[عبدالكريم بجاجة]

من الفئران إلى الاحتراق بالنيران!
التاريخ: 23 سبتمبر 2014
المصدر: سامي الريامي

http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-09-23-1.711930

خلال شهر أغسطس الماضي، نشرت الصحف المحلية خبراً عن سيطرة آليات وفرق إدارة الدفاع المدني في دبي، على حريق نشب في أحد مستودعات الورق بمنطقة جبل علي، من دون وقوع أي خسائر بشرية.
خبر عادي مرّ مرور الكرام على الجميع لأنه ليس فيه ما يلفت، فحرائق المستودعات ليست حدثاً استثنائياً، خصوصاً أن رجال الدفاع المدني سيطروا على الحريق، ولكن لن يتوقع أكثر المتشائمين أن هذا الحريق تسبب في مشكلة كبيرة، وفتح كثير من التساؤلات التي مازالت دون إجابة، لأن محتويات المستودع احترقت بالكامل، فهي عبارة عن ورق!
قد يقول قائل، وما المشكلة في احتراق «شوية ورق»؟! بالتأكيد لن تكون هناك مشكلة، سوى خسائر مالية محدودة، إن كان هذا فعلاً مستودعاً للورق، ولكنها مشكلة أشبه بكارثة إن كان هذا الورق مهماً، وهذا فعلاً ما حدث، المستودع كان مقراً لتخزين وثائق ترجع إلى نحو 18 جهة حكومية، جميعها اتجهت للقطاع الخاص لتخزين الوثائق، والنتيجة رميها في مستودع بمنطقة صناعية لا يتمتع بأي مواصفات للسلامة، ولا توجد فيه أي معايير لحفظ هذه الوثائق، على الرغم من الضمانات التي قدمتها الشركة المعنية للجهات الرسمية، بتوفير الحماية اللازمة للوثائق المهمة المخزّنة لديها، ومن ثم أتت النيران على جميع هذه الوثائق!
طبعاً لا نعرف بالتحديد حجم الكارثة، لعدم توافر المعلومات حول نوعية هذه الوثائق والأوراق والملفات الموجودة في المستودع، لكن بشكل عام هناك رائحة مشكلة كبيرة، بسبب عدم الالتزام بالتعليمات والمعايير اللازمة لسلامة المستودعات من قبل الشركة صاحبة المستودع، إضافة إلى عدم الالتزام بنصائح «الأرشيف الوطني»، الذي زار هذه المستودعات في وقت لاحق، وقدم تقارير مكتوبة للجهات الحكومية، تقضي بضرورة نقل هذه الوثائق من المستودعات، لأنها غير مستوفية المعايير المنصوص عليها في القانون، وبالطبع لم تستجب هذه الجهات حتى حدثت الكارثة، مع العلم أن القانون الاتحادي رقم «1» لسنة 2008، بشأن الأرشيف الوطني، المعدل بالقانون الاتحادي رقم «1» لسنة 2014، يؤكد «مسؤولية كل جهة حكومية في ما يتعلق بحماية وثائقها، مادامت هذه الوثائق في عهدتها، وضرورة حفظها في أفضل الظروف، وتوفير المقاييس لذلك، والمبينة بالتفصيل في اللائحة التنفيذية للقانون»، ولا أعرف شخصياً إن كان القانون وضع عقوبات على الجهات التي لا تلتزم بتنفيذ هذه المادة أم لا، لأن عدم التزام 18 جهة حكومية بهذا القانون يثير الاستغراب والدهشة!
كثيرون يعتقدون أن التكنولوجيا حلّت محل الأوراق والوثائق، وبمجرد حفظ الأصول في وسائط إلكترونية، فإنهم يتجهون إلى إهمال أصل هذه الوثائق، وربما إتلافها، متناسين حقائق مهمة، وهي أن للوثيقة الأصلية قيمة قانونية وتراثية لا تتوافر في نظيرتها الإلكترونية، إضافة إلى خطورة فقدها إلكترونياً لأي سبب من أسباب التقنية، وخطورة تسرب المعلومات، ما يجعل المشكلة أكثر تعقيداً، لذا لابد من الاهتمام بحفظ الوثائق بطريقة مناسبة، والالتزام بنص القانون المعني بهذا الأمر.
سابقاً كانت الوثائق والملفات ترمى في مخازن المؤسسات والجهات الرسمية حتى تقرضها الفئران، والآن ترمى في مستودعات الشركات الخاصة لتصبح عرضة للنيران، فمتى تدرك الجهات أهمية الحفاظ على هذه الوثائق الورقية؟!

