخوتي ..هل من يمدني بالأمل ويثبت خطأي بواقعية وشفافية دون المثاليات وتنميق الكلمات وتقديم حسن الظن على الحقيقة ؟؟؟فلنجرب قبل كل شيء ..اسأل من حولك من أقارب ومعارف وزملاء عمل (هل تقرأ وانظر لنسبة القارئين من غيرهم ثم اصرخ هل نحن أمة تقرأ أم لا )أخيرا .. سيظل للكتاب الدور الأول والأوحد لمن أراد أن يبحث عن زاد لروحه ويثقفها و ( يعملقها )أمام ( تقزم ) هذا العالم .إلى الأستاذ عبدالله الشهري ..ربما خانتني العبارات عند طرحي لمداخلتي أثناء الاجتماع في جمعية الأطفال المعاقين ، فهذا ما قصدته بالذات ولم أقصد عدد الكتب وأساليب الإعارة والحلول الجبرية لارتياد المكتبة . فالقضية أكبر من مجرد مكتبة ورواد وإعارة وتفعيل وأعلم أن إجابتك كانت موفقة على قدر سؤالي الذي لم أحسن صياغته .. فعذرا لك http://www.adeloasis.com/