[ولاء شيخ]

ستخلص
تحاول هذه الدراسة التعرف على الإنترنيت من خلال الخدمات التي توفرها للمكتبات ورصد جوانب التغيير التي لحقت بالمكتبات وخدماتها من جراء استخدام الإنترنيت وكيفية مواجهة التحديات المصاحبة لاستخداماتها في المكتبات ومراكز المعلومات•
الكلمات المفتاحية: الإنترنيت، التجارة الإلكترونية، المكتبات ، والنشر الإلكتروني•
مقدمة
يمكننا القول- وبكل بساطة- إن الإنترنيت عالم كامل ومتكامل للعالم الذي نقيم عليه• ففضاء الإنترنيت يعج بالحياة مثل عالمنا الواقعي- ففيه المتاجر والمعامل والمدارس والمكتبات والصحف والملاعب والأندية••• الخ كما يتواجد في فضائه معظم بلدان العالم ومدنه ومؤسساته بل وأفراده ودون أية قيود•
إنها بحق سوق فكرية عامة وحرة يتمتع بداخلها المواطن بحرية الاختيار والتنقل بين أصناف المعرفة دون أية حواجز• إنها بحق سوق ثقافية تتوافر فيها الأصناف جميعها وما على المستفيد سوى الاختيار•
تعريف الإنترنيت
حظيت شبكة الإنترنيت باهتمام العديد من الباحثين في المجالات جميعها، وبالأخص مجال المكتبات والمعلومات، لأنها وسيلة من وسائل الحصول على المعلومات(1) وأداة تقنية لربط المكتبات بعضها ببعض وتحويلها إلى الشكل الإلكتروني القابل للتعامل مع الإنترنيت(2)•
إن الإنترنيت مصدر هائل للمعلومات العلمية والترويحية، لأنها تكفل لملايين البشر على اختلاف أعمارهم وخلفياتهم- في شتى أنحاء العالم- فرصة التواصل فيما بينهم دون قيود جغرافية أو فواصل عرقية(3)•••
إن الإنترنيت ليست بشبكة فيزيائية، إذ ليس لها مالك، ولا جهاز إداري مركزي، وكل ما تفعله الإنترنيت هو توفير مقومات التكامل والترابط بين العديد من الشبكات• إنها مدينة بلا حكومة، على شكل المدينة الفاضلة، أو المجتمع المثالي، إنها تستخدم الآن لنقل المشروع والممنوع على حد سواء، إنها في واقع الأمر إحدى مطايا ما يسمى بالنظام العالمي الجديد "العولمة"، فهي عند بعضهم الوسيلة المثلى لبسط الهيمنة بالتغلغل في أحشاء المجتمعات، إنها بحق تمثل سوقاً هائلةً لعشرات الآلاف من الشركات والمستثمرين والمهتمين والباحثين والأساتذة والطلبة من أنحاء العالم كله وقد ازداد عددهم ست مرات أضعاف ما كانوا عليه قبل سنتين من الآن، فالتجارة والتواصل العلمي عبر الإنترنيت حقيقة عصرنا الحالي•
هل الإنترنيت مرفق معلومات عام أو متخصص؟
قد يعتقد بعضهم، أن الإنترنيت بشمولها على معلومات في المعارف الإنسانية، جميعها بأنها شبكة غير متخصصة ولكن هذا الاعتقاد خاطئ، فبالرغم من شمولها فإنها تحتوي على معلومات غاية في الدقة والعمق والتخصص حيث يمكن أن يستفيد منها المتخصص أياً كان تخصصه مثلما يستفيد منها الشخص العادي الذي يهمه الحصول على معلومات عامة عن بعض الموضوعات• بالإضافة إلى إمكانية الحصول منها على أهم الأخبار والأحداث العالمية الجارية بعد لحظات من وقوعها•

مزايا الإنترنيت
تتمتع الإنترنيت بمزايا وخصائص فريدة يذكر منها محمد زايد يوسف ما يلي(4):
أولاً: الإنترنيت مفتوحة مادياً ومعنوياً: بإمكان أية شبكة فرعية أو محلية تنشأ في العالم أن ترتبط بشبكة الإنترنيت وتصبح جزءاً منها دون قيود أو شروط سواء من حيث الموقع الجغرافي أو التوجه السياسي أو الديني أو الاجتماعي•