[عبدالكريم بجاجة]

كانت مخزّنة في مستودع شركة خاصة
تضرّر وثائق ورقية لـ 18 جهة حكومية بحريق مستودع في جبل علي
التاريخ: 23 سبتمبر 2014
المصدر: محمد فودة – دبي


http://www.emaratalyoum.com/local-se...09-23-1.711926

تعرض مستودع يضم أرشيفاً ورقياً لـ18 جهة حكومية في دبي وأبوظبي لحريق، وصفه مصدر مطلع لـ«الإمارات اليوم» بـ«الكارثة»، مبدياً مخاوفه من أن تكون النيران التهمت جزءاً كبيراً من الوثائق الورقية، موضحاً أن هذه الجهات كانت تخزّن وثائقها في مستودع في منطقة جبل علي، وتعرّض لحريق، أخيراً، على الرغم من الضمانات التي تعهدت الشركة المالكة للمستودع بتوفيرها لحماية الوثائق المهمة المخزّنة لديها.
زيارات تفقدية
يجري «الأرشيف الوطني» زيارات تفقدية إلى الجهات الحكومية، ويوفر لها التوصيات المناسبة في هذا المجال، ومنها ضرورة تخزين الوثائق والأرشيف في المخازن الخارجية، وتوفير شروط الأمن والسلامة، بالنظر إلى القيمة الكبيرة لهذه الوثائق، التي تعتبر مرجعاً مهماً للحكومة وللدولة، وتراثاً لا يمكن تعويضه في حال تعرضه للتلف. وتشمل الزيارات التفقدية المتكررة مخازن الجهات الحكومية، والمواقع التي تخزن فيها وثائقها كالشركات الخاصة، ما يتيح له الوقوف على المخاطر المحتملة من جراء تقييم للوضع في المواقع، ويقدم توصيات على المدى المتوسط بتوفير مخازن مناسبة تتمتع بجميع المواصفات، وتتوافر فيها كل اشتراطات الأمن والسلامة، والإدارة العلمية للأرشيف الحكومي. وكانت «الإمارات اليوم» كشفت في تحقيق نشرته في وقت سابق، عن وجود أعداد هائلة من الوثائق والمحفوظات تعبر عن جزء كبير من ذاكرة البلاد، وتؤرخ للحقب التاريخية الثلاث، التي مرت بها، منذ مرحلة الوجود البرتغالي ثم الهولندي ثم الإنجليزي، «لكنها مهملة وتأكلها الفئران في مستودعات غير مجهزة في مناطق صناعية في أبوظبي ودبي، بسبب عدم وجود آليات لحفظها».
تعهدات الشركة
تعهدت شركة «إنفو فورت»، المالكة للمستودع المحترق، عبر موقعها الإلكتروني، بتوفير سبل الحماية للوثائق المخزنة لديها كافة، إذ ذكرت أن مرافقها ذات مستوى عالمي، ومخصصة لإدارة السجلات، مع أمن يدوم على مدار الساعة، وتحكم بالدخول، وكاشف للحركة، وكاميرات مراقبة وتقنيات متطورة أخرى.
وتابعت، «إننا نتّبع إجراءات وقائية استباقية تدعمها البنية التحتية، والتدريبات، وربط في الوقت الحقيقي مع دوائر الدفاع المدني وفرق المطافي».
وذكر المصدر لـ«الإمارات اليوم» أن ثمة تحذيرات تلقتها تلك الجهات مسبقاً من قبل «الأرشيف الوطني»، حول مخاطر تخزين الأرشيف في هذا المستودع، لعدم استيفائه المعايير المنصوص عليها في القانون «لكن لم تتم الاستجابة للتحذيرات حتى حدثت الكارثة».
وتواصلت «الإمارات اليوم» مع شركة «إنفو فورت»، التابعة لـ«آرامكس»، للحصول على تفسير حول أسباب الحريق، والوثائق التي تلفت، ومدى تطابق مواصفات المستودع مع القانون، وتلقت تأكيداً بأن مدير الشركة سيرد على هذه التساؤلات، وهو ما لم يحصل، وتجاهلت الشركة طلب الصحيفة مرتين.
كما تجاهلت الجهة المختصة في سلطة المنطقة الحرة في جبل علي، الرد كذلك على استفسارات حول مدى التزام الشركة باشتراطات الأمن والسلامة، في حماية المحتوى الحساس الذي تتولى تخزينه في مستودعاتها، وماهية الدور الرقابي، الذي تقوم به السلطة، لكن تم تجاهل الاستفسارات كذلك، على الرغم من تلقي وعود بالرد.
وكان حريق شبّ منتصف ليل 28 أغسطس الماضي، في مستودع تابع لشركة إنفو فورت، المتخصصة في تقديم الحلول الآمنة لإدارة الوثائق والمعلومات، وفق مصادر مطلعة ذكرت أن المستودع يضم أرشيف 18 جهة حكومية في دبي وأبوظبي.
