[عبدالكريم بجاجة]

تحية طيبة و بعد؛
لا يوجد في عالم الأرشيف نظام "التصنيف الموضوعي" و لا "مصنف"؛ تستعمل هذه المصطلحات في عالم المكتبات. أما في مجال الأرشيف، يمر التصنيف على مرحلتين:

1-المرحلة الأولى، عندما يوجد الأرشيف في عمره الإداري، في حوزة الإدارة التي أنتجته؛ يُصنَّف الأرشيف حسب نظام سير الإدارة، قسم بقسم، و شعبة بشعبة دون خلط بين أرشيفاتها. يجب أن يبقى الأرشيف في محيطه الأصلي، لأن تفريقه بحجة "التصنيف الموضوعي" يُؤدي إلى فقدان فهمه. يُشكِّل الرصيد الأرشيفي وحدة متكاملة لا يمكن تمزقها، كما لا يمكنك تمزق أوراق كتاب، و هو وحدة متكاملة أيضًا، لتصنيف أوراقه حسب نظام موضوعي. و لكن، يجب تنظيم كل مجموعة أرشيف حسب ترتيب معين لتسهيل عملية البحث: تُرتب ملفات الموظفين مثلاً حسب النظام الأبجدي، و ملفات المالية حسب النظام الزمني (سنة بسنة)، و ملفات السيارات حسب النظام الرقمي، و ملفات البلديات حسب النظام الجغرافي...كما يمكن عند الضرورة تشكيل نظامًا خاصًا بتركيب نظامين مثل "النظام الأبجدي-الزمني"، أو "النظام الأبجدي-الجغرافي"...

2-المرحلة الثانية، عندما يتم تحويل الأرشيف إلى العمر التاريخي للحفظ الدائم بسبب أهميته التاريخية، أو القانونية، أو الثقافية...يُحفظ الأرشيف في مركز أرشيف وطني، أو في إحدى فروعه الإقليمية. يجب احترام التصنيف الأولي حسب النظام الإداري، و عدم خلطه مع أرصدة أخرى. و لكن يجب أن يقوم الأرشيفي بمراقبة طريقة الترتيب الداخلي، و إعادة تنظيمه إذا لاحظ وجود فوضى ناجمة عن إهمال الإدارة المنتجة، و هذا ما نلاحظه بتكرار و للأسف! ثم يقوم الأرشيفي بفهرسته حسب المقاييس العلمية مثل المعيار الدولي الخاص بالوصف الأرشيفي "ISAD (G)". و تجدون النسخة العربية منه في موقع الأرشيف الوطني التونسي: http://www.archives.nat.tn/pdf_doc/807705.PDF

3- أما فيما يخص موضوع المكانز، يجب على الأرشيفي أن ينجزها حسب المفردات الأساسية التي تميز الأرشيف الذي يحفظه، و يمكن إنجاز مكانز مختصة على المستوى الوطني، مثل: مكنز أرشيف الإدارات المحلية، مكنز أرشيف الإدارة المركزية، مكنز الأرشيف الاقتصادي...و نحن لا نزال بعيدين كل البعد عن هذه الانشغالات في الوقت الذي نتصارع معا ظهيرة الأرشيف المبعثر عبر الكثير من المؤسسات العربية.

هكذا، تختلف مهنة الأرشيفي عن مهنة المكتبي؛ كل واحد منا يعمل في محيطه الخاص، و يستخدم طرق و مناهج، و معايير دولية تتناسب مع طبيعة الأرصدة التي يسهر على حفظها، و تنظيمها، و فهرستها، و إتاحتها.
عبد الكريم بجاجة