ثانياً: الإنترنيت عملاقة ومتنامية: حققت الإنترنيت ما لم تحققه أية تقانة سابقة في تاريخ لإنسانية فقد حطمت الإنترنيت حواجز الاحصائيات جميعها• فقد احتاجت خدمة المذياع إلى 83 سنة حتى أصبح لديها 05 مليون مشترك، واحتاجت خدمة التلفاز إلى 31 سنة واحتاج الحاسب الشخصي إلى 61 سنة، في حين أن الإنترنيت احتاجت إلى 4 سنوات فقط حتى تخطت هذا الحاجز• وقد تزايد عدد المشتركين على الشبكة، ففي عام 6991م كان هناك 04 مليون مشترك تزايدت أعدادهم في الوقت الحاضر حتى وصلت في عام 9991 إلى 032 مليون مستخدم للإنترنيت ويقسم الموقع المستخدمين وفق لغاتهم ثم اوطانهم إلى 133 مليوناً يستخدمون اللغة الإنكليزية بنسبة 57% تقريباً مقابل 100.2 مليون من المستخدمين باللغات الأخرى بنسبة 43% ووفق التقديرات فإن هذا العدد بلغ 167 مليوناً في نهاية عام 2000 مقابل 160 مليوناً للمستخدمين باللغة الإنكليزية ، ولا يزيد سكان العالم من الشعوب الناطقة بالإنكليزية عن 322 مليون نسمة مقابل 5.6 مليار نسمة على الأرض للشعوب الناطقة باللغات الأخرى، ويتصفح مستخدمو الإنترنيت الشبكة بـ 26 لغة •
وإذا اخذنا انتشار الإنترنيت كمؤشر فإننا نلاحظ أن من بين الـ 221 مليون مستخدم على الصعيد العالمي نجد أنهم موزعون على النحو التالي: 70.5 مليوناً منهم في الولايات المتحدة الأمريكية و12 مليوناً في المانيا و5.5 ملايين في بريطانيا و3 ملايين في فرنسا، في حين أن عدد المستخدمين العرب للإنترنيت قد تجاوزوا عتبة المليون لكن هذا الرقم لايشكل سوى 0.43% من عدد مستخدمي الإنترنيت عالمياً•

ثالثاً: العشوائية: بسبب طبيعة الإنترنيت وتطورها، فإن المعلومات موجودة عليها بشكل عشوائي متناثر، ولذلك قامت عدة جهات غير ربحية وأخرى تجارية بإنشاء فهارس وتطوير برامج تقوم بالبحث عن المعلومة التي يطلبها المستخدم، ويقدر عدد المواقع عالمياً بحوالى 06 مليوناً وأن ما يتراوح بين 0007 و0009 من المواقع عربية، ورغم أن 87% من المواقع عالمياً تعتمد على اللغة الإنجليزية فإن الشبكة تتعامل حالياً مع 62 لغة أخرى•
ومن القضايا الشائكة لانتشار شبكة الإنترنيت هي أن الشبكة غير محكومة سياسياً ولا قانونياً ولا أخلاقياً ولا تجارياً إلى حد بعيد، فهي لا ترتبط بدولة معينة ولا تحدها الحدود الجغرافية ولا السياسية، وبالتالي يصعب جداً الرقابة أو المحاسبة على ما ينشر فيها، وعليه فلا يمكن منع الآخرين من نشر ما يريدونه، ولا يمكن منع الاطلاع على ما ينشره الآخرون فالشبكة صارت مسرحاً لأنواع المواد كلها الطالح منها والصالح•
رابعاً : الإنترنيت شعبية: لا توجد وسيلة حالياً تضاهي شعبية الإنترنيت لأنها وسيلة جماهيرية وليست مقصورة على فئة معينة، وعن طريقها امتلك الفرد المستخدم العادي قوة كبيرة جداً ما كان ليملكها لولا هذه الأداة الجماهيرية التي انحسر بفعلها الزمان والمكان ذهاباً وإياباً من عاصمة إلى أخرى، ومن شركة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر بسرعة الضوء ناقلة معها البيانات والمراسلات والمعارف والمداولات المالية والعقود والاستفسارات، وقد أصبح العالم كوكباً لا يعرف فيه التواصل نوماً•
خامساً : الإنترنيت تجارة إلكترونية هائلة: لا توجد وسيلة إعلانية أخرى تضاهي الإنترنيت في الوقت الحاضر، ويقدر حجم التجارة الإلكترونية بين 56 و001 بليون (دولار) أكثر من نصفها من نصيب الولايات المتحدة ومن المقرر أن يرتفع حجمها إلى 5•1 (ترليون) عام 3002م••• وتشير التوقعات إلى أن 85 مليون أمريكي من مستخدمي الإنترنيت سيمارسون التجارة الإلكترونية عام 3002م كما سيرتفع نصيب أوربا آنذاك عشرة أضعاف من 003 مليون دولار عام 9991م إلى 52•3 (بليون دولار)••• ويشير المراقبون إلى أن هذه الطاقة لم تستغل في عالمنا العربي بعد بسبب العديد من المعوقات الفنية وغيرها، فحجم التجارة الإلكترونية في العالم العربي 59 مليون دولار، غالبيتها من نصيب المملكة العربية السعودية 34% ومصر 81% والإمارات 21%، لكن ما يلفت النظر هو أن 05% من التجارة الإلكترونية منصبة على الأجهزة الكمبيوترية وليست موزعة في باقي القطاعات التجارية•