وأفاد المصدر بأن فرق الإطفاء، التابعة لسلطة المنطقة الحرة في جبل علي، انتقلت إلى موقع الحريق، لكن لم تستطع السيطرة عليه، وطلبت الدعم من الإدارة العامة للدفاع المدني في دبي، فتوجهت فرق من مراكز مختلفة بقيادة مدير مركز الدفاع المدني في المنارة، المقدم عبدالرحمن بالشالات.
وقال المصدر إن البلاغ وصل متأخراً إلى إدارة الدفاع المدني في دبي، وحين وصلت فرق الإطفاء، كانت النيران أتت على جانب من المستودع، لافتة إلى أن المستودع ينقسم غالباً إلى قسمين، الأول لتخزين الأرشيف والوثائق الورقية، وهذا تعرض للضرر إلى حدّ كبير، والآخر يضم الخادم (السيرفر)، الذي يخزن الوثائق التي أرشفت إلكترونياً، وهذا لم يتضرر.
ويعد تخزين الوثائق لدى الشركات الخاصة من الحلول التي تلجأ إليها كثير من الجهات الحكومية التي تفتقر إلى مخازن أرشيف، لكن القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2008 بشأن الأرشيف الوطني المعدّل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2014، يؤكد مسؤولية كل جهة حكومية في ما يتعلق بحماية وثائقها، مادامت هذه الوثائق في عهدتها، وضرورة حفظها في أفضل الظروف، وتوفير المقاييس لذلك، والمبينة بالتفصيل في اللائحة التنفيذية للقانون.
وأفادت المصادر أن هناك اشتراطات واضحة ينص عليها دليل حفظ الوثائق، الذي أصدره «الأرشيف الوطني» لحمايتها من الحرائق، تشمل ضرورة أن تكون الأرضية غير قابلة للاحتراق، واستخدام أصباغ تحتوي على مادة مقاومة للحريق لمدة ساعة على الأقل، كما يجب توفير أبواب مضادة للحريق لمدة ساعتين بدرجة حرارة 1000 درجة ونظام غلق تلقائي في حالة اشتعال النيران، وتوافر شبكة إنذار مبكر تنطلق فور انتشار الدخان وترتبط بنظام الإطفاء التلقائي، وربط النظام بالدفاع المدني، وتفقد هذه الأنظمة بشكل دوري.
ومن ضمن الاشتراطات ضرورة توافر طفايات يدوية تحتوي على مسحوق مقاومة النيران، وتوفير شبكة إطفاء بالغاز، حتى لا تتضرر الوثائق من عمليات الإطفاء التقليدية، إلا أن هناك شكوكاً في توافر هذه الاشتراطات في المستودع الذي التهمته النيران.
وأفادت المصادر بأن كثيراً من الجهات تعتقد أن بإمكانها الاستغناء عن الوثائق الأصلية بعد تصويرها ضوئياً، مؤكدة أهمية حفظ الوثائق في وسائط إلكترونية، إلا أن ذلك لا يغني عن الأرشيف الورقي، وذلك لاعتبارات، أهمها أن للوثيقة الأصلية الورقية قيمة قانونية وتراثية لا تتوافر في نظيرتها الإلكترونية، علاوة على التحديات التي تشكلها تقنية المعلومات في مجال التخزين الإلكتروني في المدى الطويل كتطور أجهزة الحواسيب، والبرمجيات ووسائل الحفظ وغيرها، وتحديات أمن المعلومات في زمن أضحت فيه الإنترنت العالمية أكثر اتساعاً، وفي ظل هذا الاتساع تزايدت أهمية أمن المعلومات حتى صارت الشغل الشاغل للأشخاص والمؤسسات والدول في الوقت الجاري، وغدت التهديدات الموجهة إلى الشبكة العنكبوتية أكثر تعقيداً، وباتت حاضرة في كل مكان في العالم.
ويساعد «الأرشيف الوطني» الجهات الحكومية في حفظ أرشيفها بالطرق المثلى، من خلال زياراته وتقاريره الفنية، والإشراف على تنفيذ التوصيات التي تتضمنها التقارير، كما يتولى تدريب الموظفين الحكوميين في جميع الأرشيفات الرسمية للإمارات السبع، على مقاييس الأمن والسلامة لحفظ الأرشيف وحمايته من المخاطر المتوقعة.
وحرص «الأرشيف الوطني» على ترجمة المبادئ التوجيهية للوقاية من الكوارث ومراقبتها في الأرشيف إلى اللغة العربية (الترجمة من إعداد عبدالكريم بجاجة)، ونشرها على موقعه الإلكتروني، ويعرّف هذا الدليل المسؤولين والمعنيين في الجهات الحكومية بأنواع الكوارث، والتخطيط للموارد المالية، وتقييم الأخطار، ومعالجة خطر الكوارث، وتجهيزات ولوازم الطوارئ، مؤكداً أهمية الوعي بالمعايير الدقيقة لتخزين الأرشيف، مشدداً على أهمية وضع خطة فعالة لمواجهة الكوارث في مواقع تخزين الأرشيف.