سادساً: الإنترنيت متطورة باستمرار: أصبحت شبكة الإنترنيت حديث العالم أجمع، لأنها الوسيلة التي أحدثت تحولاً بالغاً في مفهوم صناعة المعلومات وسرعة انتشارها في هذا الكون الفسيح ذابت معه فوارق الزمن وبعد المسافات، إذ حوَّل هذا الجهاز العالم إلى شاشة صغيرة بقاراته الشاسعة وشعوبه المختلفة، وأجناسه المتعددة، فمن خلال شاشته الصغيرة العالم يزورك في بيتك وفي منزلك وفي مكتبك بدلاً من مشقة زيارته•
الخدمات التي توفرها الإنترنيت للمكتبات
أوضحت لوسي تيد L. Tedd بعض الجوانب العامة التي تفيد المكتبات من جراء استخدام الإنترنيت(5):
- إرسال واستقبال البريد الإلكتروني وقد قام مركز The British Library Document Supply Center (BLDSC) بتجربة توصيل الوثائق إلكترونياً عن طريق البريد الإلكتروني وذلك عن طريق استرجاع المقال واستعراضه ثم إرساله للمستفيد•
- تحويل الوثائق والصور ومجموعات التسجيلات الببليوغرافية من الإنترنيت إلى حاسوب المستفيد عبر ملف يسمى "File Transfer Protocol (FTP)س ومن خلال أداة البحث المعروفة•
- الولوج إلى حواسيب أخرى للحصول على خدمات معلوماتية مثل Dialog وغيرها•
- للمشاركة في المناقشات المتعلقة بالمكتبات للأمور العامة من خلال Lislink ولأمور المكتبين من خلال Lis- sys•
- الإعارة المتبادلة إلكترونياً وقد نفذ مركز BLDSC عدة مشاريع لهذا الغرض منها (Inter Lending Open Systems Network)•
هذا ويمكننا تلخيص الخدمات التي توفرها الإنترنيت للمكتبات فيما يلي:
1. تعزيز الاتصال مع مرافق المعلومات المختلفة بوسائل سريعة ومضمونة•
2. دعم مصدر المعلومات المتوافرة بالمكتبة بصورها التقليدية وغير التقليدية•
3. تعزيز عمليات بناء وتنمية موارد المكتبة•
4. تعزيز خدمات الإعارة بين المكتبات عن طريق الإعارة المتبادلة•
5. دعم خدمات المعلومات عامة والخدمة المرجعية خاصة مثل البث الانتقائي للمعلومات SDI وتصفح الموسوعات•
6. تقوية اتصال المكتبة بالمجتمع من خلال البريد الإلكتروني E-MAILL والصفحات الدليلية HOME PAGE•
7. توزيع المطبوعات الإلكترونية والاشتراك فيها عن بعد•
8 .الحصول على النص الكامل للوثائق الذي يعد الشغل الشاغل للباحثين والمستفيدين•
9. تسويق المكتبات وخدماتها•
01. تسويق لأغراض الشراء والاطلاع والبحث•
11. التعرف على فرص العمل وإتاحتها للمستفيدين•
21. فهرسة وتصنيف المواد وذلك بالاطلاع على فهارس المكتبات عبر RLIN وOCLC وغيرها وتصحيح بياناتها، مما يوفر الجهد والمال في تحقيق الإعارة الإلكترونية بين المكتبات•
31 .دعم البحث العلمي الميداني فمثلاً يمكن إرسال الاستبيان عبر الإنترنيت وذلك بتكوين مجموعة مهتمين بموضوع محدد أو بإمداد الباحث بعناوين الهيئات المتخصصة من أجل التراسل معها للتعرف على الآراء العلمية المختلفة•
41. إستعراض أدبيات البحث والتطورات المختلفة في المجالات المختلفة•
51. جماعات المناقشة التي لا حصر لها في كل موضوع يخطر على البال، والمسماة بـ USE NET•
لذلك فإنه يمكن أن نطلق على الإنترنيت بأنها مكتبات متعددة في مكتبة واحدة إذ لو حاولنا التعرف على أنواع المكتبات التقليدية، لوجدنا وبكل تأكيد أن الإنترنيت ساهمت في الوظائف والعمليات التي تقوم بها تلك المكتبات التقليدية، إذ بإمكان الإنترنيت أن تؤدي دور:
- المكتبة الوطنية في جمع وحفظ التراث الفكري للبلد والتعريف به وقد استطاعت بعض المكتبات الوطنية أن تطور خدماتها وأن تأخذ موقعاً لها على الإنترنيت مثل المكتبة الوطنية الاسكتلندية والمكتبة البريطانية التي أخذت موقعاً على الإنترنيت في عام 4991م عرفت بـ National On Line Public Access Catalogue NOPAC كفهرس للمجموعات الإنسانية والعلمية في لندن•
- المكتبة العامة لأنها تقدم خدماتها لفئات المجتمع جميعها بلا استثناء، بغض النظر عن السن أو الجنس أو اللون أو الدين أو الاتجاه السياسي أو المستوى التعليمي أو الثقافي•• إلخ وتهتم بمجالات المعرفة كلها•
- المكتبة الجامعية فيما تقدمه من دعم للتعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع• وهذه في الأساس هي وظائف المكتبة الجامعية والمستمدة من الوظائف الثلاث الرئيسة للجامعة•
- المكتبة المتخصصة فيما توفره من إنتاج فكري متخصص في مجال موضوعي معين، أو لخدمة نشاط معين•
- المكتبة المدرسية فيما تقدمه من دعم للمناهج المدرسية والمهارات المكتبية والميول القرائية للتلاميذ وتعزيز دور المكتبة في المساهمة في العملية التعليمية والتربوية في المدارس•
- مكتبة الأطفال فيما توفره من خدمات تساهم في تطور قدرات ومهارات الطفل اللغوية والتقنية والاجتماعية وذلك بخلق جو مناسب للمطالعة والتسلية والترفيه والتثقيف•
- المكتبة المتنقلة تصل بخدماتها في آن واحد الداني والقاصي متى توافرت التقنية اللازمة• جوانب التغير التي أحدثتها الإنترنيت
تعرض العديد من الباحثين والمختصين إلى دراسة المؤثرات التي ستؤثر على المكتبات وخدماتها من جراء استخدام تقنيات المعلومات وذلك من بدايات ظهورها والأخذ بها في المكتبات فقد أشار دونالد كينج D. King إلى الدور الهام الذي ستقوم به نظم الاسترجاع المباشر وعمليات إعداد المطبوعات ونشرها إلكترونياً(6)•
كما رأى جمس تومسون J.P. Thompson بأن المكتبات يجب أن تتغير لأن لها دوراً حيوياً في العصر الإلكتروني، وأن رسالتها في اختيار وتخزين وتنظيم ونشر المعلومات سوف تبقى ذات أهمية بالغة، وأن طريقة تنفيذ هذه الرسالة أوالمهمة يجب أن تتغير بصورة فعلية فيما إذا أريد لهذه المكتبات مواصلة الحياة(7)• كما أن ما أشار إليه ولفرد لانكستر W. Lancaster من أمد بعيد فيما يخص المجتمع اللاورقي ومستقبل نشر الدوريات إلكترونياً، قد تحقق بالفعل وأدى بالمكتبات إلى أن تتعامل مع هذه المتغيرات•
هذا ويمكن أن يشمل التغيير من جراء استخدام الإنترنيت في المكتبات جوانب متعددة منها:
1• سياسة المكتبة وإستراتيجياتها
أجمع كثير من الباحثين على أنَّ المرونة في سياسة المكتبة وإستراتيجياتها أمر أساسي وهام في تطوير المكتبات وتنميتها، إذ تتيح تغيراً في سياساتها وإستراتيجياتها وفق المتغيرات المختلفة اقتصادياً وثقافياً وعلمياً واجتماعياً ووسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات•
2• تطوير المجموعات
تسعى المكتبات دائماً لتلبية حاجات المستفيدين وإشباع رغباتهم من خلال توفير المصادر والخدمات المختلفة، وبما أن الإنترنيت تعد مكتبة عالمية غنية بالمصادر والمعلومات فعلى المكتبات أن تراجع سياستها فيما يخص تطوير مجموعاتها(8)•
لقد أصبحت المكتبة بمنزلة بوابة "Gateway" أو وسيط بين المستخدمين والإنتاج الفكري العالمي الموجود في مناطق جغرافية مختلفة بهدف تيسير الوصول إليه واسترجاع المعلومات المطلوبة، وبهذا تتحقق المشاركة في مصادر المعلومات "Resource Sharing"•
3• التزويد
تعد الإنترنيت أداة مثالية لعملية التزويد كما كان يحلم بها أمناء المكتبات في الخمسينات والستينات، حيث يتحقق التعاون بين المكتبات من خلال إتاحة الفهارس على> شبكات محلية يتم تحديثها أولاً بأول دون الانتظار لإعادة الطبع أو التحديث أو إعادة توزيع الفهارس المحدثة على المكتبات ودون وجود أية اتفاقات مسبقة ولكن فقط من خلال الاستفادة من إتاحة المعلومات على شبكة الإنترنيت تلك الفهارس التي أدت دوراً إيجابياً في عملية الاختيار وترشيد الاتفاق من خلال خفض نسبة التكرار لبعض أنواع الأوعية مرتفعة الثمن أو الاشتراكات في الدوريات التي تعد عبئاً على كاهل المكتبات عامة والمكتبات الجامعية خاصة، كما يمكن للإنترنيت تسهيل إجراءات التبادل والإهداء بين المكتبات وبسرعة وذلك باستخدام البريد الإلكتروني وإمكانياته الواسعة في نشر قوائم المطبوعات المطروحة للتبادل أو الإهداء•
ومن خلال الإنترنيت أمكن أيضاً العمل على تبسيط إجراءات التزويد إذ يتم الآن وضع أوامر التوريد موضع التنفيذ من خلال تلك الشبكات وتلقي (الفواتير) أيضاً بل ودفع رسوم الاشتراكات من خلال أرقام بطاقات الائتمان البنكية لحساب المكتبة، وما يتخلل ذلك من مكاتبات إدارية عديدة ومعقدة يتم اختصار الوقت فيها بشكل كبير وتظهر أهمية اختصار الوقت حالياً في متابعة العمل بالدوريات، كتجديد الاشتراكات في المطبوعات الدورية أو اشتراكات العضوية، أو مكاتبات إدارة المقر اليومية•
إذاً يمكن القول إن سلوك المكتبات وأسلوبها في التزويد قد تغير بفعل استخدام الإنترنيت، إذ لا داعي لأن تشتري المكتبة أية مواد إذا ما كانت متوافرة إلكترونياً على الشبكة، بل إن إمكانية الوصول إلى هذا النوع من المواد أصبح يسيراً وسهلاً وفي ثوان معدودات وذلك مقابل تكلفة معينة• وبذلك تكون المكتبات قد تحولت من إستراتيجية المجموعات "الاقتناء" إلى إستراتيجية "الوصول"•
4• الإجراءات الفنية
أصبحت الإنترنيت أداة للمعالجة الفنية من خلال نقل البيانات الببليوجرافية التابعة للناشرين أو القواعد التجارية، إذ بإمكان المكتبات الاطلاع على فهارس المكتبات عبر OCLC، RLIN وغيرها لفهرسة وتصنيف مجموعاتها المختلفة وتصحيح بياناتها، مما يوفر الوقت والجهد والمال، ويحقق أيضاً الإعارة الإلكترونية بين المكتبات•
5• توفير الوثائق وإيصالها
وهي إحدى التطورات الهائلة في مجال تبادل الإعارة بين المكتبات التي تقوم بتوفير المعلومات وتوصيلها للمستفيدين في أي مكان في العالم، ويعد المركز البريطاني لتزويد الوثائق The British Librar Document Supplies Center (BLDSC) من أكبر المؤسسات في العالم لتزويد الوثائق سواء بالتبادل الآلي وتوصيلها للمستفيدين عبر البريد الإلكتروني أو عبر البريد العادي أو الفاكس، ويصله سنوياً مليون طلب(9)•
6• النشر الإلكتروني
ويقصد به تلك المواد التي لا تصدر إلا بشكلها الإلكتروني المرقم "Digital Form" وتوزع عبر الإنترنيت بمقابل أو دون مقابل، وتعد الدوريات الإلكترونية أكثر الأصناف تعميماً واستعمالاً• وما كان للنشر الإلكتروني أن يأخذ هذا البعد في الانتشار دون إمكانات الإنترنيت• إذ أصبحت أعداد الدوريات ذات الأشكال الإلكترونية مثلاً في زيادة مستمرة ومطردة فقد تضاعفت أعدادها المتواجدة عبر الإنترنيت من "011" (عنوان) سنة 1991م إلى "4303" (عنوان) في عام 7991م•
لقد انعكس تأثير النشر الإلكتروني على مجموعات المكتبة وخدماتها إذ بدأت أعداد المجموعات الورقية في العديد من المكتبات الأوربية والأمريكية تتضاءل لمصلحة المجموعات الإلكترونية، لذلك تم ترشيد الاتفاق على اقتناء وخزن وصيانة المجموعات الورقية وذلك بالتوجه نحو اقتناء الأقراص المدمجة والاشتراك في قواعد البيانات والارتباط بالشبكات• كما فضلت العديد من المكتبات خدمة إتاحة المعلومات الكترونياً بدلاً من بناء المجموعات الورقية(01)، وهذا يؤكد تحول المكتبات من استراتيجية المجموعات "الاقتناء" إلى استراتيجية "الوصول"•
أما الناشر فقد استغل الإنترنيت كوسيلة من وسائل الدعاية والإعلان والشراء المباشر للمنتجات، إذ يوجد العديد من الناشرين الذين يملكون مواقع يتيحون من خلالها الشراء المباشر لمنتجاتهم، وأفضل مثال على ذلك Amazon، كما أتاحت بعض دور النشر العربية خدماتها عبر الإنترنيت، إذ يوجد حوالى "81" موقعاً لناشرين عرب•
7• مباني المكتبات
ومن التأثيرات الأخرى التي أحدثتها التقنيات الحديثة مثلاً تعديل أثاث المكتب والمكتبة لكي يتلاءم مع احتياجات المستفيدين والموظفين في هذا المحيط الإلكتروني لأن محيط العمل في المجتمع الورقي يختلف تماماً عن محيط العمل في المكتب والمكتبة الإلكترونية•
كما تأثرت بناية المكتبة حيث تخزين الكتب واستخدام الأقراص المدمجة وطرق الاتصال بقواعد البيانات المختلفة•
كما ستحدث التقنيات الحديثة تغيرات في إدارة المكتبات وخدماتها مثل تواجد أعداد كبيرة من أجهزة الحاسبات••، مما سينتج عنها تقليص في حجم صالات المطالعة وتخصيص مساحة أكبر لمكاتب الموظفين والأجهزة والطرفيات والمعامل•
بل إن تصميم مكاتب الموظفين قد تغيرت لكي تستوعب متطلبات التقنية• كما أن المساحة المخصصة للمستفيد أصبحت أكبر من ذي قبل، وأن البيئة الداخلية للمكتبات أصبحت أكثر ملاءمة وسلامة للعاملين والمستفيدين•
إن المطلوب هو مبانٍ للمكتبات أكثر انسيابية وعملية وتتصل بالعالم والمستفيد أينما كان• وهذا يعني أن مباني المكتبات ستشبه مطاعم الوجبات السريعة التي لا يحتاج فيها الفرد إلى دخول المبنى لكي يحصل على الخدمة المطلوبة فهو يستطيع الحصول عليها وهو في عربته من خلال النافذة المخصصة لذلك أو توصيل الخدمة إلى المنازل Home Delivery(11)•
8• الإنترنيت كوسيلة لترشيد المجموعات
انصب اهتمام العديد من الباحثين من بداية القرن العشرين على أساليب تقويم المجموعات وتكوين مجموعات مثالية للمستفيدين وذلك لعدة أسباب منها:
1• تعاظم أهمية الدوريات كأثمن مصدر من مصادر المعلومات وبالأخص العلمية منها والمتخصصة•
2• ارتفاع أسعار اشتراكات الدوريات•
3• العجز المالي في المخصصات المالية للمكتبات•
4• الزيادة الهائلة والمطردة في أعداد الدوريات، إذ من الثابت علمياً زيادة حجمها إلى الضعف مرة في كل "51" عاماً•
لذلك ظهر ومن أوائل النصف الثاني من القرن الحالي وبالأخص في السنوات الأخيرة عدد من الطرق والأساليب الخاصة بتقويم المجموعات الناجحة، إلا أنه قد تبين للباحث أن هناك طرقاً تقنية أكثر فاعلية وتأثيراً، بل أنها ذات دلالات ومؤشرات لا تتوافر في تلك الطرق المتعارف عليها، خاصة إذا كان الأمر يستدعي اتخاذ قرار سريع وعاجل لتقليص حجم الدوريات في مجال موضوعي دقيق جداً والوصول إلى قوائم أساسية في مدة زمنية قصيرة قد لا تتجاوز الثلاثة أشهر مثلاً، لذلك فقد كان من الضروري استخدام الطرق والأساليب التقنية الحديثة مثل:
1• البحث عن العناوين في قواعد بيانات شبكة OCLC وهي بلاشك طريقة جيدة للمقارنة بين ممتلكات المكتبات من الدوريات، إلا أنه يعيبها عدم حداثة سجلاتها فيما يخص مجلدات الدوريات ومجموعاتها وعدم توضيحها لما ألغي من اشتراكات•
2• البحث المباشر في فهارس وقوائم المكتبات عبر الإنترنيت حيث برهنت على أنها الطريقة الأفضل والأسرع للحصول على معلومات عن مجموعة من الدوريات في المكتبات في فترة زمنية قصيرة جداً، وقد تم استخدام طريقة مقارنة مجموعة الدوريات بمكتبة معينة بمجموعة الدوريات بمكتبات مماثلة تتمتع بالظروف نفسها من حيث التخصص والمستفيدون•
وبالفعل فقد تم القيام بدراسة مقارنة لمجموعات الدوريات في المكتبات الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية تحتوي على تخصصات مماثلة، وذلك عبر استخدام الإنترنيت، حيث تم الاطلاع على فهارس تلك المكتبات ومقارنة محتوياتها من الدوريات المعنية(21)•
9• تعليم المكتبات والمعلومات
تتعرض المكتبات ومراكز المعلومات بين الفينة والأخرى لبعض المتغيرات بفعل التغيرات التقنية والدور المتغير للمهنة، إن التغير التقني والدور المتغير للمهنة ليس جديداً، فقد كان تطور قواعد البيانات الببليوجرافية Online Bibliographic Database مؤشراً للمهنة وخضوعها للتغيير• وشبكة الإنترنيت تعد بيئة للمعلومات والنشر في الوقت نفسه، وهي في تنافس حتماً في نوع المستفيد حيث بدأت معها المكتبات تتحسس تلك التغيرات التي أحدثت تغييراً للممارسات والخدمات التقليدية نوعاً ما•
لذلك كان لزاماً على أقسام تعليم المكتبات والمعلومات أن تستعد لمواجهة تلك التحديات بالاهتمام بالتكنولوجيا واستخدام الإنترنيت•
مستقبل التأهيل المهني في المكتبات والمعلومات
ماقبل الثمانينات الميلادية حددت بعض المكتبات وجمعيات المعلومات في الولايات المتحدة مجموعة من القدرات يتعين توافرها في المترشحين للعمل في المكتبات ومراكز المعلومات، إلا أنه ومع التوسع في استخدام شبكات المعلومات والمواد الإلكترونية فقد ترددت الولايات المتحدة في تحديد هذه المؤهلات ولايوجد اتفاق حول هذه المسألة• وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن جمعية المكتبات الطبية MLA قدمت في عام 1991م برنامجاً يشمل العناصر التالية: الحاسوب في المكتبات، خدمات المعلومات، الإدارة واسترجاع المعلومات، في حين وضعت جمعية المكتبات المتخصصة SLA عام 3991م مجموعة من المبادئ العامة حول تكوين سيبرمكتبي Cybrarian(31)•
وإذا لم يتم إلى الآن الاتفاق حول تلك المؤهلات، فإنه يوجد شبه اتفاق على ضرورة تحديد الشروط التي يتعين توافرها في الطالب قبل الالتحاق بالأقسام العلمية في المكتبات والمعلومات التي تؤكد على استعداد الطالب للتعامل مع الحاسوب والتنكولوجيا الحديثة للمعلومات فمثلاً جامعة إلينوي Illinois تشترط في الطالب التمكن من استخدام الحاسوب في معالجة النصوص وإدارة قواعد البيانات والبريد الإلكتروني على الإنترنت(41)•
ولتطوير مهنة المكتبات فإنه يجب الاهتمام بتخريج أمناء مكتبات مؤهلين للعمل الإداري، مع تدعيم وتعميق أكثر للعمل العلمي المتخصص لتخريج أمين مكتبة سبراني (أمين معلومات) Cybrarian ، كما هو موجود في المكتبات البريطانية••
وأمين المكتبة السبراني هو أمين معلومات محاط ليس بالكتب وإنما بأجهزة الحواسيب والاتصالات ويكون عمله على شكل Job -Hopper حتى يستطيع العمل في المكتبات بمفهومها الواسع، ومع النصوص الإلكترونية، وشبكات المعلومات ودور النشر على حد سواء، وتحسين نقل المعلومات للآخرين، ومساعدتهم على استخدامها والتأثر بها•
إن خبير المعلومات السبراني لايقتصر على قضايا تنظيم المعلومات وإيصالها للآخرين بل لابد له من المشاركة وبفعالية في صنع المستقبل الإلكتروني، داخل مجتمع الوسائط المتعددة، ويساهم في التطورات الحديثة للمهنة(15،61)•
إذاً لابد للأقسام العلمية أن تعيد صياغة أهدافها لتتناغم مع التحولات التقنية من جهة ومع الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى حيث تمثل المعلومات رهانات كبيرة في مجتمعات المعلومات•
وهكذا يتبين مما سبق، أن الأنترنت قد وفرت للمكتبات فرصاً كثيرة لتحسين خدماتها ورفع مستوى الأداء بما يتلاءم واحتياجات المستفيدين وتقلل الجهد والمال والوقت في حين وضعت أمامها تحديات يصعب تخطيها إلا إذا توافرت للمكتبات الإمكانات المادية والبشرية اللازمة•
الهوامش والمصادر
1 • هشام، محمود عزمي•"موقع المكتبات والمعلومات: دراسة تحليلية لشبكة الإنترنت"•
مجلة المكتبات والمعلومات العربية، س71،ع4، (أكتوبر7991)، ص5•
2 • أمينة، مصطفى صادق•"دور المكتبة في التدريب على استخدام شبكة الإنترنت"•
ندوة جامعة القاهرة، 91 ـ 52 أكتوبر، 6991، ص7•
3. Leon, R.E The Internet World:its protocols and mainstream services. Online & CDROM Review. Vol.18, no.4,1994. pp.229-239.
4 ـ زايد يوسف، محمد، "الإنترنت لغة المستقبل"، عكاظ الأسبوعية، س24، ع95221، (41 ذو الحجة، 0241/02 مارس 0002) ص32•
5. Tedd,Lucy A.An Introsuction to sharing Resources via the Internet in Academic libraries and Information centers in Europe. program Vol.29,No.1, January,1995,pp,43-61.
6. King, Donald W.Electronic publishing and its Implications for Librares. Arlington, va: ERIC Docment Reproduction service, 1979 Microfiche ED 196-435.
7. Thompson, James. the End of Libraries London: Bingley, 1982.
8 . بومعرافي، بهجة"بناء المجموعات وعهد النشر الإلكتروني وانعكاساته على المكتبات في الوطن العربي"المجلة العربية للمعلومات، تونس، مج81، ع2، 7991، ص ص 921 ـ 931•
9. Tedd. L.A. op. cit.
01. بومعرافي، بهجة، المصدر السابق، ص ص 231 ـ 331•
11. السريحي، حسن عواد وحمبيشي، ناريمان خالد،" مبنى المكتبة الإلكترونية: دراسة نظرية للمؤتمرات والمتغيرات"، بحث غير منشور، 9991، ص51•
21 . العباس، هشام عبد الله، "ترشيد الدوريات عبر الإنترنت"العربية 0003• س1• ع1• 0002•
31 • قدورة• وحيد، الحبشي• خالد،"مهن المعلومات الجديدة في عصر شبكات الاتصالات ومتطلبات التكوين في مدارس المكتبات العربية"من أعمال المؤتمر التاسع للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، دمشق من 12 ـ 1998/10/26م، حول الإستراتيجية العربية الموحدة للمعلومات في عصر الإنترنت، تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 9991م، ص136•
41 • المصدر نفسه، ص236•
51 • عثمان، سمير، "أمين مكتبة المستقبل"، الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات، مج5،ع9، يناير، 8991، ص ص 211 ـ 321•
61 • الصوفي، عبد اللطيف"إنترنت 0002 أهميتها في المكتبات، وسبل مواجهتها" من أعمال المؤتمر التاسع للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، دمشق، من 12 ـ 1998/10/26 حول الإستراتيجية العربية الموحدة للمعلومات في عصر الإنترنت، تونس، المنظمة العربية للثقافة والعلوم، 9991، ص422•

المصدر/ http://www.arabcin.net/arabiaall/2-2001/11.html

[د.محمود قطر]

ولاء شيخ

موضوع استخدام الإنترنت في المكتبات "قضية شائكة" ولها تفريعات اقتصادية واجتماعية وثقافية عديدة .. وأتمنى على أعضاء المنتدى وزواره النظر فيما تحواه هذه الدراسة لعلاج بعض القصور بمكتباتنا للحاق -قدر الإمكان- بالتقدم الحاصل في البحث العلمي .

وجزالك الله خيراً على هذا النشاط في إنتقاء وعرض المقالات المفيدة لمجالنا .
تحياتي ومحبتي للجميع

[shami2000]

جزاك الله خيرا على المعلومات المفيدة..

[بنت النيل]

اختاة\ ولاء الشيخ
نشكرك حق الكر على طرحك لمثل هذة القضيه التى باتت كما قال استاذنا الفاضل محمود قطر
واثارة مثل هذة القضايا تعتبر بمثابه لاج لبعض المشاكل او ما يسمى بالامراض
ذلك بعد ظهور الاتنرنت وظهور الكثير من الانواع للمكتبات مثل المكتبات الافتراضيه والتخيليه وتعدد الانواع كذلك للمكتبات فيجب حقا ان نناقش ونواجع الثغرات والامراض حتى نسير فى خطوات ثابته
ارجولك التقدم
بنــــــــــ النيل ــــــت